5892- عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا المشركين: وفروا اللحى وأحفوا الشوارب، وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته، فما فضل أخذه.»
أخرجه مسلم في الطهارة باب خصال الفطرة رقم 259
(وفروا) اتركوها موفورة.
(فضل) زاد عن القبضة.
(أخذه) قصه
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عُمَر بْن مُحَمَّد بْن زَيْد ) أَيْ اِبْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر.
قَوْله : ( خَالَفُوا الْمُشْرِكِينَ ) فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عِنْد مُسْلِم " خَالَفُوا الْمَجُوس " وَهُوَ الْمُرَاد فِي حَدِيث اِبْن عُمَر فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُصُّونَ لِحَاهُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَحْلِقهَا.
قَوْله : ( أَحْفُوا الشَّوَارِب ) بِهَمْزَةِ قَطْع مِنْ الْإِحْفَاء لِلْأَكْثَرِ , وَحَكَى اِبْن دُرَيْد حَفَى شَارِبه حَفْوًا إِذَا اِسْتَأْصَلَ أَخَذَ شَعْره , فَعَلَى هَذَا فَهِيَ هَمْزَة وَصْل.
قَوْله : ( وَوَفِّرُوا اللِّحَى ) أَمَّا قَوْله " وَفِّرُوا " فَهُوَ بِتَشْدِيدِ الْفَاء مِنْ التَّوْفِير وَهُوَ الْإِبْقَاء أَيْ اُتْرُكُوهَا وَافِرَة وَفِي رِوَايَة عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ نَافِع فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيه " أَعْفُوا " وَسَيَأْتِي تَحْرِيره , وَفِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عِنْد مُسْلِم أَرْجِئُوا وَضُبِطَتْ بِالْجِيمِ وَالْهَمْزَة أَيْ أَخِّرُوهَا , وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة بِلَا هَمْز أَيْ أَطِيلُوهَا , وَلَهُ فِي رِوَايَة أُخْرَى " أَوْفُوا " أَيْ اُتْرُكُوهَا وَافِيَة , قَالَ النَّوَوِيّ وَكُلّ هَذِهِ الرِّوَايَات بِمَعْنًى وَاحِد , وَاللِّحَى بِكَسْرِ اللَّام وَحُكِيَ ضَمّهَا وَبِالْقَصْرِ وَالْمَدّ جَمْع لِحْيَة بِالْكَسْرِ فَقَطْ وَهِيَ اِسْم لِمَا نَبَتَ عَلَى الْخَدَّيْنِ وَالذَّقْن.
قَوْله : ( وَكَانَ اِبْن عُمَر إِذَا حَجَّ أَوْ اِعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَته فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ ) هُوَ مَوْصُول بِالسَّنَدِ الْمَذْكُور إِلَى نَافِع , وَقَدْ أَخْرَجَهُ مَالِك فِي " الْمُوَطَّأ " عَنْ نَافِع بِلَفْظِ " كَانَ اِبْن عُمَر إِذَا حَلَقَ رَأْسه فِي حَجّ أَوْ عَمْرَة أَخَذَ مِنْ لِحْيَته وَشَارِبه " وَفِي حَدِيث الْبَاب مِقْدَار الْمَأْخُوذ , وَقَوْله " فَضَلَ " بِفَتْحِ الْفَاء وَالضَّاد الْمُعْجَمَة وَيَجُوز كَسْر الضَّاد كَعَلِمَ وَالْأَشْهَر الْفَتْح قَالَهُ اِبْن التِّين , وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : لَعَلَّ اِبْن عُمَر أَرَادَ الْجَمْع بَيْن الْحَلْق وَالتَّقْصِير فِي النُّسُك فَحَلَقَ رَأْسه كُلّه وَقَصْر مِنْ لَحَيَّته لِيَدْخُل فِي عُمُوم قَوْله تَعَالَى ( مُحَلِّقِينَ رُءُوسكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ) وَخَصَّ ذَلِكَ مِنْ عُمُوم قَوْله " وَفَرُّوا اللِّحَى " فَحَمَلَهُ عَلَى حَالَة غَيْر حَالَة النُّسُك.
قُلْت.
الَّذِي يَظْهَر أَنَّ اِبْن عُمَر كَانَ لَا يَخُصّ هَذَا التَّخْصِيص بِالنُّسُكِ بَلْ كَانَ يَحْمِل الْأَمْر بِالْإِعْفَاءِ عَلَى غَيْر الْحَالَة الَّتِي تَتَشَوَّه فِيهَا الصُّورَة بِإِفْرَاطِ طُول شَعْر اللِّحْيَة أَوْ عَرَضَهُ , فَقَدْ قَالَ الطَّبَرَيْ : ذَهَب قَوْم إِلَى ظَاهِر الْحَدِيث فَكَرِهُوا تَنَاوَلَ شَيْء مِنْ اللِّحْيَة مِنْ طُولهَا وَمَنْ عَرَضَهَا , وَقَالَ قَوْم إِذَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَة يُؤْخَذ الزَّائِد , ثُمَّ سَاقَ بِسَنَدِهِ إِلَى اِبْن عُمَر أَنَّهُ فِعْل ذَلِكَ , وَإِلَى عُمَر أَنَّهُ فِعْل ذَلِكَ بِرَجُلِ , وَمَنْ طَرِيق أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ فَعَلَهُ , وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيث جَابِر بِسَنَدِ حَسَن قَالَ.
" كُنَّا نُعْفِي السِّبَال إِلَّا فِي حَجّ أَوْ عَمْرَة " وَقَوْله " نُعْفِي " بِضَمِّ أَوَّله وَتَشْدِيد الْفَاء أَيْ نَتْرُكهُ وَافِرًا وَهَذَا يُؤَيِّد مَا نَقْل عَنْ اِبْن عُمَر , فَإِنَّ السِّبَال بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة وَتَخْفِيف الْمُوَحَّدَة جَمْع سَبَلَة بِفَتْحَتَيْنِ وَهِيَ مَا طَالَ مِنْ شَعْر اللِّحْيَة , فَأَشَارَ جَابِر إِلَى أَنَّهُمْ يُقَصِّرُونَ مِنْهَا فِي النُّسُك.
ثُمَّ حَكَى الطَّبَرَيْ اِخْتِلَافًا فِيمَا يُؤْخَذ مِنْ اللِّحْيَة هَلْ لَهُ حَدّ أُمّ لَا ؟ فَأَسْنَدَ عَنْ جَمَاعَة الِاقْتِصَار عَلَى أَخْذ الَّذِي يَزِيد مِنْهَا عَلَى قَدْر الْكَفّ , وَعَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ أَنَّهُ يُؤْخَذ مِنْ طُولهَا وَعَرَضَهَا مَا لَمْ يُفْحِش , وَعَنْ عَطَاء نَحْوه قَالَ : وَحَمَلَ هَؤُلَاءِ النَّهْي عَلَى مَنْع مَا كَانَتْ الْأَعَاجِم تَفْعَلهُ مِنْ قَصّهَا وَتَخْفِيفهَا , قَالَ : وَكَرِهَ آخَرُونَ التَّعَرُّض لَهَا إِلَّا فِي حَجّ أَوْ عَمْرَة وَأَسْنَدَهُ عَنْ جَمَاعَة , وَاخْتَارَ قَوْل عَطَاء , وَقَالَ : إِنَّ الرَّجُل لَوْ تَرَكَ لِحْيَته لَا يَتَعَرَّض لَهَا حَتَّى أَفْحَشَ طُولهَا وَعَرْضهَا لَعَرَّضَ نَفْسه لِمَنْ يَسْخَر بِهِ , وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَأْخُذ مِنْ لِحْيَته مِنْ عَرْضهَا وَطُولهَا " وَهَذَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَنُقِلَ عَنْ الْبُخَارِيّ أَنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَة عُمَر بْن هَارُون.
لَا أَعْلَم لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا إِلَّا هَذَا ا ه وَقَدْ ضَعَّفَ عُمَر بْن هَارُون مُطْلَقًا جَمَاعَة , وَقَالَ عِيَاض : يُكْرَه حَلْق اللِّحْيَة وَقَصّهَا وَتَحْذِيفهَا , وَأَمَّا الْأَخْذ مِنْ طُولهَا وَعَرْضهَا إِذَا عَظُمَتْ فَحَسَن , بَلْ تُكْرَه الشُّهْرَة فِي تَعْظِيمهَا كَمَا يُكْرَه فِي تَقْصِيرهَا , كَذَا قَالَ , وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ خِلَاف ظَاهِر الْخَبَر فِي الْأَمْر بِتَوْفِيرِهَا ; قَالَ : وَالْمُخْتَار تَرْكهَا عَلَى حَالهَا وَأَنْ لَا يَتَعَرَّض لَهَا بِتَقْصِيرٍ وَلَا غَيْره , وَكَأَنَّ مُرَاده بِذَلِكَ فِي غَيْر النُّسُك لِأَنَّ الشَّافِعِيّ نَصَّ عَلَى اِسْتِحْبَابه فِيهِ , وَذَكَرَ النَّوَوِيّ عَنْ الْغَزَالِيّ - وَهُوَ فِي ذَلِكَ تَابِع لِأَبِي طَالِب الْمَكِّيّ فِي " الْقُوت " - قَالَ : يُكْرَه فِي اللِّحْيَة عَشْر خِصَال : خَضْبهَا بِالسَّوَادِ لِغَيْرِ الْجِهَاد , وَبِغَيْرِ السَّوَاد إِيهَامًا لِلصَّلَاحِ لَا لِقَصْدِ الِاتِّبَاع , وَتَبْيِيضهَا اِسْتِعْجَالًا لِلشَّيْخُوخَةِ لِقَصْدِ التَّعَاظُم عَلَى الْأَقْرَان , وَنَتْفهَا إِبْقَاء لِلْمُرُودَةِ وَكَذَا تَحْذِيفهَا وَنَتْف الشَّيْب.
وَرَجَّحَ النَّوَوِيّ تَحْرِيمه لِثُبُوتِ الزَّجْر عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا , وَتَصْفِيفهَا طَاقَة طَاقَة تَصَنُّعًا وَمَخِيلَة , وَكَذَا تَرْجِيلهَا وَالتَّعَرُّض لَهَا طُولًا وَعَرْضًا عَلَى مَا فِيهِ مِنْ اِخْتِلَاف , وَتَرَكَهَا شَعِثَة إِيهَامًا لِلزُّهْدِ , وَالنَّظَر إِلَيْهَا إِعْجَابًا , وَزَادَ النَّوَوِيّ : وَعَقَدَهَا , لِحَدِيثِ رُوَيْفِع رَفَعَهُ " مَنْ عَقَدَ لِحْيَته فَإِنَّ مُحَمَّدًا مِنْهُ بَرِيء " الْحَدِيث أَخْرَجَهُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : قِيلَ الْمُرَاد عَقْدهَا فِي الْحَرْب وَهُوَ مِنْ زِيّ الْأَعَاجِم , وَقِيلَ الْمُرَاد مُعَالَجَة الشَّعْر لِيَنْعَقِد , وَذَلِكَ مِنْ فِعْل أَهْل التَّأْنِيث.
( تَنْبِيه ) : أَنْكَرَ اِبْن التِّين ظَاهِر مَا نُقِلَ عَنْ اِبْن عُمَر فَقَالَ : لَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ كَانَ يَقْتَصِر عَلَى قَدْر الْقَبْضَة مِنْ لِحْيَته , بَلْ كَانَ يُمْسِك عَلَيْهَا فَيُزِيل مَا شَذَّ مِنْهَا , فَيُمْسِك مِنْ أَسْفَل ذَقْنه بِأَصَابِعِهِ الْأَرْبَعَة مُلْتَصِقَة فَيَأْخُذ مَا سَفَلَ عَنْ ذَلِكَ لِيَتَسَاوَى طُول لِحْيَته.
قَالَ أَبُو شَامَة : وَقَدْ حَدَّثَ قَوْم يَحْلِقُونَ لِحَاهُمْ , وَهُوَ أَشَدّ مِمَّا نُقِلَ عَنْ الْمَجُوس أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُصُّونَهَا.
وَقَالَ النَّوَوِيّ : يُسْتَثْنَى مِنْ الْأَمْر بِإِعْفَاءِ اللِّحَى مَا لَوْ نَبَتَتْ لِلْمَرْأَةِ لِحْيَة فَإِنَّهُ يُسْتَحَبّ لَهَا حَلْقهَا , وَكَذَا لَوْ نَبَتَ لَهَا شَارِب أَوْ عَنْفَقَة , وَسَيَأْتِي الْبَحْث فِيهِ فِي " بَاب الْمُتَنَمِّصَات ".
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ
عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد، قال: «حج بي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين»
عن عائشة أنها قالت: «ما غرت على امرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما غرت على خديجة؛ لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها وثنائه عليها، وق...
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «أرادت عائشة أن تشتري بريرة، فقالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إنهم يشترطون الولاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اشتري...
عن الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أن عائشة رضي الله عنها - زوج النبي صلى الله عليه وسلم - قالت: «لما ثقل رسول الله صلى ال...
عن أنس بن مالك: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت: «تسحرا فلما فرغا من سحورهما، قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، فصلى»، قلنا لأنس...
ابن عمر رضي الله عنهما يقول: «أولم ينهوا عن النذر، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن النذر لا يقدم شيئا ولا يؤخر وإنما يستخرج بالنذر من البخيل.»
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا قال: سمع الله لمن حمده في الركعة الآخرة من صلاة العشاء قنت: اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا، قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس، ثم حرم التجارة في الخمر».<br...
عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «لما نزلت هذه الآية: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} شق ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا...