حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

كان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب التوحيد باب ما جاء في دعاء النبي أمته إلى توحيد الله (حديث رقم: 7375 )


7375- عن ‌عائشة «أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بـ {قل هو الله أحد} فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك.
فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبروه أن الله يحبه.»

أخرجه البخاري


أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها باب فضل قراءة قل هو الله أحد رقم 813 (حجر عائشة) حضانتها ورعايتها.
(على سرية) أميرا عليها وهي القطعة من الجيش لا تتجاوز الأربعمائة.
(بقل هو.
.
) أي بكامل السورة التي تبدأ بهذه الجملة.
(صفة الرحمن) لأن فيها أسماءه وصفاته وأسماؤه مشتقة من صفاته.
(يحبه) يقبل منه ويقربه إليه ويزيده ثوابا.
وانظر الحديث [741]

شرح حديث (كان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد )

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

حَدِيث عَمْرَة عَنْ عَائِشَة فِيمَا يَتَعَلَّق بِسُورَةِ الْإِخْلَاص أَيْضًا ; وَقَدْ تَقَدَّمَ مُعَلَّقًا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآن.
‏ ‏قَوْله ( حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن صَالِح ) ‏ ‏كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو نُعَيْم فِي الْمُسْتَخْرَج وَأَبُو مَسْعُود فِي الْأَطْرَاف , وَوَقَعَ فِي الْأَطْرَاف لِلْمِزِّيِّ أَنَّ فِي بَعْض النُّسَخ " حَدَّثَنَا مُحَمَّد حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن صَالِح ".
قُلْت : وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ تَبَعًا لِخَلَفٍ فِي الْأَطْرَاف قَالَ خَلَف : وَمُحَمَّد هَذَا أَحْسَبهُ مُحَمَّد بْن يَحْيَى الذُّهْلِيَّ , وَوَقَعَ عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ بَعْد أَنْ سَاقَ الْحَدِيث مِنْ رِوَايَة حَرْمَلَة عَنْ اِبْن وَهْب ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ " عَنْ مُحَمَّد " بِلَا خَبَر عَنْ أَحْمَد بْن صَالِح , فَكَأَنَّهُ وَقَعَ عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ بِلَفْظِ " قَالَ مُحَمَّد " وَعَلَى رِوَايَة الْأَكْثَر فَمُحَمَّد هُوَ الْبُخَارِيّ الْمُصَنِّف , وَالْقَائِل " قَالَ مُحَمَّد " هُوَ مُحَمَّد الْفَرَبْرِيّ وَذَكَرَ الْكَرْمَانِيُّ هَذَا اِحْتِمَالًا.
قُلْت : وَيَحْتَاج حِينَئِذٍ إِلَى إِبْدَاء النُّكْتَة فِي إِفْصَاح الْفَرَبْرِيّ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيث دُون غَيْره مِنْ الْأَحَادِيث الْمَاضِيَة وَالْآتِيَة.
‏ ‏قَوْله ( حَدَّثَنَا عَمْرو ) ‏ ‏هُوَ اِبْن الْحَارِث الْمِصْرِيّ وَ " اِبْن أَبِي هِلَال " هُوَ سَعِيد وَسَمَّاهُ مُسْلِم فِي رِوَايَته.
‏ ‏قَوْله ( بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّة ) ‏ ‏تَقَدَّمَ فِي بَاب الْجَمْع بَيْن السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَة مِنْ " كِتَاب الصَّلَاة " بَيَان الِاخْتِلَاف فِي تَسْمِيَته " وَهَلْ بَيْنه وَبَيْن الَّذِي كَانَ يَؤُمّ قَوْمه فِي مَسْجِد قُبَاء مُغَايَرَة أَوْ هُمَا وَاحِد وَبَيَان مَا يَتَرَجَّح مِنْ ذَلِكَ ".
‏ ‏قَوْله ( فَيَخْتِم بِقُلْ هُوَ اللَّه أَحَد ) ‏ ‏قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد هَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ بِغَيْرِهَا ثُمَّ يَقْرَؤُهَا فِي كُلّ رَكْعَة وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد أَنَّهُ يَخْتِم بِهَا آخِر قِرَاءَته فَيَخْتَصّ بِالرَّكْعَةِ الْأَخِيرَة , وَعَلَى الْأَوَّل فَيُؤْخَذ مِنْهُ جَوَاز الْجَمْع بَيْن سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَة اِنْتَهَى.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْث فِي ذَلِكَ فِي الْبَاب الْمَذْكُور مِنْ " كِتَاب الصَّلَاة " بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ.
‏ ‏قَوْله ( لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَن ) ‏ ‏قَالَ اِبْن التِّين إِنَّمَا قَالَ إِنَّهَا صِفَة الرَّحْمَن ; لِأَنَّ فِيهَا أَسْمَاءَهُ وَصِفَاته , وَأَسْمَاؤُهُ مُشْتَقَّة مِنْ صِفَاته , وَقَالَ غَيْره : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون الصَّحَابِيّ الْمَذْكُور قَالَ ذَلِكَ مُسْتَنِدًا لِشَيْءٍ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَّا بِطَرِيقِ النُّصُوصِيَّةِ وَإِمَّا بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاط , وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي " كِتَاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات " بِسَنَدٍ حَسَن عَنْ اِبْن عَبَّاس " أَنَّ الْيَهُود أَتَوْا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا صِفْ لَنَا رَبّك الَّذِي تَعْبُد " فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) إِلَى آخِرهَا , فَقَالَ " هَذِهِ صِفَة رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ " وَعَنْ أُبَيّ بْن كَعْب قَالَ : قَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اُنْسُبْ لَنَا رَبّك , فَنَزَلَتْ سُورَة الْإِخْلَاص الْحَدِيث , وَهُوَ عِنْد اِبْن خُزَيْمَةَ فِي " كِتَاب التَّوْحِيد " وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم " وَفِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ شَيْء يُولَد إِلَّا يَمُوت وَلَيْسَ شَيْء يَمُوت إِلَّا يُورَث , وَاللَّهُ لَا يَمُوت وَلَا يُورَث , وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَبَه وَلَا عِدْل , وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ".
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : مَعْنَى قَوْله " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " لَيْسَ كَهُوَ شَيْء , قَالَهُ أَهْل اللُّغَة قَالَ : وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى ( فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ ) يُرِيد بِاَلَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ وَهِيَ قِرَاءَة اِبْن عَبَّاس , قَالَ : وَالْكَاف فِي قَوْله " كَمِثْلِهِ " لِلتَّأْكِيدِ , فَنَفَى اللَّه عَنْهُ الْمِثْلِيَّة بِآكَد مَا يَكُون مِنْ النَّفْي , وَأَنْشَدَ لِوَرَقَة بْن نَوْفَل فِي زَيْد بْن عَمْرو بْن نُفَيْل مِنْ أَبْيَات : " وَدِينُك دِينٌ لَيْسَ دِينٌ كَمِثْلِهِ " ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ( وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ) يَقُول لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء , وَفِي قَوْله ( هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا ) هَلْ تَعْلَم لَهُ شَبَهًا أَوْ مِثْلًا , وَفِي حَدِيث الْبَاب حُجَّة لِمَنْ أَثْبَتَ أَنَّ لِلَّهِ صِفَة وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور , وَشَذَّ اِبْن حَزْم فَقَالَ هَذِهِ لَفْظَة اِصْطَلَحَ عَلَيْهَا أَهْل الْكَلَام مِنْ الْمُعْتَزِلَة وَمَنْ تَبِعَهُمْ , وَلَمْ تَثْبُت عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَحَد مِنْ أَصْحَابه , فَإِنْ اِعْتَرَضُوا بِحَدِيثِ الْبَاب فَهُوَ مِنْ أَفْرَاد سَعِيد بْن أَبِي هِلَال وَفِيهِ ضَعْف , قَالَ : وَعَلَى تَقْدِير صِحَّته فَقُلْ هُوَ اللَّه أَحَد صِفَة الرَّحْمَن كَمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيث , وَلَا يُزَاد عَلَيْهِ بِخِلَافِ الصِّفَة الَّتِي يُطْلِقُونَهَا فَإِنَّهَا فِي لُغَة الْعَرَب لَا تُطْلَق إِلَّا عَلَى جَوْهَر أَوْ عَرَض كَذَا قَالَ , وَسَعِيد مُتَّفَق عَلَى الِاحْتِجَاج بِهِ فَلَا يُلْتَفَت إِلَيْهِ فِي تَضْعِيفه , وَكَلَامه الْأَخِير مَرْدُود بِاتِّفَاقِ الْجَمِيع عَلَى إِثْبَات الْأَسْمَاء الْحُسْنَى , قَالَ اللَّه تَعَالَى ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) وَقَالَ بَعْد أَنْ ذَكَرَ مِنْهَا عِدَّة أَسْمَاء فِي آخِر سُورَة الْحَشْر ( لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ) وَالْأَسْمَاء الْمَذْكُورَة فِيهَا بِلُغَةِ الْعَرَب صِفَات فَفِي إِثْبَات أَسْمَائِهِ إِثْبَات صِفَاته ; لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ حَيّ مَثَلًا فَقَدْ وُصِفَ بِصِفَةٍ زَائِدَة عَلَى الذَّات وَهِيَ صِفَة الْحَيَاة , وَلَوْلَا ذَلِكَ لَوَجَبَ الِاقْتِصَار عَلَى مَا يُنْبِئُ عَنْ وُجُود الذَّات فَقَطْ , وَقَدْ قَالَهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى ( سُبْحَان رَبّك رَبّ الْعِزَّة عَمَّا يَصِفُونَ ) فَنَزَّهَ نَفْسه عَمَّا يَصِفُونَهُ بِهِ مِنْ صِفَة النَّقْص , وَمَفْهُومه أَنَّ وَصْفه بِصِفَةِ الْكَمَال مَشْرُوع , وَقَدْ قَسَّمَ الْبَيْهَقِيُّ وَجَمَاعَة مِنْ أَئِمَّة السُّنَّة جَمِيع الْأَسْمَاء الْمَذْكُورَة فِي الْقُرْآن وَفِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة عَلَى قِسْمَيْنِ : أَحَدهمَا صِفَات ذَاته وَهِيَ مَا اِسْتَحَقَّهُ فِيمَا لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَال , وَالثَّانِي صِفَات فِعْله : وَهِيَ مَا اِسْتَحَقَّهُ فِيمَا لَا يَزَال دُون الْأَزَل , قَالَ وَلَا يَجُوز وَصْفه إِلَّا بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَاب وَالسُّنَّة الصَّحِيحَة الثَّابِتَة أَوْ أُجْمِعَ عَلَيْهِ , ثُمَّ مِنْهُ مَا اِقْتَرَنَتْ بِهِ دَلَالَة الْعَقْل كَالْحَيَاةِ وَالْقُدْرَة وَالْعِلْم وَالْإِرَادَة وَالسَّمْع وَالْبَصَر وَالْكَلَام مِنْ صِفَات ذَاته , وَكَالْخَلْقِ وَالرِّزْق وَالْإِحْيَاء وَالْإِمَاتَة وَالْعَفْو وَالْعُقُوبَة مِنْ صِفَات فِعْله , وَمِنْهُ مَا ثَبَتَ بِنَصِّ الْكِتَاب وَالسُّنَّة كَالْوَجْهِ وَالْيَد وَالْعَيْن مِنْ صِفَات ذَاته , وَكَالِاسْتِوَاءِ وَالنُّزُول وَالْمَجِيء مِنْ صِفَات فِعْله , فَيَجُوز إِثْبَات هَذِهِ الصِّفَات لَهُ لِثُبُوتِ الْخَبَر بِهَا عَلَى وَجْه يَنْفِي عَنْهُ التَّشْبِيه , فَصِفَة ذَاته لَمْ تَزَلْ مَوْجُودَة بِذَاتِهِ وَلَا تَزَال , وَصِفَة فِعْله ثَابِتَة عَنْهُ وَلَا يَحْتَاج فِي الْفِعْل إِلَى مُبَاشَرَة ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون ) وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي الْمُفْهِم : اِشْتَمَلَتْ ( قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد ) عَلَى اِسْمَيْنِ يَتَضَمَّنَانِ جَمِيع أَوْصَاف الْكَمَال : وَهُمَا الْأَحَد وَالصَّمَد , فَإِنَّهُمَا يَدُلَّانِ عَلَى أَحَدِيَّة الذَّات الْمُقَدَّسَة الْمَوْصُوفَة بِجَمِيعِ أَوْصَاف الْكَمَال , فَإِنَّ الْوَاحِد وَالْأَحَد وَإِنْ رَجَعَا إِلَى أَصْل وَاحِد فَقَدْ اِفْتَرَقَا اِسْتِعْمَالًا وَعُرْفًا , فَالْوَحْدَة رَاجِعَة إِلَى نَفْي التَّعَدُّد وَالْكَثْرَة , وَالْوَاحِد أَصْل الْعَدَد مِنْ غَيْر تَعَرُّض لِنَفْيِ مَا عَدَاهُ وَالْأَحَد يَثْبُت مَدْلُوله وَيَتَعَرَّض لِنَفْيِ مَا سِوَاهُ , وَلِهَذَا يَسْتَعْمِلُونَهُ فِي النَّفْي وَيَسْتَعْمِلُونَ الْوَاحِد فِي الْإِثْبَات , يُقَال مَا رَأَيْت أَحَدًا وَرَأَيْت وَاحِدًا فَالْأَحَد فِي أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى مُشْعِر بِوُجُودِهِ الْخَاصّ بِهِ الَّذِي لَا يُشَارِكهُ فِيهِ غَيْره , وَأَمَّا الصَّمَد فَإِنَّهُ يَتَضَمَّن جَمِيع أَوْصَاف الْكَمَال ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ الَّذِي اِنْتَهَى سُؤْدُده بِحَيْثُ يُصْمَد إِلَيْهِ فِي الْحَوَائِج كُلّهَا وَهُوَ لَا يَتِمّ حَقِيقَة إِلَّا لِلَّهِ , قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد قَوْله " لِأَنَّهَا صِفَة الرَّحْمَن " يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مُرَاده أَنَّ فِيهَا ذِكْر صِفَة الرَّحْمَن كَمَا لَوْ ذُكِرَ وَصْف فَعَبَّرَ عَنْ الذِّكْر بِأَنَّهُ الْوَصْف وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَفْس الْوَصْف وَيَحْتَمِل غَيْر ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَخْتَصّ ذَلِكَ بِهَذِهِ السُّورَة لَكِنْ لَعَلَّ تَخْصِيصهَا بِذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا صِفَات اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى فَاخْتَصَّتْ بِذَلِكَ دُون غَيْرهَا.
‏ ‏قَوْله ( أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّه يُحِبُّهُ ) ‏ ‏قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون سَبَب مَحَبَّة اللَّه لَهُ مَحَبَّته لِهَذِهِ السُّورَة , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامه ; لِأَنَّ مَحَبَّته لِذِكْرِ صِفَات الرَّبّ دَالَّة عَلَى صِحَّة اِعْتِقَاده , قَالَ الْمَازِرِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ : مَحَبَّة اللَّه لِعِبَادِهِ إِرَادَته ثَوَابهمْ وَتَنْعِيمهمْ , وَقِيلَ : هِيَ نَفْس الْإِثَابَة وَالتَّنْعِيم , وَمَحَبَّتهمْ لَهُ لَا يَبْعُد فِيهَا الْمَيْل مِنْهُمْ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَدَّس عَنْ الْمَيْل , وَقِيلَ : مَحَبَّتهمْ لَهُ اِسْتِقَامَتهمْ عَلَى طَاعَته , وَالتَّحْقِيق أَنَّ الِاسْتِقَامَة ثَمَرَة الْمَحَبَّة وَحَقِيقَة الْمَحَبَّة لَهُ مَيْلهمْ إِلَيْهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ سُبْحَانه الْمَحَبَّة مِنْ جَمِيع وُجُوههَا اِنْتَهَى.
وَفِيهِ نَظَر لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِطْلَاق فِي مَوْضِع التَّقْيِيد , وَقَالَ اِبْن التِّين : مَعْنَى مَحَبَّة الْمَخْلُوقِينَ لِلَّهِ إِرَادَتهمْ أَنْ يَنْفَعهُمْ , وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي الْمُفْهِم : مَحَبَّة اللَّه لِعَبْدِهِ تَقْرِيبه لَهُ وَإِكْرَامه وَلَيْسَتْ بِمَيْلٍ وَلَا غَرَض كَمَا هِيَ مِنْ الْعَبْد , وَلَيْسَتْ مَحَبَّة الْعَبْد لِرَبِّهِ نَفْس الْإِرَادَة بَلْ هِيَ شَيْء زَائِد عَلَيْهَا , فَإِنَّ الْمَرْء يَجِد مِنْ نَفْسه أَنَّهُ يُحِبّ مَا لَا يَقْدِر عَلَى اِكْتِسَابه وَلَا عَلَى تَحْصِيله , وَالْإِرَادَة هِيَ الَّتِي تُخَصِّصُ الْفِعْل بِبَعْضِ وُجُوهه الْجَائِزَة وَيُحِسّ مِنْ نَفْسه أَنَّهُ يُحِبّ الْمَوْصُوفِينَ بِالصِّفَاتِ الْجَمِيلَة وَالْأَفْعَال الْحَسَنَة كَالْعُلَمَاءِ وَالْفُضَلَاء وَالْكُرَمَاء وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّق لَهُ بِهِمْ إِرَادَة مُخَصِّصَة , وَإِذَا صَحَّ الْفَرْق فَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى مَحْبُوب لِمُحِبِّيهِ عَلَى حَقِيقَة الْمَحَبَّة كَمَا هُوَ مَعْرُوف عِنْد مَنْ رَزَقَهُ اللَّه شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ , فَنَسْأَل اللَّه تَعَالَى أَنْ يَجْعَلنَا مِنْ مُحِبِّيهِ الْمُخْلِصِينَ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ : الْمَحَبَّة وَالْبُغْض عِنْد بَعْض أَصْحَابنَا مِنْ صِفَات الْفِعْل , فَمَعْنَى مَحَبَّته إِكْرَام مَنْ أَحَبَّهُ وَمَعْنَى بُغْضه إِهَانَته , وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ الْمَدْح وَالذَّمّ فَهُوَ مِنْ قَوْله , وَقَوْله مِنْ كَلَامه , وَكَلَامه مِنْ صِفَات ذَاته فَيَرْجِع إِلَى الْإِرَادَة , فَمَحَبَّته الْخِصَال الْمَحْمُودَة , وَفَاعِلهَا يَرْجِع إِلَى إِرَادَته إِكْرَامه , وَبُغْضه الْخِصَال الْمَذْمُومَة , وَفَاعِلهَا يَرْجِع إِلَى إِرَادَته إِهَانَته.


حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاته

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ وَهْبٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَمْرٌو ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ أَبِي هِلَالٍ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏أَبَا الرِّجَالِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏ ‏حَدَّثَهُ عَنْ ‏ ‏أُمِّهِ ‏ ‏عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏ ‏وَكَانَتْ فِي حَجْرِ ‏ ‏عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏أَنَّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بَعَثَ رَجُلًا عَلَى ‏ ‏سَرِيَّةٍ ‏ ‏وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ ‏ ‏بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ‏ ‏فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

لا يرحم الله من لا يرحم الناس

عن ‌جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرحم الله من لا يرحم الناس.»

هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله...

عن ‌أسامة بن زيد قال: «كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رسول إحدى بناته يدعوه إلى ابنها في الموت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع، فأخبرها...

ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله يدعون له الولد ثم...

عن ‌أبي موسى الأشعري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله، يدعون له الولد، ثم يعافيهم ويرزقهم.»

مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله

عن ‌ابن عمر رضي الله عنهما: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مفاتيح الغيب خمس، لا يعلمها إلا الله: لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غ...

من حدثك أن محمدا ﷺ رأى ربه أو أنه يعلم الغيب فقد...

عن ‌عائشة رضي الله عنها قالت: «من حدثك أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب، وهو يقول: {لا تدركه الأبصار} ومن حدثك أنه يعلم الغيب فقد كذب، وهو...

إن الله هو السلام ولكن قولوا التحيات لله والصلوات...

قال ‌عبد الله : «كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فنقول: السلام على الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات...

يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه

عن ‌أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض» وقال شعيب، والز...

أعوذ بعزتك الذي لا إله إلا أنت الذي لا يموت

عن ‌ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «أعوذ بعزتك، الذي لا إله إلا أنت الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون.»

لا يزال يلقى في النار وتقول هل من مزيد حتى يضع ف...

عن ‌أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يلقى في النار.<br> وقال لي ‌خليفة : حدثنا ‌يزيد بن زريع، حدثنا ‌سعيد، عن ‌قتادة، عن ‌أنس وعن ‌معتمر، سمعت ‌أ...