1373- عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا فجاءته إبل من الصدقة، قال أبو رافع فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن أقضي الرجل بكره»، فقلت: لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء»
أخرجه مسلم
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكْرًا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ثُبُوتِ الْحَيَوَانِ فِي الذِّمَّةِ , وَإِنَّمَا يُضْبَطُ بِالصِّفَةِ , وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا جَازَ ثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ عِوَضًا عَمَّا يَسْتَقْرِضُهُ الْمُسْتَقْرِضُ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ عَلَيْهِ رَدَّ مِثْلَ مَا اسْتَقْرَضَ , وَوَافَقَنَا عَلَى ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَمَنَعَ مِنْهُ فِي السَّلَمِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَالْقَرْضُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا , وَغَيْرَ مُؤَجَّلٍ فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَطْلُبَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ , وَلِلْمُسْتَقْرِضِ أَنْ يَدْفَعَهُ مَتَى شَاءَ قَبْلَ الْأَجَلِ إِذَا كَانَ عَيْنًا لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقْرَضَهُ لِمُجَرَّدِ مَنْفَعَةِ الْمُسْتَقْرِضِ , وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَنْفَعَةً لِلْمُقْرِضِ , وَلَوْ كَانَ لَهُ أَنْ يُبْقِيَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ إِلَى الْأَجَلِ لَكَانَ فِي ذَلِكَ وَجْهُ مَنْفَعَةٍ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْقَرْضِ , وَإِنْ كَانَ قَدْ أَقْرَضَهُ عَرْضًا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَجَاءَتْهُ إبِلٌ مِنْ الصَّدَقَةِ قَالَ أَبُو رَافِعٍ فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتَرِضُ الْبَكْرَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ فَإِنْ كَانَ اقْتَرَضَهُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ , وَقَوْلُ أَبِي رَافِعٍ لَمَّا جَاءَتْهُ إبِلٌ مِنْ الصَّدَقَةِ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا أَحَدُهَا أَنَّ مَا أَمَرَهُ أَنْ يَقْضِيَ مِنْهُ الرَّجُلَ كَانَ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ ثُمَّ صَارَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْتِيَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ , وَإِنْ كَانَ أَقْرَضَهُ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ جَازَ أَنْ يَقْضِيَهُ مِنْهَا كَمَا يَسْتَقْرِضُ وَالِي الْيَتِيمِ عَلَى مَالِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ أَمْوَالِ الْمَسَاكِينِ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِمَّا أَخَذَ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقْرِضُ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ فَيَكُونُ فَضْلُ الشَّيْءِ صَدَقَةً عَلَيْهِ.
وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى إخْرَاجِ الزَّكَاةِ قَبْلَ حُلُولِهَا عَلَى قَوْلِنَا إنَّهُ اسْتَقْرَضَ لِلْمَسَاكِينِ , وَإِنَّمَا فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اسْتَقْرَضَ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ رَجُلٍ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ أَوْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ فَيَقْضِيهِ قَرْضَهُ كَمَا فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيَقْبِضُ مِنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ فَلَوْ كَانَ مِنْ بَابِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحُلُولِ لَتَعَجَّلَهَا وَلَمْ يَحْتَجْ أَنْ يُقْرِضَ , وَلَوْ شَاءَ لَعَجَّلَهَا اقْتِرَاضًا لَمَّا احْتَاجَ أَنْ يَقْضِيَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ , وَلَوْ تَعَلَّقَ مُتَعَلِّقٌ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مَا أَبْعَدَ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ هَذَا الْبَكْرُ الَّذِي قَضَاهُ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ إمَّا بَعْدَ أَنْ بَلَغَ مَحِلَّهُ , وَصَارَ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْغَارِمِينَ أَوْ الْفُقَرَاءِ أَوْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ مِمَّنْ احْتَاجَ إِلَى بَيْعِهِ , وَقَدْ رَوَى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا تَقَاضَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَغْلَظَ لَهُ فَهَمَّ أَصْحَابُهُ بِهِ فَقَالَ دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا , وَاشْتَرُوا لَهُ بَعِيرًا فَأَعْطُوهُ فَقَالُوا لَا نَجِدُ إِلَّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ قَالَ اشْتَرُوهُ فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ فَحَفِظَ أَبُو رَافِعٍ أَنَّ أَصْلَهُ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ , وَحَفِظَ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الشِّرَاءَ.
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكْرًا فَجَاءَتْهُ إِبِلٌ مِنْ الصَّدَقَةِ قَالَ أَبُو رَافِعٍ فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ فَقُلْتُ لَمْ أَجِدْ فِي الْإِبِلِ إِلَّا جَمَلًا خِيَارًا رَبَاعِيًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعْطِهِ إِيَّاهُ فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً
عن حميد بن قيس المكي، عن مجاهد أنه قال: استسلف عبد الله بن عمر من رجل دراهم، ثم قضاه دراهم خيرا منها، فقال الرجل: يا أبا عبد الرحمن هذه خير من دراهمي...
عن نافع، أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: «من أسلف سلفا فلا يشترط إلا قضاءه»
عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يبع بعضكم على بيع بعض»
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تلقوا الركبان للبيع، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد، ولا تصروا الإبل...
عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن النجش» قال مالك: «والنجش أن تعطيه بسلعته أكثر من ثمنها، وليس في نفسك اشتراؤها فيقتدي بك غي...
عن عبد الله بن عمر أن رجلا ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا بايعت فقل: لا خلابة "، قال:...
عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب، يقول: «إذا جئت أرضا يوفون المكيال، والميزان فأطل المقام بها، وإذا جئت أرضا ينقصون المكيال والميزان، فأقلل المق...
عن يحيى بن سعيد أنه سمع محمد بن المنكدر، يقول: «أحب الله عبدا سمحا إن باع، سمحا إن ابتاع، سمحا إن قضى، سمحا إن اقتضى»
عن ابن شهاب، أنه سأله عن الرجل " يتكارى الدابة، ثم يكريها بأكثر مما تكاراها به، فقال: لا بأس بذلك "