حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملا - موطأ الإمام مالك

موطأ الإمام مالك | كتاب النكاح باب ما جاء في الصداق والحباء (حديث رقم: 1099 )


1099- عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال عمر بن الخطاب: «أيما رجل تزوج امرأة، وبها جنون أو جذام أو برص فمسها، فلها صداقها كاملا، وذلك لزوجها غرم على وليها»

أخرجه مالك في الموطأ

شرح حديث (أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملا)

المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)

( ش ) : قَوْلُهُ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَمَسَّهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا يُرِيدُ أَنَّ مَا بِهَا مِنْ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ لَا يُوجِبُ اسْتِبَاحَةَ بُضْعِهَا دُونَ عِوَضٍ وَلَا بُدَّ لِذَلِكَ مِنْ عِوَضٍ وَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ رَدُّهَا بِهَذِهِ الْعُيُوبِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي الْمَنْعِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ الْمَقْصُودِ بِعِقْدِ النِّكَاحِ وَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ أَحَدُهَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِالْمَعَانِي الْمُؤَثِّرَةِ فِي مَنْعِ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْبَابُ الثَّانِي فِي تَفْسِيرِ الْمَعَانِي الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ وَالْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَالْبَابُ الرَّابِعُ فِي مُوجِبِ الْفُرْقَةِ بِذَلِكَ بَعْدَ الْمَسِيسِ.
‏ ‏( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِالْعُيُوبِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي مَنْعِ الِاسْتِمْتَاعِ ) ‏ ‏أَمَّا ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِذَلِكَ فَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ رَضِى اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَجَازَ أَنْ يُرَدَّ بِعَيْبٍ يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ كَالزَّوْجِ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَافَقَنَا عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يُرَدُّ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ.
‏ ‏( الْبَابُ الثَّانِي فِي تَفْسِيرِ الْمَعَانِي الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ ) ‏ ‏أَمَّا الْمَعَانِي الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ فَإِنَّهَا الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَدَاءُ الْفَرْجِ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَعَانِي تَمْنَعُ اسْتِدَامَةَ الْوَطْءِ وَكَمَالَ الِالْتِذَاذِ بِهِ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَالْجُنُونُ هُوَ الصَّرَعُ وَالْوَسْوَاسُ الَّذِي ذَهَبَ مَعَهُ الْعَقْلُ كُلُّ ذَلِكَ تُرَدُّ بِهِ الْمَرْأَةُ وَكَذَلِكَ الْجُذَامُ إِذَا تَيَقَّنَ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا وَأَمَّا الْبَرَصُ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَتُرَدُّ الْمَرْأَةُ مِنْ قَلِيلِ الْبَرَصِ فَقَالَ مَا سَمِعْت إِلَّا مَا فِي الْحَدِيثِ وَمَا فَرَّقَ بَيْنَ قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُرَدُّ مِنْ قَلِيلِهِ وَلَوْ أُحِيطَ عِلْمًا فِيمَا خَفَّ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ لَمْ تُرَدَّ مِنْهُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ فَتُرَدُّ مِنْ قَلِيلِهِ.
وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ يَسِيرَهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ وَلَكِنَّهُ لَا يَكَادُ يَتَوَقَّفُ قَبْلَ الْمُعْتَادِ مِنْهُ التَّزَايُدِ فَكَانَ ذَلِكَ لِتَيَقُّنِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْجُودِ مِنْهُ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) وَأَمَّا دَاءُ الْفَرْجِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَتَفْسِيرُهُ مَا كَانَ فِي الْفَرْجِ مِمَّا يَقْطَعُ لَذَّةَ الْوَطْءِ مِثْلُ الْعَفَلِ وَالْقَرْنِ وَالرَّتَقِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ دَاءُ الْفَرْجِ هُوَ الْقَرْنُ وَالرَّتَقُ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا وَزَادَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ فِي تَفْرِيعِهِ الْبَخْرُ وَالْإِفْضَاءُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَسْلَكَانِ وَاحِدًا وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ كُلَّ مَا يَكُونُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ مِنْ دَاءِ الْفَرْجِ فَإِنَّ لِلزَّوْجِ الرَّدَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الْوَطْءَ مِثْلُ الْعَفْلِ الْقَلِيلِ وَالْقَرْنِ وَحَرْقِ النَّارِ قَالَ وَالْمَجْنُونَةُ وَالْجَذْمَاءُ وَالْبَرْصَاءُ يُقْدَرُ عَلَى وَطْئِهَا مَعَ ذَلِكَ فَلِلزَّوْجِ رَدُّهَا.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْقَرَعُ الْفَاحِشُ فَإِنَّ ابْنَ حَبِيبٍ قَالَ لَهُ الرَّدُّ بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ مَعْنَى الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ بِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا يُرْجَى بُرْؤُهُ فِي الْأَغْلَبِ وَلَا يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ كَالْجَرَبِ وَنَحْوِهِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْعُيُوبِ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الصِّحَّةَ كَالْعَمَى وَالْعَوَرِ وَالْعَرَجِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْعَاهَاتِ فَإِنْ اشْتَرَطَ الصِّحَّةَ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا لَمْ تُرَدَّ وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَهَا لِغِيَّةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا إِلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى نَسَبٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مَعْنًى لَا يُؤَثِّرُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ فَلَا يُوجِبُ خِيَارَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ كَانَتْ شَارِبَةَ خَمْرٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْخَاطِبُ لِنَفْسِهِ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ لَهُ إِلَّا السَّوْدَاءَ فَإِنَّهُ يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِهَا سَوَادٌ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالشَّرْطِ وَيَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يُعْلَمَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَيَتَزَوَّجُ عَلَى أَنَّ أَهْلَهَا لَا أَسْوَدَ فِيهِمْ وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
‏ ‏( الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْمَسِيسِ ) ‏ ‏أَمَّا مَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا بِالْمَرْأَةِ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ حَادِثًا بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا بِهَا حِينَ الْعَقْدِ فَعَلِمَ بِهِ الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ يَبْنِي وَعَلَيْهِ جَمِيعُهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَيْبٌ دُلِّسَ لَهُ بِهِ وَلَمْ يَفُتْ الْبُضْعُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ لَا يَرْضَى بِالْعَيْبِ فَيَرُدَّ النِّكَاحَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ يَرْضَى بِهِ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ أَوْ نِصْفُهُ إِنْ طَلَّقَ بَعْدَ الرِّضَا وَقَبْلَ الْبِنَاءِ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ بِالْمَرْأَةِ دَاءَ الْفَرْجِ وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ الزَّوْجَةُ فَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ هِيَ مُصَدَّقَةٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْظِرَ إلَيْهَا النِّسَاءَ وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُنْظِرُ إلَيْهَا النِّسَاءَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ سَحْنُونٌ عَلَيْهِ وَقَالَ كَيْفَ تُعْرَفُ إِلَّا بِنَظَرِهِنَّ وَرَوَى ابْنُ سَحْنَونَ عَنْ أَبِيهِ يُنْظِرُ إلَيْهَا النِّسَاءَ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ كَانَ حَادِثًا بَعْدَ الْعَقْدِ فَعَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ إِلَّا أَنْ يُفَارِقَ وَيَكُونَ عَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ أَوْ يَبْنِي وَيَكُونَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُفَارِقُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ إنَّمَا حَدَثَ فِيمَا عَقَدَ عَلَيْهِ بَعْدَ مِلْكِهِ لَهُ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ كَمَا لَوْ مَاتَتْ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ بِمُدَّةٍ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي فَقَالَ الزَّوْجُ كَانَ ذَلِكَ بِهَا يَوْمَ الْعَقْدِ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ وَالْوَلِيُّ إنَّمَا حَدَثَ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَقَدْ رَوَى الْعُتْبِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ الْبَيِّنَةُ عَلَى الزَّوْجِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَدَّعِي فَسْخَ عَقْدٍ ظَاهِرُهُ اللُّزُومُ وَذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَاهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِمَا يَدَّعِيهِ.
‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلزَّوْجِ بَيِّنَةٌ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ إِنْ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ أَخًا فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ وَإِنْ غَيْرَهُمَا فَالْيَمِينُ عَلَيْهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَبَ وَالْأَخَ لَمَّا كَانَا مِمَّنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِالْمَهْرَانِ ثَبَتَ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ لَزِمَتْهُمَا الْيَمِينُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ هَذَا حُكْمُهُ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ الضَّمَانَ وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ مِمَّنْ لَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْيَمِينُ.
‏ ‏( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مُوجِبِ الْفُرْقَةَ بِذَلِكَ بَعْدَ الْمَسِيسِ ) ‏ ‏وَأَمَّا مُوجِبُ الْفُرْقَةِ بِذَلِكَ بَعْدَ الْمَسِيسِ فَإِنَّ مَا ظَهَرَ عَلَيْهِ الزَّوْجُ مِنْ ذَلِكَ بِالْمَرْأَةِ بَعْدَ الْمَسِيسِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَحْدُثَ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ حَدَثَ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَقَدْ وَجَبَ لِلْمَرْأَةِ جَمِيعُ الْمَهْرِ بِالْمَسِيسِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ بِالْمَرْأَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ بِهِ إِلَّا بَعْدَ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْبِضْعِ الْمُسْتَبَاحِ مِنْ عِوَضٍ وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
.
‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا وَقَوْلُ مَالِكٍ بَعْدَهُ أَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ وَلِيُّهَا هُوَ أَخُوهَا أَوْ أَبُوهَا أَوْ مَنْ يَرَى أَنَّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا وَأَمَّا إِنْ كَانَ وَلِيُّهَا الَّذِي أَنْكَحَهَا ابْنُ عَمٍّ أَوْ مَوْلًى أَوْ مِنْ الْعَشِيرَةِ أَوْ مِمَّنْ يَرَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُرْمٌ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ مَالِكٍ خِلَافًا لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ وَأَنْ يَكُونَ مَالِكٌ رَحَمِهُ اللَّهُ قَدْ أَوْرَدَ قَوْلَ عُمَرَ عَلَى مَا رَوَاهُ وَذَكَرَ رَأْيَهُ عَلَى مَا رَآهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ تَلَقَّى قَوْلَ عُمَرَ عَلَى أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِرَأْيِهِ وَلَكِنَّهُ خَاصٌّ فِي الْوَلِيِّ الَّذِي يَظُنُّ بِهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ وَبَيَّنَ مَالِكٌ رَحَمِهُ اللَّهُذَلِكَ بِتَفْصِيلِهِ الَّذِي فَصَّلَهُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَكَانَ مَا وَجَدَ مِنْ الْعَيْبِ بِالْمَرْأَةِ مَوْجُودًا بِهَا حِينَ الْعَقْدِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ الزَّوْجُ بَعْدَ الْمَسِيسِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا مِمَّنْ ظَاهِرُهُ الْمَعْرِفَةُ بِحَالِهَا وَالِاطِّلَاعُ عَلَى مَا بِهَا أَوْ يَكُونُ مِمَّنْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حَالَهَا وَلَا يَقِفُ عَلَى مَا بِهَا وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ ظَاهِرُهُ الْمَعْرِفَةُ بِحَالِهَا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا مَعَهَا قَبْلَ مُدَّةِ النِّكَاحِ أَوْ غَائِبًا عَنْهَا فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا مَعَهَا وَكَانَ الْعَيْبُ بِمَوْضِعٍ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ جَمِيعَ الصَّدَاقِ لَهَا وَيَرْجِعُ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى الْوَلِيِّ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَلِيِّ وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ بِوَجْهٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا مَعْنًى يُوجِبُ خِيَارُهُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ لِلرَّادِّ الرُّجُوعُ بِالْعِوَضِ إِذَا فَاتَ الرَّدُّ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي الْبُيُوعِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ الْقَرِيبُ الْقَرَابَةِ غَائِبًا عَنْهَا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَخْفَى عَلَيْهِ خَبَرُهَا فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْغُرْمُ عَلَى الْمَرْأَةِ زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنٍ الْقَاسِمِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا عَلِمَ وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْوَلِيِّ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا يَعْلَمُ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَمْ يُدَلِّسْ بِالْعَيْبِ عَلَيْهِ كَالْوَلِيِّ الَّذِي لَيْسَ بِقَرِيبِ الْقَرَابَةِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ وَلِيٌّ قَرِيبُ الْقَرَابَةِ فَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْغُرْمُ ظَاهِرُ عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ كَالْبَرَصِ الَّذِي يَكُونُ بِمَوْضِعٍ يَخْفَى عَلَى الْأَبِ وَالِابْنِ.
‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا مِنْ ظَاهِرِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا بِهَا مِنْ ذَلِكَ كَابْنِ الْعَمِّ وَالْمَوْلَى وَالرَّجُلِ مِنْ الْعَشِيرَةِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَلَا يَمِينَ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ اتَّهَمَ أَنَّهُ عَلِمَ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَتَرُدُّ الْمَرْأَةُ مِنْ الصَّدَاقِ مَا أَخَذَتْهُ غَيْرَ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ رُبْعَ دِينَارٍ وَذَلِكَ مَا يَسْتَحِلُّ بِهِ فَرْجَهَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِبَاحَتُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَوَجَبَ إنْفَاذُ ذَلِكَ لَهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْعَيْنِ الَّتِي دَفَعَهَا إلَيْهَا دُونَ الْجِهَازِ.


حديث أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملا وذلك

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏و حَدَّثَنِي ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ‏ ‏أَنَّهُ قَالَ قَالَ ‏ ‏عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ‏ ‏أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ ‏ ‏جُذَامٌ ‏ ‏أَوْ بَرَصٌ فَمَسَّهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث موطأ الإمام مالك

ليس لها صداق ولو كان لها صداق لم نمسكه ولم نظلمها

عن نافع، أن ابنة عبيد الله بن عمر، وأمها بنت زيد بن الخطاب، كانت تحت ابن لعبد الله بن عمر فمات، ولم يدخل بها، ولم يسم لها صداقا، فابتغت أمها صداقها، ف...

إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق

عن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب: «قضى في المرأة إذا تزوجها الرجل أنه إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق»

إذا دخل الرجل بامرأته فأرخيت عليهما الستور فقد وجب...

عن ابن شهاب، أن زيد بن ثابت كان يقول: «إذا دخل الرجل بامرأته، فأرخيت عليهما الستور فقد وجب الصداق»

ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن...

عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج أم سلمة وأصبحت عنده، قال لها: «ليس...

للبكر سبع وللثيب ثلاث

عن أنس بن مالك أنه كان يقول: «للبكر سبع، وللثيب ثلاث» قال مالك: وذلك الأمر عندنا

لا تحل لك حتى تذوق العسيلة

عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير، أن رفاعة بن سموال طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا، فنكحت عبد الرحمن بن الزبير فا...

قالت عائشة لا حتى يذوق عسيلتها

عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها سئلت عن رجل طلق امرأته البتة، فتزوجها بعده رجل آخر فطلقها قبل أن يمسها، هل يصلح لزوجها الأول أن يتزوجها؟ ف...

لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها»

ينهى أن تنكح المرأة على عمتها أو على خالتها

عن سعيد بن المسيب، أنه كان يقول: «ينهى أن تنكح المرأة على عمتها، أو على خالتها، وأن يطأ الرجل وليدة، وفي بطنها جنين لغيره»