حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

جاءت ملائكة إلى النبي ﷺ وهو نائم فقال بعضهم إنه نائم - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم (حديث رقم: 7281 )


7281- عن جابر بن عبد الله يقول: «جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: إن لصاحبكم هذا مثلا، فاضربوا له مثلا، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة، والقلب يقظان، فقالوا: مثله كمثل رجل بنى دارا، وجعل فيها مأدبة وبعث داعيا، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة، فقالوا أولوها له يفقهها فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة، والقلب يقظان، فقالوا: فالدار الجنة، والداعي محمد صلى الله عليه وسلم، فمن أطاع محمدا صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله، ومن عصى محمدا صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله، ومحمد صلى الله عليه وسلم فرق بين الناس» تابعه قتيبة، عن ليث، عن خالد، عن سعيد بن أبي هلال، عن جابر: خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم.

أخرجه البخاري


(وأثنى عليه) أي أثنى يزيد على سليم بن حيان والقائل بهذا هو محمد شيخ البخاري.
(ملائكة) جاء أنهما جبريل وميكائيل عليهما السلام (مثله) صفته.
(مأدبة) وليمة.
(داعيا) من يدعو الناس إلى الوليمة.
(أولوها) فسروها واكشفوها له كما هو تعبير الرؤيا.
(يفقهها) يفهمها ويفهم المراد منها.
(فرق) ميز المطيع من العاصي منهم

شرح حديث (جاءت ملائكة إلى النبي ﷺ وهو نائم فقال بعضهم إنه نائم)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله ( مُحَمَّد بْن عُبَادَةَ ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَتَخْفِيف الْمُوَحَّدَة , وَاسْم جَدّه الْبَخْتَرِيّ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَة وَسُكُون الْمُعْجَمَة وَفَتْح الْمُثَنَّاة مِنْ فَوْق , ثِقَة وَاسِطِيّ يُكْنَى أَبَا جَعْفَر مَا لَهُ فِي الْبُخَارِيّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيث وَآخَر تَقَدَّمَ فِي " كِتَاب الْأَدَب " وَهُوَ مِنْ الطَّبَقَة الرَّابِعَة مِنْ شُيُوخ الْبُخَارِيّ , و " يَزِيد " شَيْخه هُوَ اِبْن هَارُون , ‏ ‏قَوْله ( حَدَّثَنَا سَلِيم بْن حَيَّان وَأَثْنَى عَلَيْهِ ) ‏ ‏أَمَّا سَلِيم فَبِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَزْن عَظِيم وَأَبُوهُ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّة ثَقِيلَة وَالْقَائِل " وَأَثْنَى عَلَيْهِ " هُوَ مُحَمَّد وَفَاعِل أَثْنَى هُوَ يَزِيد.
‏ ‏قَوْله ( قَالَ حَدَّثَنَا أَوْ سَمِعْت ) ‏ ‏الْقَائِل ذَلِكَ سَعِيد بْن مِينَاء وَالشَّاكّ هُوَ سَلِيم بْن حَيَّان , شَكَّ فِي أَيّ الصِّيغَتَيْنِ قَالَهَا شَيْخه سَعِيد , وَيَجُوز فِي جَابِر أَنْ يُقْرَأ بِالنَّصْبِ وَبِالرَّفْعِ وَالنَّصْب أَوْلَى.
‏ ‏قَوْله ( جَاءَتْ مَلَائِكَة ) ‏ ‏لَمْ أَقِف عَلَى أَسْمَائِهِمْ وَلَا أَسْمَاء بَعْضهمْ , وَلَكِنْ فِي رِوَايَة سَعِيد بْن أَبِي هِلَال الْمُعَلَّقَة عَقِب هَذَا عِنْد التِّرْمِذِيّ أَنَّ الَّذِي حَضَرَ فِي هَذِهِ الْقِصَّة جِبْرِيل وَمِيكَائِيل , وَلَفْظه " خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : إِنِّي رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنَّ جِبْرِيل عِنْد رَأْسِي وَمِيكَائِيل عِنْد رِجْلَيَّ " فَيَحْتَمِل أَنَّهُ كَانَ مَعَ كُلّ مِنْهُمَا غَيْره.
وَاقْتَصَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة عَلَى مَنْ بَاشَرَ الْكَلَام مِنْهُمْ اِبْتِدَاء وَجَوَابًا , وَوَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود عِنْد التِّرْمِذِيّ وَحَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَسَّدَ فَخِذه فَرَقَدَ , وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ ; قَالَ فَبَيْنَا أَنَا قَاعِد إِذْ أَنَا بِرِجَالٍ عَلَيْهِمْ ثِيَاب بِيض , اللَّه أَعْلَم بِمَا بِهِمْ مِنْ الْجَمَال , فَجَلَسَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ عِنْد رَأْس رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَطَائِفَة مِنْهُمْ عِنْد رِجْلَيْهِ.
‏ ‏قَوْله ( إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلًا قَالَ فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا ) ‏ ‏كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَسَقَطَ لَفْظ " قَالَ " مِنْ رِوَايَة أَبِي ذَرّ.
‏ ‏قَوْله ( فَقَالَ بَعْضهمْ إِنَّهُ نَائِم إِلَى قَوْله يَقْظَان ) ‏ ‏قَالَ الرَّامَهُرْمُزِيّ هَذَا تَمْثِيل يُرَاد بِهِ حَيَاة الْقَلْب وَصِحَّة خَوَاطِره , يُقَال رَجُل يَقِظ إِذَا كَانَ ذَكِيّ الْقَلْب ; وَفِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود فَقَالُوا بَيْنهمْ : مَا رَأَيْنَا عَبْدًا قَطُّ أُوتِيَ مِثْل مَا أُوتِيَ هَذَا النَّبِيّ , إِنَّ عَيْنَيْهِ تَنَامَانِ وَقَلْبه يَقْظَان , اِضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا , وَفِي رِوَايَة سَعِيد بْن أَبِي هِلَال ,.
فَقَالَ أَحَدهمَا لِصَاحِبِهِ اِضْرِبْ لَهُ مَثَلًا , فَقَالَ " اِسْمَعْ سَمِعَ أُذُنك وَاعْقِلْ عَقَل قَلْبُك إِنَّمَا مَثَلك " وَنَحْوه فِي حَدِيث رَبِيعَة الْجَرْشِيّ عِنْد الطَّبَرَانِيّ زَادَ أَحْمَد فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود فَقَالُوا اِضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا وَنُؤَوِّل أَوْ نَضْرِب وَأَوِّلُوا , وَفِيهِ لِيَعْقِلْ قَلْبُك.
‏ ‏قَوْله ( مَثَلَهُ كَمَثَلِ رَجُل بَنَى دَارًا وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَة ) ‏ ‏فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود " مَثَل سَيِّد بَنَى قَصْرًا " وَفِي رِوَايَة أَحْمَد " بُنْيَانًا حَصِينًا ثُمَّ جَعَلَ مَأْدُبَة فَدَعَا النَّاس إِلَى طَعَامه وَشَرَابه , فَمَنْ أَجَابَهُ أَكَلَ مِنْ طَعَامه وَشَرِبَ مِنْ شَرَابه وَمَنْ لَمْ يُجِبْهُ عَاقَبَهُ - أَوْ قَالَ - عَذَّبَهُ " وَفِي رِوَايَة أَحْمَد " عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا " وَالْمَأْدُبَة بِسُكُونِ الْهَمْزَة وَضَمّ الدَّالّ بَعْدهَا مُوَحَّدَة وَحُكِيَ الْفَتْح , وَقَالَ اِبْن التِّين : عَنْ أَبِي عَبْد الْمَلِك الضَّمّ وَالْفَتْح لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ , وَقَالَ الرَّامَهُرْمُزِيّ نَحْوه فِي حَدِيث " الْقُرْآن مَأْدُبَة اللَّه " قَالَ : وَقَالَ لِي أَبُو مُوسَى الْحَامِض : مَنْ قَالَهُ بِالضَّمِّ أَرَادَ الْوَلِيمَة , وَمَنْ قَالَهُ بِالْفَتْحِ أَرَادَ أَدَب اللَّه الَّذِي أَدَّبَ بِهِ عِبَاده.
قُلْت : فَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّن الضَّمّ.
‏ ‏قَوْله ( وَبَعَثَ دَاعِيًا ) ‏ ‏فِي رِوَايَة سَعِيد " ثُمَّ بَعَثَ رَسُولًا يَدْعُو النَّاس إِلَى طَعَامه فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ الرَّسُول وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَهُ ".
‏ ‏قَوْله ( فَقَالَ بَعْضهمْ أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهُهَا ) ‏ ‏قِيلَ يُؤْخَذ مِنْهُ حُجَّة لِأَهْلِ التَّعْبِير أَنَّ التَّعْبِير إِذَا وَقَعَ فِي الْمَنَام اِعْتُمِدَ عَلَيْهِ " قَالَ اِبْن بَطَّال : قَوْله " أَوِّلُوهَا لَهُ " يَدُلّ عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَا عَلَى مَا عُبِّرَتْ فِي النَّوْم " اِنْتَهَى.
وَفِيهِ نَظَر لِاحْتِمَالِ الِاخْتِصَاص بِهَذِهِ الْقِصَّة لِكَوْنِ الرَّائِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَرْئِيّ الْمَلَائِكَة , فَلَا يَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي حَقّ غَيْرهمْ.
‏ ‏قَوْله ( فَقَالَ بَعْضهمْ إِنَّهُ نَائِمٌ ) ‏ ‏هَكَذَا وَقَعَ ثَالِث مَرَّة.
‏ ‏قَوْله ( فَقَالُوا الدَّار الْجَنَّة ) ‏ ‏أَيْ الْمُمَثَّل بِهَا زَادَ فِي رِوَايَة سَعِيد بْن أَبِي هِلَال " فَاَللَّه هُوَ الْمَلِك وَالدَّار الْإِسْلَام وَالْبَيْت الْجَنَّة وَأَنْتَ يَا مُحَمَّد رَسُول اللَّه " وَفِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود عِنْد أَحْمَد " أَمَّا السَّيِّد فَهُوَ رَبّ الْعَالَمِينَ , وَأَمَّا الْبُنْيَان فَهُوَ الْإِسْلَام وَالطَّعَام الْجَنَّة وَمُحَمَّد الدَّاعِي " فَمَنْ اِتَّبَعَهُ كَانَ فِي الْجَنَّة.
‏ ‏قَوْله ( فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه ) ‏ ‏أَيْ لِأَنَّهُ رَسُول صَاحِب الْمَأْدُبَة فَمَنْ أَجَابَهُ وَدَخَلَ فِي دَعَوْته أَكَلَ مِنْ الْمَأْدُبَة , وَهُوَ كِنَايَة عَنْ دُخُول الْجَنَّة وَوَقَعَ بَيَان ذَلِكَ فِي رِوَايَة سَعِيد وَلَفْظه " وَأَنْتَ يَا مُحَمَّد رَسُول اللَّه فَمَنْ أَجَابَك دَخَلَ الْإِسْلَام , وَمَنْ دَخَلَ الْإِسْلَام دَخَلَ الْجَنَّة , وَمَنْ دَخَلَ الْجَنَّة أَكَلَ مَا فِيهَا " ‏ ‏قَوْله ( وَمُحَمَّد فَرَّقَ بَيْن النَّاس ) ‏ ‏كَذَا لِأَبِي ذَرّ بِتَشْدِيدِ الرَّاء فِعْلًا مَاضِيًا , وَلِغَيْرِهِ بِسُكُونِ الرَّاء وَالتَّنْوِين وَكِلَاهُمَا مُتَّجَه , قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : لَيْسَ الْمَقْصُود مِنْ هَذَا التَّمْثِيل تَشْبِيه الْمُفْرَد بِالْمُفْرَدِ , بَلْ تَشْبِيه الْمُرَكَّب بِالْمُرَكَّبِ , مَعَ قَطْع النَّظَر عَنْ مُطَابَقَة الْمُفْرَدَات مِنْ الطَّرَفَيْنِ اِنْتَهَى , وَقَدْ وَقَعَ فِي غَيْر هَذِهِ الطَّرِيق مَا يَدُلّ عَلَى الْمُطَابَقَة الْمَذْكُورَة , زَادَ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود " فَلَمَّا اِسْتَيْقَظَ قَالَ : سَمِعْت مَا قَالَ هَؤُلَاءِ , هَلْ تَدْرِي مَنْ هُمْ ؟.
قُلْت : اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم , قَالَ هُمْ الْمَلَائِكَة , وَالْمَثَل الَّذِي ضَرَبُوا الرَّحْمَنُ بَنَى الْجَنَّة وَدَعَا إِلَيْهَا عِبَاده " الْحَدِيث.
‏ ‏( تَنْبِيهٌ ) ‏ ‏تَقَدَّمَ فِي " كِتَاب الْمَنَاقِب " مِنْ وَجْه آخَر عَنْ سَلِيم بْن حَيَّان بِهَذَا الْإِسْنَاد " قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلِي وَمَثَل الْأَنْبِيَاء كَرَجُلٍ بَنَى دَارًا فَأَكْمَلَهَا وَأَحْسَنهَا إِلَّا مَوْضِع لَبِنَة " الْحَدِيث , وَهُوَ حَدِيث آخَر وَتَمْثِيل آخَر , فَالْحَدِيث الَّذِي فِي الْمَنَاقِب يَتَعَلَّق بِالنُّبُوَّةِ وَكَوْنه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَم النَّبِيِّينَ , وَهَذَا يَتَعَلَّق بِالدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَام وَبِأَحْوَالِ مَنْ أَجَابَ أَوْ اِمْتَنَعَ , وَقَدْ وَهَمَ مَنْ خَلَطَهُمَا كَأَبِي نُعَيْم فِي " الْمُسْتَخْرَج " فَإِنَّهُ لَمَّا ضَاقَ عَلَيْهِ مَخْرَج حَدِيث الْبَاب وَلَمْ يَجِدهُ مَرْوِيًّا عِنْده أَوْرَدَ حَدِيث اللَّبِنَة ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُمَا حَدِيث وَاحِد وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا بَيَّنْته , وَسَلِمَ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِدهُ فِي مَرْوِيَّاته أَوْرَدَهُ مِنْ رِوَايَته عَنْ الْفَرَبْرِيّ بِالْإِجَازَةِ عَنْ الْبُخَارِيّ بِسَنَدِهِ , وَقَدْ رَوَى يَزِيد بْن هَارُون بِهَذَا السَّنَد حَدِيث اللَّبِنَة أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخ فِي " كِتَاب الْأَمْثَال " مِنْ طَرِيق أَحْمَد اِبْن سِنَان الْوَاسِطِيِّ عَنْهُ , وَسَاقَ بِهَذَا السَّنَد حَدِيث " مَثَلِي وَمَثَلكُمْ كَمَثَلِ رَجُل أَوْقَدَ نَارًا " الْحَدِيث , لَكِنَّهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة لَا عَنْ جَابِر وَقَدْ ذَكَرَ الرَّامَهُرْمُزِيّ , حَدِيث الْبَاب فِي " كِتَاب الْأَمْثَال " مُعَلَّقًا فَقَالَ : وَرَوَى يَزِيد اِبْن هَارُون فَسَاقَ السَّنَد وَلَمْ يُوَصِّل سَنَده بِيَزِيد وَأَوْرَدَ مَعْنَاهُ مِنْ مُرْسَل الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم.
‏ ‏قَوْله ( تَابَعَهُ قُتَيْبَة عَنْ لَيْث ) ‏ ‏يَعْنِي اِبْن سَعْد ‏ ‏( عَنْ خَالِد ) ‏ ‏يَعْنِي اِبْن يَزِيد وَهُوَ أَبُو عَبْد الرَّحِيم الْمِصْرِيّ أَحَد الثِّقَات.
‏ ‏قَوْله ( عَنْ سَعِيد بْن أَبِي هِلَال عَنْ جَابِر قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ‏ ‏هَكَذَا اِقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَدْر مِنْ الْحَدِيث وَظَاهِره أَنَّ بَقِيَّة الْحَدِيث مِثْله , وَقَدْ بَيَّنْت مَا بَيْنهمَا مِنْ الِاخْتِلَاف , وَقَدْ وَصَلَهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ قُتَيْبَة بِهَذَا السَّنَد وَوَصَلَهُ أَيْضًا الْإِسْمَاعِيلِيّ عَنْ الْحَسَن بْن سُفْيَان , وَأَبُو نُعَيْم مِنْ طَرِيق أَبِي الْعَبَّاس السَّرَّاج , كِلَاهُمَا عَنْ قُتَيْبَة وَنَسَب السَّرَّاج فِي رِوَايَته اللَّيْث وَشَيْخه كَمَا ذَكَرْته , قَالَ التِّرْمِذِيّ بَعْد تَخْرِيجه : هَذَا حَدِيث مُرْسَل , سَعِيد بْن أَبِي هِلَال لَمْ يُدْرِك جَابِر بْن عَبْد اللَّه.
قُلْت : وَفَائِدَة إِيرَاد الْبُخَارِيّ لَهُ رَفْع التَّوَهُّم عَمَّنْ يَظُنّ أَنَّ طَرِيق سَعِيد بْن مِينَاء مَوْقُوفَة , لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّح بِرَفْعِ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى بِهَذِهِ الطَّرِيق لِتَصْرِيحِهَا ; ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيّ وَجَاءَ مِنْ غَيْر وَجْه عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ أَصَحّ مِنْ هَذَا.
قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ اِبْن مَسْعُود , ثُمَّ سَاقَهُ بِسَنَدِهِ إِلَى اِبْن مَسْعُود وَصَحَّحَهُ , وَقَدْ بَيَّنْت مَا فِيهِ أَيْضًا بِحَمْدِ اللَّه تَعَالَى.
وَوَصَفَ التِّرْمِذِيّ لَهُ بِأَنَّهُ مُرْسَل : يُرِيد أَنَّهُ مُنْقَطِع بَيْن سَعِيد وَجَابِر , وَقَدْ اِعْتَضَدَ هَذَا الْمُنْقَطِع بِحَدِيثِ رَبِيعَة الْجَرْشِيّ عِنْد الطَّبَرَانِيّ فَإِنَّهُ بِنَحْوِ سِيَاقه وَسَنَده جَيِّد , وَسَعِيد بْن أَبِي هِلَال غَيْر سَعِيد بْن مِينَاء الَّذِي فِي السَّنَد الْأَوَّل , وَكُلّ مِنْهُمَا مَدَنِيّ لَكِنَّ اِبْن مِينَاء تَابِعِيّ بِخِلَافِ اِبْن أَبِي هِلَال , وَالْجَمْع بَيْنهمَا إِمَّا بِتَعَدُّدِ الْمَرْئِيّ وَهُوَ وَاضِح أَوْ بِأَنَّهُ مَنَام وَاحِد حَفِظَ فِيهِ بَعْض الرُّوَاة مَا لَمْ يَحْفَظ غَيْره , وَتَقَدَّمَ طَرِيق الْجَمْع بَيْن اِقْتِصَاره عَلَى جِبْرِيل وَمِيكَائِيل فِي حَدِيث وَذِكْره الْمَلَائِكَة بِصِيغَةِ الْجَمْع فِي الْجَانِبَيْنِ الدَّالّ عَلَى الْكَثْرَة فِي آخِر , وَظَاهِر رِوَايَة سَعِيد بْن أَبِي هِلَال أَنَّ الرُّؤْيَا كَانَتْ فِي بَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ " خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ إِنِّي رَأَيْت فِي الْمَنَام " وَفِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْد أَنْ خَرَجَ إِلَى الْجِنّ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ , ثُمَّ أَغْفَى عِنْد الصُّبْح فَجَاءُوا إِلَيْهِ حِينَئِذٍ , وَيُجْمَع بِأَنَّ الرُّؤْيَا كَانَتْ عَلَى مَا وَصَف اِبْن مَسْعُود , فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَنْزِله خَرَجَ عَلَى أَصْحَابه فَقَصَّهَا , وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَلَيْسَ بَيْنهمَا مُنَافَاة إِذْ وَصْف الْمَلَائِكَة بِرِجَالٍ حِسَان , يُشِير إِلَى أَنَّهُمْ تَشَكَّلُوا بِصُورَةِ الرِّجَال , وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن زَيْد عَنْ يُوسُف بْن مِهْرَانَ عَنْ اِبْن عَبَّاس نَحْو أَوَّل حَدِيث سَعِيد بْن أَبِي هِلَال لَكِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَلَكَيْنِ , وَسَاقَ الْمَثَل عَلَى غَيْر سِيَاق مَنْ تَقَدَّمَ قَالَ : إِنَّ مَثَل هَذَا وَمَثَل أُمَّته , كَمَثَلِ قَوْم سَفْر اِنْتَهَوْا إِلَى رَأْس مَفَازَة فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مِنْ الزَّاد مَا يَقْطَعُونَ بِهِ الْمَفَازَة وَلَا مَا يَرْجِعُونَ بِهِ , فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَتَاهُمْ رَجُل فَقَالَ أَرَأَيْتُمْ إِنْ وَرَدْت بِكُمْ رِيَاضًا مُعْشِبَة وَحِيَاضًا رُوَاء , أَتَتَّبِعُونَنِي ؟ قَالُوا : نَعَمْ ; فَانْطَلَقَ بِهِمْ فَأَوْرَدَهُمْ , فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا وَسَمِنُوا , فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ بَيْن أَيْدِيكُمْ رِيَاضًا هِيَ أَعْشَبَ مِنْ هَذِهِ , وَحِيَاضًا أَرْوَى مِنْ هَذِهِ فَاتَّبِعُونِي , فَقَالَتْ طَائِفَة صَدَقَ وَاَللَّه لَنَتَّبِعَنَّهُ , وَقَالَتْ طَائِفَة قَدْ رَضِينَا بِهَذَا نُقِيم عَلَيْهِ " وَهَذَا إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا قَوِيَ الْحَمْل عَلَى التَّعَدُّد إِمَّا لِلْمَنَامِ وَإِمَّا لِضَرْبِ الْمَثَل , وَلَكِنَّ عَلِيّ بْن زَيْد ضَعِيف مِنْ قِبَل حِفْظه.
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود : إِنَّ الْمَقْصُود " الْمَأْدُبَة " وَهُوَ مَا يُؤْكَل وَيُشْرَب فَفِيهِ رَدّ عَلَى الصُّوفِيَّة الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا مَطْلُوب فِي الْجَنَّة إِلَّا الْوِصَال , وَالْحَقّ أَنْ لَا وِصَال لَنَا إِلَّا بِانْقِضَاءِ الشَّهَوَات الْجُثْمَانِيَّة وَالنَّفْسَانِيَّة وَالْمَحْسُوسَة وَالْمَعْقُولَة وَجِمَاع ذَلِكَ كُلّه فِي الْجَنَّة اِنْتَهَى , وَلَيْسَ مَا اِدَّعَاهُ مِنْ الرَّدّ بِوَاضِحٍ , قَالَ وَفِيهِ مَنْ أَجَابَ الدَّعْوَة أُكْرِمَ وَمَنْ لَمْ يُجِبْهَا أُهِينَ , وَهُوَ خِلَاف قَوْلهمْ مَنْ دَعَوْنَاهُ فَلَمْ يُجِبْنَا فَلَهُ الْفَضْل عَلَيْنَا فَإِنْ أَجَابَنَا فَلَنَا الْفَضْل عَلَيْهِ.
فَإِنَّهُ مَقْبُول فِي النَّظَر , وَأَمَّا حُكْم الْعَبْد مَعَ الْمَوْلَى فَهُوَ كَمَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْحَدِيث.


حديث جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم فقال بعضهم إنه نائم وقال

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏يَزِيدُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ ‏ ‏وَأَثْنَى عَلَيْهِ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَوْ سَمِعْتُ ‏ ‏جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏جَاءَتْ مَلَائِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَهُوَ نَائِمٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ ‏ ‏إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ فَقَالُوا إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلًا فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ فَقَالُوا مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً وَبَعَثَ دَاعِيًا فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنْ الْمَأْدُبَةِ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ الْمَأْدُبَةِ فَقَالُوا أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ فَقَالُوا فَالدَّارُ الْجَنَّةُ وَالدَّاعِي ‏ ‏مُحَمَّدٌ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَمَنْ أَطَاعَ ‏ ‏مُحَمَّدًا ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَى ‏ ‏مُحَمَّدًا ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ‏ ‏وَمُحَمَّدٌ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ ‏ ‏تَابَعَهُ ‏ ‏قُتَيْبَةُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏لَيْثٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏خَالِدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏جَابِرٍ ‏ ‏خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

يا معشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقا بعيدا

عن ‌حذيفة قال: «يا معشر القراء استقيموا، فقد سبقتم سبقا بعيدا، فإن أخذتم يمينا وشمالا، لقد ضللتم ضلالا بعيدا.»

إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قوما

عن ‌أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به، كمثل رجل أتى قوما فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير ا...

قول أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكا...

و 7285- عن أبي هريرة قال: «لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال...

إن الله تعالى قال لنبيه ﷺ خذ العفو وأمر بالعرف وأع...

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس بن حصن، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان...

ما من شيء لم أره إلا وقد رأيته في مقامي هذا

عن ‌أسماء ابنة أبي بكر رضي الله عنهما أنها قالت: «أتيت عائشة حين خسفت الشمس والناس قيام، وهي قائمة تصلي، فقلت: ما للناس؟ فأشارت بيدها نحو السماء، فقال...

إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا...

عن ‌أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإ...

إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم...

عن ‌عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن ‌أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أعظم المسلمين جرما، من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته.»

ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عل...

عن ‌زيد بن ثابت : «أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرة في المسجد من حصير، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ليالي حتى اجتمع إليه ناس، ثم فقدوا...

سئل رسول الله ﷺ عن أشياء كرهها فلما أكثروا عليه ا...

عن ‌أبي موسى الأشعري قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها، فلما أكثروا عليه المسألة غضب، وقال: سلوني.<br> فقام رجل فقال: يا رسول الله...