1015-
عن حميد بن قيس وثور بن زيد الديلي أنهما أخبراه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - وأحدهما يزيد في الحديث على صاحبه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قائما في الشمس فقال: «ما بال هذا؟» فقالوا: نذر أن لا يتكلم، ولا يستظل من الشمس، ولا يجلس، ويصوم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مروه فليتكلم، وليستظل، وليجلس وليتم صيامه» قال مالك: «ولم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بكفارة.
وقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتم ما كان لله طاعة، ويترك ما كان لله معصية»
هذا الحديث يتصل عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه منها: حديث جابر، وابن عباس
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ رَأَى أَنَّ رَجُلًا قَائِمًا فِي الشَّمْسِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ رَآهُ مُلَازِمًا لِذَلِكَ دُونَ قُعُودٍ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِظْلَالِ وَالْقُعُودِ وَخَارِجًا فِيهِ عَنْ عَادَةِ النَّاسِ فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَبَبِهِ فَأُعْلِمَ أَنَّهُ نَذَرَ هَذِهِ الْمَعَانِي مِنْ الْقِيَامِ لِلشَّمْسِ وَالصِّيَامِ وَالصَّمْتِ وَهَذِهِ الْمَعَانِي مِنْهَا مَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ لِكَوْنِهِ طَاعَةً وَهُوَ الصَّوْمُ وَمِنْهَا مَا لَا يَلْزَمُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طَاعَةٌ كَالْقِيَامِ لِلشَّمْسِ وَالصَّمْتِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُعْلِمُهُ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ لِيَفِيَ بِنَذْرِهِ فِيهِ وَيُعْلِمَهُ بِمَا لَا يَلْزَمُهُ فَيَتْرُكُ إتْعَابَ نَفْسِهِ فِيهِ وَإِلْزَامَهَا إِيَّاهُ ( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ لِأَنَّ فِيهِ قُرْبَةً لِأَنَّ الْمَشْيَ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ قُرْبَةٌ وَالْمَشْيَ إلَيْهَا لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوبِ قُرْبَةٌ فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ إِنَّ فِي حَجِّ الْمَاشِي مِنْ الْقُرْبَةِ مَا لَيْسَ فِي حَجِّ الرَّاكِبِ وَأَمَّا الْوُقُوفُ فِي الشَّمْسِ فَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَأَمَّا تَرْكُ الِاسْتِظْلَالِ حَالَ الْمَشْيِ لِلْمُحْرِمِ فَإِنَّمَا هُوَ قُرْبَةٌ حَالَ الْإِحْرَامِ كَتَرْكِ لُبْسِ الْمَخِيطِ وَتْرِكِ التَّطَيُّبِ وَالصَّيْدِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ بِالنَّذْرِ إِلَّا مَا يَخْتَصُّ مِنْهُ بِالْإِحْرَامِ.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ مَالِكٍ وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِكَفَّارَةٍ يُرِيدُ مَالِكٌ بِذَلِكَ نَفْيَ الْكَفَّارَةِ عَنْهُ فِيمَا تَرَكَهُ مِنْ نَذْرِهِ لَمَّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا ذَهَبَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ فِي الشَّمْسِ وَالصَّمْتِ لَمَّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ فِيمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا يَمْشِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ الْتَزَمَ شَيْئًا لَا يَلْزَمُ مِثْلُهُ بِالنَّذْرِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بَدَلٌ مِنْهُ.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَقَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتِمَّ مَا كَانَ لِلَّهِ فِيهِ طَاعَةٌ وَيَتْرُكَ مَا كَانَ لِلَّهِ فِيهِ مَعْصِيَةٌ يُرِيدُ بِالطَّاعَةِ الصَّوْمَ وَبِالْمَعْصِيَةِ الْقِيَامَ لِلشَّمْسِ وَالصَّمْتَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ تَسْمِيَتَهُ مَعْصِيَةٌ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إِذَا نُذِرَ كَانَ مَعْصِيَةً لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يَنْذِرَ مَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَلَوْ فَعَلَ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ النَّذْرِ وَالتَّقَرُّبِ بِهِ لَكَانَ مُبَاحًا وَإِذَا فَعَلَ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ وَالْقُرْبَةِ كَانَ مَعْصِيَةً وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ إِذَا بَلَغَ بِهِ حَدَّ الِاسْتِضْرَارِ وَالتَّعَبِ كَانَ مَعْصِيَةً سَوَاءٌ فَعَلَ بِنَذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ نَذْرٍ ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالنَّذْرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ أَحَدُهَا أَنْ يَنْذِرَ مَا هُوَ لِلَّهِ طَاعَةٌ وَالثَّانِي أَنْ يَنْذِرَ مَا هُوَ مُبَاحٌ وَالثَّالِثُ أَنْ يَنْذِرَ مَا هُوَ مَعْصِيَةٌ فِي نَفْسِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا الْقِسْمُ الْوَاحِدُ وَهُوَ أَنْ يَنْذِرَ مَا هُوَ لِلَّهِ طَاعَةٌ مِثْلُ أَنْ يَنْذِرَ حَجًّا أَوْ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ صَدَقَةً وَأَمَّا الْمُبَاحُ فَمِثْلُ أَنْ يَنْذِرَ جُلُوسًا فِي الدَّارِ أَوْ مَشْيًا فِي الطَّرِيقِ وَالْمَعْصِيَةُ أَنْ يَنْذِرَ شُرْبَ خَمْرٍ أَوْ زِنًا أَوْ ظُلْمَ أَحَدٍ فَفِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي نَاذِرِ الْمُبَاحِ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ فِعْلِهِ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ مَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ لِأَنَّ النَّذْرَ يُوجِبُ فِعْلَ الْمَنْذُورِ فَإِذَا كَانَ الْمُبَاحُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَجِبَ لَمْ يَصِحَّ تَعَلُّقُ النَّذْرِ بِهِ كَالْمَعْصِيَةِ ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ فَلَا يَلْزَمُ بِهِ عِنْدَنَا شَيْءٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ إِنَّ عَلَيْهِ مَعَ تَرْكِهَا كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ وَهَذَا مَوْضِعُ تَعْلِيمٍ فَاقْتَضَى أَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ مُوجِبَهُ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا نَذْرُ مَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ أَصْلُ ذَلِكَ إِذَا نَذَرَ الْجُلُوسَ وَالْقُعُودَ.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحَدُهُمَا يَزِيدُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا قَائِمًا فِي الشَّمْسِ فَقَالَ مَا بَالُ هَذَا فَقَالُوا نَذَرَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ وَلَا يَسْتَظِلَّ مِنْ الشَّمْسِ وَلَا يَجْلِسَ وَيَصُومَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَجْلِسْ وَلْيُتِمَّ صِيَامَهُ قَالَ مَالِك وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِكَفَّارَةٍ وَقَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتِمَّ مَا كَانَ لِلَّهِ طَاعَةً وَيَتْرُكَ مَا كَانَ لِلَّهِ مَعْصِيَةً
عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد أنه سمعه يقول: أتت امرأة إلى عبد الله بن عباس، فقالت: إني نذرت أن أنحر ابني.<br> فقال ابن عباس: «لا تنحري ابنك، وكف...
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» قال يحيى: وسمعت مالكا يقول: " معنى قول رسول...
عن عائشة أم المؤمنين، أنها كانت تقول: «لغو اليمين قول الإنسان لا والله، وبلى والله»
عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: " من قال: والله.<br> ثم قال: إن شاء الله.<br> ثم لم يفعل الذي حلف عليه، لم يحنث "
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف بيمين، فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه، وليفعل الذي هو خير
عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: «من حلف بيمين فوكدها، ثم حنث.<br> فعليه عتق رقبة.<br> أو كسوة عشرة مساكين، ومن حلف بيمين فلم يؤكدها، ثم حنث فعليه إطع...
عن عبد الله بن عمر أنه كان «يكفر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين، لكل مسكين مد من حنطة وكان يعتق المرار إذا وكد اليمين»
عن سليمان بن يسار أنه قال: «أدركت الناس وهم إذا أعطوا في كفارة اليمين، أعطوا مدا من حنطة بالمد الأصغر، ورأوا ذلك مجزئا عنهم»
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يسير في ركب وهو يحلف بأبيه فقال رسو...