5678- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء.»
(داء) مرضا ووباء وأنزل بمعنى قدر (شفاء) الشفاء البرء من المرض وهو هنا ما يكون سبب البرء من المرض وهو الدواء
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ ) هُوَ مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر الْأَسَدِيُّ , نُسِبَ لِجَدِّهِ وَهُوَ أَسَد مِنْ بَنِي أَسَد بْن خُزَيْمَةَ , فَقَدْ يَلْتَبِس بِمَنْ يُنْسَب إِلَى الزُّبَيْر بْن الْعَوَّام لِكَوْنِهِمْ مِنْ بَنِي أَسَد بْن عَبْد الْعُزَّى , وَهَذَا مِنْ فُنُون عِلْم الْحَدِيث وَصَنَّفُوا فِيهِ الْأَنْسَاب الْمُتَّفِقَة فِي اللَّفْظ الْمُفْتَرِقَة فِي الشَّخْص.
وَقَدْ وَقَعَ عِنْد أَبِي نُعَيْم فِي الطِّبّ مِنْ طَرِيق أَبِي بَكْر وَعُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة " قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْأَسَدِيُّ أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ " وَعِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق هَارُون بْن عَبْد اللَّه الْحَمَّال " حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الزُّبَيْرِيّ ".
قَوْله : ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ) كَذَا قَالَ عُمَر بْن سَعِيد عَنْ عَطَاء , وَخَالَفَهُ شَبِيب بْن بِشْر فَقَالَ " عَنْ عَطَاء عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ " أَخْرَجَهُ الْحَاكِم وَأَبُو نُعَيْم فِي الطِّبّ وَرَوَاهُ طَلْحَة بْن عَمْرو عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس , هَذِهِ رِوَايَة عَبْد بْن حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّد بْن عُبَيْد عَنْهُ , وَقَالَ مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان " عَنْ طَلْحَة بْن عَمْرو عَنْ عَطَاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " أَخْرَجَهُ اِبْن عَاصِم فِي الطِّبّ وَأَبُو نُعَيْم , وَهَذَا مِمَّا يَتَرَجَّح بِهِ رِوَايَة عُمَر بْن سَعِيد.
قَوْله : ( مَا أَنْزَلَ اللَّه دَاء ) وَقَعَ فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " مِنْ دَاء " و " مِنْ " زَائِدَة , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَفْعُول " أَنْزَلَ " مَحْذُوفًا فَلَا تَكُون مِنْ زَائِدَة بَلْ لِبَيَانِ الْمَحْذُوف , وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفه.
قَوْله : ( إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاء ) فِي رِوَايَة طَلْحَة بْن عَمْرو مِنْ الزِّيَادَة فِي أَوَّل الْحَدِيث " يَا أَيّهَا النَّاس تَدَاوَوْا " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة طَارِق بْن شِهَاب عَنْ اِبْن مَسْعُود رَفَعَهُ " إِنَّ اللَّه لَمْ يُنْزِل دَاء إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاء فَتَدَاوَوْا " وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان وَالْحَاكِم , وَنَحْوه لِلطَّحَاوِيّ وَأَبِي نُعَيْم مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس , وَلِأَحْمَد عَنْ أَنَس " إِنَّ اللَّه حَيْثُ خَلَقَ الدَّاء خَلَقَ الدَّوَاء , فَتَدَاوَوْا " وَفِي حَدِيث أُسَامَة بْن شَرِيك " تَدَاوَوْا يَا عِبَاد اللَّه , فَإِنَّ اللَّه لَمْ يَضَع دَاء إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاء , إِلَّا دَاء وَاحِدًا الْهَرَم " أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَالْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " وَالْأَرْبَعَة وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِم , وَفِي لَفْظ " إِلَّا السَّام " بِمُهْمَلَةٍ مُخَفَّفَة يَعْنِي الْمَوْت.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ عَنْ اِبْن مَسْعُود نَحْو حَدِيث الْبَاب فِي آخِره " عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ " أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان وَالْحَاكِم.
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِر رَفَعَهُ " لِكُلِّ دَاء دَوَاء , فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاء الدَّاء بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّه تَعَالَى " وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيث أَبِي الدَّرْدَاء رَفَعَهُ " إِنَّ اللَّه جَعَلَ لِكُلِّ دَاء دَوَاء فَتَدَاوَوْا , وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ " وَفِي مَجْمُوع هَذِهِ الْأَلْفَاظ مَا يُعْرَف مِنْهُ الْمُرَاد بِالْإِنْزَالِ فِي حَدِيث الْبَاب وَهُوَ إِنْزَال عِلْم ذَلِكَ عَلَى لِسَان الْمَلَك لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلًا , أَوْ عَبَّرَ بِالْإِنْزَالِ عَنْ التَّقْدِير.
وَفِيهَا التَّقْيِيد بِالْحَلَالِ فَلَا يَجُوز التَّدَاوِي بِالْحَرَامِ.
وَفِي حَدِيث جَابِر مِنْهَا الْإِشَارَة إِلَى أَنَّ الشِّفَاء مُتَوَقِّف عَلَى الْإِصَابَة بِإِذْنِ اللَّه , وَذَلِكَ أَنَّ الدَّوَاء قَدْ يَحْصُل مَعَهُ مُجَاوَزَة الْحَدّ فِي الْكَيْفِيَّة أَوْ الْكَمِّيَّة فَلَا يَنْجَع , بَلْ رُبَّمَا أَحْدَثَ دَاء آخَر.
وَفِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود الْإِشَارَة إِلَى أَنَّ بَعْض الْأَدْوِيَة لَا يَعْلَمهَا كُلّ أَحَد , وَفِيهَا كُلّهَا إِثْبَات الْأَسْبَاب , وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي التَّوَكُّل عَلَى اللَّه لِمَنْ اِعْتَقَدَ أَنَّهَا بِإِذْنِ اللَّه وَبِتَقْدِيرِهِ , وَأَنَّهَا لَا تَنْجَع بِذَوَاتِهَا بَلْ بِمَا قَدَّرَهُ اللَّه تَعَالَى فِيهَا , وَأَنَّ الدَّوَاء قَدْ يَنْقَلِب دَاء إِذَا قَدَّرَ اللَّه ذَلِكَ , وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ فِي حَدِيث جَابِر " بِإِذْنِ اللَّه " فَمَدَار ذَلِكَ كُلّه عَلَى تَقْدِير اللَّه وَإِرَادَته.
وَالتَّدَاوِي لَا يُنَافِي التَّوَكُّل كَمَا لَا يُنَافِيه دَفْع الْجُوع وَالْعَطَش بِالْأَكْلِ وَالشُّرْب , وَكَذَلِكَ تَجَنُّب الْمُهْلِكَات وَالدُّعَاء بِطَلَبِ الْعَافِيَة وَدَفْع الْمَضَارّ وَغَيْر ذَلِكَ , وَسَيَأْتِي مَزِيد لِهَذَا الْبَحْث فِي " بَاب الرُّقْيَة " إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَيَدْخُل فِي عُمُومهَا أَيْضًا الدَّاء الْقَاتِل الَّذِي اِعْتَرَفَ حُذَّاق الْأَطِبَّاء بِأَنْ لَا دَوَاء لَهُ , وَأَقَرُّوا بِالْعَجْزِ عَنْ مُدَاوَاته , وَلَعَلَّ الْإِشَارَة فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود بِقَوْلِهِ " وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ " إِلَى ذَلِكَ فَتَكُون بَاقِيَة عَلَى عُمُومهَا , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون فِي الْخَبَر حَذْف تَقْدِيره : لَمْ يُنْزِل دَاء يَقْبَل الدَّوَاء إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاء , وَالْأَوَّل أَوْلَى.
وَمِمَّا يَدْخُل فِي قَوْله " جَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ " مَا يَقَع لِبَعْضِ الْمَرْضَى أَنَّهُ يَتَدَاوَى مِنْ دَاء بِدَوَاءٍ فَيَبْرَأ ثُمَّ يَعْتَرِيه ذَلِكَ الدَّاء بِعَيْنِهِ فَيَتَدَاوَى بِذَلِكَ الدَّوَاء بِعَيْنِهِ فَلَا يَنْجَع , وَالسَّبَب فِي ذَلِكَ الْجَهْل بِصِفَةٍ مِنْ صِفَات الدَّوَاء فَرُبَّ مَرَضَيْنِ تَشَابَهَا وَيَكُون أَحَدهمَا مُرَكَّبًا لَا يَنْجَع فِيهِ مَا يَنْجَع فِي الَّذِي لَيْسَ مُرَكَّبًا فَيَقَع الْخَطَأ مِنْ هُنَا , وَقَدْ يَكُون مُتَّحِدًا لَكِنْ يُرِيد اللَّه أَنْ لَا يَنْجَع فَلَا يَنْجَع وَمِنْ هُنَا تَخْضَع رِقَاب الْأَطِبَّاء , وَقَدْ أَخْرَجَ اِبْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيق أَبِي خُزَامَة وَهُوَ بِمُعْجَمَةٍ وَزَاي خَفِيفَة " عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُلْت يَا رَسُول اللَّه أَرَأَيْت رُقًى نَسْتَرْقِيهَا وَدَوَاء نَتَدَاوَى بِهِ هَلْ يَرُدّ مِنْ قَدَر اللَّه شَيْئًا ؟ قَالَ : هِيَ مِنْ قَدَر اللَّه تَعَالَى " وَالْحَاصِل أَنَّ حُصُول الشِّفَاء بِالدَّوَاءِ إِنَّمَا هُوَ كَدَفْعِ الْجُوع بِالْأَكْلِ وَالْعَطَش بِالشُّرْبِ , وَهُوَ يَنْجَع فِي ذَلِكَ فِي الْغَالِب , وَقَدْ يَتَخَلَّف لِمَانِعٍ وَاَللَّه أَعْلَم.
ثُمَّ الدَّاء وَالدَّوَاء كِلَاهُمَا بِفَتْحِ الدَّال وَبِالْمَدِّ , وَحُكِيَ كَسْر دَال الدَّوَاء.
وَاسْتِثْنَاء الْمَوْت فِي حَدِيث أُسَامَة بْن شَرِيك وَاضِح , وَلَعَلَّ التَّقْدِير إِلَّا دَاء الْمَوْت , أَيْ الْمَرَض الَّذِي قُدِّرَ عَلَى صَاحِبه الْمَوْت.
وَاسْتِثْنَاء الْهَرَم فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى إِمَّا لِأَنَّهُ جَعَلَهُ شَبِيهًا بِالْمَوْتِ وَالْجَامِع بَيْنهمَا نَقْص الصِّحَّة , أَوْ لِقُرْبِهِ مِنْ الْمَوْت وَإِفْضَائِهِ إِلَيْهِ.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الِاسْتِثْنَاء مُنْقَطِعًا وَالتَّقْدِير : لَكِنْ الْهَرَم لَا دَوَاء لَهُ , وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً
عن ربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: «كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نسقي القوم ونخدمهم ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة.»
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «الشفاء في ثلاثة: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي» رفع الحديث، ورواه القمي عن ليث عن مجاهد عن ابن...
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية بنار، وأنهى أمتي عن الكي.»
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الحلواء والعسل.»
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن كان في شيء من أدويتكم، أو يكون في شيء من أدويتكم خير، ففي شرطة محجم، أ...
عن أبي سعيد «أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أخي يشتكي بطنه، فقال: اسقه عسلا، ثم أتى الثانية فقال: اسقه عسلا، ثم أتاه، فقال: فعلت، فقال:...
عن أنس «أن ناسا كان بهم سقم قالوا: يا رسول الله، آونا وأطعمنا، فلما صحوا قالوا: إن المدينة وخمة، فأنزلهم الحرة في ذود له، فقال: اشربوا ألبانها، فلما...
عن أنس رضي الله عنه، «أن ناسا اجتووا في المدينة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يلحقوا براعيه، يعني: الإبل، فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فلحقوا بر...
، عن خالد بن سعد قال: خرجنا ومعنا غالب بن أبجر فمرض في الطريق فقدمنا المدينة وهو مريض فعاده ابن أبي عتيق، فقال: لنا عليكم بهذه الحبيبة السوداء فخذوا...