6880-
عن أبي هريرة : أن خزاعة قتلوا رجلا.
وقال عبد الله بن رجاء : حدثنا حرب، عن يحيى، حدثنا أبو سلمة، حدثنا أبو هريرة : «أنه عام فتح مكة، قتلت خزاعة رجلا من بني ليث، بقتيل لهم في الجاهلية، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليهم رسوله والمؤمنين، ألا وإنها لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، ألا وإنما أحلت لي ساعة من نهار، ألا وإنها ساعتي هذه حرام، لا يختلى شوكها، ولا يعضد شجرها، ولا يلتقط ساقطتها إلا منشد.
ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما يودى، وإما يقاد.
فقام رجل من أهل اليمن، يقال له أبو شاه، فقال: اكتب لي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتبوا لأبي شاه، ثم قام رجل من قريش، فقال: يا رسول الله، إلا الإذخر، فإنما نجعله في بيوتنا وقبورنا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا الإذخر» وتابعه عبيد الله، عن شيبان في الفيل.
قال بعضهم: عن أبي نعيم: القتل.
وقال عبيد الله: إما أن يقاد أهل القتيل.
(ساعتي هذه حرام) عادت حرمتها من هذه الساعة التي أنا فيها
(بخير النظرين) بين أمرين يختار الأنسب له منهما.
(يودى) يعطي الدية
(يقاد) يقتص من القاتل
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرهمَا , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ مُرْسَلًا , وَهُوَ مِنْ رِوَايَة يَحْيَى بْن حُمَيْد عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَهِيَ شَاذَّة.
قَوْله ( أَنَّ خُزَاعَة قَتَلُوا رَجُلًا , وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن رَجَاء ) كَذَا تَحَوَّلَ إِلَى طَرِيق حَرْب بْن شَدَّاد عَنْ يَحْيَى وَهُوَ اِبْن أَبِي كَثِير فِي الطَّرِيقَيْنِ , وَسَاقَ الْحَدِيث هُنَا عَلَى لَفْظ حَرْب , وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظ شَيْبَانَ وَهُوَ اِبْن عَبْد الرَّحْمَن فِي كِتَاب الْعِلْم , وَطَرِيق عَبْد اللَّه بْن رَجَاء هَذِهِ وَصَلَهَا الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق هِشَام بْن عَلِيّ السِّيرَافِيّ عَنْهُ , وَتَقَدَّمَ فِي اللُّقَطَة مِنْ طَرِيق الْوَلِيد بْن مُسْلِم عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَة مُصَرِّحًا بِالتَّحْدِيثِ فِي جَمِيع السَّنَد.
قَوْله ( أَنَّهُ عَام فَتْح مَكَّة ) الْهَاء فِي أَنَّهُ ضَمِير الشَّأْن.
قَوْله ( قَتَلَتْ خُزَاعَة رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْث بِقَتِيلٍ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّة ) وَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن أَبِي ذِئْب عَنْ سَعِيد الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي شُرَيْح أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ اللَّه حَرَّمَ مَكَّة " فَذَكَرَ الْحَدِيث وَفِيهِ " ثُمَّ إِنَّكُمْ مَعْشَر خُزَاعَة قَتَلْتُمْ هَذَا الرَّجُل مِنْ هُذَيْل , وَإِنِّي عَاقِله " وَقَعَ نَحْو ذَلِكَ فِي رِوَايَة اِبْن إِسْحَاق عَنْ الْمَقْبُرِيِّ كَمَا أَوْرَدْته فِي " بَاب لَا يُعْضَد شَجَر الْحَرَم " مِنْ أَبْوَاب جَزَاء الصَّيْد مِنْ كِتَاب الْحَجّ , فَأَمَّا خُزَاعَة فَتَقَدَّمَ نَسَبهمْ فِي أَوَّل مَنَاقِب قُرَيْش وَأَمَّا بَنُو لَيْث فَقَبِيلَةٌ مَشْهُورَةٌ يُنْسَبُونَ إِلَى لَيْث بْن بَكْر بْن كِنَانَة بْن خُزَيْمَةَ بْن مُدْرِكَة بْن إِلْيَاس بْن مُضَر , وَأَمَّا هُذَيْل فَقَبِيلَة كَبِيرَة يُنْسَبُونَ إِلَى هُذَيْل وَهُمْ بَنُو مُدْرِكَة بْن إِلْيَاس بْن مُضَر , وَكَانَتْ هُذَيْل وَبَكْر مِنْ سُكَّان مَكَّة وَكَانُوا فِي ظَوَاهِرهَا خَارِجِينَ مِنْ الْحَرَم , وَأَمَّا خُزَاعَة فَكَانُوا غَلَبُوا عَلَى مَكَّة وَحَكَمُوا فِيهَا ثُمَّ أُخْرِجُوا مِنْهَا فَصَارُوا فِي ظَاهِرهَا , وَكَانَتْ بَيْنهمْ وَبَيْن بَنِي بَكْر عَدَاوَة ظَاهِرَة فِي الْجَاهِلِيَّة , وَكَانَتْ خُزَاعَة حُلَفَاء بَنِي هَاشِم بْن عَبْد مَنَاف إِلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَ بَنُو بَكْر حُلَفَاء قُرَيْش كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانه فِي أَوَّل فَتْح مَكَّة مِنْ كِتَاب الْمَغَازِي , وَقَدْ ذَكَرْت فِي كِتَاب الْعِلْم أَنَّ اِسْم الْقَاتِل مِنْ خُزَاعَة خِرَاش بِمُعْجَمَتَيْنِ اِبْن أُمَيَّة الْخُزَاعِيّ , وَأَنَّ الْمَقْتُول مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّة كَانَ اِسْمه أَحْمَرَ وَأَنَّ الْمَقْتُول مِنْ بَنِي لَيْث لَمْ يُسَمَّ وَكَذَا الْقَاتِل , ثُمَّ رَأَيْت فِي السِّيرَة النَّبَوِيَّة لِابْنِ إِسْحَاق أَنَّ الْخُزَاعِيّ الْمَقْتُول اِسْمه مُنَبِّه , قَالَ اِبْن إِسْحَاق فِي الْمَغَازِي " حَدَّثَنِي سَعِيد بْن أَبِي سَنْدَر الْأَسْلَمِيّ عَنْ رَجُل مِنْ قَوْمه قَالَ : كَانَ مَعَنَا رَجُل يُقَال لَهُ أَحْمَرُ كَانَ شُجَاعًا وَكَانَ إِذَا نَامَ غَطَّ فَإِذَا طَرَقَهُمْ شَيْء صَاحُوا بِهِ فَيَثُور مِثْل الْأَسَد , فَغَزَاهُمْ قَوْم مِنْ هُذَيْل فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ لَهُمْ اِبْن الأثوع وَهُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَة وَالْعَيْن الْمُهْمَلَة : لَا تَعْجَلُوا حَتَّى أَنْظُر فَإِنْ كَانَ أَحْمَرُ فِيهِمْ فَلَا سَبِيل إِلَيْهِمْ , فَاسْتَمَعَ فَإِذَا غَطِيط أَحْمَرَ فَمَشَى إِلَيْهِ حَتَّى وَضَعَ السَّيْف فِي صَدْره فَقَتَلَهُ وَأَغَارُوا عَلَى الْحَيّ , فَلَمَّا كَانَ عَام الْفَتْح وَكَانَ الْغَد مِنْ يَوْم الْفَتْح أَتَى اِبْن الأثوع الْهُذَلِيّ حَتَّى دَخَلَ مَكَّة وَهُوَ عَلَى شِرْكه , فَرَأَتْهُ خُزَاعَة فَعَرَفُوهُ فَأَقْبَلَ خِرَاش بْن أُمَيَّة فَقَالَ أَفْرِجُوا عَنْ الرَّجُل فَطَعَنَهُ بِالسَّيْفِ فِي بَطْنه فَوَقَعَ قَتِيلًا , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا مَعْشَر خُزَاعَة اِرْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ عَنْ الْقَتْل , وَلَقَدْ قَتَلْتُمْ قَتِيلًا لَأَدِيَنَّهُ " قَالَ اِبْن إِسْحَاق " وَحَدَّثَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن حَرْمَلَة الْأَسْلَمِيّ عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب قَالَ : لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا صَنَعَ خِرَاش بْن أُمَيَّة قَالَ : إِنَّ خِرَاشًا لَقَتَّالٌ " يَعِيبهُ بِذَلِكَ.
ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيث أَبِي شُرَيْح الْخُزَاعِيّ كَمَا تَقَدَّمَ , فَهَذَا قِصَّة الْهُذَلِيّ , وَأَمَّا قِصَّة الْمَقْتُول مِنْ بَنِي لَيْث فَكَأَنَّهَا أُخْرَى , وَقَدْ ذَكَرَ اِبْن هِشَام أَنَّ الْمَقْتُول مِنْ بَنِي لَيْث اِسْمه جُنْدَب بْن الْأَدْلَع , وَقَالَ بَلَغَنِي أَنَّ أَوَّل قَتِيل وَدَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْفَتْح جُنْدَب بْن الْأَدْلَع قَتَلَهُ بَنُو كَعْب فَوَدَاهُ بِمِائَةِ نَاقَة , لَكِنْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيّ أَنَّ اِسْمه جُنْدَب بْن الْأَدْلَع , فَرَآهُ جُنْدَب بْن الْأَعْجَب الْأَسْلَمِيّ فَخَرَجَ يَسْتَجِيش عَلَيْهِ فَجَاءَ خِرَاش فَقَتَلَهُ , فَظَهَرَ أَنَّ الْقِصَّة وَاحِدَة فَلَعَلَّهُ كَانَ هُذَلِيًّا حَالَفَ بَنِي لَيْث أَوْ بِالْعَكْسِ , وَرَأَيْت فِي آخِر الْجُزْء الثَّالِث مِنْ " فَوَائِد أَبِي عَلِيّ بْن خُزَيْمَةَ " أَنَّ اِسْم الْخُزَاعِيّ الْقَاتِل هِلَال بْن أُمَيَّة , فَإِنْ ثَبَتَ فَلَعَلَّ هِلَالًا لَقَبُ خِرَاش وَاَللَّه أَعْلَمُ.
قَوْله ( فَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِي رِوَايَة سُفْيَان الْمُشَار إِلَيْهَا فِي الْعِلْم " فَأُخْبِرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَرَكِبَ رَاحِلَته فَخَطَبَ ".
قَوْله ( إِنَّ اللَّه حَبَسَ عَنْ مَكَّة الْفِيل ) بِالْفَاءِ اِسْم الْحَيَوَان الْمَشْهُور , وَأَشَارَ بِحَبْسِهِ عَنْ مَكَّة إِلَى قِصَّة الْحَبَشَة وَهِيَ مَشْهُورَة سَاقَهَا اِبْن إِسْحَاق مَبْسُوطَة , وَحَاصِل مَا سَاقَهُ أَنَّ أَبْرَهَةَ الْحَبَشِيّ لَمَّا غَلَبَ عَلَى الْيَمَن وَكَانَ نَصْرَانِيًّا بَنَى كَنِيسَة وَأَلْزَمَ النَّاس بِالْحَجِّ إِلَيْهَا , فَعَمَدَ بَعْض الْعَرَب فَاسْتَغْفَلَ الْحَجَبَة وَتَغَوَّطَ فَهَرَبَ , فَغَضِبَ أَبْرَهَة وَعَزَمَ عَلَى تَخْرِيب الْكَعْبَة , فَتَجَهَّزَ فِي جَيْش كَثِيف وَاسْتَصْحَبَ مَعَهُ فِيلًا عَظِيمًا , فَلَمَّا قَرُبَ مِنْ مَكَّة خَرَجَ إِلَيْهِ عَبْد الْمُطَّلِب فَأَعْظَمَهُ وَكَانَ جَمِيل الْهَيْئَة , فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ إِبِلًا لَهُ نُهِبَتْ فَاسْتَقْصَرَ هِمَّتَهُ وَقَالَ : لَقَدْ ظَنَنْت أَنَّك لَا تَسْأَلنِي إِلَّا فِي الْأَمْر الَّذِي جِئْت فِيهِ , فَقَالَ إِنَّ لِهَذَا الْبَيْت رَبًّا سَيَحْمِيهِ , فَأَعَادَ إِلَيْهِ إِبِله , وَتَقَدَّمَ أَبْرَهَة بِجُيُوشِهِ فَقَدَّمُوا الْفِيل فَبَرَكَ وَعَجَزُوا فِيهِ , وَأَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ طَيْرًا مَعَ كُلّ وَاحِد ثَلَاثَة أَحْجَار حَجَرَيْنِ فِي رِجْلَيْهِ وَحَجَرًا فِي مِنْقَاره فَأَلْقَوْهَا عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَد إِلَّا أُصِيبَ , وَأَخْرَجَ اِبْن مِرْدَوَيْهِ بِسَنَدٍ حَسَن عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ " جَاءَ أَصْحَاب الْفِيل حَتَّى نَزَلُوا الصِّفَاح " وَهُوَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة ثُمَّ فَاء ثُمَّ مُهْمَلَة مَوْضِع خَارِج مَكَّة مِنْ جِهَة طَرِيق الْيَمَن , فَأَتَاهُمْ عَبْد الْمُطَّلِب فَقَالَ : إِنَّ هَذَا بَيْت اللَّه لَمْ يُسَلِّط عَلَيْهِ أَحَدًا , قَالُوا لَا نَرْجِع حَتَّى نَهْدِمهُ , فَكَانُوا لَا يُقَدِّمُونَ فِيلهمْ إِلَّا تَأَخَّرَ , فَدَعَا اللَّه الطَّيْر الْأَبَابِيل فَأَعْطَاهَا حِجَارَة سَوْدَاء فَلَمَّا حَاذَتْهُمْ رَمَتْهُمْ , فَمَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَد إِلَّا أَخَذَتْهُ الْحَكَّة , فَكَانَ لَا يَحُكُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ جِلْده إِلَّا تَسَاقَطَ لَحْمه قَالَ اِبْن إِسْحَاق " حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن عُتْبَةَ قَالَ : حُدِّثْت أَنَّ أَوَّل مَا وَقَعَتْ الْحَصْبَاء وَالْجُدَرِيّ بِأَرْضِ الْعَرَب مِنْ يَوْمئِذٍ " وَعِنْد الطَّبَرِيّ بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ عِكْرِمَة أَنَّهَا كَانَتْ طَيْرًا خُضْرًا خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْر لَهَا رُءُوس كَرُءُوسِ السِّبَاع.
وَلِابْنِ أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق عُبَيْد بْن عُمَيْر بِسَنَدٍ قَوِيّ : بَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَنْشَأَهَا مِنْ الْبَحْر كَأَمْثَالِ الْخَطَاطِيف.
فَذَكَرَ نَحْو مَا تَقَدَّمَ.
قَوْله ( وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلّ لِأَحَدٍ قَبْلِي إِلَخْ ) تَقَدَّمَ بَيَانه مُفَصَّلًا فِي " بَاب تَحْرِيم الْقِتَال بِمَكَّة " مِنْ أَبْوَاب جَزَاء الصَّيْد وَفِيمَا قَبْله فِي " بَاب لَا يُعْضَد شَجَر الْحَرَم ".
قَوْله ( وَلَا يُلْتَقَط ) بِضَمِّ أَوَّله عَلَى الْبِنَاء لِلْمَجْهُولِ وَفِي آخِره ( إِلَّا لِمُنْشِدٍ ) وَوَقَعَ لِلْكُشْمِيهَنِيّ هُنَا بِفَتْحِ أَوَّله وَفِي آخِره " إِلَّا مُنْشِد " وَهُوَ وَاضِح.
قَوْله ( وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيل ) أَيْ مَنْ قُتِلَ لَهُ قَرِيب كَانَ حَيًّا فَصَارَ قَتِيلًا بِذَلِكَ الْقَتْل.
قَوْله ( فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ) تَقَدَّمَ فِي الْعِلْم بِلَفْظِ " وَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ : وَهُوَ مُخْتَصَر وَلَا يُمْكِن حَمْله عَلَى ظَاهِره لِأَنَّ الْمَقْتُول لَا اِخْتِيَار لَهُ وَإِنَّمَا الِاخْتِيَار لِوَلِيِّهِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى نَحْو ذَلِكَ الْخَطَّابِيُّ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيق الْأَوْزَاعِيِّ " فَإِمَّا أَنْ يَعْفُو وَإِمَّا أَنْ يَقْتُل " وَالْمُرَاد الْعَفْو عَلَى الدِّيَة جَمْعًا بَيْن الرِّوَايَتَيْنِ , وَيُؤَيِّدهُ أَنَّ عِنْده فِي حَدِيث أَبِي شُرَيْح " فَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيل بَعْد الْيَوْم فَأَهْله بَيْن خِيرَتَيْنِ : إِمَّا أَنْ يَقْتُلُوا أَوْ يَأْخُذُوا الدِّيَة " وَلِأَبِي دَاوُدَ وَابْن مَاجَهْ وَعَلَّقَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي شُرَيْح بِلَفْظِ " فَإِنَّهُ يَخْتَار إِحْدَى ثَلَاث إِمَّا أَنْ يَقْتَصّ , وَإِمَّا أَنْ يَعْفُو , وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذ الدِّيَة فَإِنْ أَرَادَ الرَّابِعَة فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ " أَيْ إِنْ أَرَادَ زِيَادَة عَلَى الْقِصَاص أَوْ الدِّيَة , وَسَأَذْكُرُ الِاخْتِلَاف فِيمَنْ يَسْتَحِقّ الْخِيَار هَلْ هُوَ الْقَاتِل أَوْ وَلِيّ الْمَقْتُول فِي شَرْح الْحَدِيث الَّذِي بَعْده وَفِي الْحَدِيث , أَنَّ وَلِيّ الدَّم يُخَيَّر بَيْن الْقِصَاص وَالدِّيَة , وَاخْتُلِفَ إِذَا اِخْتَارَ الدِّيَة هَلْ يَجِب عَلَى الْقَاتِل إِجَابَته ؟ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى ذَلِكَ , وَعَنْ مَالِك لَا يَجِب إِلَّا بِرِضَا الْقَاتِل , وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ " وَمَنْ قُتِلَ لَهُ " بِأَنَّ الْحَقّ يَتَعَلَّق بِوَرَثَةِ الْمَقْتُول , فَلَوْ كَانَ بَعْضهمْ غَائِبًا أَوْ طِفْلًا لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِينَ الْقِصَاص حَتَّى يَبْلُغ الطِّفْل وَيَقْدَم الْغَائِب.
قَوْله ( إِمَّا أَنْ يُودِيَ ) بِسُكُونِ الْوَاو أَيْ يُعْطِي الْقَاتِلُ أَوْ أَوْلِيَاؤُهُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُول الدِّيَةَ ( وَإِمَّا أَنْ يُقَاد ) أَيْ يُقْتَل بِهِ , وَوَقَعَ فِي الْعِلْم بِلَفْظِ " إِمَّا أَنْ يَعْقِل " بَدَل " إِمَّا أَنْ يُودِي " وَهُوَ بِمَعْنَاهُ , وَالْعَقْل الدِّيَة.
وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ فِي اللُّقَطَة " أَمَّا أَنْ يَفْدِي " بِالْفَاءِ بَدَل الْوَاو , وَفِي نُسْخَة " وَإِمَّا أَنْ يُعْطِي " أَيْ الدِّيَة.
وَنَقَلَ اِبْن التِّين عَنْ الدَّاوُدِيّ أَنَّ فِي رِوَايَة أُخْرَى " إِمَّا أَنْ يُودِي أَوْ يُفَادِي " وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ غَيْر صَحِيح لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِالْفَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَة لِتَقَدُّمِ ذِكْر الدِّيَة.
وَلَوْ كَانَ بِالْقَافِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُون لِلْمَقْتُولِ وَلِيَّانِ لَذُكِرَا بِالتَّثْنِيَةِ أَيْ يُقَادَا بِقَتِيلِهِمَا وَالْأَصْل عَدَم التَّعَدُّد , قَالَ وَصَحِيح الرِّوَايَة " إِمَّا أَنْ يُودِي أَوْ يُقَاد " وَإِنَّمَا يَصِحّ يُفَادَى إِنْ تَقَدَّمَهُ أَنْ يُقْتَصّ.
وَفِي الْحَدِيث جَوَاز إِيقَاع الْقِصَاص بِالْحَرَمِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ بِذَلِكَ بِمَكَّة وَلَمْ يُقَيِّدهُ بِغَيْرِ الْحَرَم , وَتَمَسَّكَ بِعُمُومِهِ مَنْ قَالَ يُقْتَل الْمُسْلِم بِالذِّمِّيِّ وَقَدْ سَبَقَ مَا فِيهِ.
قَوْله ( فَقَامَ رَجُل مِنْ أَهْل الْيَمَن يُقَال لَهُ أَبُو شَاه ) تَقَدَّمَ ضَبْطه مَعَ شَرْحه فِي الْعِلْم , وَحَكَى السَّلَفِيّ أَنَّ بَعْضهمْ نَطَقَ بِهَا بِتَاءٍ فِي آخِره وَغَلَّطَهُ وَقَالَ هُوَ فَارِسِيّ مِنْ فُرْسَان الْفُرْس الَّذِينَ بَعَثَهُمْ كِسْرَى إِلَى الْيَمَن.
قَوْله ( ثُمَّ قَامَ رَجُل مِنْ قُرَيْش فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِلَّا الْإِذْخِر ) تَقَدَّمَ بَيَان اِسْمه وَأَنَّهُ الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب , وَشُرِحَ بَقِيَّة الْحَدِيث الْمُتَعَلِّق بِتَحْرِيمِ مَكَّة وَبِالْإِذْخِرِ فِي الْأَبْوَاب الْمَذْكُورَة مِنْ كِتَاب الْحَجّ.
قَوْله ( وَتَابَعَهُ عُبَيْد اللَّه ) يَعْنِي اِبْن مُوسَى.
قَوْله ( عَنْ شَيْبَانَ فِي الْفِيل ) أَيْ تَابِع حَرْب بْن شَدَّاد عَنْ يَحْيَى فِي الْفِيل بِالْفَاءِ , وَرِوَايَة عُبَيْد اللَّه الْمَذْكُورَة مَوْصُولَة فِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ طَرِيقه.
قَوْله ( وَقَالَ بَعْضهمْ عَنْ أَبِي نُعَيْم : الْقَتْلَ ) هُوَ مُحَمَّد بْن يَحْيَى الذُّهْلِيُّ جَزَمَ عَنْ أَبِي نُعَيْم فِي رِوَايَته عَنْهُ بِهَذَا الْحَدِيث بِلَفْظِ " الْقَتْل " وَأَمَّا الْبُخَارِيّ فَرَوَاهُ عَنْهُ بِالشَّكِّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَاب الْعِلْم.
قَوْله ( وَقَالَ عُبَيْد اللَّه إِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيل ) أَيْ يُؤْخَذ لَهُمْ بِثَأْرِهِمْ , وَعُبَيْد اللَّه هُوَ اِبْن مُوسَى الْمَذْكُور , وَرِوَايَته إِيَّاهُ عَنْ شَيْبَانَ بْن عَبْد الرَّحْمَن بِالسَّنَدِ الْمَذْكُور , وَرِوَايَته عَنْهُ مَوْصُولَة فِي صَحِيح مُسْلِم كَمَا بَيَّنْته وَلَفْظه " إِمَّا أَنْ يُعْطِي الدِّيَة وَإِمَّا أَنْ يُقَاد أَهْل الْقَتِيل " وَهُوَ بَيَان لِقَوْلِهِ " إِمَّا أَنْ يُقَاد ".
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا حَرْبٌ عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ قَتَلَتْ خُزَاعَةُ رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ بِقَتِيلٍ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ أَلَا وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي أَلَا وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ أَلَا وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ لَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا يَلْتَقِطُ سَاقِطَتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا يُودَى وَإِمَّا يُقَادُ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ أَبُو شَاهٍ فَقَالَ اكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّمَا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِلَّا الْإِذْخِرَ وَتَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْبَانَ فِي الْفِيلِ قَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْقَتْلَ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن عمرو عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كانت في بني إسرائيل قصاص ولم تكن فيهم الدية فقال الله لهذه الأمة { كت...
عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق...
عن عائشة : «هزم المشركون يوم أحد،» وحدثني محمد بن حرب، حدثنا أبو مروان يحيى بن أبي زكرياء، عن هشام، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: صرخ إبليس ي...
حدثنا أنس بن مالك : «أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين، فقيل لها من فعل بك هذا؟ أفلان، أفلان؟ حتى سمي اليهودي، فأومأت برأسها، فجيء باليهودي فاعترف، فأ...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يهوديا بجارية قتلها على أوضاح لها.»
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «لددنا النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه، فقال: لا تلدوني.<br> فقلنا: كراهية المريض للدواء، فلما أفاق قال: لا يبقى أحد من...
عن أبي هريرة يقول: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «نحن الآخرون السابقون.»
وبإسناده: «لو اطلع في بيتك أحد، ولم تأذن له، خذفته بحصاة، ففقأت عينه ما كان عليك من جناح»
عن حميد: «أن رجلا اطلع في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فسدد إليه مشقصا».<br> فقلت: من حدثك؟ قال: أنس بن مالك.<br>