6470- عن أبي سعيد «أن أناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يسأله أحد منهم إلا أعطاه، حتى نفد ما عنده، فقال لهم حين نفد كل شيء أنفق بيديه: ما يكن عندي من خير لا أدخره عنكم، وإنه من يستعف يعفه الله، ومن يتصبر يصبره الله، ومن يستغن يغنه الله، ولن تعطوا عطاء خيرا وأوسع من الصبر.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( أَنَّ أُنَاسًا مِنْ الْأَنْصَار ) لَمْ أَقِف عَلَى أَسْمَائِهِمْ , وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاة مِنْ طَرِيق مَالِك عَنْ اِبْن شِهَاب الْإِشَارَة إِلَى أَنَّ مِنْهُمْ أَبَا سَعِيد , وَوَقَعَ عِنْد أَحْمَد مِنْ طَرِيق أَبِي بِشْر عَنْ أَبِي نَضْرَة عَنْ أَبِي سَعِيد " إِنَّ رَجُلًا كَانَ ذَا حَاجَة فَقَالَ لَهُ أَهْله : اِئْتِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْأَلْهُ , فَأَتَاهُ " فَذَكَرَ نَحْو الْمَتْن الْمَذْكُور هُنَا.
وَمِنْ طَرِيق عُمَارَة بْن غَزِيَّة عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي سَعِيد عَنْ أَبِيهِ قَالَ " سَرَّحَتْنِي أُمِّي إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلهُ , فَأَتَيْته فَقَالَ " الْحَدِيث , فَعُرِفَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " أَهْله " وَمِنْ طَرِيق هِلَال بْن حُصَيْنٍ قَالَ " نَزَلْت عَلَى أَبِي سَعِيد فَحَدَّثَ أَنَّهُ أَصْبَحَ وَقَدْ عَصَبَ عَلَى بَطْنه حَجَرًا مِنْ الْجُوع , فَقَالَتْ لَهُ اِمْرَأَته أَوْ أُمُّهُ : اِئْتِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْأَلْهُ , فَقَدْ أَتَاهُ فُلَان فَسَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ " الْحَدِيث وَوَقَعَ عِنْد الْبَزَّار مِنْ حَدِيث عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف أَنَّهُ وَقَعَ لَهُ نَحْو مَا وَقَعَ لِأَبِي سَعِيد , وَأَنَّ ذَلِكَ حِين اُفْتُتِحَتْ قُرَيْظَة.
قَوْله ( أَنَّ نَاسًا ) فِي بَعْض النُّسَخ " أَنَّ أُنَاسًا " وَالْمَعْنَى وَاحِد.
قَوْله ( فَلَمْ يَسْأَلهُ أَحَد مِنْهُمْ ) كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ , وَلِغَيْرِهِ بِحَذْفِ الضَّمِير , وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاة بِلَفْظِ " سَأَلُوا فَأَعْطَاهُمْ , ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ " وَفِي رِوَايَة مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ عِنْد أَحْمَد " فَجَعَلَ لَا يَسْأَلهُ أَحَد مِنْهُمْ إِلَّا أَعْطَاهُ ".
قَوْله ( حَتَّى نَفِدَ ) بِفَتْحِ النُّون وَكَسْر الْفَاء أَيْ فَرَغَ.
قَوْلُهُ ( فَقَالَ لَهُمْ حِينَ نَفِدَ كُلُّ شَيْءٍ أَنْفَقَ بِيَدَيْهِ ) يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ حَالِيَّةً أَوْ اِعْتِرَاضِيَّةً أَوْ اِسْتِئْنَافِيَّة وَالْبَاء تَتَعَلَّق بِقَوْلِهِ " شَيْء " وَيَحْتَمِل أَنْ تَتَعَلَّق بِقَوْلِهِ " أَنْفَقَ " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مَعْمَر " فَقَالَ لَهُمْ حِين أَنْفَقَ كُلّ شَيْء بِيَدِهِ " وَسَقَطَتْ هَذِهِ الزِّيَادَة مِنْ رِوَايَة مَالِك.
قَوْله ( مَا يَكُون عِنْدِي مِنْ خَيْر ) أَيْ مَال وَمَا مَوْصُولَة مُتَضَمِّنَة مَعْنَى الشَّرْط , وَفِي رِوَايَة صَوَّبَهَا الدِّمْيَاطِيُّ " مَا يَكُنْ " وَمَا حِينَئِذٍ شَرْطِيَّة وَلَيْسَتْ الْأُولَى خَطَأً.
قَوْله ( لَا أَدَّخِرهُ عَنْكُمْ ) بِالْإِدْغَامِ وَبِغَيْرِهِ , وَفِي رِوَايَة مَالِك " فَلَمْ " وَعَنْهُ " فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ " أَيْ أَجْعَلهُ ذَخِيرَة لِغَيْرِكُمْ مُعْرِضًا عَنْكُمْ , وَدَالُهُ مُهْمَلَة , وَقِيلَ مُعْجَمَة.
قَوْله ( وَإِنَّهُ مَنْ يَسْتَعِفّ ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِتَشْدِيدِ الْفَاء , وَلِلْكُشْمِيهَنِي " يَسْتَعْفِف " بِفَاءَيْنِ , وَقَوْله " يُعِفَّهُ اللَّه " بِتَشْدِيدِ الْفَاء الْمَفْتُوحَة.
قَوْله ( وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّه ) قُدِّمَ فِي رِوَايَة مَالِك الِاسْتِغْنَاء عَلَى التَّصَبُّر , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي سَعِيد بَدَل التَّصَبُّر " وَمَنْ اِسْتَكْفَى كَفَاهُ اللَّه " وَزَادَ " وَمَنْ سَأَلَ وَلَهُ قِيمَة أُوقِيَّة فَقَدْ أَلْحَفَ " وَزَادَ فِي رِوَايَة هِلَال " وَمَنْ سَأَلَنَا إِمَّا أَنْ نَبْذُل لَهُ وَإِمَّا أَنْ نُوَاسِيَهُ , وَمَنْ يَسْتَعِفّ أَوْ يَسْتَغْنِ أَحَبّ إِلَيْنَا مِمَّنْ يَسْأَلنَا ".
قَوْله ( وَلَنْ تُعْطَوْا عَطَاء ) فِي رِوَايَة مَالِك " وَمَا أُعْطِىَ أَحَدٌ عَطَاء " وَأُعْطِيَ بِضَمِّ أَوَّله عَلَى الْبِنَاء لِلْمَجْهُولِ.
قَوْله ( خَيْرًا وَأَوْسَع مِنْ الصَّبْر ) كَذَا بِالنَّصْبِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة وَهُوَ مُتَّجَهٌ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مَالِك " هُوَ خَيْر " بِالرَّفْعِ وَلِمُسْلِمٍ " عَطَاء خَيْر " قَالَ النَّوَوِيّ : كَذَا فِي نُسَخ مُسْلِم خَيْر بِالرَّفْعِ وَهُوَ صَحِيح , وَالتَّقْدِير هُوَ خَيْر كَمَا فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ , يَعْنِي مِنْ طَرِيق مَالِك.
وَفِي الْحَدِيث الْحَضّ عَلَى الِاسْتِغْنَاء عَنْ النَّاس وَالتَّعَفُّف عَنْ سُؤَالهمْ بِالصَّبْرِ وَالتَّوَكُّل عَلَى اللَّه وَانْتِظَار مَا يَرْزُقهُ اللَّه , وَأَنَّ الصَّبْر أَفْضَل مَا يُعْطَاهُ الْمَرْء لِكَوْنِ الْجَزَاء عَلَيْهِ غَيْر مُقَدَّر وَلَا مَحْدُود.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَعْنَى قَوْله " مَنْ يَسْتَعِفّ " أَيْ يَمْتَنِع عَنْ السُّؤَال , وَقَوْله " يُعِفَّهُ اللَّه " أَيْ إِنَّهُ يُجَازِيه عَلَى اِسْتِعْفَافه بِصِيَانَةِ وَجْهِهِ وَدَفْع فَاقَته , وَقَوْله " وَمَنْ يَسْتَغْنِ " أَيْ بِاَللَّهِ عَمَّنْ سِوَاهُ , وَقَوْله " يُغْنِهِ " أَيْ فَإِنَّهُ يُعْطِيه مَا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ السُّؤَال وَيَخْلُق فِي قَلْبه الْغِنَى فَإِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْس كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيره وَقَوْله " وَمَنْ يَتَصَبَّرْ " أَيْ يُعَالِج نَفْسه عَلَى تَرْك السُّؤَال وَيَصْبِر إِلَى أَنْ يَحْصُل لَهُ الرِّزْق وَقَوْله " يُصَبِّرهُ اللَّه " أَيْ فَإِنَّهُ يُقَوِّيه وَيُمَكِّنهُ مِنْ نَفْسه حَتَّى تَنْقَاد لَهُ وَيُذْعِن لِتَحَمُّلِ الشِّدَّة , فَعِنْد ذَلِكَ يَكُون اللَّه مَعَهُ فَيُظْفِرهُ بِمَطْلُوبِهِ.
وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : لَمَّا كَانَ التَّعَفُّف يَقْتَضِي سَتْر الْحَال عَنْ الْخَلْق وَإِظْهَار الْغِنَى عَنْهُمْ فَيَكُون صَاحِبه مُعَامِلًا لِلَّهِ فِي الْبَاطِن فَيَقَع لَهُ الرِّبْح عَلَى قَدْر الصِّدْق فِي ذَلِكَ , وَإِنَّمَا جُعِلَ الصَّبْر خَيْرَ الْعَطَاء لِأَنَّهُ حَبْسُ النَّفْس عَنْ فِعْل مَا تُحِبّهُ وَإِلْزَامهَا بِفِعْلِ مَا تَكْرَهُ فِي الْعَاجِل مِمَّا لَوْ فَعَلَهُ أَوْ تَرَكَهُ لَتَأَذَّى بِهِ فِي الْآجِل.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ : مَعْنَى قَوْله " مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّه " أَيْ إِنْ عَفَّ عَنْ السُّؤَال وَلَوْ لَمْ يُظْهِر الِاسْتِغْنَاء عَنْ النَّاس , لَكِنَّهُ إِنْ أُعْطِىَ شَيْئًا لَمْ يَتْرُكهُ يَمْلَأ اللَّه قَلْبه غِنًى بِحَيْثُ لَا يَحْتَاج إِلَى سُؤَال , وَمَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَأَظْهَرَ الِاسْتِغْنَاء فَتَصَبَّرَ وَلَوْ أُعْطِىَ لَمْ يَقْبَل فَذَاكَ أَرْفَع دَرَجَة , فَالصَّبْر جَامِع لِمَكَارِمِ الْأَخْلَاق.
وَقَالَ اِبْن التِّين : مَعْنَى قَوْله " يُعِفَّهُ اللَّه " إِمَّا أَنْ يَرْزُقهُ مِنْ الْمَال مَا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ السُّؤَال , وَإِمَّا أَنْ يَرْزُقهُ الْقَنَاعَة وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَعْطَاهُ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُمْ حِينَ نَفِدَ كُلُّ شَيْءٍ أَنْفَقَ بِيَدَيْهِ مَا يَكُنْ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ لَا أَدَّخِرْهُ عَنْكُمْ وَإِنَّهُ مَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَلَنْ تُعْطَوْا عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ
عن المغيرة بن شعبة يقول: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حتى ترم أو تنتفخ قدماه، فيقال له، فيقول: أفلا أكون عبدا شكورا.»
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب: هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون.»
عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة : «أن معاوية كتب إلى المغيرة أن اكتب إلي بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكتب إليه المغيرة إني سمعته يق...
عن سهل بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه، أضمن له الجنة.»
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر...
عن أبي شريح الخزاعي قال: سمع أذناي ووعاه قلبي النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الضيافة ثلاثة أيام جائزته.<br> قيل: ما جائزته؟ قال: يوم وليلة، ومن كان...
عن أبي هريرة : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق.»
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا، يرفع الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة...
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سبعة يظلهم الله: رجل ذكر الله ففاضت عيناه.»