7086-
حدثنا حذيفة قال: «حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا: أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة.
وحدثنا عن رفعها قال: ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتقبض فيبقى فيها أثرها مثل أثر المجل، كجمر دحرجته على رجلك فنفط، فتراه منتبرا وليس فيه شيء، ويصبح الناس يتبايعون، فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة، فيقال: إن في بني فلان رجلا أمينا، ويقال للرجل: ما أعقله وما أظرفه وما أجلده، وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان».
ولقد أتى علي زمان، ولا أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلما رده علي الإسلام، وإن كان نصرانيا رده علي ساعيه، وأما اليوم: فما كنت أبايع إلا فلانا وفلانا.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن كَثِير ) تَقَدَّمَ بِهَذَا السَّنَد فِي كِتَاب الرِّقَاق فِي " بَاب رَفَعَ الْأَمَانَة " وَأَنَّ الْجِذْر الْأَصْل وَتُفْتَح جِيمه وَتُكْسَر.
قَوْله ( ثُمَّ عَلِمُوا مِنْ الْقُرْآن ثُمَّ عَلِمُوا مِنْ السُّنَّة ) كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة بِإِعَادَةِ ثُمَّ , وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآن قَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّمُوا السُّنَن , وَالْمُرَاد بِالسُّنَنِ مَا يَتَلَقَّوْنَهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجِبًا كَانَ أَوْ مَنْدُوبًا.
قَوْله ( وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعهَا ) هَذَا هُوَ الْحَدِيث الثَّانِي الَّذِي ذَكَرَ حُذَيْفَة أَنَّهُ يَنْتَظِرهُ وَهُوَ رَفْع الْأَمَانَة أَصْلًا حَتَّى لَا يَبْقَى مَنْ يُوصَف بِالْأَمَانَةِ إِلَّا النَّادِر , وَلَا يُعَكِّر عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي آخِر الْحَدِيث مِمَّا يَدُلّ عَلَى قِلَّة مَنْ يُنْسَب لِلْأَمَانَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَال الْأَوَّلِينَ , فَاَلَّذِينَ أَشَارَ إِلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ " مَا كُنْت أُبَايِع إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا " هُمْ مِنْ أَهْل الْعَصْر الْأَخِير الَّذِي أَدْرَكَهُ وَالْأَمَانَة فِيهِمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَصْر الْأَوَّل أَقَلّ , وَأَمَّا الَّذِي يَنْتَظِرهُ فَإِنَّهُ حَيْثُ تُفْقَد الْأَمَانَة مِنْ الْجَمِيع إِلَّا النَّادِر.
قَوْله ( فَيَظَلّ أَثَرهَا ) أَيْ يَصِير وَأَصْل " ظَلَّ " مَا عُمِلَ بِالنَّهَارِ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى كُلّ وَقْت , وَهِيَ هُنَا عَلَى بَابهَا لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْحَالَة الَّتِي تَكُون بَعْدَ النَّوْم وَهِيَ غَالِبًا تَقَع عِنْدَ الصُّبْح , وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَمَانَة تَذْهَب حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهَا إِلَّا الْأَثَر الْمَوْصُوف فِي الْحَدِيث.
قَوْله ( مِثْلُ أَثَر الْوَكْت ) بِفَتْحِ الْوَاو وَسُكُون الْكَاف بَعْدَهَا مُثَنَّاة , تَقَدَّمَ تَفْسِيره فِي الرِّقَاق وَأَنَّهُ سَوَاد فِي اللَّوْن , وَكَذَا الْمَجْل وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيم وَسُكُون الْجِيم أَثَر الْعَمَل فِي الْيَدِ.
قَوْله ( فَنَفِطَ ) بِكَسْرِ الْفَاء بَعْدَ النُّونَ الْمَفْتُوحَة أَيْ صَارَ مُنْتَفِطًا وَهُوَ الْمُنْتَبِر بِنُونٍ ثُمَّ مُثَنَّاة ثُمَّ مُوَحَّدَة يُقَال اِنْتَبَرَ الْجَرْح وَانْتَفَطَ إِذَا وَرِمَ وَامْتَلَأَ مَاء وَحَاصِل الْخَبَر أَنَّهُ أَنْذَرَ بِرَفْعِ الْأَمَانَة وَأَنَّ الْمَوْصُوف بِالْأَمَانَةِ يُسْلَبهَا حَتَّى يَصِير خَائِنًا بَعْدَ أَنْ كَانَ أَمِينًا , وَهَذَا إِنَّمَا يَقَع عَلَى مَا هُوَ شَاهِد لِمَنْ خَالَطَ أَهْل الْخِيَانَة فَإِنَّهُ يَصِير خَائِنًا لِأَنَّ الْقَرِين يَقْتَدِي بِقَرِينِهِ.
قَوْله ( وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَان إِلَخْ ) يُشِير إِلَى أَنَّ حَال الْأَمَانَة أُخِذَ فِي النَّقْص مِنْ ذَلِكَ الزَّمَان , وَكَانَتْ وَفَاة حُذَيْفَة فِي أَوَّل سَنَة سِتّ وَثَلَاثِينَ بَعْدَ قَتْل عُثْمَان بِقَلِيلٍ , فَأَدْرَكَ بَعْض الزَّمَن الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّغَيُّر فَأَشَارَ إِلَيْهِ , قَالَ اِبْن التِّين : الْأَمَانَة كُلّ مَا يَخْفَى وَلَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه مِنْ الْمُكَلَّف.
وَعَنْ اِبْن عَبَّاس : هِيَ الْفَرَائِض الَّتِي أُمِرُوا بِهَا وَنُهُوا عَنْهَا , وَقِيلَ هِيَ الطَّاعَة , وَقِيلَ التَّكَالِيف , وَقِيلَ الْعَهْد الَّذِي أَخَذَهُ اللَّه عَلَى الْعِبَاد.
وَهَذَا الِاخْتِلَاف وَقَعَ فِي تَفْسِير الْأَمَانَة الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَة ) وَقَالَ صَاحِب التَّحْرِير : الْأَمَانَة الْمَذْكُورَة فِي الْحَدِيث هِيَ الْأَمَانَة الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة وَهِيَ عَيْن الْإِيمَان , فَإِذَا اِسْتَمْكَنَتْ فِي الْقَلْب قَامَ بِأَدَاءِ مَا أُمِرَ بِهِ وَاجْتَنَبَ مَا نُهِيَ عَنْهُ.
وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : الْمُرَاد بِالْأَمَانَةِ فِي حَدِيث حُذَيْفَة الْإِيمَان , وَتَحْقِيق ذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ رَفْعهَا أَنَّ الْأَعْمَال السَّيِّئَة لَا تَزَال تُضْعِف الْإِيمَان , حَتَّى إِذَا تَنَاهَى الضَّعْف لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَثَر الْإِيمَان , وَهُوَ التَّلَفُّظ بِاللِّسَانِ وَالِاعْتِقَاد الضَّعِيف فِي ظَاهِر الْقَلْب , فَشَبَّهَهُ بِالْأَثَرِ فِي ظَاهِر الْبَدَن , وَكَنَّى عَنْ ضَعْف الْإِيمَان بِالنَّوْمِ , وَضَرَبَ مَثَلًا لِزَهُوقِ الْإِيمَان عَنْ الْقَلْب حَالًا بِزَهُوقِ الْحَجَر عَنْ الرِّجْل حَتَّى يَقَع بِالْأَرْضِ.
قَوْله ( وَلَا أُبَالِي أَيّكُمْ بَايَعْت ) تَقَدَّمَ فِي الرِّقَاق أَنَّ مُرَاده الْمُبَايَعَة فِي السِّلَع وَنَحْوهَا , لَا الْمُبَايَعَة بِالْخِلَافَةِ وَلَا الْإِمَارَة.
وَقَدْ اِشْتَدَّ إِنْكَار أَبِي عُبَيْد وَغَيْره عَلَى مَنْ حَمَلَ الْمُبَايَعَة هُنَا عَلَى الْخِلَافَة وَهُوَ وَاضِح , وَوَقَعَ فِي عِبَارَته أَنَّ حُذَيْفَة كَانَ لَا يَرْضَى بِأَحَدٍ بَعْدَ عُمَر يَعْنِي فِي الْخِلَافَة وَهِيَ مُبَالَغَة , وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ عُثْمَان وَلَّاهُ عَلَى الْمَدَائِن وَقَدْ قُتِلَ عُثْمَان وَهُوَ عَلَيْهَا , وَبَايَعَ لِعَلِيٍّ وَحَرَّضَ عَلَى الْمُبَايَعَة لَهُ وَالْقِيَام فِي نَصْره , وَمَاتَ فِي أَوَائِل خِلَافَته كَمَا مَضَى فِي " بَاب إِذَا اِلْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا " وَالْمُرَاد أَنَّهُ لِوُثُوقِهِ بِوُجُودِ الْأَمَانَة فِي النَّاس أَوَّلًا كَانَ يُقْدِم عَلَى مُبَايَعَة مَنْ اِتَّفَقَ مِنْ غَيْر بَحْث عَنْ حَاله , فَلَمَّا بَدَا التَّغَيُّر فِي النَّاس وَظَهَرَتْ الْخِيَانَة صَارَ لَا يُبَايِع إِلَّا مَنْ يَعْرِف حَاله , ثُمَّ أَجَابَ عَنْ إِيرَاد مُقَدَّر كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ : لَمْ تَزَلْ الْخِيَانَة مَوْجُودَة لِأَنَّ الْوَقْت الَّذِي أَشَرْت إِلَيْهِ كَانَ أَهْل الْكُفْر فِيهِ مَوْجُودِينَ وَهُمْ أَهْل الْخِيَانَة , فَأَجَابَ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْأَمْر كَذَلِكَ لَكِنَّهُ كَانَ يَثِق بِالْمُؤْمِنِ لِذَاتِهِ وَبِالْكَافِرِ لِوُجُودِ سَاعِيه وَهُوَ الْحَاكِم الَّذِي يَحْكُم عَلَيْهِ , وَكَانُوا لَا يَسْتَعْمِلُونَ فِي كُلّ عَمَل قَلَّ أَوْ جَلَّ إِلَّا الْمُسْلِم , فَكَانَ وَاثِقًا بِإِنْصَافِهِ وَتَخْلِيص حَقّه مِنْ الْكَافِر إِنْ خَانَهُ , بِخِلَافِ الْوَقْت الْأَخِير الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ صَارَ لَا يُبَايِع إِلَّا أَفْرَادًا مِنْ النَّاس يَثِق بِهِمْ.
وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : قَالَ حُذَيْفَة هَذَا الْقَوْل لَمَّا تَغَيَّرَتْ الْأَحْوَال الَّتِي كَانَ يَعْرِفهَا عَلَى عَهْد النُّبُوَّة وَالْخَلِيفَتَيْنِ فَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بِالْمُبَايَعَةِ , وَكَنَّى عَنْ الْإِيمَان بِالْأَمَانَةِ وَعَمَّا يُخَالِف أَحْكَامه بِالْخِيَانَةِ , وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الْآخَرَ حَدَّثَنَا أَنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ ثُمَّ عَلِمُوا مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ عَلِمُوا مِنْ السُّنَّةِ وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى فِيهَا أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْمَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ وَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ فَيُقَالُ إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَلَا أُبَالِي أَيُّكُمْ بَايَعْتُ لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامُ وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ وَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا
عن سلمة بن الأكوع : «أنه دخل على الحجاج فقال: يا ابن الأكوع، ارتددت على عقبيك، تعربت؟ قال: لا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لي في البدو» وعن...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدي...
عن أنس رضي الله عنه قال: «سألوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم المنبر فقال: لا تسألوني عن شيء إلا...
عن سالم، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه قام إلى جنب المنبر فقال: الفتنة ها هنا، الفتنة ها هنا، من حيث يطلع قرن الشيطان، أو قال: قرن الشمس...
عن ابن عمر رضي الله عنهما:«أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول: ألا إن الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان.»
عن ابن عمر قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم بارك لنا في شأمنا، اللهم بارك لنا في يمننا.<br> قالوا: وفي نجدنا؟ قال: اللهم بارك لنا في شأمنا ا...
عن سعيد بن جبير قال: «خرج علينا عبد الله بن عمر، فرجونا أن يحدثنا حديثا حسنا، قال: فبادرنا إليه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن، حدثنا عن القتال في الفتن...
عن حذيفة يقول: «بينا نحن جلوس عند عمر، إذ قال: أيكم يحفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قال: فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، تكفرها ا...
عن أبي موسى الأشعري قال: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوما إلى حائط من حوائط المدينة لحاجته، وخرجت في إثره، فلما دخل الحائط جلست على بابه، وقلت: لأك...