3-
عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله عن وقت صلاة الصبح.
قال: فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من الغد، صلى الصبح حين طلع الفجر، ثم صلى الصبح من الغد بعد أن أسفر.
ثم قال: «أين السائل عن وقت الصلاة؟» قال: هأنذا يا رسول الله فقال: «ما بين هذين وقت»
حديث مرسل
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) :هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَسْنَدَهُ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْقَنَازِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ سُفْيَانَ أَسْنَدَهُ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَاهُ وَهِمَ وَقَوْلُهُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ طَارِئًا أَوْ قَاطِنًا قَدْ عَلِمَ أَنَّ وَقْتَ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ مِنْ آكِدِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَعْلَمْ جَمِيعَ الْوَقْتِ فَسَأَلَهُ عَنْ تَحْدِيدِهِ.
( فَصْلٌ ) قَوْلُهُ فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ الْغَدِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ تَعْجِيلَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ حَتَّى بَيَّنَهُ بِالْفِعْلِ قَصْدًا إِلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْبَيَانِ وَأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْمُتَعَلِّمِ وَأَسْهَلُ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ الْبَيَانَ لِلْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ السَّائِلَ لَانْفَرَدَ بِعِلْمِ ذَلِكَ وَالصَّلَاةُ جَامِعَةٌ يَحْضُرُهَا مَعَهُ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَعْلِيمًا لِجَمِيعِهِمْ إِذَا كَانَ هَذَا مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ وَسُكُوتُهُ عَنْهُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْخَبَرِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ قَاطِنٌ مَعَهُ مُلَازِمٌ لَهُ كَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَكَفَاهُ عِلْمُهُ بِعَادَتِهِ الْمَاضِيَةِ وَمَعْرِفَتُهُ بِحَالِهِ فِي مُلَازَمَةِ الصَّلَاةِ مَعَهُ عَنْ أَمْرِهِ لَهُ بِذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ طَارِئًا قَدْ عَلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَرْحَلُ إِلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّعْلِيمِ إمَّا بِوَحْيٍ عَلَى مَا حَكَاهُ كَثِيرٌ مِنْ شُيُوخِي أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بُرَيْدَةُ بْنُ خَصِيبٍ الْأَسْلَمِيُّ وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي لِحَدِيثِ عَطَاءٍ لَمْ يَسْمَعْ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّائِلَ بِأَنْ يُشَاهِدَ مَعَهُ الصَّلَاةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ فَسَكَتَ عَنْهُ سُكُوتَهُ عَنْ جَوَابِ مَسْأَلَتِهِ.
وَتَأْخِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَابَ السَّائِلِ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ هَذَا فَأَخَّرَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَعْلَمَ الْحُكْمَ بِوَحْيٍ أَوْ بِنَظَرٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ لِمَا رَأَى فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ إمَّا لِلْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْمَصَالِحِ الَّتِي عَلِمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ الَّذِي تَكَلَّمَ شُيُوخُنَا فِي جَوَازِ تَأْخِيرِهِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ بِالْعِبَادَةِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ فَمَنَعَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ شُيُوخِنَا وَجَوَّزَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِنَا وَوَقْتُ الْخِطَابِ بِالصَّلَاةِ وَبَيَانُ أَحْكَامِهَا وَأَوْقَاتِهَا قَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ سُؤَالِ هَذَا السَّائِلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ إِلَّا عَنْ عِبَادَةٍ ثَابِتَةٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ جَوَابَ السَّائِلِ لَهُ عَنْ وَقْتِ السُّؤَالِ وَلَا يُجِيبَهُ أَصْلًا وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ وَأَنْكَرَ عَلَى السَّائِلِ مَسْأَلَةَ اللِّعَانِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ إِلَى الْفِعْلِ وَقَدْ تَكَلَّمَ قَوْمٌ مِنْ شُيُوخِنَا فِي وَجْهِ تَأْخِيرِ جَوَابِ السَّائِلِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّغْرِيرِ بِفَوَاتِ الْعِلْمِ لِجَوَازِ أَنْ يَمُوتَ السَّائِلُ قَبْلَ وَقْتِ التَّعْلِيمِ الَّذِي أُخِّرَ إِلَيْهِ الْجَوَابُ فَقَالُوا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَحْيُ قَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ وَهَذَا الْوَجْهُ إِنْ كَانَ سَائِغًا فَلَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ التَّعَسُّفِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حُكْمُهُ فِي إجْرَاءِ الْأُمُورِ عَلَى ظَوَاهِرِهَا وَجَعْلِهَا عَلَى عَادَتِهَا حُكْمَ أُمَّتِهِ وَلِذَلِكَ كَانَ يُرْسِلُ أُمَرَاءَهُ عَلَى الْجُيُوشِ وَرُسُلَهُ إِلَى الْبُلْدَانِ مَعَ تَجْوِيزِهِ عَلَيْهِمْ الْمَوْتَ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْعَادَةِ وَاسْتِصْحَابِ السَّلَامَةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ سَائِلًا لَوْ سَأَلَ عَالِمًا عَنْ حُكْمِ مَسْأَلَةٍ لَجَازَ لَهُ تَأْخِيرُ الْجَوَابِ عَنْهَا مَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَهَا لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ فِي تَأْخِيرِ الْجَوَابِ تَقْرِيبٌ عَلَى السَّائِلِ وَزِيَادَةٌ فِي الْبَيَانِ لَهُ وَإِنْ كَانَ لَا طَرِيقَ لَهُ إِلَى الْمَعْرِفَةِ بِبَقَائِهِ إِلَى وَقْتِ جَوَابِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ سَأَلَهُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ سُؤَالِهِ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِتَعْلِيمِهِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ الْغَدِ فَلَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ وَقْتِ السُّؤَالِ وَوَقْتِ التَّعْلِيمِ وَقْتُ صَلَاةٍ يَخَافُ عَلَيْهِ فِيهَا الْجَهْلَ بِالْوَقْتِ وَعَلَى قَوْلِنَا أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ تَحْدِيدِ الْوَقْتِ فَالْأَمْرُ أَسْهَلُ وَوَجْهُ جَوَازِ التَّأْخِيرِ أَبْيَنُ وَلَوْ مَاتَ السَّائِلُ قَبْلَ وَقْتِ التَّعْلِيمِ لَكَانَ قَدْ أُثِيبَ عَلَى بَحْثِهِ وَسُؤَالِهِ عَنْ الْعِلْمِ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ تَفْرِيطٌ بِتَأْخِيرِهِ.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ الْغَدِ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ تَحْقِيقُ هَذَا اللَّفْظِ عَلَى أَصْلِ مَوْضُوعِهِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يَقْتَضِي أَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ هُوَ كَانَ وَقْتَ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ طُلُوعُ الْفَجْرِ ابْتِدَاءَ الصَّلَاةِ إِلَّا أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِمَعْنَى الْمُبَالَغَةِ تَقُولُ جَلَسْت حِينَ جَلَسَ زَيْدٌ فَيَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّ جُلُوسَهُمَا كَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ غَيْرَ أَنَّ ابْتِدَاءَ جُلُوسِ زَيْدٍ تَقَدَّمَ فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ قَوْلُهُ صَلَّى حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ وَالْفَجْرُ هُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي يَنْفَجِرُ مِنْ الْمَشْرِقِ يُشَبَّهُ بِانْفِجَارِ الْمَاءِ وَهُمَا فَجْرَانِ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا كَذَنَبِ سِرْحَانٍ وَالسِّرْحَانُ الذِّئْبُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ صَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ وَيُسَمَّى الْفَجْرَ الْكَاذِبَ وَالثَّانِي هُوَ الْفَجْرُ الصَّادِقُ وَبِهِ يَتَعَلَّقُ تَحْرِيمُ الْأَكْلِ عَلَى الصَّائِمِ وَوُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُصَلِّي وَرَوَى ابْنُ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى مَا رُوِيَ بِمِثْلِ إسْنَادِهِ إِلَّا أَنَّهُ مَعْمُولٌ بِهِ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّةِ مَعْنَاهُ.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ صَلَّى مِنْ الْغَدِ بَعْدَ أَنْ أَسْفَرَ يُرِيدُ بِذَلِكَ بَعْدَ بَدْءِ الْإِسْفَارِ ثُمَّ وَقَعَتْ الصَّلَاةُ فِي بَقِيَّةِ الْإِسْفَارِ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ بَعْدَ جَمِيعِ الْإِسْفَارِ لَكَانَتْ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ وَقْتِهَا وَإِنَّمَا قَصَدَ الْمُحَدِّثُ بِذَلِكَ إِلَى الْإِخْبَارِ بِتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ مَا يُمْكِنُ فِعْلُهَا فِيهِ مِنْ الْوَقْتِ وَتَأْخِيرِهَا إِلَى آخِرِ مَا يُمْكِنُ فِعْلُهَا فِيهِ مِنْ الْوَقْتِ فَأَتَى فِي ذَلِكَ بِأَلْفَاظِ الْمُبَالَغَةِ فِيمَا قَصَدَ بِهِ وَفِي هَذَا بَيَانُ أَنْ لَيْسَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَقْتُ ضَرُورَةٍ وَأَنَّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ لَهَا مُتَّصِلٌ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَلِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مَسَائِلُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَرَّةً لَيْسَ لَهَا وَقْتُ ضَرُورَةٍ عَلَى مُقْتَضَى الْحَدِيثِ وَقَالَ مَرَّةً لَهَا وَقْتُ ضَرُورَةٍ فَأَمَّا مَا يَقْتَضِي أَنَّ جَمِيعَ وَقْتِهَا وَقْتُ اخْتِيَارٍ فَهُوَ قَوْلُهُ إِنَّ مَنْ رَجَا أَنْ يُدْرِكَ الْمَاءَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَمْ يَتَيَمَّمْ فَلَوْ كَانَ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ إِلَى الْإِسْفَارِ لَرَاعَى الْإِسْفَارَ فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ كَمَا يُرَاعَى مَغِيبُ الشَّفَقِ فِي التَّيَمُّمِ لِلْمَغْرِبِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ وَأَمَّا مَا يَقْتَضِي مِنْ قَوْلِهِ إِنَّ لَهَا وَقْتَ ضَرُورَةٍ فَهُوَ مَا رَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُسَافِرِينَ يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لِسِنِّهِ يُصَلِّي بِهِمْ فَيُسْفِرُ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَأَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْإِسْفَارِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَهَذَا مِنْ قَوْلِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْإِسْفَارِ وَقْتُ ضَرُورَةٍ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ لَا وَقْتَ اخْتِيَارٍ وَلَوْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لَكَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ أَفْضَلَ مِنْ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِأَنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَفَضِيلَةَ أَوَّلِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ عَلَى آخِرِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ الْخَبَرُ الْمُتَقَدِّمُ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَقْتُ ضَرُورَةٍ لَهَا وَلَا لِغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ لَمْ يَكُنْ فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَقْتُ ضَرُورَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّ فِي أَوَّلِ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ مِنْهَا وَقْتَ ضَرُورَةٍ لَهَا وَلِمَا شَارَكَهَا فِي وَقْتِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فَلِذَلِكَ كَانَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَقْتُ ضَرُورَةٍ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّ هَذِهِ إِحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَكَانَ لَهَا وَقْتُ اخْتِيَارٍ وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ يَقْتَضِي اهْتِمَامَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَعْلِيمِ السَّائِلِ وَإِرَادَتَهُ لِإِتْمَامِ مَا شَرَعَ فِيهِ مِنْ تَعْلِيمِهِ وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ اعْتَقَدَ مُقَامَهُ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ يُتِمَّ تَعْلِيمَهُ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ الْجَمِيعَ إِلَّا أَنَّهُ خَصَّ السَّائِلَ لِفَضْلِ اجْتِهَادِهِ وَبَحْثِهِ عَنْ الْعِلْمِ وَقَوْلُهُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ إخْبَارٌ أَنَّ مَا بَيْنَ وَقْتَيْ صَلَاتَيْهِ وَقْتٌ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إخْبَارٌ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الصَّلَاتَيْنِ وَقْتٌ لِلصَّلَاةِ إِنْ أَشَارَ بِقَوْلِهِ هَذَيْنِ إِلَى وَقْتَيْ الصَّلَاتَيْنِ وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ أَنَّ وَقْتَ الصَّلَاةِ أَيْضًا مِنْ الْوَقْتِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَفْهُومِ الْخِطَابِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ الْخِطَابِ أَنَّهُ مَنْ يَعْمَلْ قِنْطَارًا مِنْ الْخَيْرِ يَرَهُ وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَقَوْلُهُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْخَبَرُ أَنَّ مَا بَيْنَ وَقْتَيْ صَلَاتَيْهِ وَقْتٌ لِلصَّلَاةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا وَلَمْ يَتَنَاوَلْ الْخَبَرُ وَقْتَيْ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ كَمَا لَوْ قَالَ زَيْدٌ مَا بَيْنَ دَارَيَّ هَاتَيْنِ لِعَمْرٍو لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِدَارَيْهِ لِعَمْرٍو وَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ إقْرَارُهُ مَا بَيْنَ الدَّارَيْنِ خَاصَّةً وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَقْتٌ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ أَنَّ وَقْتَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَوَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقْتٌ لِلصُّبْحِ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَىفَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ فَهَذَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ عَمِلَ مِثْقَالَ قِنْطَارٍ مِنْ الْخَيْرِ يَرَهُ لِأَنَّ الْقِنْطَارَ كُلَّهُ مَثَاقِيلُ ذَرٍّ فَلَوْ كَانَ مَنْ عَمِلَ مِثْقَالَ قِنْطَارٍ مِنْ الْخَيْرِ لَمْ يَرَهُ لَمَا كَانَ قَوْلُ الْقَائِلِ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ صِدْقًا لِأَنَّ مَنْ عَمِلَ قِنْطَارَ خَيْرٍ فَقَدْ عَمِلَ مَثَاقِيلَ ذَرٍّ وَزَادَ عَلَى ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ أَنَّ الْخَبَرَ إنَّمَا ثَبَتَ بِهِ أَنَّ مَا بَيْنَ وَقْتَيْ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ وَقْتٌ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَإِنْ كَانَ أَشَارَ إِلَى الصَّلَاتَيْنِ فَقَدْ ثَبَتَ بِالْخَبَرِ أَنَّ مَا بَيْنَهُمَا وَقْتٌ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَثَبَتَ بِفِعْلِهِ أَنَّ وَقْتَيْ صَلَاتَيْهِ وَقْتٌ لَهَا فَثَبَتَ بَعْضُ الْوَقْتِ بِالْقَوْلِ وَبَعْضُهُ بِالْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ أَشَارَ إِلَى ابْتِدَاءِ صَلَاتِهِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ وَإِلَى انْتِهَائِهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَقَدْ ثَبَتَ جَمِيعُ الْوَقْتِ بِالْقَوْلِ وَإِنْ كَانَ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ قَدْ ثَبَتَ أَيْضًا بِالْفِعْلِ وَقَوْلُهُ وَقْتٌ وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً وَلَمْ يُضَفْ إِلَى شَيْءٍ يَكُونُ وَقْتًا لَهُ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهَا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ
و حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ الْغَدِ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ مِنْ الْغَدِ بَعْدَ أَنْ أَسْفَرَ ثُمَّ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ قَالَ هَأَنَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: إن «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح»، فينصرف النساء متلفعات بمروطهن، ما يعرفن من الغلس...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك ركعة من الصبح، قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس...
عن نافع مولى عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله: " إن أهم أمركم عندي الصلاة.<br> فمن حفظها وحافظ عليها، حفظ دينه.<br> ومن ضيعها فهو لما...
عن مالك عن عمه أبي سهيل، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى: أن «صل الظهر، إذا زاغت الشمس.<br> والعصر والشمس بيضاء نقية، قبل أن يدخلها صفرة.<b...
عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري أن «صل العصر والشمس بيضاء نقية، قدر ما يسير الراكب ثلاثة فراسخ، وأن صل العشاء، ما...
عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم.<br> أنه سأل أبا هريرة عن وقت الصلاة.<br>؟ فقال أبو هريرة: أنا أخبرك «صل الظهر إذا كان...
عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك أنه قال: كنا «نصلي العصر، ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف، فيجدهم يصلون العصر»
عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك أنه قال: كنا «نصلي العصر، ثم يذهب الذاهب إلى قباء، فيأتيهم والشمس مرتفعة»
عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن القاسم بن محمد أنه قال: «ما أدركت الناس إلا وهم يصلون الظهر بعشي»