حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب الأدب باب من وصل وصله الله (حديث رقم: 5987 )


5987- عن ‌أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت: بلى يا رب، قال: فهو لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاقرؤوا إن شئتم: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم}.»

أخرجه البخاري

شرح حديث ( أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله : ( عَبْد اللَّه ) ‏ ‏هُوَ اِبْن الْمُبَارَك , ‏ ‏وَمُعَاوِيَة ‏ ‏هُوَ اِبْن أَبِي مُزَرِّد بِضَمِّ الْمِيم وَفَتْح الزَّاي وَتَشْدِيد الرَّاء بَعْدهَا مُهْمَلَة , تَقَدَّمَ ضَبْطه وَتَسْمِيَته فِي أَوَّل الزَّكَاة , وَلِمُعَاوِيَةَ بْن أَبِي مُزَرِّد فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث آخَر وَهُوَ ثَالِث أَحَادِيث الْبَاب مِنْ طَرِيق عَائِشَة.
‏ ‏قَوْله : ( إِنَّ اللَّه خَلَقَ الْخَلْق حَتَّى إِذَا فَرَغَ ) ‏ ‏تَقَدَّمَ تَأْوِيل فَرَغَ فِي تَفْسِير الْقِتَال , قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالْخَلْقِ جَمِيع الْمَخْلُوقَات , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِهِ الْمُكَلَّفِينَ.
‏ ‏وَهَذَا الْقَوْل يَحْتَمِل أَنْ يَكُون بَعْد خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَإِبْرَازهَا فِي الْوُجُود , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون بَعْد خَلْقهَا كَتْبًا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَلَمْ يَبْرُز بَعْد إِلَّا اللَّوْح وَالْقَلَم , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون بَعْد اِنْتِهَاء خَلْق أَرْوَاح بَنِي آدَم عِنْدَ قَوْله : ( أَلَسْت بِرَبِّكُمْ ) لَمَّا أَخْرَجَهُمْ مِنْ صُلْب آدَم عَلَيْهِ السَّلَام مِثْل الذَّرّ.
‏ ‏قَوْله : ( قَامَتْ الرَّحِم فَقَالَتْ ) ‏ ‏قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون بِلِسَانِ الْحَال وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون بِلِسَانِ الْمَقَال قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ , وَالثَّانِي أَرْجَح.
وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ تَتَكَلَّم كَمَا هِيَ أَوْ بِخَلْقِ اللَّه لَهَا عِنْدَ كَلَامهَا حَيَاة وَعَقْلًا ؟ قَوْلَانِ أَيْضًا مَشْهُورَانِ , وَالْأَوَّل أَرْجَح لِصَلَاحِيَّةِ الْقُدْرَة الْعَامَّة لِذَلِكَ , وَلِمَا فِي الْأَوَّلَيْنِ مِنْ تَخْصِيص عُمُوم لَفْظ الْقُرْآن وَالْحَدِيث بِغَيْرِ دَلِيل , وَلِمَا يَلْزَم مِنْهُ مِنْ حَصْر قُدْرَة الْقَادِر الَّتِي لَا يَحْصُرهَا شَيْء.
قُلْت : وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِير الْقِتَال حَمْل عِيَاض لَهُ عَلَى الْمَجَاز , وَأَنَّهُ مِنْ بَاب ضَرْب الْمَثَل , وَقَوْله أَيْضًا يَجُوز أَنْ يَكُون الَّذِي نُسِبَ إِلَيْهِ الْقَوْل مَلَكًا يَتَكَلَّم عَلَى لِسَان الرَّحِم , وَتَقَدَّمَ أَيْضًا مَا يَتَعَلَّق بِزِيَادَةٍ فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ وَجْه آخَر عَنْ مُعَاوِيَة بْن أَبِي مُزَرِّد وَهِيَ قَوْله : " فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَن " وَوَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ " إِنَّ الرَّحِم أَخَذَتْ بِحُجْزَةِ الرَّحْمَن " وَحَكَى شَيْخنَا فِي " شَرْح التِّرْمِذِيّ " أَنَّ الْمُرَاد بِالْحُجْزَةِ هُنَا قَائِمَة الْعَرْش , وَأَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث عَائِشَة " إِنَّ الرَّحِم أَخَذَتْ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِم الْعَرْش " وَتَقَدَّمَ أَيْضًا مَا يَتَعَلَّق بِقَوْلِهِ : " هَذَا مَقَام الْعَائِذ بِك مِنْ الْقَطِيعَة " فِي تَفْسِير الْقِتَال , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة حِبَّان بْن مُوسَى عَنْ اِبْن الْمُبَارَك بِلَفْظِ " هَذَا مَكَان " بَدَلَ " مَقَام " وَهُوَ تَفْسِير الْمُرَاد أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.
‏ ‏قَوْله : ( أَصِل مَنْ وَصَلَك وَأَقْطَع مَنْ قَطَعَك ) ‏ ‏فِي ثَانِي أَحَادِيث الْبَاب مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " مَنْ وَصَلَك وَصَلْته وَمَنْ قَطَعَك قَطَعْته " قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : الْوَصْل مِنْ اللَّه كِنَايَة عَنْ عَظِيم إِحْسَانه , وَإِنَّمَا خَاطَبَ النَّاس بِمَا يَفْهَمُونَ , وَلَمَّا كَانَ أَعْظَم مَا يُعْطِيه الْمَحْبُوب لِمُحِبِّهِ الْوِصَال وَهُوَ الْقُرْب مِنْهُ وَإِسْعَافه بِمَا يُرِيد وَمُسَاعَدَته عَلَى مَا يُرْضِيه , وَكَانَتْ حَقِيقَة ذَلِكَ مُسْتَحِيلَة فِي حَقِّ اللَّه تَعَالَى , عُرِفَ أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَة عَنْ عَظِيم إِحْسَانه لِعَبْدِهِ.
قَالَ : وَكَذَا الْقَوْل فِي الْقَطْع , هُوَ كِنَايَة عَنْ حِرْمَان الْإِحْسَان.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : وَسَوَاء قُلْنَا إِنَّهُ يَعْنِي الْقَوْل الْمَنْسُوب إِلَى الرَّحِم عَلَى سَبِيل الْمَجَاز أَوْ الْحَقِيقَة أَوْ إِنَّهُ عَلَى جِهَة التَّقْدِير وَالتَّمْثِيل كَأَنْ يَكُون الْمَعْنَى : لَوْ كَانَتْ الرَّحِم مِمَّنْ يَعْقِل وَيَتَكَلَّم لَقَالَتْ كَذَا , وَمِثْله ( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل لَرَأَيْته خَاشِعًا ) الْآيَة , وَفِي آخِرهَا ( وَتِلْكَ الْأَمْثَال نَضْرِبهَا لِلنَّاسِ ) فَمَقْصُود هَذَا الْكَلَام الْإِخْبَار بِتَأَكُّدِ أَمْر صِلَة الرَّحِم , وَأَنَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَهَا مَنْزِلَة مَنْ اِسْتَجَارَ بِهِ فَأَجَارَهُ فَأَدْخَلَهُ فِي حِمَايَته , وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَجَارُ اللَّه غَيْر مَخْذُول , وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ صَلَّى الصُّبْح فَهُوَ فِي ذِمَّة اللَّه , وَإِنَّ مَنْ يَطْلُبهُ اللَّه بِشَيْءٍ مِنْ ذِمَّته يُدْرِكهُ ثُمَّ يَكُبّهُ عَلَى وَجْهه فِي النَّار " أَخْرَجَهُ مُسْلِم.


حديث إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم هذا مقام العائذ بك

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ ‏ ‏قَالَ سَمِعْتُ ‏ ‏عَمِّي ‏ ‏سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ ‏ ‏يُحَدِّثُ عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ قَالَ نَعَمْ ‏ ‏أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَهُوَ لَكِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ‏ { ‏فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ‏}

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

إن الرحم شجنة من الرحمن

عن ‌أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرحم شجنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته.»

الرحم شجنة فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته

عن ‌عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الرحم شجنة، فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته.»

إن آل أبي ليسوا بأوليائي إنما وليي الله وصالح ال...

عن عمرو بن العاص، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جهارا غير سر يقول: " إن آل أبي - قال عمرو: في كتاب محمد بن جعفر بياض - ليسوا بأوليائي، إنما وليي...

ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه...

عن ‌عبد الله بن عمرو قال سفيان لم يرفعه الأعمش إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورفعه حسن وفطر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الواصل بالمكافئ، ولك...

أسلمت على ما سلف من خير

عن حكيم بن حزام أنه قال: «يا رسول الله، أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صلة وعتاقة وصدقة، هل لي فيها من أجر؟ قال حكيم: قال رسول الله صلى الله...

ذهبت ألعب بخاتم النبوة فزبرني أبي فقال له النبي ﷺ...

عن ‌أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي وعلي قميص أصفر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سنه سنه، قال عبد الله:...

انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن...

عن ‌ابن أبي نعم قال: «كنت شاهدا لابن عمر، وسأله رجل عن دم البعوض، فقال: ممن أنت؟ فقال من أهل العراق، قال: انظروا إلى هذا، يسألني عن دم البعوض وقد قتل...

من يلي من هذه البنات شيئا فأحسن إليهن كن له سترا...

عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «جاءتني امرأة معها ابنتان تسألني، فلم تجد عندي غير تمرة واحدة، فأعطيتها فقسمتها بين ابنتيها، ثم قامت فخرج...

كانت أمامة بنت أبي العاص على عاتقه فصلى فإذا ركع و...

حدثنا أبو قتادة، قال: «خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم، وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه، فصلى، فإذا ركع وضع، وإذا رفع رفعها»