1401-
عن زيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بخير الشهداء.
الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها، أو يخبر بشهادته قبل أن يسألها»
أخرجه مسلم
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَغَيْرِهِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الشَّاهِدِ شَهَادَةٌ لِرَجُلٍ لَا يَعْلَمُ بِهَا فَيُخْبِرُهُ بِهَا وَيُؤَدِّيهَا لَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ وَضَرْبٌ هُوَ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّينَ , فَأَمَّا مَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَعَلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٌ لَا يُسْتَدَامُ فِيهِ التَّحْرِيمُ كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ زَادَ أَصْبَغُ وَالسَّرِقَةِ فَهَذَا تَرْكُ الشَّهَادَةِ بِهِ لِلسَّتْرِ جَائِزٌ , وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهُزَالٍ هَلَّا سَتَرْته بِرِدَائِك.
وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ عَلِمَ بِذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ يَكْتُمُوهُ الشَّهَادَةَ وَلَا يَشْهَدُوا بِهَا إِلَّا فِي تَجْرِيحِهِ إِنْ شَهِدَ عَلَى أَحَدٍ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَالْقِسْمُ الثَّانِي مَا يُسْتَدَامُ فِيهِ التَّحْرِيمُ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْأَحْبَاسِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ إسْقَاطُ حَقِّهِ , وَالْمَسَاجِدُ وَالْقَنَاطِرُ وَالطُّرُقُ فَهَذَا عَلَى الشَّهَادَاتِ يَقُومُ الشَّاهِدُ فِيهَا وَيُؤَدِّيهَا مَتَى رَأَى ارْتِكَابَ الْمَحْظُورِ بِهَا وَلِلشَّاهِدِ فِي ذَلِكَ حَالَانِ حَالٌ يَعْلَمُ أَنَّ غَيْرَهُ يَقُومُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَيُشَارِكُهُ فِيهَا وَحَالٌ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ فِيهَا فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ غَيْرَهُ يَقُومُ بِهَا فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُبَادِرَ بِأَدَائِهَا لِيَحْصُلَ لَهُ أَجْرُ الْقِيَامِ وَلِيَقْوَى أَمْرُهَا لِكَثْرَةِ عَدَدِ مَنْ يَقُومُ بِهَا وَلِأَنَّ فِي قِيَامِ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ بِهَا رَدْعًا لِأَهْلِ الْبَاطِلِ وَإِرْهَابًا عَلَيْهِمْ وَيَصِحُّ أَنْ يَتَنَاوَلَ هَذَا عُمُومُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا وَيَكُونُ مَعْنَى الْإِتْيَانِ بِهَا هُنَا أَدَاؤُهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ بَيَّنَ لَهُ أَنَّ غَيْرَهُ قَدْ تَرَكَ الْقِيَامَ بِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَقُومُ بِهَا غَيْرُهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهَا لِقَوْلُهُ تَعالَى وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ وَقَوْلِهِ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَلِأَنَّ الْقِيَامَ بِالشَّهَادَةِ مِنْ فَرَوْضِ الْكِفَايَةِ كَالْجِهَادِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فَإِذَا قَامَ بِهَا بَعْضُ النَّاسِ سَقَطَ فَرْضُهَا عَنْ سَائِرِ النَّاسِ , وَإِذَا تَرَكَ الْقِيَامَ بِهَا جَمِيعُهُمْ أَثِمُوا كُلُّهُمْ إِذَا كَانَ الْحَقُّ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
.
( فَصْلٌ ) وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي وَهُوَ حَقُّ الْآدَمِيِّينَ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ إسْقَاطُهُ مِثْلُ أَنْ يَرَى مِلْكَ رَجُلٍ يُبَاعُ أَوْ يُوهَبُ أَوْ يُحَوَّلُ عَنْ حَالِهِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ جُرْحَةٌ فِي الشَّاهِدِ حِينَ رَأَى ذَلِكَ وَلَمْ يُعْلِمْ بِعِلْمِهِ فِيهِ.
قَالَ غَيْرُهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا لَا يَعْلَمُ , وَأَمَّا إِنْ كَانَ حَاضِرًا فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ , وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ إنَّمَا ذَلِكَ فِيمَا كَانَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ كَانَ لِلشَّاهِدِ الْقِيَامُ بِهِ , وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ كَالْحَوَالَةِ وَالطَّلَاقِ , وَأَمَّا الْعُرُوضُ وَالْحَيَوَانُ وَالرِّبَاعُ فَلَا يُبْطِلُ ذَلِكَ شَهَادَتَهُ ; لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ إِنْ كَانَ حَاضِرًا فَهُوَ أَضَاعَ حَقَّهُ , وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَلَيْسَ لِلشَّاهِدِ شَهَادَةٌ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَهَذَا عِنْدِي إنَّمَا يَكُونُ جُرْحَةً فِي الشَّاهِدِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ إِذَا كَتَمَهَا وَلَمْ يُعْلِمْ بِهَا بَطَلَ الْحَقُّ فَكَتَمَ ذَلِكَ حَتَّى صُولِحَ عَلَى أَقَلَّ مِمَّا يَجِبُ لَهُ أَوْ حَتَّى نَالَتْهُ بِكِتْمَانِ شَهَادَتِهِ مَعَرَّةٌ وَدَخَلَتْ عَلَيْهِ مَضَرَّةٌ فَعَلِمَ ضَرُورَتَهُ إِلَى شَهَادَتِهِ وَلَمْ يَقُمْ بِهَا حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيْهِ مَضَرَّةٌ بِكِتْمَانِهِ إيَّاهَا فَهِيَ جُرْحَةٌ فِي شَهَادَتِهِ , وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ بِهَا ; لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ صَاحِبَ الْحَقِّ قَدْ تَرَكَهُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَأْتِي شَهَادَتُهُ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ تَأْوِيلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ مَا بَسَطْنَا الْقَوْلَ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ يَأْتِي بِهَا أَنْ يَأْتِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِ الْحَقِّ فَيُخْبِرَهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْحَقِّ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَأْتِيهِ لِأَدَائِهَا قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا سُئِلَ أَدَاءَهَا بَادَرَ بِذَلِكَ فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ وَلَمْ يُحْوَجْ إِلَى تَكْرَارِ السُّؤَالِ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ يُعْطِيك قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُ ويجيبك قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ سُرْعَةَ عَطَائِهِ وَسُرْعَةَ جَوَابِهِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا الْحَاكِمَ فَيُؤَدِّيَهَا عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ إيَّاهَا ; لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَسْمَعُهَا مِنْهُ إِذَا لَمْ يَقُمْ صَاحِبُ الْحَقِّ بِهَا , وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَأْتِي قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ , وَقَدْ قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ إِنَّ مَعْنَى الشَّهَادَةِ فِي الْحَدِيثِ الْيَمِينُ يُرِيدُ أَنَّهُ يَحْلِفُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْلَفَ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا أَوْ يُخْبِرُ بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا
عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، أنه قال: قدم على عمر بن الخطاب رجل من أهل العراق، فقال: لقد جئتك لأمر، ما له رأس، ولا ذنب، فقال عمر: «ما هو»؟ قال: شهادات...
عن سليمان بن يسار وغيره، أنهم سئلوا: عن رجل جلد الحد أتجوز شهادته؟ فقالوا: نعم، «إذا ظهرت منه التوبة»(1) 2109- وحدثني مالك، أنه سمع ابن شهاب يسأل عن ذ...
عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قضى باليمين مع الشاهد»
عن أبي الزناد، أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب - وهو عامل على الكوفة، أن: «اقض باليمين مع الشاهد»
عن جميل بن عبد الرحمن المؤذن، أنه كان يحضر عمر بن عبد العزيز وهو " يقضي بين الناس، فإذا جاءه الرجل يدعي على الرجل حقا: نظر، فإن كانت بينهما مخالطة أو...
عن هشام بن عروة، أن عبد الله بن الزبير كان «يقضي بشهادة الصبيان فيما بينهم من الجراح»
عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف على منبري آثما تبوأ مقعده من النار»
عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، حرم الله عليه الجنة، وأوجب له النار»، قالوا: وإن كان شيئا يسيرا يا رس...
عن داود بن الحصين أنه سمع أبا غطفان بن طريف المري، يقول: اختصم زيد بن ثابت الأنصاري وابن مطيع في دار كانت بينهما.<br> إلى مروان بن الحكم.<br> وهو أمير...