5955- عن عائشة قالت: «قدم النبي صلى الله عليه وسلم من سفر وعلقت درنوكا فيه تماثيل، فأمرني أن أنزعه فنزعته، 5956 - وكنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد.»
(درنوكا) نوعا من الستور له خمل
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَبْد اللَّه بْن دَاوُدَ ) هُوَ الْخُرَيْبِيّ بِمُعْجَمَةٍ وَرَاء وَمُوَحَّدَة مُصَغَّر , وَهِشَام هُوَ اِبْن عُرْوَة.
قَوْله : ( دُرْنُوكًا ) زَادَ مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَبِي أُسَامَة عَنْ هِشَام " عَلَى بَابِي " وَالدُّرْنُوك بِضَمِّ الدَّال الْمُهْمَلَة وَسُكُون الرَّاء بَعْدهَا نُون مَضْمُومَة ثُمَّ كَاف وَيُقَال فِيهِ دُرْمُوك بِالْمِيمِ بَدَل النُّون , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : هُوَ ثَوْب غَلِيظ لَهُ خَمْل إِذَا فُرِشَ فَهُوَ بِسَاط , وَإِذَا عُلِّقَ فَهُوَ سِتْر.
قَوْله : ( فِيهِ تَمَاثِيل ) زَادَ فِي رِوَايَة أَبِي أُسَامَة عِنْد مُسْلِم " فِيهِ الْخَيْل ذَوَات الْأَجْنِحَة ".
وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى جَوَاز اِتِّخَاذ الصُّوَر إِذَا كَانَتْ لَا ظِلّ لَهَا , وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ مِمَّا يُوطَأ وَيُدَاس أَوْ يُمْتَهَن بِالِاسْتِعْمَالِ كَالْمَخَادِّ وَالْوَسَائِد , قَالَ النَّوَوِيّ : وَهُوَ قَوْل جُمْهُور الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ , وَهُوَ قَوْل الثَّوْرِيّ وَمَالِك وَأَبِي حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ , وَلَا فَرْق فِي ذَلِكَ بَيْن مَا لَهُ ظِلّ وَمَا لَا ظِلّ لَهُ , فَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى حَائِط أَوْ مَلْبُوسًا أَوْ عِمَامَة أَوْ نَحْو ذَلِكَ مِمَّا لَا يُعَدّ مُمْتَهَنًا فَهُوَ حَرَام.
قُلْت : وَفِيمَا نَقَلَهُ مُؤَاخَذَات : مِنْهَا أَنَّ اِبْن الْعَرَبِيّ مِنْ الْمَالِكِيَّة نَقَلَ أَنَّ الصُّورَة إِذَا كَانَ لَهَا ظِلّ حَرُمَ بِالْإِجْمَاعِ سَوَاء كَانَتْ مِمَّا يُمْتَهَن أَمْ لَا , وَهَذَا الْإِجْمَاع مَحَلّه فِي غَيْر لُعَب الْبَنَات كَمَا سَأَذْكُرُهُ فِي " بَاب مَنْ صَوَّرَ صُورَة " وَحَكَى الْقُرْطُبِيّ فِي " الْمُفْهِم " فِي الصُّوَر الَّتِي لَا تُتَّخَذ لِلْإِبْقَاءِ كَالْفَخَّارِ قَوْلَيْنِ أَظْهَرهُمَا الْمَنْع.
قُلْت : وَهَلْ يَلْتَحِق مَا يُصْنَع مِنْ الْحَلْوَى بِالْفَخَّارِ , أَوْ بِلُعَبِ الْبَنَات ؟ مَحَلّ تَأَمُّل.
وَصَحَّحَ اِبْن الْعَرَبِيّ أَنَّ الصُّورَة الَّتِي لَا ظِلّ لَهَا إِذَا بَقِيَتْ عَلَى هَيْئَتهَا حَرُمَتْ سَوَاء كَانَتْ مِمَّا يُمْتَهَن أَمْ لَا , وَإِنْ قَطَعَ رَأْسهَا أَوْ فُرِّقَتْ هَيْئَتهَا جَازَ , وَهَذَا الْمَذْهَب مَنْقُول عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَوَّاهُ النَّوَوِيّ , وَقَدْ يَشْهَد لَهُ حَدِيث النُّمْرُقَة - يَعْنِي الْمَذْكُور فِي الْبَاب الَّذِي بَعْده - وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ.
وَمِنْهَا أَنَّ إِمَام الْحَرَمَيْنِ نَقَلَ وَجْهًا أَنَّ الَّذِي يُرَخَّص فِيهِ مِمَّا لَا ظِلّ لَهُ مَا كَانَ عَلَى سِتْر أَوْ وِسَادَة , وَأَمَّا مَا عَلَى الْجِدَار وَالسَّقْف فَيُمْنَع , وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ بِذَلِكَ يَصِير مُرْتَفِعًا فَيَخْرُج عَنْ هَيْئَة الِامْتِهَان بِخِلَافِ الثَّوْب فَإِنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يُمْتَهَن , وَتُسَاعِدهُ عِبَارَة " مُخْتَصَر الْمُزَنِيِّ " صُورَة ذَات رُوح إِنْ كَانَتْ مَنْصُوبَة.
وَنَقَلَ الرَّافِعِيّ عَنْ الْجُمْهُور أَنَّ الصُّورَة إِذَا قَطَعَ رَأْسهَا اِرْتَفَعَ الْمَانِع.
وَقَالَ الْمُتَوَلِّي فِي " التَّتِمَّة " لَا فَرْق.
وَمِنْهَا أَنَّ مَذْهَب الْحَنَابِلَة جَوَاز الصُّورَة فِي الثَّوْب وَلَوْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى مَا فِي خَبَر أَبِي طَلْحَة , لَكِنْ إِنْ سَتَرَ بِهِ الْجِدَار مُنِعَ عِنْدهمْ , قَالَ النَّوَوِيّ : وَذَهَبَ بَعْض السَّلَف إِلَى أَنَّ الْمَمْنُوع مَا كَانَ لَهُ ظِلّ وَأَمَّا مَا لَا ظِلّ لَهُ فَلَا بَأْس بِاِتِّخَاذِهِ مُطْلَقًا , وَهُوَ مَذْهَب بَاطِل , فَإِنَّ السِّتْر الَّذِي أَنْكَرَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ الصُّورَة فِيهِ بِلَا ظِلّ بِغَيْرِ شَكّ , وَمَعَ ذَلِكَ فَأَمَرَ بِنَزْعِهِ.
قُلْت : الْمَذْهَب الْمَذْكُور نَقَلَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد بِسَنَدٍ صَحِيح وَلَفْظه عَنْ اِبْن عَوْن " قَالَ دَخَلْت عَلَى الْقَاسِم وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّة فِي بَيْته , فَرَأَيْت فِي بَيْته حَجَلَة فِيهَا تَصَاوِير الْقُنْدُس وَالْعَنْقَاء " فَفِي إِطْلَاق كَوْنه مَذْهَبًا بَاطِلًا نَظَر , إِذْ يُحْتَمَل أَنَّهُ تَمَسَّكَ فِي ذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْله : " إِلَّا رَقْمًا فِي ثَوْب " فَإِنَّهُ أَعَمّ مِنْ أَنْ يَكُون مُعَلَّقًا أَوْ مَفْرُوشًا , وَكَأَنَّهُ جَعَلَ إِنْكَار النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَة تَعْلِيق السِّتْر الْمَذْكُور مُرَكَّبًا مِنْ كَوْنه مُصَوَّرًا وَمِنْ كَوْنه سَاتِرًا لِلْجِدَارِ , وَيُؤَيِّدهُ مَا وَرَدَ فِي بَعْض طُرُقه عِنْد مُسْلِم , فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيق سَعِيد بْن يَسَار عَنْ زَيْد بْن خَالِد الْجُهَنِيّ قَالَ.
" دَخَلْت عَلَى عَائِشَة " فَذَكَرَ نَحْو حَدِيث الْبَاب لَكِنْ قَالَ : " فَجَذَبَهُ حَتَّى هَتَكَهُ وَقَالَ : إِنَّ اللَّه لَمْ يَأْمُرنَا أَنْ نَكْسُو الْحِجَارَة وَالطِّين.
قَالَ فَقَطَعْنَا مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ " الْحَدِيث ; فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ كَرِهَ سَتْر الْجِدَار بِالثَّوْبِ الْمُصَوَّر , فَلَا يُسَاوِيه الثَّوْب الْمُمْتَهَن وَلَوْ كَانَتْ فِيهِ صُورَة , وَكَذَلِكَ الثَّوْب الَّذِي لَا يُسْتَر بِهِ الْجِدَار.
وَالْقَاسِم بْن مُحَمَّد أَحَد فُقَهَاء الْمَدِينَة , وَكَانَ مِنْ أَفْضَل أَهْل زَمَانه , وَهُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيث النُّمْرُقَة , فَلَوْلَا أَنَّهُ فَهِمَ الرُّخْصَة فِي مِثْل الْحَجَلَة مَا اِسْتَجَازَ اِسْتِعْمَالهَا ; لَكِنَّ الْجَمْع بَيْن الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي ذَلِكَ يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ مَذْهَب مَرْجُوح , وَأَنَّ الَّذِي رُخِّصَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ مَا يُمْتَهَن , لَا مَا كَانَ مَنْصُوبًا.
وَقَدْ أَخْرَجَ اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ طَرِيق أَيُّوب عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : كَانُوا يَقُولُونَ فِي التَّصَاوِير فِي الْبُسُط وَالْوَسَائِد الَّتِي تُوطَأ ذُلّ لَهَا.
وَمِنْ طَرِيق عَاصِم عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : كَانُوا يَكْرَهُونَ مَا نُصِبَ مِنْ التَّمَاثِيل نَصْبًا , وَلَا يَرَوْنَ بَأْسًا بِمَا وَطِئَتْهُ الْأَقْدَام.
وَمِنْ طَرِيق اِبْن سِيرِينَ وَسَالِم بْن عَبْد اللَّه وَعِكْرِمَة بْن خَالِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر فَرَّقَهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا : لَا بَأْس بِالصُّورَةِ إِذَا كَانَتْ تُوطَأ.
وَمِنْ طَرِيق عُرْوَة أَنَّهُ كَانَ يَتَّكِئ عَلَى الْمَرَافِق فِيهَا التَّمَاثِيل الطَّيْر وَالرِّجَال.
قَوْله فِي آخِر الْحَدِيث ( وَكُنْت أَغْتَسِل أَنَا وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاء وَاحِد ) كَذَا أَوْرَدَهُ عَقِب حَدِيث التَّصْوِير , وَهُوَ حَدِيث آخَر مُسْتَقِلّ قَدْ أَفْرَدَهُ فِي كِتَاب الطَّهَارَة مِنْ وَجْه آخَر عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَة , وَأَخْرَجَهُ عَقِب حَدِيث عَائِشَة فِي صِفَة الْغُسْل مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة بِهِ , وَتَقَدَّمَ شَرْحه هُنَاكَ , وَكَأَنَّ الْبُخَارِيّ سَمِعَ الْحَدِيث عَلَى هَذِهِ الصُّورَة فَأَوْرَدَهُ كَمَا هُوَ وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ لِكَوْنِ الْمَتْن قَصِيرًا مَعَ أَنَّ كَثْرَة عَادَته التَّصَرُّف فِي الْمَتْن بِالِاخْتِصَارِ وَالِاقْتِصَار.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : يُحْتَمَل أَنَّ الدُّرْمُوك كَانَ فِي بَاب الْمُغْتَسَل , أَوْ اِقْتَضَى الْحَال ذِكْر الِاغْتِسَال إِمَّا بِحَسَبِ سُؤَال وَإِمَّا بِغَيْرِهِ.
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ وَعَلَّقْتُ دُرْنُوكًا فِيهِ تَمَاثِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَنْزِعَهُ فَنَزَعْتُهُ وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ
عن عائشة رضي الله عنها: «أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير، فقام النبي صلى الله عليه وسلم بالباب، فلم يدخل، فقلت: أتوب إلى الله مما أذنبت؟ قال: ما هذه الن...
عن أبي طلحة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه الصورة قال بسر: ثم اشتكى زيد فع...
عن أنس رضي الله عنه قال: كان قرام لعائشة، سترت به جانب بيتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أميطي عني، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي»
عن سالم، عن أبيه قال: «وعد النبي صلى الله عليه وسلم جبريل فراث عليه حتى اشتد على النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه فشكا...
عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها أخبرته «أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب،...
عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه «أنه اشترى غلاما حجاما، فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب البغي، ولعن آكل الربا وموكله...
عن النضر بن أنس بن مالك يحدث قتادة قال: «كنت عند ابن عباس وهم يسألونه ولا يذكر النبي صلى الله عليه وسلم حتى سئل، فقال: سمعت محمدا صلى الله عليه وسل...
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار على إكاف عليه قطيفة فدكية وأردف أسامة وراءه.»
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة استقبله أغيلمة بني عبد المطلب، فحمل واحدا بين يديه والآخر خلفه.»