840-
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة، فقال: «اركبها»، فقال: يا رسول الله.
إنها بدنة.
فقال: «اركبها»، «ويلك» في الثانية أو الثالثة
أخرجه الشيخان
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ ارْكَبْهَا لَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ لِحَالِ الرَّجُلِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الرَّجُلُ قَدْ اُضْطُرَّ إِلَى رُكُوبِهَا وَكَانَ مَعَ كَثْرَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَثْرَةِ هَدْيِهِمْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَأَى جَمَاعَةً يَسُوقُونَ مِثْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ أَحَدًا بِمِثْلِ ذَلِكَ وَلَوْ أَمَرَ جَمِيعَهُمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ لَكَانَ رُكُوبُ الْبُدْنِ مَشْرُوعًا كَثِيرًا مَشْهُورًا وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَجَازَ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا الْأَحْمَالَ وَتَصَرَّفَ فِي الْعَمَلِ وَالْحَمْلِ عَلَيْهَا وَالْكِرَاءِ وَغَيْرِهِ , وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ بِاتِّفَاقٍ ; لِأَنَّ الْبُدْنَ مَا أُخْرِجَ لِلَّهِ تَعَالَى , وَذَلِكَ يَقْتَضِي الِامْتِنَاعَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا ; لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الرُّجُوعِ فِيهَا وَإِنَّمَا تُرْكَبُ الْبُدْنُ لِلْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ الرُّكُوبِ الْخَفِيفِ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَ الرَّجُلُ بَدَنَتَهُ رُكُوبًا غَيْرَ فَادِحٍ وَلَا يَرْكَبُهَا بِالْحَمْلِ وَلَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا زَادَهُ وَلَا شَيْءَ يُتْعِبُهَا بِهِ.
( فَرْعٌ ) فَإِنْ رَكِبَهَا مُحْتَاجًا إِلَى رُكُوبِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِلَ إِذَا اسْتَرَاحَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ اسْتَبَاحَ رُكُوبَهَا بِمَا حَدَثَ مِنْ حَاجَتِهِ إِلَى ذَلِكَ فَكَانَ لَهُ رُكُوبُهَا بَعْدَ دَفْعِ تِلْكَ الْحَاجَةِ عَنْ نَفْسِهِ كَالْمُضْطَرِّ إِلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ لَا يَأْكُلُهَا حَتَّى يُضْطَرَّ إلَيْهَا وَيَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ بِالِامْتِنَاعِ مِنْهَا , ثُمَّ تَدُومُ تِلْكَ الضَّرُورَةُ بِالشِّبَعِ مِنْهَا فَيَسْتَدِيمُ اسْتِبَاحَةَ أَكْلِهَا حَتَّى يَجِدَ مَا يُغْنِيَهُ عَنْهَا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ الرَّجُلِ : إنَّهَا بَدَنَةٌ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا أَبَاحَ لَهُ رُكُوبَهَا لِمَا اعْتَقَدَ أَنَّهَا غَيْرُ بَدَنَةٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْبُدْنِ إنَّمَا يَنْطَلِقُ عَلَى مَا قَدْ وَجَبَ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ هَدْيُهُ لِبَدَنَةٍ مُقَلَّدَةٍ مُشْعِرَةٍ أَوْ عَارِيَةٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ مُقَلَّدَةً مُشْعِرَةً فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا بَدَنَةٌ وَقَوْلُ الرَّجُلِ : إنَّهَا بَدَنَةٌ مَعَ ذَلِكَ نِهَايَةُ التَّحَرُّزِ وَالْمُبَالَغَةِ فِيهِ وَالْإِعْلَامِ لَهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ رُكُوبَهَا لِكَوْنِهَا بَدَنَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي ظَاهِرِ حَالِهَا مَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ عَارِيَةً مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ إيجَابِهَا أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ إيجَابِهَا فَقَدْ أَغْفَلَ الْإِشْعَارَ وَالتَّقْلِيدَ فَلَا عَلَامَةَ بِأَنَّهَا بَدَنَةٌ , وَجْهٌ وَاضِحٌ بَيِّنٌ غَيْرَ أَنَّ رُكُوبَهَا مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا جَائِزٌ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَبَاحَ لَهُ رُكُوبَهَا أَوْ أَمَرَهُ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا بَدَنَةٌ وَإِنْ كَانَ لَا يُوجِبُهَا وَإِنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ رُكُوبِهَا ; لِأَنَّهُ نَوَى إيجَابَهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَوَجْهُ رُكُوبِهَا أَبْيَنُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ تَعْيِينِهَا بِالنِّيَّةِ وَقَبْلَ الْإِيجَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْكَبْهَا وَيْلَك فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ قَوْلِهِ ارْكَبْهَا ابْتِدَاءً فَيَقُولُ لَهُ ذَلِكَ زَجْرًا عَنْ مُرَاجَعَتِهِ عَنْ أَمْرٍ قَدْ كَانَ لَهُ فِي التَّعَلُّقِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَحَمْلُهُ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْأَحْوَالِ سِعَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الثَّانِيَةَ مِنْ جَوَابِهِ لَهُ عَنْ قَوْلِهِ إنَّهَا بَدَنَةٌ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ زَجْرًا لَهُ عَنْ تَكْرِيرِ سُؤَالِهِ عَنْ أَمْرٍ قَدْ بَيَّنَهُ لَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْ أَمْرَهُ بِرُكُوبِهَا بِحَالِ الْكَلَالِ دُونَ حَالِ الْإِرَاحَةِ وَلَا قَالَ لَهُ فَإِذَا أَسْقَطْت الْمَشْيَ فَانْزِلْ فَاقْتَضَى ذَلِكَ اسْتِدَامَتَهُ رُكُوبَهَا وَإِنْ زَالَ تَعَبُ مَشْيِهِ بِرُكُوبِهَا.
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ ارْكَبْهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ فَقَالَ ارْكَبْهَا وَيْلَكَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ
عن عبد الله بن دينار، أنه كان يرى عبد الله بن عمر «يهدي في الحج بدنتين بدنتين، وفي العمرة بدنة بدنة».<br> قال: «ورأيته في العمرة ينحر بدنة وهي قائمة ف...
عن يحيى بن سعيد، أن عمر بن عبد العزيز أهدى جملا في حج أو عمرة
عن أبي جعفر القارئ، أن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي: أهدى بدنتين، إحداهما بختية
عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول: «إذا نتجت الناقة، فليحمل ولدها حتى ينحر معها، فإن لم يوجد له محمل حمل على أمه حتى ينحر معها»
عن هشام بن عروة، أن أباه قال: «إذا اضطررت إلى بدنتك فاركبها ركوبا غير فادح، وإذا اضطررت إلى لبنها فاشرب، بعدما يروى فصيلها، فإذا نحرتها فانحر فصيلها م...
عن عبد الله بن عمر أنه كان: «إذا أهدى هديا من المدينة، قلده وأشعره بذي الحليفة.<br> يقلده قبل أن يشعره.<br> وذلك في مكان واحد.<br> وهو موجه للقبلة.<br...
عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان إذا طعن في سنام هديه، وهو يشعره قال: «بسم الله والله أكبر»
عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول: «الهدي ما قلد وأشعر ووقف به بعرفة»
عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان «يجلل بدنه القباطي، والأنماط والحلل.<br> ثم يبعث بها إلى الكعبة فيكسوها إياها»