1100- عن نافع، أن ابنة عبيد الله بن عمر، وأمها بنت زيد بن الخطاب، كانت تحت ابن لعبد الله بن عمر فمات، ولم يدخل بها، ولم يسم لها صداقا، فابتغت أمها صداقها، فقال عبد الله بن عمر «ليس لها صداق، ولو كان لها صداق لم نمسكه ولم نظلمها، فأبت أمها أن تقبل ذلك، فجعلوا بينهم زيد بن ثابت» فقضى أن لا صداق لها ولها الميراث "
إسناده صحيح
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ بِنْتَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَتْ تَحْتَ ابْنٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَمَاتَ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا يَقْتَضِي أَنَّ نِكَاحَهَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّفْوِيضِ وَالنِّكَاحُ عَلَى ضَرْبَيْنِ نِكَاحُ تَسْمِيَةِ مَهْرٍ وَنِكَاحُ تَفْوِيضٍ فَأَمَّا نِكَاحُ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ وَأَمَّا نِكَاحُ التَّفْوِيضِ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالَى لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فَأَبَاحَ الطَّلَاقَ مَعَ عَدَمِ الْفَرْضِ وَالْمَسِيسِ وَالطَّلَاقُ الْمُبَاحُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَحَمِهُ اللَّهُوَعِنْدِي أَنَّ وَجْهَ التَّعَلُّقِ مِنْ الْآيَةِ أَنَّهُ بِمَعْنَى نَفْيِ الْجُنَاحِ عَنْ مَنْ طَلَّقَ مَا لَمْ يَمَسَّ أَوْ يَفْرِضْ فَرِيضَةً وَهَذَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْمَأْثَمِ بِعَقْدِهِ وَإِذَا ارْتَفَعَ الْمَأْثَمُ دَلَّ عَلَى إبَاحَتِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّتِهِ الْإِجْمَاعُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي جَوَازِهِ وَصِحَّتِهِ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ أَحَدُهَا فِي صِفَتِهِ وَالثَّانِي فِي حُكْمِهِ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَالثَّالِثُ فِي حُكْمِهِ بَعْدَ الْمَسِيسِ وَالرَّابِعُ فِي حُكْمِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ.
( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَتِهِ ) أَمَّا صِفَتُهُ فَهُوَ أَنْ يُصَرِّحُوا بِالتَّفْوِيضِ أَوْ يَسْكُتُوا عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَشْهَبُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ إطْلَاقُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ إِلَّا بِعِوَضٍ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ مَا يَنْفِي الْعِوَضَ حُمِلَ عَلَى النِّكَاحِ بِالْمَهْرِ الَّذِي يُسْكَتُ عَنْ ذِكْرِهِ وَهُوَ بِمَعْنَى نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَاقْتَضَى ذَلِكَ التَّفْوِيضَ إِلَى الزَّوْجِ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ قِبَلِهِ يَنْفُذُ وَعَلَيْهِ يَجِبُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَمِثْلُ ذَلِكَ أَنْ يُزَوِّجَهَا عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ عَلَى حُكْمِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ عَلَى حُكْمِ الْوَلِيِّ فَأَمَّا عَلَى حُكْمِ الزَّوْجَةِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي جَوَازِهِ غَيْرَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّ ابْنَ الْمَوَّازِ يَفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَنَحْوَ ذَلِكَ رَوَى عَنْهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ حَبِيبٍ جَوَازَهُ وَجْهُ رِوَايَةِ الْجَوَازِ أَنَّهُ تَفْوِيضٌ فِي مِقْدَارِ الصَّدَاقِ فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ النِّكَاحِ كَالتَّفْوِيضِ إِلَى الزَّوْجِ.
وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْمَنْعِ أَنَّ الصَّدَاقَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ فَإِذَا بَذَلَ مَهْرَ الْمِثْلِ لَزِمَ النِّكَاحُ وَلَيْسَ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ فَإِذَا رَضِيَتْ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ النِّكَاحُ لِأَنَّ لِلزَّوْجِ الِامْتِنَاعَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا لَمْ يَلْزَمْ النِّكَاحُ مِنْ إِحْدَى الْجِهَتَيْنِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ كَانَ التَّفْوِيضُ فِي الْبُضْعِ.
( الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ قَبْلَ الْمَسِيسِ ) وَأَمَّا نِكَاحُ التَّفْوِيضِ بِالتَّصْرِيحِ أَوْ السُّكُوتِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ لِلْمَرْأَةِ إِنْ فَرَضَ لَهَا الزَّوْجُ مَهْرَ الْمِثْلِ وَلَا يَخْلُو غَرَضُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ أَحَدُهَا أَنْ يَفْرِضَ مَهْرَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ وَالثَّانِي أَنْ يَفْرِضَ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مِمَّا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا وَالثَّالِثُ أَنْ يَفْرِضَ مِنْ الْمَهْرِ مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا فَإِذَا فَرَضَ مَهْرَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ قَدْ مَلَكَ اسْتِبَاحَةَ بُضْعِهَا بِدَلِيلِ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَإِذَا مَلَكَ ذَلِكَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ وَذَلِكَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ فَرَضَ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مِمَّا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا وَذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ فَإِنْ رَضِيَتْهُ الزَّوْجَةُ جَازَ النِّكَاحُ وَلَزِمَهَا وَإِنْ أَبَتْ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهَا النِّكَاحُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا فَرَضَ رُبُعَ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ فَالْحَقُّ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْهُمَا فَمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ لَزِمَهُمَا وَجَازَ لَهُمَا ذَلِكَ وَأَمَّا إِذَا فَرَضَ لَهَا مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا وَذَلِكَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا أَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ فَلَا يَجُوزُ لَهَا الرِّضَا بِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا إسْقَاطُهُ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ تَزَوَّجَ عَلَى حُكْمِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ عَلَى حُكْمِ الْوَلِيِّ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ فَرَضَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ فَلَا حُجَّةَ لَهَا وَإِنْ أَبَى فَارَقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا حَكَمَ فِيهِ الْأَجْنَبِيُّ إِنْ رَضِيَا بِحُكْمِهِ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِمَنْزِلَةِ إِذَا لَمْ يَفْرِضِ الزَّوْجُ مَهْرَ الْمِثْلِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ إِلَيْهِ.
وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ التَّحْكِيمَ لَا يَقْتَضِي الرُّجُوعَ إِلَى قَوْلِ الْحُكْمِ وَلِذَلِكَ إِذَا حَكَمَ الزَّوْجُ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ الزَّوْجَةَ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي التَّحْكِيمُ لُزُومَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالتَّسَامُحِ فِي إِحْدَى الْجِهَتَيْنِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَ فِيهِ تَحْكِيمُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَالْوَلِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ عُقِدَ النِّكَاحُ عَلَى حُكْمِ الزَّوْجَةِ وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنْ بَذَلَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا كَالتَّفْوِيضِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَلْزَمُهَا الرِّضَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْهُمَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا تَقَدَّمَ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ التَّحْكِيمَ تَوَجَّهَ إِلَى جِهَةٍ فَلَا يَلْزَمُ الرِّضَا بِغَيْرِهَا كَمَا لَوْ عُلِّقَ بِحُكْمِ فُلَانٍ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ تَزَوَّجَ عَلَى التَّفْوِيضِ فَطَلَّقَ ابْتِدَاءً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا أَنَّهُ مَنْدُوبٌ إِلَى الْمُتْعَةِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالَى وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ فَرَضَ لَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ مَهْرَ الْمِثْلِ وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا نِصْفُ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ تَعالَى وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ وَهَذَا عَامٌّ فَنَحْمِلُهُ عَلَى عُمُومِهِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا فَرْضٌ يَجِبُ بِالْبِنَاءِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَجِبَ نِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَالْفَرْضِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ تَزَوَّجَ عَلَى تَفْوِيضٍ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَالْمَسِيسِ فَالتَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا ثَابِتٌ وَلَا مَهْرَ لِلْمَرْأَةِ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ إنَّمَا قُلْت إِنَّ بَيْنَهُمَا التَّوَارُثَ لقَوْلُهُ تَعالَى وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمْ وَمِنْ التَّابِعِينَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُمْ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا الصَّدَاقُ وَهُوَ قَوْلٌ ثَانٍ لِلشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ مَا لَا يَجِبُ لَهَا بِالطَّلَاقِ شَيْءٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا بِالْمَوْتِ جَمِيعُهُ أَصْلُ ذَلِكَ مَا زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى وَعَكْسُهُ الْمُسَمَّى لِمَا وَجَبَ لَهَا بِالطَّلَاقِ نِصْفُهُ وَجَبَ لَهَا بِالْمَوْتِ جَمِيعُهُ وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ فِي الْمَرَضِ فَلَا يَصِحُّ وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْهُ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فِي مَرَضِهِ فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ فِي صِحَّتِهِ لَكَانَ ذَلِكَ لِلزَّوْجَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا قُلْنَا إنَّهُ يَجِبُ نِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بَعْدَ الْمُسَمَّى ) وَأَمَّا أَنَّهُ إِذَا دَخَلَ بِهَا بَعْدَ أَنْ سَمَّى لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَإِنَّ لَهَا ذَلِكَ كُلَّهُ بِالْمَسِيسِ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَجَبَ لَهَا بِالْمَسِيسِ مَهْرُ الْمِثْلِ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّهُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْمَسِيسِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَا عَقَدَ عَلَيْهِ مِنْ الْبُضْعِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ لِعِوَضٍ فَوَجَبَ أَنْ تَلْزَمَهُ قِيمَتُهُ وَذَلِكَ مَهْرُ الْمِثْلِ.
( الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ ) أَمَّا مَا يُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ أَرْبَعُ صِفَاتٍ : الدِّينُ وَالْجَمَالُ وَالْمَالُ وَالْحَسَبُ.
وَمِنْ شَرْطِ التَّسَاوِي مَعَ ذَلِكَ الْأَزْمِنَةُ وَالْبِلَادُ فَمَنْ سَاوَاهَا فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ رُدَّتْ إلَيْهَا فِي مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَقَارِبِهَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُعْتَبَرُ مِنْهَا عَصَبَتُهَا فَقَطْ وَهُنَّ أَخَوَاتُهَا وَبَنَاتُ أَعْمَامِهَا وَكُلُّ مَنْ يَرْجِعُ بِالِانْتِسَابِ بَيْنَهُمَا إِلَى التَّعْصِيبِ وَحَكَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْهَا قَوْمُهَا اللَّوَاتِي مَعَهَا فِي عَشِيرَتِهَا فَدَخَلَ فِيهَا سَائِرُ الْعَصَبَاتِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْخَالَاتِ دُونَ الْأَجَانِبِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يُعْتَبَرُ بِذَوَاتِ الْأَرْحَامِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْكَحُ النِّسَاءُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك فَوَجْهُ الدِّينِ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّسَاءِ فِي النِّكَاحِ هَذِهِ الصِّفَاتُ فَوَجَبَ أَنْ يَزِيدَ الْمَهْرَ وَيَنْقُص بِحَسَبِ هَذِهِ الْمَعَانِي الْمَقْصُودَةِ وَلَا يَقْصُرُ ذَلِكَ عَلَى الْحَسَبِ دُونَ غَيْرِهِ.
وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَضَّ عَلَى ذَاتِ الدِّينِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الِاعْتِبَارُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ أَوْلَى وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ زَوْجَةٌ فَوَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي مَهْرِ مِثْلِهَا مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ حَالِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ قَوْمِهَا كَاَلَّتِي لَا عَشِيرَةَ لَهَا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَمَاتَ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا فَابْتَغَتْ أُمُّهَا صَدَاقَهَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَيْسَ لَهَا صَدَاقٌ وَلَوْ كَانَ لَهَا صَدَاقٌ لَمْ نَمْسِكْهُ وَلَمْ نَظْلِمْهَا يُرِيدُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ مَوْتَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ فَرْضِ الصَّدَاقِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ لَا يُوجِبُ مَهْرًا وَلَوْ أَوْجَبَ مَهْرًا لَمْ يُمْسِكْهُ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى عِلْمِهِ وَدِينِهِ وَفَضْلِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِظُلْمِ أَحَدٍ فَكَيْفَ بِظُلْمِ ابْنَةِ أَخِيهِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ عَلِمَتْ بِالِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلِذَلِكَ لَمْ تَقْبَلْ قَوْلَهُ فَحَكَّمَا بَيْنَهُمَا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لِتَقَدُّمِهِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْفَضْلِ وَلَعَلَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ الَّذِي يُرْجَعُ إِلَى قَوْلِهِ فِي الْفَتْوَى وَيُؤْخَذُ بِفَتْوَاهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فَقَضَى بِأَنَّ لَهَا الْمِيرَاثَ دُونَ الصَّدَاقِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ : لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا.
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ أَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا وَلَمْ يَمَسَّهَا حَتَّى مَاتَ فَرَدَّهُمْ ثُمَّ قَالَ : أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي أَرَى لَهَا صَدَاقَ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ.
فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ فَقَالَ أَشْهَدُ لَقَدْ قَضَيْت فِيهَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ امْرَأَةً مِنْ بَنِي رَوَاسٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِقَوْلِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ لَا تُصَدِّقِ الْأَعْرَابَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ قِيلَ فِيهِ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ وَقِيلَ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ وَاضْطُرِبَ فِي إسْنَادِ الْحَدِيثِ فَقِيلَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَقِيلَ عَنْ مَسْرُوقٍ وَلَوْ صَحَّ لَجَازَ أَنْ يُرِيدَ بِحُكْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمِيرَاثِ وَالْعِدَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأُمُّهَا بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَتْ تَحْتَ ابْنٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَمَاتَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا فَابْتَغَتْ أُمُّهَا صَدَاقَهَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَيْسَ لَهَا صَدَاقٌ وَلَوْ كَانَ لَهَا صَدَاقٌ لَمْ نُمْسِكْهُ وَلَمْ نَظْلِمْهَا فَأَبَتْ أُمُّهَا أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ فَجَعَلُوا بَيْنَهُمْ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَضَى أَنْ لَا صَدَاقَ لَهَا وَلَهَا الْمِيرَاثُ
عن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب: «قضى في المرأة إذا تزوجها الرجل أنه إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق»
عن ابن شهاب، أن زيد بن ثابت كان يقول: «إذا دخل الرجل بامرأته، فأرخيت عليهما الستور فقد وجب الصداق»
عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج أم سلمة وأصبحت عنده، قال لها: «ليس...
عن أنس بن مالك أنه كان يقول: «للبكر سبع، وللثيب ثلاث» قال مالك: وذلك الأمر عندنا
عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير، أن رفاعة بن سموال طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا، فنكحت عبد الرحمن بن الزبير فا...
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها سئلت عن رجل طلق امرأته البتة، فتزوجها بعده رجل آخر فطلقها قبل أن يمسها، هل يصلح لزوجها الأول أن يتزوجها؟ ف...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها»
عن سعيد بن المسيب، أنه كان يقول: «ينهى أن تنكح المرأة على عمتها، أو على خالتها، وأن يطأ الرجل وليدة، وفي بطنها جنين لغيره»
عن يحيى بن سعيد أنه قال: سئل زيد بن ثابت عن رجل تزوج امرأة ثم فارقها قبل أن يصيبها، هل تحل له أمها؟ فقال زيد بن ثابت: «لا الأم مبهمة، ليس فيها شرط، و...