5840- عن علي رضي الله عنه قال: «كساني النبي صلى الله عليه وسلم حلة سيراء، فخرجت فيها، فرأيت الغضب في وجهه، فشققتها بين نسائي.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن مَيْسَرَة ) بِفَتْحِ الْمِيم وَتَحْتَانِيَّة سَاكِنَة ثُمَّ مُهْمَلَة هُوَ الْهِلَالِيّ أَبُو زَيْد الزَّرَّاد بِزَايٍ ثُمَّ رَاءٍ ثَقِيلَة , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي النَّفَقَات مِنْ وَجْه آخَر عَنْ شُعْبَة أَخْبَرَنِي عَبْد الْمَلِك , وَلِشُعْبَةَ فِيهِ إِسْنَاد آخَر أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَة مُعَاذ عَنْهُ عَنْ أَبِي عَوْن الثَّقَفِيّ عَنْ أَبِي صَالِح الْحَنَفِيّ عَنْ عَلِيّ.
قَوْله : ( عَنْ زَيْد بْن وَهْب ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَتَقَدَّمَ كَذَلِكَ فِي الْهِبَة وَالنَّفَقَات.
وَكَذَا عِنْد مُسْلِم , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عَلِيّ بْن السَّكَن هُنَا وَحْده عَنْ النِّزَال بْن سَبْرَة بَدَل زَيْد بْن وَهْب وَهُوَ وَهْم , كَأَنَّهُ اِنْتَقَلَ مِنْ حَدِيث إِلَى حَدِيث لِأَنَّ رِوَايَة عَبْد الْمَلِك عَنْ النِّزَال عَنْ عَلِيّ إِنَّمَا هِيَ فِي الشُّرْب قَائِمًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَشْرِبَة , وَقَدْ وَافَقَ الْجَمَاعَة فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْآخَرَيْنِ , وَزَيْد بْن وَهْب هُوَ الْجُهَنِيّ الثِّقَة الْمَشْهُور مِنْ كِبَار التَّابِعِينَ , وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيّ عَنْ عَلِيّ سِوَى هَذَا الْحَدِيث , وَتَقَدَّمَ فِي الْهِبَة بِلَفْظِ " سَمِعْت زَيْد بْن وَهْب ".
قَوْله : ( أَهْدَى ) بِفَتْحِ أَوَّله.
قَوْله : ( إِلَيَّ ) بِتَشْدِيدِ الْيَاء وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي صَالِح الْمَذْكُورَة " أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّة فَبَعَثَ بِهَا إِلَيَّ " وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ عَلِيّ " أَنَّ أُكَيْدِر دُومَة أَهْدَى إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْب حَرِير فَأَعْطَاهُ عَلِيًّا " وَفِي رِوَايَة لِلطَّحَاوِيّ " أَهْدَى أَمِير أَذْرَبِيجَان إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّة مُسَيَّرَة بِحَرِيرٍ " وَسَنَده ضَعِيف.
قَوْله : ( حُلَّة سِيَرَاء ) قَالَ أَبُو عُبَيْد الْحُلَل بُرُود الْيَمَن , وَالْحُلَّة إِزَار وَرِدَاء , وَنَقَلَهُ اِبْن الْأَثِير وَزَادَ إِذَا كَانَ مِنْ جِنْس وَاحِد , وَقَالَ اِبْن سِيدَه فِي الْمُحْكَم الْحُلَّة بُرْد أَوْ غَيْره , وَحَكَى عِيَاض أَنَّ أَصْل تَسْمِيَة الثَّوْبَيْنِ حُلَّة أَنَّهُمَا يَكُونَانِ جَدِيدَيْنِ كَمَا حَلَّ طَيّهمَا , وَقِيلَ : لَا يَكُون الثَّوْبَانِ حُلَّة حَتَّى يُلْبَس أَحَدهمَا فَوْق الْآخَر , فَإِذَا كَانَ فَوْقه فَقَدْ حَلَّ عَلَيْهِ وَالْأَوَّل أَشْهَر , وَالسِّيَرَاء بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة وَفَتْح التَّحْتَانِيَّة وَالرَّاء مَعَ الْمَدّ , قَالَ الْخَلِيل : لَيْسَ فِي الْكَلَام فِعَلَاء بِكَسْرِ أَوَّله مَعَ الْمَدّ سِوَى سِيَرَاء , وَحِوَلَاء وَهُوَ الْمَاء الَّذِي يَخْرُج عَلَى رَأْس الْوَلَد , وَعِنَبَاء لُغَة فِي الْعِنَب , قَالَ مَالِك : هُوَ الْوَشْي مِنْ الْحَرِير , كَذَا قَالَ , وَالْوَشْي بِفَتْحِ الْوَاو وَسُكُون الْمُعْجَمَة بَعْدهَا تَحْتَانِيَّة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِيّ ثِيَاب فِيهَا خُطُوط مِنْ حَرِير أَوْ قَزّ , وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا سِيَرَاء لِتَسْيِيرِ الْخُطُوط فِيهَا.
وَقَالَ الْخَلِيل : ثَوْب مُضَلَّع بِالْحَرِيرِ وَقِيلَ : مُخْتَلِف الْأَلْوَان فِيهِ خُطُوط مُمْتَدَّة كَأَنَّهَا السُّيُور.
وَوَقَعَ عِنْد أَبِي دَاوُدَ فِي حَدِيث أَنَس " أَنَّهُ رَأَى عَلَى أُمّ كُلْثُوم حُلَّة سِيَرَاء " وَالسِّيَرَاء الْمُضَلَّع بِالْقَزِّ , وَقَدْ جَزَمَ اِبْن بَطَّال كَمَا سَيَأْتِي فِي ثَالِث أَحَادِيث الْبَاب أَنَّهُ مِنْ تَفْسِير الزُّهْرِيِّ , وَقَالَ اِبْن سِيدَه : هُوَ ضَرْب مِنْ الْبُرُود , وَقِيلَ ثَوْب مُسَيَّر فِيهِ خُطُوط يُعْمَل مِنْ الْقَزّ , وَقِيلَ : ثِيَاب مِنْ الْيَمَن , وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ : بُرْد فِيهِ خُطُوط صُفْر , وَنَقَلَ عِيَاض عَنْ سِيبَوَيْهِ قَالَ لَمْ يَأْتِ فِعَلَاء صِفَة لَكِنْ اِسْمًا , وَهُوَ الْحَرِير الصَّافِي وَاخْتُلِفَ فِي قَوْله " حُلَّة سِيَرَاء " هَلْ هُوَ بِالْإِضَافَةِ أَوْ لَا , فَوَقَعَ عِنْد الْأَكْثَر بِتَنْوِينِ حُلَّة عَلَى أَنَّ سِيَرَاء عَطْف بَيَان أَوْ نَعْت , وَجَزَمَ الْقُرْطُبِيّ بِأَنَّهُ الرِّوَايَة , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : قَالُوا حُلَّة سِيَرَاء كَمَا قَالُوا نَاقَة عَشْرَاء , وَنَقَلَ عِيَاض عَنْ أَبِي مَرْوَان بْن السَّرَّاج أَنَّهُ بِالْإِضَافَةِ , قَالَ عِيَاض : وَكَذَا ضَبَطْنَاهُ عَنْ مُتْقِنِي شُيُوخنَا , وَقَالَ النَّوَوِيّ إِنَّهُ قَوْل الْمُحَقِّقِينَ وَمُتْقِنِي الْعَرَبِيَّة وَإِنَّهُ مِنْ إِضَافَة الشَّيْء لِصِفَتِهِ كَمَا قَالُوا ثَوْب خَزّ.
قَوْله : ( فَخَرَجْت فِيهَا ) فِي رِوَايَة أَبِي صَالِح عَنْ عَلِيّ " فَلَبِسْتهَا ".
قَوْله : ( فَرَأَيْت الْغَضَب فِي وَجْهه ) زَادَ مُسْلِم فِي رِوَايَة أَبِي صَالِح " فَقَالَ : إِنِّي لَمْ أَبْعَث بِهَا إِلَيْك لِتَلْبَسهَا , إِنَّمَا بَعَثْت بِهَا إِلَيْك لِتُشَقِّقهَا خُمُرًا بَيْن النِّسَاء " وَلَهُ فِي أُخْرَى " شَقِّقْهَا خُمُرًا بَيْن الْفَوَاطِم ".
قَوْله : ( فَشَقَقْتهَا بَيْن نِسَائِي ) أَيْ قَطَعْتهَا فَفَرَّقْتهَا عَلَيْهِنَّ خُمُرًا , وَالْخُمُر بِضَمِّ الْمُعْجَمَة وَالْمِيم جَمْع خِمَار بِكَسْرِ أَوَّله وَالتَّخْفِيف : مَا تُغَطِّي بِهِ الْمَرْأَة رَأْسهَا , وَالْمُرَاد بِقَوْلِهِ : " نِسَائِي " مَا فَسَّرَهُ فِي رِوَايَة أَبِي صَالِح حَيْثُ قَالَ : " بَيْن الْفَوَاطِم " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ حَيْثُ قَالَ : " فَرَجَعْت إِلَى فَاطِمَة فَشَقَقْتهَا , فَقَالَتْ : مَاذَا جِئْت بِهِ ؟ قُلْت نَهَانِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسهَا فَالْبَسِيهَا وَاكْسِي نِسَاءَك " وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَة أَنَّ عَلِيًّا إِنَّمَا شَقَّقَهَا بِإِذْنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد بْن قُتَيْبَة : الْمُرَاد بِالْفَوَاطِمِ فَاطِمَة بِنْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَاطِمَة بِنْت أَسَد بْن هَاشِم وَالِدَة عَلِيّ وَلَا أَعْرِف الثَّالِثَة.
وَذَكَرَ أَبُو مَنْصُور الْأَزْهَرِيّ أَنَّهَا فَاطِمَة بِنْت حَمْزَة بْن عَبْد الْمُطَّلِب.
وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ وَابْن أَبِي الدُّنْيَا فِي " كِتَاب الْهَدَايَا " وَعَبْد الْغَنِيّ بْن سَعِيد فِي " الْمُبْهَمَات " وَابْن عَبْد الْبَرّ كُلّهمْ مِنْ طَرِيق يَزِيد بْن أَبِي زِيَاد عَنْ أَبِي فَاخِتَة عَنْ هُبَيْرَة بْن يَرِيم - بِتَحْتَانِيَّةٍ أَوَّله ثُمَّ رَاءٍ وَزْن عَظِيم - عَنْ عَلِيّ فِي نَحْو هَذِهِ الْقِصَّة قَالَ : " فَشَقَقْت مِنْهَا أَرْبَعَة أَخْمِرَة " فَذَكَرَ الثَّلَاث الْمَذْكُورَات , قَالَ : وَنَسِيَ يَزِيد الرَّابِعَة.
وَفِي رِوَايَة الطَّحَاوِيِّ " خِمَارًا لِفَاطِمَة بِنْت أَسَد بْن هَاشِم أُمّ عَلِيّ , وَخِمَارًا لِفَاطِمَة بِنْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَخِمَارًا لِفَاطِمَة بِنْت حَمْزَة بْن عَبْد الْمُطَّلِب , وَخِمَارًا لِفَاطِمَة أُخْرَى قَدْ نَسِيتهَا " فَقَالَ عِيَاض لَعَلَّهَا فَاطِمَة اِمْرَأَة عَقِيل بْن أَبِي طَالِب وَهِيَ بِنْت شَيْبَة بْن رَبِيعَة , وَقِيلَ : بِنْت عُتْبَةَ بْن رَبِيعَة , وَقِيلَ : بِنْت الْوَلِيد بْن عُتْبَةَ.
وَامْرَأَة عَقِيل هَذِهِ هِيَ الَّتِي لَمَّا تَخَاصَمَتْ مَعَ عَقِيل بَعَثَ عُثْمَان مُعَاوِيَة وَابْن عَبَّاس حُكْمَيْنِ بَيْنهمَا ذَكَرَهُ مَالِك فِي " الْمُدَوَّنَة " وَغَيْره , وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى جَوَاز تَأْخِير الْبَيَان عَنْ وَقْت الْخِطَاب لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ الْحُلَّة إِلَى عَلِيّ فَبَنَى عَلِيّ عَلَى ظَاهِر الْإِرْسَال فَانْتَفَعَ بِهَا فِي أَشْهَر مَا صُنِعَتْ لَهُ وَهُوَ اللُّبْس , فَبَيَّنَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يُبِحْ لَهُ لُبْسهَا وَإِنَّمَا بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ لِيَكْسُوهَا غَيْره مِمَّنْ تُبَاح لَهُ , وَهَذَا كُلّه إِنْ كَانَتْ الْقِصَّة وَقَعَتْ بَعْد النَّهْي عَنْ لُبْس الرِّجَال الْحَرِير , وَسَيَأْتِي مَزِيد لِهَذَا فِي الْحَدِيث الَّذِي بَعْده.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَسَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةً سِيَرَاءَ فَخَرَجْتُ فِيهَا فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ فَشَقَّقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي
عن عبد الله : «أن عمر رضي الله عنه رأى حلة سيراء تباع، فقال: يا رسول الله، لو ابتعتها تلبسها للوفد إذا أتوك والجمعة، قال: إنما يلبس هذه من لا خلاق له...
عن أنس بن مالك : «أنه رأى على أم كلثوم عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم برد حرير سيراء.»
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر، عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلت أهابه، فنزل يوما منز...
عن أم سلمة قالت: «استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من الليل وهو يقول: لا إله إلا الله، ماذا أنزل الليلة من الفتنة؟ ماذا أنزل من الخزائن؟ من يوقظ صواحب...
عن أم خالد بنت خالد قالت: «أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء، قال: من ترون نكسوها هذه الخميصة؟ فأسكت القوم، قال: ائتوني بأم خالد...
عن أنس قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل.»
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبس المحرم ثوبا مصبوغا بورس أو بزعفران.»
عن أبي إسحاق سمع البراء رضي الله عنه يقول: «كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعا، وقد رأيته في حلة حمراء، ما رأيت شيئا أحسن منه.»
عن البراء رضي الله عنه قال: «أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع: عيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونهانا عن لبس الحرير، والديباج، والقسي...