1142- عن أبي هريرة، أنه كان يقول: «شر الطعام طعام الوليمة، يدعى لها الأغنياء، ويترك المساكين، ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله»
أخرجه الشيخان
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُرِيدُ أَنَّهُ طَعَامٌ مَخْصُوصٌ بِقَصْدٍ مَذْمُومٍ يَقِلُّ مَعَهُ الْأَجْرُ عَلَى كَثْرَةِ مَا فِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا يُصْنَعُ لِيُدْعَى لَهُ الْأَغْنِيَاءُ دُونَ الْمَسَاكِينِ لِمَا فِي دُعَاءِ الْمَسَاكِينِ مِنْ ابْتِذَالِ الْمَنْزِلِ وَالْوِطَاءِ وَالْمَكَانِ فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَجْعَلُهُ شَرَّ الطَّعَامِ لِأَنَّ خَيْرَ الطَّعَامِ وَأَكْثَرَهُ أَجْرًا مَا يُدْعَى إِلَيْهِ الْمَسَاكِينُ لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ وَلِمَا فِي الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ مِنْ سَدِّ خُلَّتِهِمْ وَإِشْبَاعِ جَوْعَتِهِمْ فَأَمَّا إطْعَامُ الْأَغْنِيَاءِ فَلَيْسَ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى وَإِنَّمَا فِيهِ نَوْعٌ مِنْ الْمُهَادَاةِ وَالتَّوَدُّدِ إِذَا سَلِمَ مِنْ السُّمْعَةِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ دَعَا فِي وَلِيمَتِهِ الْأَغْنِيَاءَ وَالْفُقَرَاءَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِلْفُقَرَاءِ هَاهُنَا لَا تُفْسِدُوا عَلَيْهِمْ ثِيَابَهُمْ فَإِنَّا نُطْعِمُكُمْ مِمَّا يَأْكُلُونَ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ طَعَامِ الْوَلِيمَةِ , وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ إِلَى طَعَامِ الْوَلِيمَةِ وَعَلَى ذَلِكَ تَأَوَّلَ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ نَصَّ مَالِكٌ رَحَمِهُ اللَّهُوَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى وُجُوبِ إتْيَانِ طَعَامِ الْوَلِيمَةِ لِمَنْ دُعِيَ إلَيْهَا وَصِفَةُ الدَّعْوَةِ الَّتِي تَجِبُ بِهَا الْإِجَابَةُ أَنْ يَلْقَى صَاحِبُ الْعُرْسِ الرَّجُلَ فَيَدْعُوَهُ أَوْ يَقُولَ لِغَيْرِهِ ادْعُ لِي فُلَانًا فَيُعَيِّنَّهُ فَإِنْ قَالَ اُدْعُ لِي مَنْ لَقِيت فَلَا بَأْسَ عَلَى مَنْ دُعِيَ بِمِثْلِ هَذَا أَنْ يَتَخَلَّفَ لِأَنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ لَمْ يُعَيِّنْهُ وَلَا عَرَّفَهُ وَذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا احْتَجَّ بِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ إتْيَانُ الْعُرْسِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ وَإِنَّمَا يَجِبُ بِالدَّعْوَةِ , وَالدَّعْوَةُ مُخْتَصَّةٌ بِصَاحِبِ الْعُرْسِ فَإِذَا عَيَّنَهُ لَزِمَهُ إتْيَانُ الدَّعْوَةِ لِتَوَجُّهِهَا مِمَّنْ تَخْتَصُّ بِهِ الدَّعْوَةُ وَلَهُ أَنْ لَا يُعَيِّنَ الْمَدْعُوَّ , فَيَدْعُو مَنْ شَاءَ وَيَمْنَعُ مَنْ شَاءَ وَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِذَا لَزِمَهُ إتْيَانُ الدَّعْوَةِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْأَكْلُ أَمْ لَا لَمْ أَجِدْ فِيهِ نَصًّا جَلِيًّا لِأَصْحَابِنَا وَفِي الْمَذْهَبِ مَسَائِلُ تَقْتَضِي الْقَوْلَيْنِ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَرَى أَنْ يُجِيبَ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ أَوْ كَانَ صَائِمًا قَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ ذَلِكَ بالوكيد وَإِنَّهُ لَخَفِيفٌ فَقَوْلُ مَالِكٍ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ إتْيَانِ الدَّعْوَةِ وَأَنَّ الْأَكْلَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلِذَلِكَ أَوْجَبَ الْإِتْيَانَ عَلَى مَنْ لَا يُرِيدُ الْأَكْلَ أَوْ مَنْ يَصُومُ وَقَوْلُ أَصْبَغَ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْأَكْلِ وَلِذَلِكَ أَسْقَطَ وُجُوبَ الْإِتْيَانِ عَنْ الصَّائِمِ الَّذِي لَا يَأْكُلُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ كَانَ فِي الْوَلِيمَةِ زِحَامٌ أَوْ غُلِقَ الْبَابُ دُونَهُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ هُوَ فِي سَعَةٍ إِذَا تَخَلَّفَ عَنْهَا أَوْ رَجَعَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِابْتِذَالُ فِي الزِّحَامِ وَتَكَلُّفُ الِامْتِهَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَثْلِمُ الْمُرُوءَةَ وَالتَّصَاوُنَ وَيُسْقِطُ الْوَقَارَ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ بِهِ عُذْرُ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ كَانَ فِي الْعُرْسِ لَهْوٌ غَيْرُ مُبَاحٍ كَالْعُودِ وَالطُّنْبُورِ وَالْمِزْهَرِ الْمُرَبِّعِ لَمْ يَلْزَمْهُ إتْيَانُهُ وَأَمَّا الدُّفُّ الْمُدَوَّرُ أَوْ الْكَبَرُ فَمُبَاحٌ فِي الْعُرْسِ وَقَالَ أَصْبَغُ فِي الْمَدَنِيَّةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَ النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ وَلَا يَكُونُ مَعَهُ عَزْفٌ وَلَا غِنَاءٌ إِلَّا الرَّجَزَ الْمُرْسَلَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ مِمَّا يَقُولُهُ النِّسَاءُ أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيَّوْنَا نُحَيِّيكُمْ وَلَوْلَا الْحَبَّةُ السَّمْرَا ءُ لَمْ نَحْلُلْ بِوَادِيكُمْ فَإِنْ كَانَ فِي الْوَلِيمَةِ لَهْوٌ مَحْظُورٌ أَبْطَلَ وُجُوبَ إتْيَانِهَا فَمَنْ جَاءَ الْوَلِيمَةَ فَوَجَدَ ذَلِكَ فِيهَا فَلْيَرْجِعْ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا بَأْسَ أَنْ يَقْعُدَ وَيَأْكُلَ وَقَوْلُ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى.
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْمَسَاكِينُ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ
عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنه سمع أنس بن مالك، يقول: إن خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه، قال أنس فذهبت مع رسول الله صلى الله...
عن زيد بن أسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا تزوج أحدكم المرأة أو اشترى الجارية، فليأخذ بناصيتها، وليدع بالبركة، وإذا اشترى البعير فليأخذ...
عن أبي الزبير المكي، أن رجلا خطب إلى رجل أخته، فذكر أنها قد كانت أحدثت، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فضربه أو «كاد يضربه» ثم قال: «ما لك وللخبر»
عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير كانا يقولان في «الرجل يكون عنده أربع نسوة، فيطلق إحداهن البتة أنه يتزوج إن شاء، ولا ينتظ...
عن سعيد بن المسيب أنه قال: «ثلاث ليس فيهن لعب النكاح، والطلاق، والعتق»
عن رافع بن خديج، أنه تزوج بنت محمد بن مسلمة الأنصاري، فكانت عنده حتى كبرت، فتزوج عليها فتاة شابة، فآثر الشابة عليها، فناشدته الطلاق، فطلقها واحدة، ثم...
عن أبي بكر بن حزم، أن عمر بن عبد العزيز قال: " له البتة ما يقول الناس فيها؟ قال أبو بكر فقلت له كان أبان بن عثمان يجعلها واحدة، فقال عمر بن عبد العزيز...
عن ابن شهاب، أن مروان بن الحكم كان «يقضي في الذي يطلق امرأته البتة أنها ثلاث تطليقات» قال مالك: «وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك»
عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول: «في الخلية والبرية، إنها ثلاث تطليقات كل واحدة منهما»