1026-
عن ابن شهاب أنه بلغه أن أبا لبابة بن عبد المنذر حين تاب الله عليه قال: يا رسول الله.
أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأجاورك وأنخلع من مالي صدقة إلى الله، وإلى رسوله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجزيك من ذلك الثلث»
إسناده منقطع
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ إِنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ قَالَ حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ : أَهْجُرُ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْت فِيهَا الذَّنْبَ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْإِقْلَاعِ عَنْ الذَّنْبِ وَتَرْكِ كُلِّ مَا كَانَ سَبَبًا إِلَيْهِ فَقَدْ يَكُونُ مَقَامُهُ بِبَلَدِهِ أَوْ مَالُهُ بِهَا مِنْ مَالِ الْمَسَاكِينِ وَالْمَالُ سَبَبُ ذَلِكَ الذَّنْبِ وَقَدْ يَكُونُ سَبَبُهُ بُعْدَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ لَمْ يُجَاوِرْهُ فَيَعِظُهُ وَيَنْهَاهُ وَيُعَلِّمُهُ وَلِذَلِكَ قَالَ وَأُجَاوِرُك.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ ( وَأَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) يُرِيدُ التَّقَرُّبَ بِذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالشُّكْرَ لَهُ تَعَالَى عَلَى تَوْبَتِهِ بَعْدَ تَوَرُّطِهِ فِي الذَّنْبِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ يُجْزِيك مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ الْتَزَمَ الصَّدَقَةَ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ يُجْزِيك مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ فِيهِ حُكْمٌ فَيُقَالُ لَهُ يُجْزِيك مِنْ ذَلِكَ كَذَا وَلَوْ كَانَ أَمْرًا لَمْ يَلْزَمْهُ بَعْدُ لَقَالَ تَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِكِ وَأَمْسِكْ عَلَى نَفْسِك الْبَاقِي لِيَكْفِيَك عَنْ الْحَاجَةِ إِلَى النَّاسِ كَمَا قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ : أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ ؟ قَالَ لَا قُلْت بِالشَّطْرِ ؟ قَالَ لَا.
قُلْت بِالثُّلُثِ ؟ فَقَالَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ.
أَوْ كَبِيرٌ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ فَحَنِثَ فَقَالَ مَالِكٌ يُجْزِئُهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُخْرِجُ جَمِيعَهُ مِنْ الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ دُونَ سَائِرِ أَمْوَالِهِ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يُخْرِجُ جَمِيعَ مَالِهِ وَإِنْ ثَبَتَ حَدِيثُ أَبِي لُبَابَةَ فَإِنَّهُ يُتَأَوَّلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَوْجَبَهُ بَعْدُ وَأَنَّ مَعْنَى يُجْزِئُكَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ أَنَّهُ يُجْزِئُكَ مِنْ غَايَةِ النِّهَايَةِ فِيمَا يُتَقرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ إخْرَاجَ الْإِنْسَانِ جَمِيعَ مَالِهِ ابْتِدَاءً وَيَبْقَى عَالَةً مَمْنُوعٌ مِنْهُ , وَالْأَفْضَلُ لَهُ اسْتِبْقَاءُ أَكْثَرِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَجْعَلْ يَدَك مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِك وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا وَقَالَ تَعَالَى وَاَلَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا وَهَذَا فِيمَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ ابْتِدَاءً فَأَمَّا مَا قَدْ الْتَزَمَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ كَالطَّلَاقِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ إيقَاعِ الثَّلَاثِ وَإِنَّمَا أُبِيحَتْ لَهُ وَاحِدَةٌ فَإِنْ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ لَزِمَتْهُ.
وَجْهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ حَدِيثُ أَبِي لُبَابَةَ يُجْزِئُكَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ وَظَاهِرُهُ مَا قُلْنَا وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ اسْتِيعَابَ الْمَالِ بِالصَّدَقَةِ مَمْنُوعٌ فَوَجَبَ أَنْ يُؤَثِّرَ هَذَا الْمَنْعُ فِي الْعُدُولِ عَنْهُ وَأَنْ لَا يَبْطُلَ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ النَّقْصَ لَا يَتَنَاوَلُ الْبَعْضَ فَوَجَبَ رَدُّهُ إِلَى الثُّلُثِ كَالْوَصِيَّةِ ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُ جَمِيعِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ سَوَاءٌ كَانَ مَالُهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِنْ كَانَ غَنِيًّا لَزِمَهُ أَنْ يُخْرِجَ ثُلُثَ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلَ الْمَالِ يُجْحِفُ بِهِ إخْرَاجُ ثُلُثِ مَالِهِ أَجْزَأَهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا الْتِزَامٌ لَا ذِكْرَ فِيهِ لِلْيَمِينِ وَلَا يُصْرَفُ عَنْ ظَاهِرِهِ لِلْقُرْبَةِ فَلَمْ تَجِبْ بِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمًا أَوْ صَلَاةً ( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا إِذَا عَلَّقَ الصَّدَقَةَ عَلَى جَمِيعِ مَالِهِ فَإِنْ عَلَّقَهَا عَلَى جُزْءٍ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ غُرْمَ جَمِيعِ ذَلِكَ الْجُزْءِ مِنْ مَالِهِ كَقَوْلِهِ الرُّبُعُ أَوْ النِّصْفُ أَوْ التِّسْعَةُ أَعْشَارٍ لَزِمَهُ إخْرَاجُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ مِنْهُ عَلَى الثُّلُثِ وَفِي النَّوَادِرِ رُوِيَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ يَقْتَصِرُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الثُّلُثِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ حَلِفَهُ بِصَدَقَةِ مَالِهِ قَدْ تَنَاوَلَ لَفْظَ الْمَالِ عَلَى وَجْهٍ عَامٍّ يَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الِاسْتِيعَابِ غَيْرَ مَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ وَإِذَا عَلَّقَهُ بِجُزْءٍ مِنْهُ فَقَدْ عَلَّقَهُ عَلَى جُزْءٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الْجُمْلَةِ فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّفْظِ بِمَنْزِلَةِ التَّعَيُّنِ وَالتَّعَيُّنُ أَقْوَى فِي تَعَلُّقِ الْأَحْكَامِ بِهِ مِنْ الْمُطْلَقِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ إخْرَاجُ مَالٍ عَلَى وَجْهٍ يُمْنَعُ مِنْ اسْتِيعَابِهِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ إبْعَاضِهِ فَوَجَبَ رَدُّهُ إِلَى الثُّلُثِ كَالْوَصِيَّةِ ( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ جَمِيعُ مَالِهِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ جَمِيعِهِ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ يُجْزِئُهُ الثُّلُثُ.
وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ تَعْلِيقَ الْأَحْكَامِ بِمُعَيَّنٍ يَقْتَضِي مِنْ اخْتِصَاصِهَا بِهِ مَا لَا يَقْتَضِيهِ تَعْلِيقُهَا بِلَفْظٍ عَامٍّ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَخْبَرَ لَقَدْ رَأَى بَنِي زَيْدٍ كَانَ صَادِقًا إِذَا رَأَى بَعْضَهُمْ وَلَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ التَّخْصِيصَ وَإِذَا قَالَ لَمْ أَرَهُمْ وَأَرَادَ بِذَلِكَ جَمِيعَهُمْ كَانَ صَادِقًا فَإِذَا رَأَى بَعْضَهُمْ وَأَرَادَ الْجَمِيعَ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِجَمِيعِهِمْ فِي تَعْلِيقِ الرُّؤْيَةِ بِجَمِيعِهِمْ وَنَفْيِهَا عَنْهُمْ وَإِذَا عَيَّنَ زَيْدًا اخْتَصَّ هَذَا الْحُكْمُ بِهِ اخْتِصَاصًا لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَلَا يَحْتَمِلُ مِنْ التَّخْصِيصِ مَا احْتَمَلَهُ عَدَمُ التَّغْيِيرِ فَلِذَلِكَ إِذَا حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إخْرَاجُ جَمِيعِ مَالِهِ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ الْجَمِيعَ وَيَحْتَمِلُ الْبَعْضَ وَإِنْ كَانَ فِي الْجَمِيعِ أَظْهَرُ , وَإِذَا عَيَّنَ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا لَزِمَهُ إخْرَاجُ جَمِيعِهِ لِأَنَّ مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَلِفَ مُعَيَّنٌ لَا يَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ فَلَزِمَهُ لِذَلِكَ إخْرَاجُ جَمِيعِهِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْحَلِفَ بِصَدَقَةِ جَمِيعِ الْمَالِ يَقْتَضِي الرَّدَّ إِلَى الثُّلُثِ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِجَمِيعِ مَالِهِ ( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ عَدَدٍ مِنْ مَالِهِ مِثْلُ أَنْ يَحْلِفَ بِصَدَقَةِ مِائَةِ دِينَارٍ مِنْ مَالِهِ , لَزِمَهُ إخْرَاجُ جَمِيعِهَا وَإِنْ لَمْ يَفِ بِهَا مَالُهُ بَقِيَ بَاقِي ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا نَوْعٌ مِنْ التَّعْيِينِ وَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُ وَيَجِبُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَقَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ أَنْ يُرَدَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَى ثُلُثِ الْمَالِ مَا لَا يَلْزَمُهُ سِوَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا ثُلُثٌ وَاحِدٌ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ يُخْرِجُ عَنْ الْيَمِينِ الْأُولَى ثُلُثَ مَالِهِ ثُمَّ يُخْرِجُ ثُلُثَ مَا بَقِيَ عَنْ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْيَمِينَ بِصَدَقَةِ الْمَالِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الرَّدِّ إِلَى الثُّلُثِ فَمَتَى تَكَرَّرَتْ لَمْ يَقْضِ إِلَّا ثُلُثًا وَاحِدًا , أَصْلُ ذَلِكَ الْوَصِيَّةُ لِوَصِيٍّ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ جَمِيعِ مَالِهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُ ثُلُثٍ وَاحِدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ كُلَّ يَمِينٍ مِنْهَا يَمِينُ صَدَقَةٍ بِمَالٍ فَكَانَ لَهَا حُكْمُهَا كَمَا لَوْ حَلَفَ فِي شَيْءٍ لَيَتَصَدَّقَنَّ عَلَى فُلَانٍ بِدِينَارٍ ثُمَّ حَلَفَ فِي شَيْءٍ آخَرَ لَيَتَصَدَّقَنَّ عَلَى فُلَانٍ بِدِرْهَمٍ لَثَبَتَ حُكْمُ الْيَمِينِ ( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا ثُلُثٌ وَاحِدٌ فَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَتْ أَيْمَانُهُ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَيْمَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَحَنِثَ فِيهَا كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ حَنِثَ بَعْدَ حِنْثٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا ثُلُثٌ وَاحِدٌ إِلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ ثُمَّ يَحْلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَنِثَ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ ثُلُثَهُ مَرَّةً ثَانِيَةً فَإِمَّا أَنْ يَحْنَثَ وَلَا يُخْرِجُ الثُّلُثَ حَتَّى يَحْنَثَ مَرَّةً أُخْرَى فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا ثُلُثٌ وَاحِدٌ ( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ وَمَالُهُ عَلَى مِقْدَارِهَا ثُمَّ حَنِثَ وَقَدْ زَادَ مَالُهُ أَوْ نَقَصَ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الثُّلُثُ مِمَّا كَانَ بِيَدِهِ يَوْمَ الْيَمِينِ دُونَ النَّمَاءِ قَالَهُ مَالِكٌ سَوَاءٌ زَادَ مَالُهُ بِتِجَارَةٍ أَوْ فَائِدَةٍ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ إِلَّا أَنْ يَزِيدَ بِوِلَادَةٍ فَيُخْرِجُ ثُلُثَ الْأَوْلَادِ مَعَ ثُلُثِ الْأُمَّهَاتِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إِنَّمَا تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِيمَا كَانَ يَمْلِكُهُ يَوْمَ الْيَمِينِ فَأَمَّا مَا مَلَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ تَتَنَاوَلْهُ يَمِينُهُ , وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ هَذَا مِلْكٌ يَتَعَلَّقُ بِالْأُمَّهَاتِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ إِلَى حِينِ الْوِلَادَةِ فَيُعَلَّقُ بِمَا تَلِدُهُ أَصْلُ ذَلِكَ تَمَلُّكُ الْحَالِفِ ( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ نَقَصَ مَالُهُ بَعْدَ الْيَمِينِ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا ثُلُثُ مَا بَقِيَ بِيَدِهِ يَوْمَ الْحِنْثِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي هَذَا وَهَذَا إِذَا ذَهَبَ مَا ذَهَبَ مِنْهُ بِأَمْرٍ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَلْزَمُهُ مَا تَلِفَ بِسَبَبِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ مَا تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَا أَنْفَقَ مِنْهُ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَإِنْ ذَهَبَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَا يَضُرُّ التَّفْرِيطُ بَعْدَ الْحِنْثِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنُ بِالتَّفْرِيطِ بَعْدَ الْحِنْثِ.
وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ التَّفْرِيطُ إذْ إخْرَاجُ الْكَفَّارَةِ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ فَتَأْخِيرُ إِخْرَاجِهَا لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانَ وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ وَلِأَنَّهُ جُزْءُ مَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجَهَا فَلَزِمَهُ بِالتَّفْرِيطِ كَالزَّكَاةِ ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا إِذَا أَنْفَقَهُ بَعْدَ الْحِنْثِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَتْبَعُ بِهِ دُنْيَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْمَنُ كَزَكَاةٍ فَرَّطَ فِيهَا حَتَّى ذَهَبَ الْمَالُ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْهَا وَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِهَا وَإِنْ أَنْفَقَهَا لِضَرُورَةٍ وَحَاجَةٍ إلَيْهَا لَمْ يَأْثَمْ بِذَلِكَ كَمَا لَمْ يَأْثَمْ الَّذِي وَقَعَ عَلَى أَهْلِهِ فِي رَمَضَانَ إذْ عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَاجَتِهِ إلَيْهَا فَأَمَرَهُ أَنْ يُطْعِمَهَا أَهْلَهُ وَنَحْنُ نَتَأَوَّلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهُ فَإِنْ أَنْفَقَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجُهُ.
أَصْلُ ذَلِكَ الزَّكَاةُ ( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا إِذَا حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَا تَقَدَّمَ مِلْكُهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إِذَا حَلَفَ بِصَدَقَةِ جَمِيعِ مَا يَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَإِنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَا يَسْتَفِيدُهُ فِي مِصْرَ أَوْ غَيْرِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الطَّلَاقِ ( فَرْعٌ ) وَمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالٍ فَحَنِثَ وَلَهُ عَيْنٌ وَرَقِيقٌ وَحُبُوبٌ فَلْيُخْرِجْ ثُلُثَ ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْعَيْنَ خَاصَّةً قَالَ أَشْهَبُ وَيُخْرِجُ ثُلُثَ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مُدَبَّرِهِ وَلَا مُعْتَقِهِ إِلَى أَجَلٍ إِلَّا أَنْ يُؤَاجِرَهُمْ فَيُخْرِجُ ثُلُثَ الْأُجْرَةِ وَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ خِدْمَتَهُمْ مَالٌ لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إِذَا أَجَّرَهُمْ أَخْرَجَ ثُلُثَ الْأُجْرَةِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُؤَاجِرْهُمْ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنَّمَا يَصِيرُ مَالًا بِالْإِجَارَةِ فَهُوَ شَيْءٌ يُسْتَفَادُ بَعْدَ الْيَمِينِ ( فَرْعٌ ) وَأَمَّا كِتَابَةُ مُكَاتَبِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخْرِجُ ثُلُثَ قِيمَةِ الْكِتَابَةِ وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُونَ نَظَرَ إِلَى قِيمَةِ رِقَابِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْكِتَابَةِ أَخْرَجَ الْفَضْلَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُخْرِجُ ثُلُثَ مَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُكَاتَبِينَ وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ أَخْرَجَ ثُلُثَهُ وَمَا يَرْجِعُ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَلْزَمْ وَرَثَتَهُ فِيهِ شَيْءٌ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ كُلَّهُ عَنْهُمَا.
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْجُرُ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ وَأُجَاوِرُكَ وَأَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها سئلت عن رجل قال: مالي في رتاج الكعبة.<br> فقالت عائشة: «يكفره ما يكفر اليمين»(1) 1386- قال مالك: في الذي يقول...
عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: ماذا يتقى من الضحايا؟ فأشار بيده وقال: «أربعا» وكان البراء يشير بيده ويقول يدي أقصر من يد رسول...
عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان " يتقي من الضحايا والبدن التي لم تسن والتي نقص من خلقها، قال مالك وهذا أحب ما سمعت إلي
عن نافع، أن عبد الله بن عمر «ضحى مرة بالمدينة» - قال نافع «فأمرني أن أشتري له كبشا فحيلا أقرن، ثم أذبحه يوم الأضحى في مصلى الناس» قال نافع: ففعلت.<br>...
عن بشير بن يسار، أن أبا بردة بن نيار ذبح ضحيته قبل أن يذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى، فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يعود...
عن عباد بن تميم، أن عويمر بن أشقر ذبح ضحيته قبل أن يغدو يوم الأضحى، وأنه ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره «أن يعود بضحية أخرى»
عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام، ثم قال بعد كلوا وتصدقوا، وتزودوا وادخروا
عن عبد الله بن واقد أنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام»، قال عبد الله بن أبي بكر فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد ال...
عن أبي سعيد الخدري أنه قدم من سفر فقدم إليه أهله لحما، فقال: انظروا أن يكون هذا من لحوم الأضحى؟ فقالوا: هو منها، فقال أبو سعيد: ألم يكن رسول الله صلى...