602-
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: مر على عمر بن الخطاب بغنم من الصدقة.
فرأى فيها شاة حافلا ذات ضرع عظيم.
فقال عمر: «ما هذه الشاة؟» فقالوا: شاة من الصدقة، فقال عمر: «ما أعطى هذه أهلها وهم طائعون، لا تفتنوا الناس.
لا تأخذوا حزرات المسلمين نكبوا عن الطعام»
إسناده صحيح
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهَا مُرَّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِغَنَمٍ مِنْ الصَّدَقَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُنْقَلُ بَعْضُ مَاشِيَةِ الصَّدَقَةِ عَنْ مَوْضِعِهَا إِذَا اسْتَغْنَى أَهْلُهَا إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْحَاضِرَةِ وَغَيْرِهَا حَيْثُ تَكُونُ الْحَاجَةُ وَذَلِكَ أَنَّ أَحَقَّ الْمَوَاضِعِ بِالزَّكَاةِ مَوْضِعٌ تُؤْخَذُ فِيهِ وَفِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ أَحَدُهَا فِي إبَّانِ أَخْذِهَا مِنْهَا وَالثَّانِي فِي مَوْضِعٍ تُؤْخَذُ فِيهِ الصَّدَقَةُ وَالثَّالِثُ فِي مَوْضِعٍ تُفَرَّقُ فِيهِ.
( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي إبَّانِ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْ الْمَاشِيَةِ ) فَأَمَّا إبَّانَ الْخُرُوجِ لِأَخْذِ الصَّدَقَةِ فَهُوَ وَقْتُ طُلُوعِ الثُّرَيَّا مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهُوَ إبَّانَ تَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاشِيَةُ عَلَى الْمِيَاهِ لِعَدَمِ الْمِيَاهِ فِي الْجِبَالِ وَالْقِفَارِ مِنْ بَقَايَا الْأَمْطَارِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَهْوَنُ عَلَى الْمُصَدِّقِينَ وَأَمْكَنُ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ دُونَ مَضَرَّةٍ وَلَا مَشَقَّةٍ تَلْحَقُهُمْ فِي تَرْكِهِمْ لِلْكَلَأِ وَالرَّعْيِ وَالسَّرْحِ لِلِاجْتِمَاعِ لِلصَّدَقَةِ , وَلِأَنَّ الْمَاشِيَةَ حِينَئِذٍ لَا مَضَرَّةَ لِلِانْتِقَالِ بِهَا لِقُوَّةِ نَسْلِهَا , وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّ وَقْتَ خُرُوجِ السَّاعِي وَجَمِيعِ النَّاسِ هُوَ فِي شَهْرِ الْمُحَرَّمِ مَتَى كَانَ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ.
( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ حُكْمَ الْبِلَادِ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ لِخُرُوجِ السُّعَاةِ إِلَيْهِ لِبُعْدِهِ عَلَيْهِمْ فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ أَنَّ حَوْلَ هَذِهِ الْمَاشِيَةِ مِنْ يَوْمِ أَفَادَهَا بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ يُخْرِجُ زَكَاتَهَا كَزَكَاةِ الْعَيْنِ , وَقَالَ فِي الْأَسِيرِ يَكْتَسِبُ الْمَاشِيَةَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السَّاعِي فَإِذَا خَلَصَ بِهَا زَكَّاهَا لِمَاضِي السِّنِينَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْقِيَاسُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِخُرُوجِ السُّعَاةِ إِلَيْهِ يُخْرِجُ زَكَاةَ مَاشِيَتِهِ كَمَا يُخْرِجُ زَكَاةَ الْعَيْنِ , وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ; لِأَنَّ الْأَسِيرَ مُعْتَقِدٌ لِلْخُرُوجِ إِلَى مَوْضِعِ السَّاعِي مَتَى أَمْكَنَهُ بِخِلَافِ مَنْ لَا يَأْتِيه السَّاعِي لِبُعْدِ مَكَانِهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ الْخُرُوجَ إِلَيْهِمْ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
( فَرْعٌ ) وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي فَمَنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِخُرُوجِ السُّعَاةِ إِلَيْهِ فَإِنَّهُمْ يُخْرِجُونَ فِي سَنَةِ الْخِصْبِ وَأَمَّا سَنَةُ الْجَدْبِ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ أَشْهَبَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَبْعَثُونَ فِي سَنَةِ الْجَدْبِ وَرُوِيَ عَنْهُ لَا يُؤَخِّرُ السُّعَاةُ فِي سَنَةِ الْجَدْبِ , وَإِنْ عَجَفَتْ الْغَنَمُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ مَالِكٌ أَنَّهُ إِنْ خَرَجَ السَّاعِي فِي عَامِ جَدْبٍ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ مَا لَا يَجِبُ فَإِنْ بِيعَ فَلَا ثَمَنَ لَهُ وَذَلِكَ يُجْحِفُ بِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ وَلَا يَنْفَعُ الْمَسَاكِينَ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا مَعْنًى لِسَبَبِ عَجَفِ الْمَاشِيَةِ فَلَا يَمْنَعُ أَخْذَ الصَّدَقَةِ كَمَرَضِ الْمَاشِيَةِ.
( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا يَخْرُجُ السُّعَاةُ فِي الْجَدْبِ فَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْعِجَافِ عِجَافًا قَالَ مُحَمَّدٌ يَشْتَرِي لَهُ مَا يُعْطِيه وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ صِفَةَ الْغَنَمِ فِي الْعَجَفِ لَا تَنْقُلُ الزَّكَاةَ إِلَى غَيْرِ عَيْنِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ سِمَانًا وَوَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْعَجَفَ عَيْبٌ فِيهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ ذَاتَ عَوَارٍ.
( الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تُؤْخَذُ فِيهِ الصَّدَقَةُ ) أَمَّا مَوْضِعُ أَخْذِ صَدَقَةِ الْمَاشِيَةِ فَفِي مَوْضِعِ الْمَاشِيَةِ وَلَيْسَ عَلَى أَرْبَابِ الْمَاشِيَةِ نَقْلُهَا وَحَمْلُهَا إِلَى الْمُصَّدِّقِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ الْمَشْهُورُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّهُ كَانَ يَبْعَثُ أَصْحَابَهُ مُصَّدِّقِينَ إِلَى الْجِهَاتِ وَلَا يَأْمُرُ النَّاسَ بِجَلْبِ مَوَاشِيهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ فَيَتَوَلَّى هُوَ تَصْدِيقَهَا بِنَفْسِهِ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ الضَّرُورَةَ عَلَى أَرْبَابِ الْمَاشِيَةِ فِي جَلْبِهَا وَجَمْعِهَا لِلصَّدَقَةِ أَشَدُّ مِنْ الضَّرُورَةِ عَلَى الْمُصَّدِّقِينَ فِي طَوَافِهِمْ عَلَى الْمَوَاشِي.
( مَسْأَلَةٌ ) وَكَذَلِكَ زَكَاةُ الْحَبِّ يُخْرَجُ إِلَيْهِ فِي مَوَاضِعِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ النَّاسِ حَيْثُ حَصَدُوهُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّهُ قَالَ وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِذَا كَانَتْ تُدْفَعُ إِلَى فُقَرَاءِ الْجِهَةِ الَّتِي أُخِذَتْ بِهَا فَلَا مَعْنَى لِنَقْلِهَا ثُمَّ تُرَدُّ إِلَى مَوْضِعِهَا وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ فِي تَكْلِيفِهِمْ حَمْلَهُ زِيَادَةً عَلَيْهِمْ فِي الزَّكَاةِ وَرُبَّمَا لَمْ تَكُنْ لَهُ دَابَّةٌ وَلَا مَالٌ غَيْرُ مَا أَصَابَهُ مِنْ الطَّعَامِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ نِصْفُ مَا حَصَدُوهُ أَوْ أَكْثَرُ.
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تُفَرَّقُ فِيهِ الزَّكَاةُ ) أَمَّا مَوْضِعُ تَفْرِيقِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ حَيْثُ تُؤْخَذُ مِنْ أَرْبَابِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ لَا فُقَرَاءَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ بِالْمَوْضِعِ فُقَرَاءُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَشَدَّ حَاجَةً مِنْ غَيْرِهِمْ أَوْ حَاجَتُهُمْ كَحَاجَةِ غَيْرِهِمْ أَوْ تَكُونَ حَاجَةُ غَيْرِهِمْ أَشَدَّ فَإِنْ كَانَتْ حَاجَتُهُمْ أَشَدَّ أَوْ مُسَاوِيَةً لِحَاجَةِ غَيْرِهِمْ فَأَهْلُ مَوْضِعِ الصَّدَقَةِ أَوْلَى بِصَدَقَتِهِمْ حَتَّى يَغْنَوْا أَوْ لَا يُنْقَلَ مِنْهَا إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْهُمْ , وَإِنْ كَانَتْ حَاجَةُ غَيْرِهِمْ أَشَدَّ فُرِّقَ مِنْ الصَّدَقَةِ بِمَوْضِعِهَا بِمِقْدَارِ مَا يَرَى الْإِمَامُ وَيُنْقَلُ سَائِرُهَا إِلَى مَوْضِعِ الْحَاجَةِ هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَبْعَثَ الرَّجُلُ بِبَعْضِ زَكَاتِهِ إِلَى الْعِرَاقِ , ثُمَّ إِنْ هَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ لَمْ يَضْمَنْ فَإِذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ كَثِيرَةً بِمَوْضِعِهِ أَحْبَبْت أَنْ لَا تُبْعَثَ وَهَذَا إبَاحَةٌ لِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ عَنْ مَوْضِعِهَا وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ نَقْلُ الصَّدَقَاتِ عَنْ مَوَاضِعِهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ قِيلَ بِأَنَّ هَذَا يَقْتَضِي نَقْلَهَا مِنْ عَدَنٍ إِلَى الْيَمَنِ ; لِأَنَّهُ خَاطَبَ بِذَلِكَ أَهْلَ الْيَمَنِ وعدن مِنْ الْيَمَنِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْ أَغْنِيَاءِ مَنْ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُخَاطِبُ بِذَلِكَ أَهْلَ كُلِّ بَلَدٍ فَيَقْتَضِي ذَلِكَ رَدَّ زَكَاةِ أَغْنِيَائِهِ عَلَى فُقَرَائِهِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا نَقَلَ صَدَقَتَهُ إِلَى غَيْرِ بَلَدِهَا فَلَمْ يَجُزْ لَهُ تَفْرِقَتُهَا مَعَ وُجُودِ الْحَاجَةِ بِبَلَدِ الصَّدَقَةِ أَصْلُهُ إِذَا تَوَلَّى قَسْمَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ قَوْلُهُ تَعَالَى إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الْآيَةُ وَلَمْ يَخُصَّ بَلَدًا دُونَ غَيْرِهِ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا مَالٌ لَزِمَ إخْرَاجُهُ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ فَلَمْ يَخْتَصَّ بِهِ فُقَرَاءُ بَلَدٍ دُونَ بَلَدٍ آخَرَ كَكَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ.
( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا بِاخْتِصَاصِ إخْرَاجِهَا بِمَوْضِعِ الْمَالِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً بِأَرْبَعَةِ أَقَالِيمَ عَشْرَةٌ بِالْأَنْدَلُسِ وَعَشْرَةٌ بِأَفْرِيقِيَّةَ وَعَشْرَةٌ بِمِصْرَ وَعَشْرَةٌ بِالْعِرَاقِ وَكَانَ الْوُلَاةُ عُدُولًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِذَلِكَ وَيَدْفَعَ إِلَى كُلِّ أَمِيرٍ رُبُعَ شَاةٍ فِي شَاةٍ يُشَارِكُهُ فِيهَا , وَإِنْ دَفَعَ إِلَيْهِ رُبُعَ قِيمَةِ شَاةٍ أَجْزَأَهُ , وَإِنْ كَانَ الْوُلَاةُ غَيْرَ عُدُولٍ فَلْيُخْرِجْ هُوَ مَا يَلْزَمُهُ عَلَى مَا أَعْلَمْتُك , وَإِنْ كَانَ لَهُ خَمْسَةُ أَوَاقٍ فِي بِلَادٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَلْيُعْطِ كُلَّ أَمِيرٍ زَكَاةَ مَالِهِ بِبَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُدُولًا أَخْرَجَ هُوَ مَا يَلْزَمُهُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ يُرِيدُ فِي كُلِّ بَلَدٍ زَكَاةُ مَالِهِ فِيهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
( فَرْعٌ ) فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ إِلَّا لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْقُلَ زَكَاتَهُ إِلَى مَا يَقْرُبُ وَيَكُونَ فِي حُكْمِ مَوْضِعِ وُجُوبِهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَوْضِعِ وُجُوبِهَا ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَخُصَّ بِذَلِكَ أَهْلَ مَحَلَّتِهِ وَلَا جِيرَانَهُ بَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤْثِرَ أَهْلَ الْحَاجَةِ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ فَكَذَلِكَ مَا قَرُبَ مِنْهَا وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ إِنْ يَكُنْ عَلَى أَمْيَالٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْمِلَ مِنْ زَكَاتِهِ إِلَى ضُعَفَاءَ عِنْدَهُ بِالْحَاضِرَةِ , وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مِقْدَارٍ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَأَمَّا مَا تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ فَلَا تُنْقَلُ إِلَيْهِ الزَّكَاةُ.
( فَرْعٌ ) فَإِنْ نَقَلَهُ وَقُلْنَا بِرِوَايَةِ الْمَنْعِ فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ لَا تُجْزِئُهُ , وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ اللَّبَّادِ إنَّمَا ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ وَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ فَإِنْ تَلِفَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِذَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَوْ لِلْحَاجَةِ فَمَتَى يَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنَّمَا يُرْسِلُ بِهَا قَبْلَ مَحَلِّهَا بِمِقْدَارِ مَا يُمْكِنُ حَوْلُهَا عِنْدَ وُصُولِهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إِنْ أَرْسَلَهَا بَعْدَ حَوْلِهَا فَقَدْ أَمْسَكَهَا وَأَخَّرَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ التَّعَدِّي الَّذِي يَلْزَمُ بِهِ الضَّمَانُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ إرْسَالُهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ بَعْدُ وَقَدْ تَنْقُصُ عَنْ النِّصَابِ بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاةَ مَالِهِ لِأَوَّلِ مَنْ يَلْقَاهُ بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ وَلَا عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ يَكْمُلُ الْحَوْلُ وُجُوبًا يَكُونُ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ ذَلِكَ سَاعَةً وَاحِدَةً مُتَعَدِّيًا , وَإِنَّمَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِتَأْخِيرِهِ مُدَّةً يَظْهَرُ بِهَا حُكْمُ التَّعَدِّي وَالْإِغْفَالِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِذَا احْتَاجَ الْإِمَامُ إِلَى نَقْلِهِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ فَمِنْ أَيْنَ تَكُونُ مُؤْنَةُ مَا يَنْقُلُ مِنْهَا رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يَتَكَارَى عَلَيْهَا مِنْ الْفَيْءِ , وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتَكَارَى عَلَيْهَا مِنْ الْفَيْءِ وَلَكِنْ يَبِيعُهَا فِي هَذَا الْبَلَدِ وَيَبْتَاعُ عِوَضَهَا فِي بَلَدِ تَفْرِيقِهَا وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْفَيْءَ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ فَيَجِبُ أَنْ تُحْمَلَ بِهِ هَذِهِ الزَّكَاةُ وَلَا تُبَاعَ فِي مَوْضِعِ الْغِنَى عَنْهَا ; لِأَنَّ بَيْعَهَا فِي مَوْضِعِ الْغِنَى عَنْهَا وَابْتِيَاعَهَا فِي مَوْضِعِ نَفَاقِهَا يَذْهَبُ بِأَكْثَرِهَا وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الزَّكَاةَ حَقٌّ لِلْفُقَرَاءِ وَلِمَنْ سُمِّيَ مَعَهُمْ خَاصَّةً فَلَا يَجِبُ أَنْ يُتَمَّمَ بِالْفَيْءِ الَّذِي لَا يَخْتَصُّ بِهِمْ , وَإِنَّمَا ثَبَتَ لَهُمْ مِنْ الزَّكَاةِ مِقْدَارُ مَا يَخْلُصُ إِلَيْهِمْ مِنْهَا بَعْدَ الْبَيْعِ وَالِابْتِيَاعِ وَهَذَا أَحْوَطُ مِنْ التَّغْرِيرِ بِهَا فِي الطُّرُقِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهَا فَرَأَى فِيهَا شَاةً حَافِلًا الْحَافِلُ الَّتِي اجْتَمَعَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا فَعَظُمَ ضَرْعُهَا لِذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ فَقَالَ عُمَرُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ الصَّدَقَةِ مَا أَعْطَى هَذِهِ أَهْلُهَا وَهُمْ طَائِعُونَ يُرِيدُ أَنَّ أَهْلَهَا كَرِهُوا إعْطَاءَهَا لِمَا رَأَى مِنْ كَرَمِهَا وَكَثْرَةِ لَبَنِهَا وَأَنَّ نَفْسَ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ غَيْرُ طَيِّبَةٍ بِإِعْطَائِهَا فِي الْأَغْلَبِ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ , ثُمَّ قَالَ " لَا تَفْتِنُوا النَّاسَ " الْفِتْنَةُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ الِاخْتِبَارُ إِلَّا أَنَّهَا اُسْتُعْمِلَتْ فِيمَا يَصْرِفُ النَّاسَ مِنْ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ لَا تَأْخُذُوا حَزَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ الْحَزَرَاتُ وَاحِدَتُهَا حَزْرَةٌ وَقَوْلُهُ نَكِّبُوا عَنْ الطَّعَامِ أَيْ اعْدِلُوا بِأَخْذِكُمْ عَمَّا يَكُونُ مِنْهُ الطَّعَامُ لِأَرْبَابِ الْمَوَاشِي فَإِنَّ نُفُوسَهُمْ لَا تَطِيبُ بِهَا فَلَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَفِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ رَدَّ تِلْكَ الشَّاةَ الْحَافِلَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا قَدْ طَابَتْ بِهَا نَفْسُهُ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ مُرَّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِغَنَمٍ مِنْ الصَّدَقَةِ فَرَأَى فِيهَا شَاةً حَافِلًا ذَاتَ ضَرْعٍ عَظِيمٍ فَقَالَ عُمَرُ مَا هَذِهِ الشَّاةُ فَقَالُوا شَاةٌ مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ عُمَرُ مَا أَعْطَى هَذِهِ أَهْلُهَا وَهُمْ طَائِعُونَ لَا تَفْتِنُوا النَّاسَ لَا تَأْخُذُوا حَزَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ نَكِّبُوا عَنْ الطَّعَامِ
عن محمد بن يحيى بن حبان أنه قال: أخبرني رجلان من أشجع، أن محمد بن مسلمة الأنصاري كان يأتيهم مصدقا.<br> فيقول لرب المال: «أخرج إلي صدقة مالك.<br> فلا ي...
عن عطاء بن يسار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله.<br> أو لعامل عليها.<br> أو لغارم.<br> أو لرجل...
عن زيد بن أسلم أنه قال: شرب عمر بن الخطاب لبنا فأعجبه.<br> فسأل الذي سقاه، «من أين هذا اللبن؟» فأخبره أنه ورد على ماء، قد سماه، فإذا نعم من نعم الصدقة...
عن ابن شهاب، أنه قال: «لا يؤخذ في صدقة النخل الجعرور ولا مصران الفارة ولا عذق ابن حبيق»، قال: «وهو يعد على صاحب المال، ولا يؤخذ منه في الصدقة»
عن مالك أنه " سأل ابن شهاب عن الزيتون؟ فقال: فيه العشر "
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة»
عن سليمان بن يسار أن أهل الشام قالوا: لأبي عبيدة بن الجراح: خذ من خيلنا ورقيقنا صدقة.<br> فأبى ثم كتب إلى عمر بن الخطاب، فأبى عمر، ثم كلموه أيضا، فكتب...
عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، أنه قال: جاء كتاب من عمر بن عبد العزيز إلى أبي وهو بمنى أن: لا يأخذ من العسل ولا من الخيل صدقة
عن عبد الله بن دينار، أنه قال: سألت سعيد بن المسيب عن صدقة البراذين؟ فقال: وهل في الخيل من صدقة