7112- عن أبي المنهال قال: «لما كان ابن زياد ومروان بالشأم، ووثب ابن الزبير بمكة، ووثب القراء بالبصرة، فانطلقت مع أبي إلى أبي برزة الأسلمي حتى دخلنا عليه في داره، وهو جالس في ظل علية له من قصب، فجلسنا إليه، فأنشأ أبي يستطعمه الحديث فقال: يا أبا برزة، ألا ترى ما وقع فيه الناس؟ فأول شيء سمعته تكلم به: إني احتسبت عند الله أني أصبحت ساخطا على أحياء قريش، إنكم يا معشر العرب، كنتم على الحال الذي علمتم من الذلة والقلة والضلالة، وإن الله أنقذكم بالإسلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم، حتى بلغ بكم ما ترون،وهذه الدنيا التي أفسدت بينكم، إن ذاك الذي بالشأم، والله إن يقاتل إلا على الدنيا.»
(ابن زياد) ابن أبي سفيان الأموي بالاستلحاق.
(وثب) خرج على الخلافة.
(القراء) طائفة سموا أنفسهم توابين لتوبتهم وندمهم على ترك مساعدة الحسين رضي الله عنه وكان أميرهم صرد الخزاعي.
وكانت دعواهم إنا نطلب دم الحسين ولا نريد الإثارة غلبوا على البصرة ونواحيها.
وهذا كله عند موت معاوية بن يزيد بن معاوية.
(علية) غرفة عالية.
(يستطعمه الحديث) يستفتحه ويطلب منه التحديث.
(احتسبت عند الله) تقربت إليه.
(ساخطا) بسبب تقاتلهم على الدنيا.
(بلغ بكم ما ترون) من العزة والكثرة والهداية
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( أَبُو شِهَاب ) هُوَ عَبْد رَبّه بْن نَافِع وَعَوْف هُوَ الْأَعْرَابِيّ , وَالسَّنَد كُلّه بَصْرِيُّونَ إِلَّا اِبْن يُونُس , وَأَبُو الْمِنْهَال هُوَ سَيَّار بْن سَلَامَة.
قَوْله ( لَمَّا كَانَ اِبْن زِيَاد وَمَرْوَان بِالشَّامِ وَثَبَ اِبْن الزُّبَيْر بِمَكَّةَ وَوَثَبَ الْقُرَّاء بِالْبَصْرَةِ ) ظَاهِره أَنَّ وُثُوب اِبْن الزُّبَيْر وَقَعَ بَعْدَ قِيَام اِبْن زِيَاد وَمَرْوَان بِالشَّامِ , وَلَيْسَ كَذَلِكَ , وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي الْكَلَام حَذْف , وَتَحْرِيره مَا وَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق يَزِيد بْن زُرَيْعٍ عَنْ عَوْف قَالَ " حَدَّثَنَا أَبُو الْمِنْهَال قَالَ : لَمَّا كَانَ زَمَن أُخْرِجَ اِبْن زِيَاد يَعْنِي مِنْ الْبَصْرَة وَثَبَ مَرْوَان بِالشَّامِ وَوَثَبَ اِبْن الزُّبَيْر بِمَكَّةَ وَوَثَبَ الَّذِينَ يُدْعَوْنَ الْقُرَّاء بِالْبَصْرَةِ غُمَّ أَبِي غَمًّا شَدِيدًا " وَكَذَا أَخْرَجَهُ يَعْقُوب بْن سُفْيَان فِي تَارِيخه مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك عَنْ عَوْف وَلَفْظه " وَثَبَ مَرْوَان بِالشَّامِ حَيْثُ وَثَبَ " وَالْبَاقِي مِثْله , وَيُصَحِّح مَا وَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي شِهَاب بِأَنْ تُزَاد وَاو قَبْلَ قَوْله " وَثَبَ اِبْن الزُّبَيْر " فَإِنَّ اِبْن زِيَاد لَمَّا أُخْرِجَ مِنْ الْبَصْرَة تَوَجَّهَ إِلَى الشَّام فَقَامَ مَعَ مَرْوَان , وَقَدْ ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ بِأَسَانِيدِهِ مَا مُلَخَّصه : أَنَّ عُبَيْد اللَّه بْن زِيَاد كَانَ أَمِيرًا بِالْبَصْرَةِ لِيَزِيدَ بْن مُعَاوِيَة , وَأَنَّهُ لَمَّا بَلَغَتْهُ وَفَاته خَطَبَ لِأَهْلِ الْبَصْرَة وَذَكَرَ مَا وَقَعَ مِنْ الِاخْتِلَاف بِالشَّامِ , فَرَضِيَ أَهْل الْبَصْرَة أَنْ يَسْتَمِرّ أَمِيرًا عَلَيْهِمْ حَتَّى يَجْتَمِع النَّاس عَلَى خَلِيفَة فَمَكَثَ عَلَى ذَلِكَ قَلِيلًا , ثُمَّ قَامَ سَلَمَة بْن ذُؤَيْب بْن عَبْد اللَّه الْيَرْبُوعِيُّ يَدْعُو إِلَى اِبْن الزُّبَيْر فَبَايَعَهُ جَمَاعَة , فَبَلَغَ ذَلِكَ اِبْن زِيَاد وَأَرَادَ مِنْهُمْ كَفَّ سَلَمَة عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يُجِيبُوهُ , فَلَمَّا خَشِيَ عَلَى نَفْسه الْقَتْل اِسْتَجَارَ بِالْحَارِثِ بْن قَيْس بْن سُفْيَان فَأَرْدَفَهُ لَيْلًا إِلَى أَنْ أَتَى بِهِ مَسْعُود بْن عَمْرو بْن عَدِيّ الْأَزْدِيَّ فَأَجَارَهُ , ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَ أَهْل الْبَصْرَة اِخْتِلَاف فَأَمَّرُوا عَلَيْهِمْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث بْن نَوْفَل بْن الْحَارِث بْن عَبْد الْمُطَّلِب الْمُلَقَّب بَبّه بِمُوَحَّدَتَيْنِ الثَّانِيَة ثَقِيلَة وَأُمّه هِنْد بِنْت أَبِي سُفْيَان , وَوَقَعَتْ الْحَرْب وَقَامَ مَسْعُود بِأَمْرِ عُبَيْد اللَّه بْن زِيَاد فَقُتِلَ مَسْعُود وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَر فِي شَوَّال سَنَة أَرْبَع وَسِتِّينَ , فَبَلَغَ ذَلِكَ عُبَيْد اللَّه بْن زِيَاد فَهَرَبَ , فَتَبِعُوهُ وَانْتَبَهُوا مَا وَجَدُوا لَهُ , وَكَانَ مَسْعُود رَتَّبَ مَعَهُ مِائَة نَفْس يَحْرُسُونَهُ فَقَدِمُوا بِهِ الشَّام قَبْلَ أَنْ يُبْرِمُوا أَمْرهمْ فَوَجَدُوا مَرْوَان قَدْ هَمَّ أَنْ يَرْحَل إِلَى اِبْن الزُّبَيْر لِيُبَايِعَهُ وَيَسْتَأْمِنَ لِبَنِي أُمَيَّة , فَثَنَى رَأْيه عَنْ ذَلِكَ , وَجَمَعَ مَنْ كَانَ يَهْوَى بَنِي أُمَيَّة وَتَوَجَّهُوا إِلَى دِمَشْق وَقَدْ بَايَعَ الضَّحَّاك بْن قَيْس بِهَا لِابْنِ الزُّبَيْر , وَكَذَا النُّعْمَان بْن بَشِير بِحِمْص , وَكَذَا نَاتِل بِنُونٍ وَمُثَنَّاة اِبْن قَيْس بِفِلَسْطِين , وَلَمْ يَبْقَ عَلَى رَأْي الْأُمَوِيِّينَ إِلَّا حَسَّان بْن بَحْدَل بِمُوَحَّدَةٍ وَمُهْمَلَة وَزْن جَعْفَر وَهُوَ خَال يَزِيد بْن مُعَاوِيَة وَهُوَ بِالْأُرْدُنِّ فِيمَنْ أَطَاعَهُ , فَكَانَتْ الْوَقْعَة بَيْنَ مَرْوَان وَمَنْ مَعَهُ وَبَيْنَ الضَّحَّاك بْن قَيْس بِمَرْجِ رَاهِط , فَقُتِلَ الضَّحَّاك وَتَفَرَّقَ جَمْعه وَبَايَعُوا حِينَئِذٍ مَرْوَان بِالْخِلَافَةِ فِي ذِي الْقَعْدَة مِنْهَا.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَة الدِّمَشْقِيّ فِي تَارِيخه : حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِر عَبْد الْأَعْلَى قَالَ : بُويِعَ لِمَرْوَانَ بْن الْحَكَم , بَايَعَ لَهُ أَهْل الْأُرْدُنّ وَطَائِفَة مِنْ أَهْل دِمَشْق , وَسَائِر النَّاس زُبَيْرِيُّونَ , ثُمَّ اِقْتَتَلَ مَرْوَان وَشُعْبَة بْن الزُّبَيْر بِمَرْجِ رَاهِط فَغَلَبَ مَرْوَان وَصَارَتْ لَهُ الشَّام وَمِصْر , وَكَانَتْ مُدَّته تِسْعَة أَشْهُر فَهَلَكَ بِدِمَشْقَ وَعَهِدَ لِعَبْدِ الْمَلِك.
وَقَالَ خَلِيفَة بْن خَيَّاط فِي تَارِيخه : حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن هِشَام عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه وَأَبُو الْيَقْظَان وَغَيْرهمَا قَالُوا : قَدِمَ اِبْن الزِّيَاد الشَّام وَقَدْ بَايَعُوا اِبْن الزُّبَيْر مَا خَلَا أَهْل الْجَابِيَة , ثُمَّ سَارُوا إِلَى مَرْج رَاهِط فَذَكَرَ نَحْوه , وَهَذَا يَدْفَع مَا تَقَدَّمَ عَنْ اِبْن بَطَّال أَنَّ اِبْن الزُّبَيْر بَايَعَ مَرْوَان ثُمَّ نَكَثَ.
قَوْله ( وَوَثَبَ الْقُرَّاء بِالْبَصْرَةِ ) يُرِيد الْخَوَارِج , وَكَانُوا قَدْ ثَارُوا بِالْبَصْرَةِ بَعْدَ خُرُوج اِبْن زِيَاد وَرَئِيسهمْ نَافِع بْن الْأَزْرَق , ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى الْأَهْوَاز , وَقَدْ اِسْتَوْفَى خَبَرهمْ الطَّبَرِيُّ وَغَيْره , وَيُقَال إِنَّهُ أَرَادَ الَّذِينَ بَايَعُوا عَلَى قِتَال مَنْ قَتَلَ الْحُسَيْن وَسَارُوا مَعَ سُلَيْمَان بْن صُرَد وَغَيْره مِنْ الْبَصْرَة إِلَى جِهَة الشَّام فَلَقِيَهُمْ عُبَيْد اللَّه بْن زِيَاد فِي جَيْش الشَّام مِنْ قِبَل مَرْوَان فَقُتِلُوا بِعَيْنِ الْوَرْدَة , وَقَدْ قَصَّ قِصَّتَهُمْ الطَّبَرِيُّ وَغَيْره.
قَوْله ( فَانْطَلَقْت مَعَ أَبِي إِلَى أَبِي بَرْزَة الْأَسْلَمِيِّ ) فِي رِوَايَة يَزِيد بْن زُرَيْعٍ " فَقَالَ لِي أَبِي وَكَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ خَيْرًا اِنْطَلِقْ بِنَا إِلَى هَذَا الرَّجُل مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي بَرْزَة الْأَسْلَمِيِّ , فَانْطَلَقْت مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ " وَفِي رِوَايَة عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك عَنْ عَوْف " فَقَالَ أَبِي اِنْطَلِقْ بِنَا لَا أَبَا لَك إِلَى هَذَا الرَّجُل مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي بَرْزَة " وَعِنْدَ يَعْقُوب بْن سُفْيَان عَنْ سُكَيْن بْن عَبْد الْعَزِيز عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْمِنْهَال قَالَ " دَخَلْت مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَة الْأَسْلَمِيِّ , وَإِنَّ فِي أُذُنَيَّ يَوْمَئِذٍ لِقُرْطَيْنِ وَإِنِّي لَغُلَامٌ.
قَوْله ( فِي ظِلّ عُلِّيَّة لَهُ مِنْ قَصَب ) زَادَ فِي رِوَايَة يَزِيد بْن زُرَيْعٍ " فِي يَوْم حَارّ شَدِيد الْحَرّ " وَالْعُلِّيَّة بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَبِكَسْرِهَا وَكَسْر اللَّام وَتَشْدِيد التَّحْتَانِيَّة هِيَ الْغُرْفَةُ وَجَمْعهَا عَلَالِيّ , وَالْأَصْل عُلِّيْوَة فَأُبْدِلَتْ الْوَاو يَاء وَأُدْغِمَتْ , وَفِي رِوَايَة اِبْن الْمُبَارَك " فِي ظِلّ عُلُّولَة ".
قَوْله ( يَسْتَطْعِمهُ الْحَدِيث ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " بِالْحَدِيثِ " أَيْ يَسْتَفْتِحُ الْحَدِيث وَيَطْلُب مِنْهُ التَّحْدِيث.
قَوْله ( إِنِّي اِحْتَسَبْت عِنْدَ اللَّه ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " أَحْتَسِب " وَكَذَا فِي رِوَايَة يَزِيد بْن زُرَيْعٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَطْلُب بِسُخْطِهِ عَلَى الطَّوَائِفِ الْمَذْكُورِينَ مِنْ اللَّه الْأَجْر عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْحُبّ فِي اللَّه وَالْبُغْض فِي اللَّه مِنْ الْإِيمَان.
قَوْله ( سَاخِطًا ) فِي رِوَايَةِ سُكَيْن " لَائِمًا ".
قَوْله ( إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَب ) فِي رِوَايَة اِبْن الْمُبَارَك " الْعَرِيب ".
قَوْله ( كُنْتُمْ عَلَى الْحَال الَّذِي عَلِمْتُمْ ) فِي رِوَايَة يَزِيد بْن زُرَيْعٍ " عَلَى الْحَال الَّتِي كُنْتُمْ عَلَيْهَا فِي جَاهِلِيَّتكُمْ " قَوْله ( وَإِنَّ اللَّه قَدْ أَنْقَذَكُمْ بِالْإِسْلَامِ وَبِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ) فِي رِوَايَة يَزِيد بْن زُرَيْعٍ " وَإِنَّ اللَّه نَعَشَكُمْ " بِفَتْحِ النُّون وَالْمُهْمَلَة ثُمَّ مُعْجَمَة , وَسَيَأْتِي فِي أَوَائِل الِاعْتِصَام مِنْ رِوَايَة مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان عَنْ عَوْف أَنَّ أَبَا الْمِنْهَال حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَرْزَة قَالَ " إِنَّ اللَّه يُغْنِيكُمْ " قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه هُوَ الْبُخَارِيّ : وَقَعَ هُنَا " يُغْنِيكُمْ " يَعْنِي بِضَمِّ أَوَّله وَسُكُون الْمُعْجَمَة بَعْدَهَا نُون مَكْسُورَة ثُمَّ تَحْتَانِيَّة سَاكِنَة قَالَ وَإِنَّمَا هُوَ " نَعَشَكُمْ " يُنْظَر فِي أَصْل الِاعْتِصَام , كَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْمُسْتَمْلِيّ , وَوَقَعَ عِنْدَ اِبْن السَّكَن " نَعَشَكُمْ " عَلَى الصَّوَاب , وَمَعْنَى نَعَشَكُمْ رَفَعَكُمْ وَزْنه وَمَعْنَاهُ , وَقِيلَ عَضَّدَكُمْ وَقَوَّاكُمْ.
قَوْله ( إِنَّ ذَاكَ الَّذِي بِالشَّامِ ) زَادَ يَزِيد بْن زُرَيْعٍ " يَعْنِي مَرْوَان " وَفِي رِوَايَة سُكَيْن " عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان " وَالْأَوَّل أَوْلَى.
قَوْله ( وَإِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَيْنَ أَظْهُركُمْ ) فِي رِوَايَة يَزِيد بْن زُرَيْعٍ وَابْن الْمُبَارَك نَحْوه " إِنَّ الَّذِينَ حَوْلَكُمْ الَّذِينَ تَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ قُرَّاؤُكُمْ " وَفِي رِوَايَة سُكَيْن وَذَكَرَ نَافِع بْن الْأَزْرَق وَزَادَ فِي آخِرِهِ " فَقَالَ أَبِي : فَمَا تَأْمُرنِي إِذًا ؟ فَإِنِّي لَا أَرَاك تَرَكْت أَحَدًا , قَالَ لَا أَرَى خَيْر النَّاس الْيَوْم إِلَّا عِصَابَة خِمَاص الْبُطُون مِنْ أَمْوَال النَّاس خِفَاف الظُّهُور مِنْ دِمَائِهِمْ " وَفِي رِوَايَة سُكَيْن " إِنَّ أَحَبّ النَّاس إِلَيَّ لَهَذِهِ الْعِصَابَة الْخَمِصَة بُطُونُهُمْ مِنْ أَمْوَال النَّاس الْخَفِيفَة ظُهُورهمْ مِنْ دِمَائِهِمْ " وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ أَبَا بَرْزَة كَانَ يَرَى الِانْعِزَال فِي الْفِتْنَة وَتَرْك الدُّخُول فِي كُلّ شَيْء مِنْ قِتَال الْمُسْلِمِينَ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي طَلَب الْمُلْك.
وَفِيهِ اِسْتِشَارَة أَهْل الْعِلْم وَالدِّين عِنْدَ نُزُول الْفِتَن وَبَذْل الْعَالِم النَّصِيحَة لِمَنْ يَسْتَشِيرهُ , وَفِيهِ الِاكْتِفَاء فِي إِنْكَار الْمُنْكَر بِالْقَوْلِ وَلَوْ فِي غَيْبَة مَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ لِيَتَّعِظَ مَنْ يَسْمَعهُ فَيَحْذَر مِنْ الْوُقُوع فِيهِ.
قَوْله ( وَإِنَّ ذَاكَ الَّذِي بِمَكَّةَ ) زَادَ يَزِيد بْن زُرَيْعٍ " يَعْنِي اِبْن الزُّبَيْرِ ".
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ عَوْفٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ قَالَ لَمَّا كَانَ ابْنُ زِيَادٍ وَمَرْوَانُ بِالشَّأْمِ وَوَثَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ وَوَثَبَ الْقُرَّاءُ بِالْبَصْرَةِ فَانْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي إِلَى أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ فِي دَارِهِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ عُلِّيَّةٍ لَهُ مِنْ قَصَبٍ فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ فَأَنْشَأَ أَبِي يَسْتَطْعِمُهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ يَا أَبَا بَرْزَةَ أَلَا تَرَى مَا وَقَعَ فِيهِ النَّاسُ فَأَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ إِنِّي احْتَسَبْتُ عِنْدَ اللَّهِ أَنِّي أَصْبَحْتُ سَاخِطًا عَلَى أَحْيَاءِ قُرَيْشٍ إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ كُنْتُمْ عَلَى الْحَالِ الَّذِي عَلِمْتُمْ مِنْ الذِّلَّةِ وَالْقِلَّةِ وَالضَّلَالَةِ وَإِنَّ اللَّهَ أَنْقَذَكُمْ بِالْإِسْلَامِ وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ بِكُمْ مَا تَرَوْنَ وَهَذِهِ الدُّنْيَا الَّتِي أَفْسَدَتْ بَيْنَكُمْ إِنَّ ذَاكَ الَّذِي بِالشَّأْمِ وَاللَّهِ إِنْ يُقَاتِلُ إِلَّا عَلَى الدُّنْيَا وَإِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ وَاللَّهِ إِنْ يُقَاتِلُونَ إِلَّا عَلَى الدُّنْيَا وَإِنْ ذَاكَ الَّذِي بِمَكَّةَ وَاللَّهِ إِنْ يُقَاتِلُ إِلَّا عَلَى الدُّنْيَا
عن حذيفة بن اليمان قال: «إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون.»
عن حذيفة قال: «إنما كان النفاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأما اليوم: فإنما هو الكفر بعد الإيمان.»
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه.»
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة».<br> وذو الخلصة: طاغية دوس الت...
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان، يسوق الناس بعصاه.»
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز، تضيء أعناق الإبل ببصرى.»
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا» قال عقبة: وحدثنا عبيد الله، حدثنا...
عن حارثة بن وهب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تصدقوا، فسيأتي على الناس زمان، يمشي بصدقته فلا يجد من يقبلها.» قال مسدد: حارثة أخو عبيد...
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة، دعوتهما واحدة، وحتى يبعث دجالون...