6448- عن أبي وائل قال: عدنا خبابا، فقال: «هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نريد وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مضى لم يأخذ من أجره، منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد وترك نمرة، فإذا غطينا رأسه بدت رجلاه، وإذا غطينا رجليه بدا رأسه، فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه ونجعل على رجليه من الإذخر، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث خَبَّاب بْن الْأَرَتّ , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْض شَرْحه فِي الْجَنَائِز فِيمَا يَتَعَلَّق بِالْكُفْرِ وَنَحْو ذَلِكَ , وَذُكِرَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ الْهِجْرَة , وَأَحَلْت بِشَرْحِهِ عَلَى الْمَغَازِي فَلَمْ يَتَّفِق ذَلِكَ ذُهُولًا.
قَوْله ( حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيّ حَدَّثَنَا سُفْيَان ) هُوَ اِبْن عُيَيْنَةَ ( عَنْ الْأَعْمَش ) وَقَعَ فِي أَوَائِل الْهِجْرَة بِهَذَا السَّنَد سَوَاء " حَدَّثَنَا الْأَعْمَش ".
قَوْله ( عُدْنَا ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَة مِنْ الْعِيَادَة.
قَوْله ( هَاجَرْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَة ) أَيْ بِأَمْرِهِ وَإِذْنه , أَوْ الْمُرَاد بِالْمَعِيَّةِ الِاشْتِرَاك فِي حُكْم الْهِجْرَة إِذْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ حِسًّا إِلَّا الصِّدِّيق وَعَامِر بْن فُهَيْرَة.
قَوْله ( نَبْتَغِي وَجْه اللَّه ) أَيْ جِهَة مَا عِنْده مِنْ الثَّوَاب لَا جِهَة الدُّنْيَا.
قَوْله ( فَوَقَعَ ) فِي رِوَايَة الثَّوْرِيّ كَمَا مَضَى فِي الْهِجْرَة عَنْ الْأَعْمَش " فَوَجَبَ " وَإِطْلَاق الْوُجُوب عَلَى اللَّه بِمَعْنَى إِيجَابه عَلَى نَفْسه بِوَعْدِهِ الصَّادِق وَإِلَّا فَلَا يَجِب عَلَى اللَّه شَيْء.
قَوْله ( أَجْرنَا عَلَى اللَّه ) أَيْ إِثَابَتنَا وَجَزَاؤُنَا.
قَوْله ( لَمْ يَأْكُل مِنْ أَجْره شَيْئًا ) أَيْ مِنْ عَرَض الدُّنْيَا , وَهَذَا مُشْكِل عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَفْسِير اِبْتِغَاء وَجْه اللَّه , وَيُجْمَع بِأَنَّ إِطْلَاق الْأَجْر عَلَى الْمَال فِي الدُّنْيَا بِطَرِيقِ الْمَجَاز بِالنِّسْبَةِ لِثَوَابِ الْآخِرَة , وَذَلِكَ أَنَّ الْقَصْد الْأَوَّل هُوَ مَا تَقَدَّمَ لَكِنْ مِنْهُمْ مَنْ مَاتَ قَبْل الْفُتُوح كَمُصْعَبِ بْن عُمَيْر وَمِنْهُمْ مَنْ عَاشَ إِلَى أَنْ فُتِحَ عَلَيْهِمْ , ثُمَّ اِنْقَسَمُوا فَمِنْهُمْ مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ وَوَاسَى بِهِ الْمَحَاوِيج أَوَّلًا فَأَوَّلًا بِحَيْثُ بَقِيَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَة الْأُولَى وَهُمْ قَلِيل مِنْهُمْ أَبُو ذَرّ , وَهَؤُلَاءِ مُلْتَحِقُونَ بِالْقِسْمِ الْأَوَّل , وَمِنْهُمْ مَنْ تَبَسَّطَ فِي بَعْض الْمُبَاح فِيمَا يَتَعَلَّق بِكَثْرَةِ النِّسَاء وَالسَّرَارِيّ أَوْ الْخَدَم وَالْمَلَابِس وَنَحْو ذَلِكَ وَلَمْ يَسْتَكْثِر وَهُمْ كَثِير وَمِنْهُمْ اِبْن عُمَر , وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ فَاسْتَكْثَرَ بِالتِّجَارَةِ وَغَيْرهَا مَعَ الْقِيَام بِالْحُقُوقِ الْوَاجِبَة وَالْمَنْدُوبَة وَهُمْ كَثِير أَيْضًا مِنْهُمْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف , وَإِلَى هَذَيْنَ الْقِسْمَيْنِ أَشَارَ خَبَّاب , فَالْقِسْم الْأَوَّل وَمَا اِلْتَحَقَ بِهِ تَوَفَّرَ لَهُ أَجْره فِي الْآخِرَة , وَالْقِسْم الثَّانِي مُقْتَضَى الْخَبَر أَنَّهُ يُحْسَب عَلَيْهِمْ مَا وَصَلَ إِلَيْهِمْ مِنْ مَال الدُّنْيَا مِنْ ثَوَابهمْ فِي الْآخِرَة , وَيُؤَيِّدهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو رَفَعَهُ " مَا مِنْ غَازِيَة تَغْزُو فَتَغْنَم وَتَسْلَم إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرهمْ " الْحَدِيث , وَمِنْ ثَمَّ آثَرَ كَثِير مِنْ السَّلَف قِلَّة الْمَال وَقَنِعُوا بِهِ إِمَّا لِيَتَوَفَّر لَهُمْ ثَوَابهمْ فِي الْآخِرَة وَإِمَّا لِيَكُونَ أَقَلّ لِحِسَابِهِمْ عَلَيْهِ.
قَوْله ( مِنْهُمْ مُصْعَب بْن عُمَيْر ) بِصِيغَةِ التَّصْغِير هُوَ اِبْن هِشَام بْن عَبْد مَنَافٍ بْن عَبْد الدَّار بْن قُصَيّ.
يَجْتَمِع مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُصَيّ , وَكَانَ يُكَنَّى أَبَا عَبْد اللَّه , مِنْ السَّابِقِينَ إِلَى الْإِسْلَام وَإِلَى هِجْرَة الْمَدِينَة.
قَالَ الْبَرَاء : أَوَّل مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَب بْن عُمَيْر وَابْن أُمّ مَكْتُوم وَكَانَا يُقْرِئَانِ الْقُرْآن أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف فِي أَوَائِل الْهِجْرَة , وَذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَهُ مَعَ أَهْل الْعَقَبَة الْأُولَى يُقْرِئهُمْ وَيُعَلِّمهُمْ , وَكَانَ مُصْعَب وَهُوَ بِمَكَّة فِي ثَرْوَة وَنِعْمَة فَلَمَّا هَاجَرَ صَارَ فِي قِلَّة , فَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن كَعْب حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَلِيًّا يَقُول " بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِد إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا مُصْعَب بْن عُمَيْر وَمَا عَلَيْهِ إِلَّا بُرْدَة لَهُ مَرْقُوعَة بِفَرْوَةٍ , فَبَكَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَآهُ لِلَّذِي كَانَ فِيهِ مِنْ النِّعَم وَاَلَّذِي هُوَ فِيهِ الْيَوْم ".
قَوْله ( قُتِلَ يَوْم أُحُد ) أَيْ شَهِيدًا , وَكَانَ صَاحِب لِوَاء رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي مُرْسَل عُبَيْد بْن عُمَيْر بِسَنَدٍ صَحِيح عِنْد اِبْن الْمُبَارَك فِي كِتَاب الْجِهَاد.
قَوْله ( وَتَرَك نَمِرَة ) بِفَتْحِ النُّون وَكَسْر الْمِيم ثُمَّ رَاء هِيَ إِزَار مِنْ صُوف مُخَطَّط أَوْ بُرْدَة.
قَوْله ( أَيْنَعَتْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة وَفَتْح النُّون وَالْمُهْمَلَة أَيْ اِنْتَهَتْ وَاسْتَحَقَّتْ الْقَطْف , وَفِي بَعْض الرِّوَايَات يَنَعَتْ بِغَيْرِ أَلِف وَهِيَ لُغَة , قَالَ الْقَزَّاز وَأَيْنَعَتْ أَكْثَر.
قَوْله ( فَهُوَ يَهْدِبُهَا ) بِفَتْحِ أَوَّله وَسُكُون ثَانِيه وَكَسْر الْمُهْمَلَة وَيَجُوز ضَمّهَا بَعْدهَا مُوَحَّدَة أَيْ يَقْطِفهَا.
قَالَ اِبْن بَطَّال : فِي الْحَدِيث مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَف مِنْ الصِّدْق فِي وَصْف أَحْوَالهمْ.
وَفِيهِ أَنَّ الصَّبْر عَلَى مُكَابَدَة الْفَقْر وَصُعُوبَته مِنْ مَنَازِل الْأَبْرَار.
وَفِيهِ أَنَّ الْكَفَن يَكُون سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْبَدَن وَأَنَّ الْمَيِّت يَصِير كُلّه عَوْرَة , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْكَمَال , وَقَدْ تَقَدَّمَ سَائِر مَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ فِي كِتَاب الْجَنَائِز.
ثُمَّ قَالَ اِبْن بَطَّال : لَيْسَ فِي حَدِيث خَبَّاب تَفْضِيل الْفَقِير عَلَى الْغَنِيّ , وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ هِجْرَتهمْ لَمْ تَكُنْ لِدُنْيَا يُصِيبُونَهَا وَلَا نِعْمَة يَتَعَجَّلُونَهَا وَإِنَّمَا كَانَتْ لِلَّهِ خَالِصَة لِيُثِيبَهُمْ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَة فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْل فَتْح الْبِلَاد تَوَفَّرَ لَهُ ثَوَابه , وَمَنْ بَقِيَ حَتَّى نَالَ مِنْ طَيِّبَات الدُّنْيَا خَشِيَ أَنْ يَكُون عَجَّلَ لَهُمْ أَجْر طَاعَتهمْ , وَكَانُوا عَلَى نَعِيم الْآخِرَة أَحْرَص.
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ عُدْنَا خَبَّابًا فَقَالَ هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ نَمِرَةً فَإِذَا غَطَّيْنَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْإِذْخِرِ وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا
عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اطلعت في الجنة، فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار، فرأيت أكثر أهلها النساء...
عن أنس رضي الله عنه قال: «لم يأكل النبي صلى الله عليه وسلم على خوان حتى مات وما أكل خبزا مرققا حتى مات.»
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «لقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم وما في رفي من شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي، فأكلت منه حتى طال علي فكلته ففن...
حدثنا مجاهد: «أن أبا هريرة كان يقول: آلله الذي لا إله إلا هو، إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت...
حدثنا قيس قال: سمعت سعدا يقول: «إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله، ورأيتنا نغزو وما لنا طعام إلا ورق الحبلة وهذا السمر، وإن أحدنا ليضع كما تضع ال...
عن عائشة، قالت: «ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة، من طعام بر ثلاث ليال تباعا، حتى قبض»
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما أكل آل محمد صلى الله عليه وسلم أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر.»
عن عائشة قالت: «كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم وحشوه من ليف.»
حدثنا قتادة قال: «كنا نأتي أنس بن مالك وخبازه قائم، وقال: كلوا، فما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم رأى رغيفا مرققا حتى لحق بالله، ولا رأى شاة سميطا بع...