7099- عن أبي بكرة قال: «لقد نفعني الله بكلمة أيام الجمل، لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن فارسا ملكوا ابنة كسرى قال: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( عَوْف ) هُوَ الْأَعْرَابِيّ , وَالْحَسَن هُوَ الْبَصْرِيّ , وَالسَّنَد كُلّه بَصْرِيُّونَ , وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْل فِي سَمَاع الْحَسَن مِنْ أَبِي بَكْرَة فِي كِتَاب الصُّلْح , وَقَدْ تَابَعَ عَوْفًا حُمَيْدٌ الطَّوِيل عَنْ الْحَسَن أَخْرَجَهُ الْبَزَّار وَقَالَ : رَوَاهُ عَنْ الْحَسَن جَمَاعَة وَأَحْسَنهَا إِسْنَادًا رِوَايَة حُمَيْدٍ.
قَوْله ( لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّه بِكَلِمَةٍ أَيَّام الْجَمَل ) فِي رِوَايَة حُمَيْدٍ " عَصَمَنِي اللَّه بِشَيْءٍ سَمِعْته مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَقَدْ جَمَعَ عُمَر بْن شَبَّة فِي " كِتَاب أَخْبَار الْبَصْرَة " قِصَّة الْجَمَل مُطَوَّلَة , وَهَا أَنَا أُلَخِّصُهَا وَأَقْتَصِر عَلَى مَا أَوْرَدَهُ بِسَنَدٍ صَحِيح أَوْ حَسَن وَأُبَيِّن مَا عَدَاهُ , فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيق عَطِيَّة بْن سُفْيَان الثَّقَفِيّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : لَمَّا كَانَ الْغَد مِنْ قَتْل عُثْمَان أَقْبَلْت مَعَ عَلِيّ فَدَخَلَ الْمَسْجِد فَإِذَا جَمَاعَة عَلِيّ وَطَلْحَة فَخَرَجَ أَبُو جَهْم بْن حُذَيْفَة فَقَالَ : يَا عَلِيّ أَلَا تَرَى ؟ فَلَمْ يَتَكَلَّم , وَدَخَلَ بَيْتَهُ فَأَتَى بِثَرِيدٍ فَأَكَلَ ثُمَّ قَالَ : يُقْتَل اِبْن عَمِّي وَنَغْلِب عَلَى مُلْكه ؟ فَخَرَجَ إِلَى بَيْت الْمَال فَفَتَحَهُ , فَلَمَّا تَسَامَعَ النَّاس تَرَكُوا طَلْحَة.
وَمِنْ طَرِيق مُغِيرَة عَنْ إِبْرَاهِيم عَنْ عَلْقَمَة قَالَ : قَالَ الْأَشْتَر رَأَيْت طَلْحَة وَالزُّبَيْر بَايَعَا عَلِيًّا طَائِعَيْنِ غَيْر مُكْرَهَيْنِ.
وَمِنْ طَرِيق أَبِي نَضْرَة قَالَ : كَانَ طَلْحَة يَقُول إِنَّهُ بَايَعَ وَهُوَ مُكْرَه.
وَمِنْ طَرِيق دَاوُدَ بْن أَبِي هِنْد عَنْ الشَّعْبِيّ قَالَ : لَمَّا قُتِلَ عُثْمَان أَتَى النَّاس عَلِيًّا وَهُوَ فِي سُوق الْمَدِينَة فَقَالُوا لَهُ اُبْسُطْ يَدك نُبَايِعك , فَقَالَ : حَتَّى يَتَشَاوَر النَّاس.
فَقَالَ بَعْضهمْ : لَئِنْ رَجَعَ النَّاس إِلَى أَمْصَارهمْ بِقَتْلِ عُثْمَان وَلَمْ يَقُمْ بَعْدَهُ قَائِم لَمْ يُؤْمَن الِاخْتِلَاف وَفَسَاد الْأُمَّة : فَأَخَذَ الْأَشْتَر بِيَدِهِ فَبَايَعُوهُ.
وَمِنْ طَرِيق اِبْن شِهَاب قَالَ : لَمَّا قُتِلَ عُثْمَان وَكَانَ عَلِيٌّ خَلَا بَيْنَهُمْ , فَلَمَّا خَشِيَ أَنَّهُمْ يُبَايِعُونَ طَلْحَة دَعَا النَّاس إِلَى بَيْعَته فَلَمْ يَعْدِلُوا بِهِ طَلْحَة وَلَا غَيْره , ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى طَلْحَة وَالزُّبَيْر فَبَايَعَاهُ.
وَمِنْ طَرِيق اِبْن شِهَاب أَنَّ طَلْحَة وَالزُّبَيْر اِسْتَأْذَنَا عَلِيًّا فِي الْعُمْرَة , ثُمَّ خَرَجَا إِلَى مَكَّة فَلَقِيَا عَائِشَة فَاتَّفَقُوا عَلَى الطَّلَب بِدَمِ عُثْمَان حَتَّى يَقْتُلُوا قَتَلَته.
وَمِنْ طَرِيق عَوْف الْأَعْرَابِيّ قَالَ : اِسْتَعْمَلَ عُثْمَان يَعْلَى بْن أُمَيَّة عَلَى صَنْعَاء وَكَانَ عَظِيم الشَّأْن عِنْدَهُ , فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَان وَكَانَ يَعْلَى قَدِمَ حَاجًّا فَأَعَانَ طَلْحَة وَالزُّبَيْر بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْف , وَحَمَلَ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْش , وَاشْتَرَى لِعَائِشَةَ جَمَلًا يُقَال لَهُ عَسْكَر بِثَمَانِينَ دِينَارًا.
وَمِنْ طَرِيق عَاصِم بْن كُلَيْب عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عَلِيّ : أَتَدْرُونَ بِمَنْ بُلِيت ؟ أَطْوَع النَّاس فِي النَّاس عَائِشَة , وَأَشَدّ النَّاس الزُّبَيْر , وَأَدْهَى النَّاس طَلْحَة , وَأَيْسَر النَّاس يَعْلَى بْن أُمَيَّة.
وَمِنْ طَرِيق اِبْن أَبِي لَيْلَى قَالَ : خَرَجَ عَلِيّ فِي آخِر شَهْر رَبِيع الْآخِر سَنَة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَالَ : سَارَ عَلِيّ مِنْ الْمَدِينَة وَمَعَهُ تِسْعُمِائَةِ رَاكِب فَنَزَلَ بِذِي قَار.
وَمِنْ طَرِيق قَيْس بْن أَبِي حَازِم قَالَ : لَمَّا أَقْبَلَتْ عَائِشَة فَنَزَلَتْ بَعْض مِيَاه بَنِي عَامِر نَبَحَتْ عَلَيْهَا الْكِلَاب فَقَالَتْ : أَيْ مَاء هَذَا ؟ قَالُوا : الْحَوْأَب - بِفَتْحِ الْحَاء الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْوَاو بَعْدَهَا هَمْزَة ثُمَّ مُوَحَّدَة - قَالَتْ مَا أَظُنّنِي إِلَّا رَاجِعَة , فَقَالَ لَهَا بَعْض مَنْ كَانَ مَعَهَا : بَلْ تَقْدَمِينَ فَيَرَاك الْمُسْلِمُونَ فَيُصْلِح اللَّه ذَاتَ بَيْنِهِمْ , فَقَالَتْ : إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْم : كَيْف بِإِحْدَاكُنَّ تَنْبَحُ عَلَيْهَا كِلَاب الْحَوْأَب.
وَأَخْرَجَ هَذَا أَحْمَد وَأَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّار وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان وَالْحَاكِم وَسَنَده عَلَى شَرْط الصَّحِيح.
وَعِنْدَ أَحْمَد : فَقَالَ لَهَا الزُّبَيْر تَقْدَمِينَ فَذَكَرَهُ.
وَمِنْ طَرِيق عِصَام بْن قُدَامَةَ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِنِسَائِهِ : أَيَّتُكُنَّ صَاحِبَة الْجَمَل الْأَدْبَب - بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَة وَدَال سَاكِنَة ثُمَّ مُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى مَفْتُوحَة - تَخْرُج حَتَّى تَنْبَحهَا كِلَاب الْحَوْأَب يُقْتَل عَنْ يَمِينهَا وَعَنْ شِمَالهَا قَتْلَى كَثِيرَة وَتَنْجُو مِنْ بَعْدِمَا كَادَتْ.
وَهَذَا رَوَاهُ الْبَزَّار وَرِجَاله ثِقَات.
وَأَخْرَجَ الْبَزَّار مِنْ طَرِيق زَيْد بْن وَهْب قَالَ : بَيْنَا نَحْنُ حَوْلَ حُذَيْفَة إِذْ قَالَ : كَيْفَ أَنْتُمْ وَقَدْ خَرَجَ أَهْل بَيْت نَبِيّكُمْ فِرْقَتَيْنِ يَضْرِب بَعْضكُمْ وُجُوه بَعْض بِالسَّيْفِ ؟ قُلْنَا : يَا أَبَا عَبْد اللَّه فَكَيْفَ نَصْنَع إِذَا أَدْرَكْنَا ذَلِكَ ؟ قَالَ : اُنْظُرُوا إِلَى الْفِرْقَة الَّتِي تَدْعُو إِلَى أَمْر عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب فَإِنَّهَا عَلَى الْهُدَى.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس قَالَ : بَلَغَ أَصْحَاب عَلِيّ حِينَ سَارُوا مَعَهُ أَنَّ أَهْل الْبَصْرَة اِجْتَمَعُوا بِطَلْحَةَ وَالزُّبَيْر فَشَقَّ عَلَيْهِمْ وَوَقَعَ فِي قُلُوبهمْ , فَقَالَ عَلِيّ : وَاَلَّذِي لَا إِلَه غَيْره لَنَظْهَرَنَّ عَلَى أَهْل الْبَصْرَة وَلَنَقْتُلَنَّ طَلْحَة وَالزُّبَيْر الْحَدِيث , وَفِي سَنَده إِسْمَاعِيل بْن عَمْرو الْبَجَلِيُّ وَفِيهِ ضَعْف.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن قَيْس قَالَ : ذَكَرَ لِعَائِشَةَ يَوْمَ الْجَمَل قَالَتْ : وَالنَّاس يَقُولُونَ يَوْمَ الْجَمَل ؟ قَالُوا : نَعَمْ.
قَالَتْ : وَدِدْت أَنِّي جَلَسْت كَمَا جَلَسَ غَيْرِي فَكَانَ أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُون وَلَدْت مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةً كُلّهمْ مِثْل عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن هِشَام.
وَفِي سَنَده أَبُو مَعْشَر نَجِيح الْمَدَنِيّ وَفِيهِ ضَعْف.
وَأَخْرَجَ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ مِنْ طَرِيق سَالِم الْمُرَادِيِّ سَمِعْت الْحَسَن يَقُول : لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الْبَصْرَة فِي أَمْر طَلْحَة وَأَصْحَابه قَامَ قَيْس بْن عَبَّاد وَعَبْد اللَّه بْن الْكَوَّاء فَقَالَا لَهُ : أَخْبِرْنَا عَنْ مَسِيرك هَذَا فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي مُبَايَعَته أَبَا بَكْر ثُمَّ عُمَر ثُمَّ عُثْمَان ثُمَّ ذَكَرَ طَلْحَة وَالزُّبَيْر فَقَالَ : بَايَعَانِي بِالْمَدِينَةِ وَخَالَفَانِي بِالْبَصْرَةِ , وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِمَّنْ بَايَعَ أَبَا بَكْر خَالَفَهُ لَقَاتَلْنَاهُ.
وَكَذَلِكَ عُمَر.
وَأَخْرَجَ أَحْمَد وَالْبَزَّار بِسَنَدٍ حَسَن مِنْ حَدِيث أَبِي رَافِع أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب : إِنَّهُ سَيَكُونُ بَيْنَك وَبَيْنَ عَائِشَة أَمْر , قَالَ : فَأَنَا أَشْقَاهُمْ يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَارْدُدْهَا إِلَى مَأْمَنهَا.
وَأَخْرَجَ إِسْحَاق مِنْ طَرِيق إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد عَنْ عَبْد السَّلَام رَجُل مِنْ حَيّه قَالَ : خَلَا عَلِيّ بِالزُّبَيْرِ يَوْمَ الْجَمَل فَقَالَ : أَنْشُدك اللَّه هَلْ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول وَأَنْتَ لَاوِي يَدِي : لَتُقَاتِلَنَّهُ وَأَنْتَ ظَالِم لَهُ ثُمَّ لَيُنْصَرَنَّ عَلَيْك ؟ قَالَ : قَدْ سَمِعْت , لَا جَرَمَ لَا أُقَاتِلُك.
وَأَخْرَجَ أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة مِنْ طَرِيق عُمَر بْن هَجَنَّع - بِفَتْحِ الْهَاء وَالْجِيم وَتَشْدِيد النُّون بَعْدَهَا مُهْمَلَة - عَنْ أَبِي بَكْرَة وَقِيلَ لَهُ : مَا مَنَعَك أَنْ تُقَاتِلَ مَعَ أَهْل الْبَصْرَة يَوْمَ الْجَمَل ؟ فَقَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : يَخْرُج قَوْم هَلْكَى لَا يُفْلِحُونَ قَائِدهمْ اِمْرَأَة فِي الْجَنَّة.
فَكَأَنَّ أَبَا بَكْرَة أَشَارَ إِلَى هَذَا الْحَدِيث فَامْتَنَعَ مِنْ الْقِتَال مَعَهُمْ , ثُمَّ اِسْتَصْوَبَ رَأْيه فِي ذَلِكَ التَّرْك لَمَّا رَأَى غَلَبَة عَلِيّ.
وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ الْحَدِيث الْمَذْكُور مِنْ طَرِيق حُمَيْدٍ الطَّوِيل عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ عَنْ أَبِي بَكْرَة بِلَفْظِ " عَصَمَنِي اللَّه بِشَيْءٍ سَمِعْته مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَذَكَرَ الْحَدِيث قَالَ " فَلَمَّا قَدِمْت عَائِشَة ذَكَرْت ذَلِكَ فَعَصَمَنِي اللَّه " وَأَخْرَجَ عُمَر بْن شَبَّة مِنْ طَرِيق مُبَارَك بْن فَضَالَة عَنْ الْحَسَن أَنَّ عَائِشَة أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرَة فَقَالَ : إِنَّك لِأْم , وَإِنَّ حَقّك لَعَظِيم , وَلَكِنْ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : لَنْ يُفْلِح قَوْم تَمْلِكهُمْ اِمْرَأَة.
قَوْله ( لَمَّا بَلَغَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فَارِسًا ) قَالَ اِبْن مَالِك : كَذَا وَقَعَ مَصْرُوفًا وَالصَّوَاب عَدَم صَرْفه , وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ هُوَ يُطْلَق عَلَى الْفُرْس وَعَلَى بِلَادهمْ , فَعَلَى الْأَوَّل يُصْرَف إِلَّا أَنْ يُرَاد الْقَبِيلَة , وَعَلَى الثَّانِي يَجُوز الْأَمْرَانِ كَسَائِرِ الْبِلَاد اِنْتَهَى.
وَقَدْ جَوَّزَ بَعْض أَهْل اللُّغَة صَرْف الْأَسْمَاء كُلّهَا.
قَوْله ( مَلَكُوا اِبْنَة كَسْرَى ) فِي رِوَايَة حُمَيْدٍ " لَمَّا هَلَكَ كِسْرَى قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ اِسْتَخْلَفُوا ؟ قَالُوا : اِبْنَته ".
قَوْله ( لَنْ يُفْلِح قَوْم وَلَّوْا أَمْرهمْ اِمْرَأَة ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّة.
وَفِي رِوَايَة حُمَيْدٍ " وَلِيَ أَمْرَهُمْ اِمْرَأَةٌ " بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهَا الْفَاعِل , وَكِسْرَى الْمَذْكُور هُوَ شيرويه بْن أبرويز بْن هُرْمُز , وَاسْم اِبْنَته الْمَذْكُورَة بُورَانُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِر الْمَغَازِي فِي " بَاب كِتَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كِسْرَى " شَرْح ذَلِكَ.
وَقَوْله " وَلَّوْا أَمْرهمْ اِمْرَأَة " زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق النَّضْر بْن شُمَيْلٍ عَنْ عَوْف فِي آخِره " قَالَ أَبُو بَكْرَة : فَعَرَفْت أَنَّ أَصْحَاب الْجَمَل لَنْ يُفْلِحُوا " وَنَقَلَ اِبْن بَطَّال عَنْ الْمُهَلَّب أَنَّ ظَاهِر حَدِيث أَبِي بَكْرَة يُوهِم تَوْهِين رَأْي عَائِشَة فِيمَا فَعَلَتْ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْرُوف مِنْ مَذْهَب أَبِي بَكْرَة أَنَّهُ كَانَ عَلَى رَأْي عَائِشَة فِي طَلَب الْإِصْلَاح بَيْنَ النَّاس , وَلَمْ يَكُنْ قَصْدهمْ الْقِتَال , لَكِنْ لَمَّا اِنْتَشَبَتْ الْحَرْب لَمْ يَكُنْ لِمَنْ مَعَهَا بُدٌّ مِنْ الْمُقَاتَلَة , وَلَمْ يَرْجِع أَبُو بَكْرَة عَنْ رَأْي عَائِشَة وَإِنَّمَا تَفَرَّسَ بِأَنَّهُمْ يُغْلَبُونَ لَمَّا رَأَى الَّذِينَ مَعَ عَائِشَة تَحْتَ أَمْرهَا لِمَا سَمِعَ فِي أَمْر فَارِس , قَالَ : وَيَدُلّ لِذَلِكَ أَنَّ أَحَدًا لَمْ يَنْقُل أَنَّ عَائِشَة وَمَنْ مَعَهَا نَازَعُوا عَلِيًّا فِي الْخِلَافَة وَلَا دَعَوْا إِلَى أَحَد مِنْهُمْ لِيُوَلُّوهُ الْخِلَافَة , وَإِنَّمَا أَنْكَرَتْ هِيَ وَمَنْ مَعَهَا عَلَى عَلِيٍّ مَنْعه مِنْ قَتْل قَتَلَة عُثْمَان وَتَرْك الِاقْتِصَاص مِنْهُمْ , وَكَانَ عَلِيٌّ يَنْتَظِر مِنْ أَوْلِيَاء عُثْمَان أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ , فَإِذَا ثَبَتَ عَلَى أَحَد بِعَيْنِهِ أَنَّهُ مِمَّنْ قَتَلَ عُثْمَان اِقْتَصَّ مِنْهُ , فَاخْتَلَفُوا بِحَسَبِ ذَلِكَ , وَخَشِيَ مَنْ نُسِبَ إِلَيْهِمْ الْقَتْل أَنْ يَصْطَلِحُوا عَلَى قَتْلهمْ فَأَنْشَبُوا الْحَرْب بَيْنَهُمْ إِلَى أَنْ كَانَ مَا كَانَ.
فَلَمَّا اِنْتَصَرَ عَلِيّ عَلَيْهِمْ حَمِدَ أَبُو بَكْرَة رَأْيه فِي تَرْك الْقِتَال مَعَهُمْ وَإِنْ كَانَ رَأْيه كَانَ مُوَافِقًا لِرَأْيِ عَائِشَة فِي الطَّلَب بِدَمِ عُثْمَان.
اِنْتَهَى كَلَامه , وَفِي بَعْضه نَظَر يَظْهَر مِمَّا ذَكَرْته وَمِمَّا سَأَذْكُرُهُ.
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي " بَاب إِذَا اِلْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا " مِنْ حَدِيث الْأَحْنَف أَنَّهُ كَانَ خَرَجَ لِيَنْصُرَ عَلِيًّا فَلَقِيَهُ أَبُو بَكْرَة فَنَهَاهُ عَنْ الْقِتَال , وَتَقَدَّمَ قَبْلَهُ بِبَابٍ مِنْ قَوْل أَبِي بَكْرَة لَمَّا حَرَّقَ اِبْن الْحَضْرَمِيّ مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الْقِتَال فِي مِثْل ذَلِكَ أَصْلًا فَلَيْسَ هُوَ عَلَى رَأْي عَائِشَة وَلَا عَلَى رَأْي عَلِيّ فِي جَوَاز الْقِتَال بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَصْلًا , وَإِنَّمَا كَانَ رَأْيه الْكَفّ وِفَاقًا لِسَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاص وَمُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ وَعَبْد اللَّه بْن عُمَر وَغَيْرهمْ , وَلِهَذَا لَمْ يَشْهَد صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَة وَلَا عَلِيّ.
قَالَ اِبْن التِّين : اِحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَة مَنْ قَالَ لَا يَجُوز أَنْ تُوَلَّى الْمَرْأَة الْقَضَاء وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور , وَخَالَفَ اِبْن جَرِير الطَّبَرِيُّ فَقَالَ يَجُوز أَنْ تَقْضِي فِيمَا تُقْبَل شَهَادَتهَا فِيهِ , وَأَطْلَقَ بَعْض الْمَالِكِيَّة الْجَوَاز , وَقَالَ اِبْن التِّين أَيْضًا : كَلَام أَبِي بَكْرَة يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ لَوْلَا عَائِشَة لَكَانَ مَعَ طَلْحَة وَالزُّبَيْر لِأَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ خَطَؤُهُمَا لَكَانَ مَعَ عَلِيّ.
وَكَذَا قَالَ وَأَغْفَلَ قِسْمًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْكَفّ عَنْ الْقِتَال فِي الْفِتْنَة كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيره , وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد , وَلَا يَلْزَم مِنْ كَوْنه تَرَكَ الْقِتَال مَعَ أَهْل بَلَده لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُور أَنْ لَا يَكُون مَانَعَهُ مِنْ الْقِتَال سَبَب آخَر وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ نَهْيه الْأَحْنَف عَنْ الْقِتَال وَاحْتِجَاجه بِحَدِيثِ " إِذَا اِلْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا " كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ أَيَّامَ الْجَمَلِ لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فَارِسًا مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى قَالَ لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً
عن عبد الله بن زياد الأسدي، قال: «لما سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة، بعث علي عمار بن ياسر وحسن بن علي، فقدما علينا الكوفة، فصعدا المنبر، فكان الح...
عن أبي وائل : «قام عمار على منبر الكوفة، فذكر عائشة، وذكر مسيرها، وقال: إنها زوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، ولكنها مما ابتليتم.»
و 7103 و 7104- عن أبي وائل يقول: «دخل أبو موسى وأبو مسعود على عمار، حيث بعثه علي إلى أهل الكوفة يستنفرهم، فقالا: ما رأيناك أتيت أمرا أكره عندنا من إسر...
و 7106 و 7107- عن شقيق بن سلمة، «كنت جالسا مع أبي مسعود وأبي موسى وعمار، فقال أبو مسعود: ما من أصحابك أحد إلا لو شئت لقلت فيه غيرك، وما رأيت منك شيئا...
عن ابن عمر رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أنزل الله بقوم عذابا، أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم.»
حدثنا إسرائيل أبو موسى، ولقيته بالكوفة جاء إلى ابن شبرمة، فقال: أدخلني على عيسى فأعظه، فكأن ابن شبرمة خاف عليه فلم يفعل، قال: حدثنا الحسن قال: «لما...
عن حرملة مولى أسامة قال عمرو: وقد رأيت حرملة قال: «أرسلني أسامة إلى علي وقال: إنه سيسألك الآن فيقول: ما خلف صاحبك؟ فقل له: يقول لك: لو كنت في شدق الأس...
عن نافع قال: «لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية، جمع ابن عمر حشمه وولده، فقال: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ينصب لكل غادر لواء يوم القيا...
عن أبي المنهال قال: «لما كان ابن زياد ومروان بالشأم، ووثب ابن الزبير بمكة، ووثب القراء بالبصرة، فانطلقت مع أبي إلى أبي برزة الأسلمي حتى دخلنا عليه في...