329- عن عبد الله بن عباس أنه قال: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، في غير خوف ولا سفر» قال مالك: «أرى ذلك كان في مطر»
أخرجه الشيخان
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِعُذْرِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ وَيَعْنِي الْكَلَامَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِعُذْرِ الْمَطَرِ وَأَمَّا الْخَوْفُ فَهَلْ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِخَوْفِ الْعَدُوِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَمْ أَسْمَعْهُ لِأَحَدٍ وَلَوْ فَعَلَهُ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا عُذْرٌ تَلْحَقُ بِهِ الْمَشَقَّةُ وَمَشَقَّتُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَشَقَّةِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ وَالْمَطَرِ فَإِذَا كَانَ الْجَمْعُ يَجُوزُ فِي السَّفَرِ وَالْمَطَرِ وَالْمَرَضِ فَبِأَنْ يَجُوزُ لِلْخَوْفِ مِنْ الْعَدُوِّ أَوْلَى وَقَدْ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا لِأَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِعُذْرِ الْخَوْفِ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ كَالْمَرَضِ فَإِنْ كَانَ خَوْفًا يُتَوَقَّعُ مَعَ آخِرِ الصَّلَاةِ جَمَعَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ خَوْفًا يَمْنَعُ مِنْ تَكْرَارِ الْإِقْبَالِ عَلَيْهَا وَالِانْفِرَادِ بِهَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِهِمَا الْمُخْتَارِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ مَالِكٍ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي مَطَرٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ فِي سَفْرَةٍ سافرها فَأَمَّا الْمَطَرُ وَالطِّينُ فَلَيْسَا مِمَّا يُبِيحُ الْجَمْعَ فِي صَلَوَاتِ النَّهَارِ وَإِنَّمَا يُبِيحُهَا فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ لِلظُّلْمَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَجْمَعُ فِي الْوَحْلِ وَالْمَطَرِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ظُلْمَةٌ يُرِيدُ فِي اللَّيْلِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ فِي حَضَرٍ لِمَطَرٍ وَلَا لِغَيْرِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ مَا يَقْرَبُ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْحَضَرِ لِغَيْرِ مَرَضٍ أَعَادَ الْعِشَاءَ أَبَدًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ إِنْ كَانَ صَلَّاهَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَقَدْ رَوَى زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ إِلَّا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِفَضْلِهِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَسْجِدٌ غَيْرَهُ فَيَنْتَابُهَا عَلَى بُعْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا مَعْنَى يَلْحَقُ بِهِ الْمَشَقَّةُ غَالِبًا فَكَانَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ كَالسَّفَرِ وَالْمَرَضِ.
.
( فَصْلٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ وَتَفْسِيرَ مَالِكٍ لَهُ يَقْتَضِي إبَاحَةَ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِضَرُورَةِ الْمَطَرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَرِهَهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ تَصَرُّفُهُمْ فِي مَعَايِشِهِمْ وَأَسْوَاقِهِمْ وَزِرَاعَاتِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُتَصَرِّفَاتِهِمْ فِي وَقْتِ الْمَطَرِ وَالطِّينِ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِسَبَبِهِمَا فَكَرِهَ أَنْ يَمْتَنِعَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَهِيَ عِمَادُ الدِّينِ فِي أَوْقَاتِهَا الْمُخْتَارَةِ لَهَا وَلَا يَمْتَنِعُ لِأَجْلِهِ مِنْ السَّعْيِ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتِ تَصَرُّفٍ وَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِلَى السُّكُونِ فِي مَنْزِلِهِ وَالرَّاحَةِ فِيهِ مَعَ أَنَّ مَشَقَّتَهُ بِالنَّهَارِ أَخَفُّ لِأَنَّ لَهُ مِنْ ضَوْءِ النَّهَارِ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْمَشْيِ وَتَوَقِّي الطِّينِ وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ مَعَ ظَلَامِ اللَّيْلِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عِنْدَهُ عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ لِيُرِيَ اشْتِرَاكَ الْوَقْتِ وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ قَالَ أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَنْ صَلَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَلَيْسَ هَذَا الْجَمْعُ الَّذِي كَرِهَهُ مَالِكٌ وَإِنَّمَا كَرِهَ الْجَمْعَ بِتَقْدِيمِ الْعَصْرِ عَلَى وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ عَلَى حَسَبِ مَا أَجَازَهُ فِي الْعِشَاءِ وَيَحْتَمِلُ عَلَى رِوَايَةِ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ أَنْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ الْفَضِيلَةِ فَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ الْجَمْعُ بَيْنَ صَلَاتَيْ نَهَارٍ وَلَا لَيْلٍ وَيَجُوزُ ذَلِكَ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَسْتَوِي صَلَاةُ النَّهَارِ وَصَلَاةُ اللَّيْلِ فِي مَنْعِ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ وَرُوِيَ عَنْهُ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ كَانَ ذَلِكَ فِي سَفْرَةٍ سافرها وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أَوْقَاتٍ مُتَغَايِرَةٍ.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ صِفَةَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُنَادَى بِالْمَغْرِبِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ الْإِعْلَامُ بِوَقْتِهَا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ لِمَنْ لَا يَجْمَعُ مَعَهُمْ مِنْ الْمُصَلِّينَ وَالْمُفْطِرِينَ وَيَتَعَلَّقُ بِالْأَذَانِ بِالْمَغْرِبِ فِي الْمَنَارِ لِمَا ذَكَرْنَا لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ شَيْءٌ مِنْ التَّغْيِيرِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَأَمَّا الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ لَهَا بِإِثْرِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فِي صَحْنِ الْمَسْجِدِ أَذَانًا لَيْسَ بِالْعَالِي قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ بَعْضَهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْأَذَانَ إنَّمَا يَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْمَسْجِدِ لِمَا شُرِعَ مِنْ الْأَذَانِ لِلصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَلِمَا فِي الْإِعْلَانِ بِهِ مِنْ التَّلْبِيسِ عَلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ مَعَهُمْ فَإِنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ لِمَنْ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ لَمْ يَدْخُلْ فَاسْتُحِبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا اخْتَصَّ بِهِ أَهْلُ الْمَسْجِدِ وَلَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ إِلَى صُعُودِ الْمَنَارِ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْإِسْمَاعِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْأَذَانِ لِلْمَغْرِبِ فَهَلْ يُؤَخِّرُ قَلِيلًا أَمْ لَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُؤَخِّرُ قَلِيلًا ثُمَّ يُصَلِّي وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُؤَخِّرُ قَلِيلًا وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ بِإِثْرِ الْأَذَانِ لَهَا وَحُكِيَ أَنَّهُ اخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ قَلِيلًا لِيَقْرَبَ وَقْتُ الْعِشَاءِ الْمُخْتَارِ مَا لَمْ يَخَفْ اجْتِمَاعَ الظُّلْمَةِ وَإِضْرَارَ ذَلِكَ بِالنَّاسِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْجَمْعَ مُرْفِقٌ بِالنَّاسِ لِسُرْعَةِ الْعَوْدَةِ قَبْلَ اجْتِمَاعِ الظُّلْمَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ يُدْرَكُ بِهِ رِفْقُ الرُّجُوعِ فِي بَقِيَّةِ الْوُضُوءِ لِيَحْصُلَ بِذَلِكَ الْمَقْصُودِ وَهَذَا لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِتَعْجِيلِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إثْرَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَشَرَعَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ لِلْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَهَلْ يَتَنَفَّلُ أَحَدٌ مِمَّنْ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ شَاءَ تَنَفَّلَ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ لَا يَتَنَفَّلُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى وَجْهِ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ بَعْدَ الْأَذَانِ لَهُمَا لِيَتَنَفَّلَ مَنْ يُرِيدُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ التَّنَفُّلِ وَتَقْدِيمِ الْعِشَاءِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّفْقِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى فِي أَهْلِهِ الْمَغْرِبَ فَهَلْ يُصَلِّي مَعَهُمْ الْعِشَاءَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُصَلِّيهَا مَعَهُمْ وَرُوِيَ عَنْهُ فِي الْمَبْسُوطِ لَا يُصَلِّيهَا مَعَهُمْ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الْمَغْرِبَ تُؤَدَّى فِي وَقْتِهَا بِلَا تَأْثِيرٍ لَهَا فِي جَوَازِ تَقْدِيمِ الْعِشَاءِ لِأَنَّ الْعِشَاءَ إنَّمَا تَقَدَّمَ لِلتَّخْفِيفِ وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ كَاَلَّذِي صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي الْمَسْجِدِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ تَقْدِيمَ الْعِشَاءِ إنَّمَا أُبِيحَ لِحُكْمِ الْجَمْعِ فَكَانَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي ذَلِكَ وَلِذَلِكَ وُصِفَ بِالْجَمْعِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَأْثِيرٌ لَوُصِفَ بِتَقْدِيمِ الْعِشَاءِ خَاصَّةً فَإِذَا فَاتَ مَعْنَى الْجَمْعِ امْتَنَعَ تَقْدِيمُ الْعِشَاءِ فَإِنْ صَلَّاهَا مَعَهُمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَقَدْ قَالَ أَصَبْغُ وَابْنُ الْحَكَمِ لَا يُعِيدُهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا عِنْدَهُمْ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِحْبَابِ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ اشْتِرَاكِ الْوَقْتِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ وَجَدَهُمْ قَدْ صَلَّوْا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلِّيهَا وَحْدَهُ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ الشَّفَقِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّتِي أُبِيحَ لَهَا تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الشَّفَقِ قَدْ فَاتَتْهُ فَيَجِبُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إِلَى وَقْتِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فَيُصَلِّيهَا بَعْدَ الْجَمَاعَةِ قَبْلَ الشَّفَقِ لِأَنَّ إدْرَاكَ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْمَسَاجِدِ أَعْظَمُ مِنْ إدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ
حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ قَالَ مَالِك أُرَى ذَلِكَ كَانَ فِي مَطَرٍ
عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان «إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر، جمع معهم»
عن ابن شهاب، أنه سأل سالم بن عبد الله هل يجمع بين الظهر والعصر في السفر؟ فقال: «نعم.<br> لا بأس بذلك، ألم تر إلى صلاة الناس بعرفة»
عن رجل من آل خالد بن أسيد، أنه سأل عبد الله بن عمر، فقال: يا أبا عبد الرحمن إنا نجد صلاة الخوف، وصلاة الحضر في القرآن، ولا نجد صلاة السفر؟ فقال ابن عم...
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: «فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر»
عن يحيى بن سعيد، أنه قال لسالم بن عبد الله: ما أشد ما رأيت أباك أخر المغرب في السفر، فقال سالم: «غربت الشمس ونحن بذات الجيش فصلى المغرب بالعقيق»
عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان «إذا خرج حاجا أو معتمرا قصر الصلاة بذي الحليفة»
عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، أنه «ركب إلى ريم، فقصر الصلاة في مسيره ذلك»، قال مالك: «وذلك نحو من أربعة برد»
عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر «ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة في مسيره ذلك»، قال مالك: «وبين ذات النصب والمدينة أربعة برد»
عن نافع، عن ابن عمر أنه كان «يسافر إلى خيبر فيقصر الصلاة»