792- عن ربيعة بن أبي عبد الله بن الهدير، أنه «رأى عمر بن الخطاب يقرد بعيرا له في طين بالسقيا وهو محرم» قال مالك: «وأنا أكرهه»
إسناده حسن
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُقَرِّدُ بَعِيرًا لَهُ فِي طِينٍ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يُزِيلُ عَنْهُ الْقُرَادَ وَيُلْقِيهَا فِي الطِّينِ فِي حَالِ إحْرَامِهِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَأَجَازَهُ عُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَكَرِهَهُ ابْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَنْعُ قَتْلِ الْقَمْلِ وَإِلْقَائِهَا عَنْ الْجَسَدِ فَنَقُولُ إِنَّ هَذَا حَيَوَانٌ يَتَوَلَّدُ فِي جَسَدِهِ حَيَوَانٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْمُحْرِمِ طَرْحُهُ عَمَّا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ الْأَجْسَامِ كَالْقَمْلِ مِنْ جَسَدِ الْإِنْسَانِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا حُكْمُ جَمِيعِ الْهَوَامِّ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ إِلَّا مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَيَلْزَمُ الْمُحْرِمَ الِامْتِنَاعُ مِنْ قَتْلِ الذُّبَابِ وَالنَّمْلِ وَالذَّرِّ والعظايا وَالْخَنَافِسِ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ وَالدُّودِ وَالْبَرَاغِيثِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَتُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ , ثُمَّ أَبَاحَ لَهُ إزَالَتَهُ عَلَى أَنْ يَفْتَدِيَ فَدَلَّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ إزَالَةِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ وَهَذَا الِاسْمُ مِنْ غَيْرِ أَذًى.
( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْهَوَامَّ عَلَى ضَرْبَيْنِ : ضَرْبٍ مِنْهُ يَخْتَصُّ بِالْأَجْسَامِ وَيَتَوَلَّدُ فِيهَا وَيَعِيشُ مِنْهَا مَعَ السَّلَامَةِ كَالْقُرَادِ فِي أَجْسَامِ الدَّوَابِّ وَالْقَمْلِ فِي أَجْسَامِ بَنِي آدَمَ وَضَرْبٍ لَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ كَالنَّمْلِ وَالذَّرِّ وَالدُّودِ وَالْبَرَاغِيثِ وَالْبَعُوضِ وَالذُّبَابِ وَالْبَقِّ فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ دَوَابِّ الْجَسَدِ فَلَا يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُزِيلُهُ عَنْ الْجَسَدِ الْمُخْتَصِّ بِهِ إِلَّا لِكَثْرَةِ أَذًى يَظْهَرُ فَيُمِيطُهُ عَنْهُ وَهَلْ يَكُونُ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ أَوْ إطْعَامٌ قَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ فِدْيَةُ أَذًى إِذَا أَصَابَ الْكَثِيرَ مِنْهُ وَإِنْ أَصَابَ الْيَسِيرَ فَإِطْعَامُ شَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ ذَلِكَ الْإِطْعَامُ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ رَحِمهُ اللَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ هَذَا وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ احْلِقْ رَأْسَكَ وَانْسُكْ بِشَاةٍ أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ اطْعَمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ أَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي حَلْقِ رَأْسِهِ وَإِنْ كَانَ يَصِلُ إِلَى إزَالَةِ الْهَوَامِّ بِالْغُسْلِ وَالْمُشْطِ لَمَّا كَانَ الْوَاجِبُ بِقَتْلِ الْهَوَامِّ هُوَ الْوَاجِبُ بِحَلْقِ الشَّعْرِ , وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَتَلَ الْقَمْلَ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ فِدْيَةٌ غَيْرُ يَسِيرِ الطَّعَامِ أَصْلُ ذَلِكَ قَتْلُ الْيَسِيرِ.
( فَرْعٌ ) وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى الصَّيْدِ أَوْ مَجْرَى إلْقَاءِ التَّفَثِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا لِأَصْحَابِنَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ : أَمَّا مُشَابَهَتُهُ لِقَتْلِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَتْلُهُ فِي غَيْرِ الْجِسْمِ الْمُخْتَصِّ بِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ قَمْلَةً سَاقِطَةً فِي الْأَرْضِ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُتْلِفَ شَعْرًا سَاقِطًا فِي الْأَرْضِ لِمَا كَانَ مَحْضُ إلْقَاءِ التَّفَثِ فَلَوْ كَانَ قَتْلُ الْقَمْلِ مِنْ بَابِ إلْقَاءِ التَّفَثِ خَاصَّةً لَجَازَ أَنْ يَقْتُلَهُ عَلَى غَيْرِ جِسْمِهِ فَإِنْ قِيلَ : لَوْ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ قَتْلِ الصَّيْدِ لَجَازَ لَهُ أَنْ يُلْقِيَهُ عَنْ جِسْمِهِ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُلْقِيَ الذَّرَّ عَنْ جِسْمِهِ وَالْقُرَادَ وَغَيْرَ ذَلِكَ فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ الْحُكْمَانِ فَلَمْ يَجُزْ إلْقَاؤُهُ مِنْ الْجَسَدِ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ التَّفَثِ , وَلَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ ; لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاصْطِيَادِ وَقَتْلِ الْحَيَوَانِ , وَالْوَجْهِ الثَّانِي أَنَّهُ إنَّمَا مُنِعَ مِنْ طَرْحِهِ عَنْ جِسْمِهِ لِضَعْفِ هَذَا الْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ إِذَا أُزِيلَ عَنْ مَوْضِعِ تَوَلُّدِهِ وَمَكَانِهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ كَانَ سَبَبَ هَلَاكِهِ الَّذِي يَجْرِي مَجْرَى قَتْلِهِ , وَلِذَلِكَ قُلْنَا إنَّهُ مَنْ أَزَالَ فَرْخَ صَيْدٍ عَنْ مَوْضِعِهِ وَمَكَانِهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ كَانَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ ; لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلْهَلَاكِ وَلِذَلِكَ مَنَعْنَاهُ مِنْ تَقْرِيدِ بَعِيرِهِ ; لِأَنَّ فِيهِ إزَالَةَ الْقُرَادِ عَنْ مَوْضِعِ حَيَاتِهِ وَإِنْ كَانَ الْبَعِيرُ لَا يُرَى فِيهِ إلْقَاءُ تَفَثِهِ كَمَا لَا يُمْنَعُ مِنْ إزَالَةِ شَعْرِهِ إِلَّا أَنَّنَا إِذَا قُلْنَا مِنْ بَابِ قَتْلِ الصَّيْدِ وَجَبَ أَنْ يَمْنَعَ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ بِقَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ كَمَا يَمْنَعُ وُجُوبَهُ بِتَقْرِيدِ الْبَعِيرِ وَقَتْلِ كَثِيرٍ مِنْ الْهَوَامِّ وَإِنَّمَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ الْإِطْعَامُ قَالَ مُحَمَّدٌ تُجْزِئُهُ قَبْضَةٌ مِنْ طَعَامٍ وَقَدْ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَدَلٌ مِنْ الصَّوْمِ وَأَقَلُّ ذَلِكَ الْيَوْمُ الْوَاحِدُ وَإِذَا قُلْنَا : إنَّهُ مِنْ بَابِ إلْقَاءِ التَّفَثِ تَعَلَّقَتْ الْفِدْيَةُ بِكَثِيرِهِ دُونَ يَسِيرِهِ كَحَلْقِ الشَّعْرِ فَمَنْ نَتَفَ شَعْرَهُ أَوْ شَعَرَاتٍ يَسِيرَةً فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ إطْعَامٌ وَمَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ أَوْ كَثِيرًا مِنْ شَعْرِهِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْحَلَمُ وَالْقُرَادُ وَالْحَمْنَانِ فَهِيَ مِنْ دَوَابِّ جِسْمِ الْبَعِيرِ فَلَيْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُلْقِيَهُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ هَلَاكِهِ إِلَّا أَنْ يَرَى مِنْ الْبَعِيرِ إضْرَارًا مِنْ كَثْرَةِ ذَلِكَ وَاسْتِضْرَارِهِ بِهَا فَيُزِيلُهَا عَنْهُ وَيُطْعِمُ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُلْقِيَ الْقَمْلَ عَنْ جِسْمِهِ إِذَا أَضَرَّ ذَلِكَ بِهِ.
.
( فَصْلٌ ) وَأَمَّا مَا لَيْسَ مِنْ دَوَابِّ الْجِسْمِ كَالْبَرَاغِيثِ وَالْبَعُوضِ وَالْبَقِّ وَالذَّرِّ وَالنَّمْلِ وَالذُّبَابِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ طَرْحُهُ عَنْ جَسَدِهِ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ دَوَابِّ جَسَدِهِ , وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطْرَحَ عَنْ جَسَدِهِ الْقُرَادَ وَالْحَلَمَ وَالْحَمْنَانَ إِلَّا الْقَمْلَ خَاصَّةً وَيَطْرَحُ عَنْ بَعِيرِهِ الْعَلَقَ وَسَائِرَ الْحَيَوَانِ إِلَّا الْقُرَادَ وَمَا كَانَ مِنْ دَوَابِّ جَسَدِهِ وَلَا يَقْتُلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ قَتَلَهُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ يُطْعِمُ وَقَالَ مَرَّةً أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُطْعِمَ وَإِنْ ابْتَدَأَ الْإِنْسَانَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِالضَّرَرِ فَقَتَلَهُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي مُحْرِمٍ لَدَغَتْهُ ذَرَّةٌ فَقَتَلَهَا وَهُوَ لَا يَشْعُرُ أَرَى أَنْ يُطْعِمَ شَيْئًا وَكَذَلِكَ النَّمْلَةُ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ ضَرَرَهَا يَسِيرٌ فَطَرْحُهَا يَقُومُ مَقَامَ قَتْلِهَا فِي دَفْعِ أَذَاهَا.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُقَرِّدُ بَعِيرًا لَهُ فِي طِينٍ بِالسُّقْيَا وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَ مَالِك وَأَنَا أَكْرَهُهُ
عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه أنها قالت: سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تسأل عن المحرم.<br> أيحك جسده؟ فقالت: نعم.<br> «فليحككه وليشدد، ولو ر...
عن أيوب بن موسى، أن عبد الله بن عمر «نظر في المرآة لشكو كان بعينيه، وهو محرم»
عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان «يكره أن ينزع المحرم حلمة أو قرادا عن بعيره» قال مالك: «وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك»
عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم، أنه «سأل سعيد بن المسيب عن ظفر له انكسر وهو محرم».<br> فقال سعيد: «اقطعه»
عن عبد الله بن عباس قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسو...
عن عبد الله بن عمر أنه قال، حين خرج إلى مكة معتمرا في الفتنة: «إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بعمرة»، من أجل أن...
عن عبد الله بن عمر أنه قال: «المحصر بمرض لا يحل.<br> حتى يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة.<br> فإذا اضطر إلى لبس شيء من الثياب التي لا بد له منها...
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تقول: «المحرم لا يحله إلا البيت»
عن رجل من أهل البصرة كان قديما، أنه قال: خرجت إلى مكة حتى إذا كنت ببعض الطريق كسرت فخذي، فأرسلت إلى مكة وبها عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر والناس....