1460-
عن يحيى بن سعيد، أنه قال: سمعت القاسم بن محمد، يقول: كانت عند عمر بن الخطاب امرأة من الأنصار فولدت له عاصم بن عمر، ثم إنه فارقها، فجاء عمر قباء فوجد ابنه عاصما يلعب بفناء المسجد فأخذ بعضده فوضعه بين يديه على الدابة.
فأدركته جدة الغلام.
فنازعته إياه.
حتى أتيا أبا بكر الصديق فقال عمر: ابني.
وقالت المرأة: ابني.
فقال أبو بكر: خل بينها وبينه.
قال: فما راجعه عمر الكلام.
قال: وسمعت مالكا يقول: وهذا الأمر الذي آخذ به في ذلك
في سنده انقطاع، فإن القاسم بن محمد بن أبي بكر لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ هِيَ جَمِيلَةُ بِنْتُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَفْلَحِ أُخْتُ عَاصِمٍ كَانَ اسْمُهَا عَاصِيَةٌ فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم جَمِيلَةً وَقَدْ قِيلَ : إنَّهَا بِنْتُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمًا بْنَ عُمَرَ قِيلَ إنَّهَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِسَنَتَيْنِ , ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ فَارَقَهَا فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ فِي حَضَانَةِ أُمِّهِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَالْجَدَّةُ أُمُّ الْأُمِّ أَحَقُّ بِحَضَانَتِهِ مِنْ أَبِيهِ وَتَزَوَّجَ جَمِيلَةَ بَعْدَ عُمَرَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَجَاءَ عُمَرُ قُبَاءَ فَوَجَدَ ابْنَهُ عَاصِمًا يَلْعَبُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ عِنْدَ أُمِّهِ , أَوْ جَدَّتِهِ وَلَعَلَّهُ كَانَ عِنْدَ جَدَّتِهِ زَائِرًا لَهَا , أَوْ لَعَلَّ أُمَّهُ كَانَتْ تَزَوَّجَتْ فَانْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ إِلَى الْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الْفُقَهَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ بِحَضَانَةِ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ " أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ ابْنِي كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي " وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْأُمَّ أَرْفَقُ بِالِابْنِ وَأَحْسَنُ تَنَاوُلًا لِغُسْلِهِ وَتَنْظِيفِهِ وَالْقِيَامِ بِشَأْنِهِ كُلِّهِ مَعَ مُلَازَمَتِهَا ذَلِكَ وَاشْتِغَالِ الْأَبِ عَنْهُ فِي تَصَرُّفِهِ فَكَانَ ذَلِكَ أَرْفَقَ بِالِابْنِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَهَلْ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الْأُمِّ , أَوْ الْوَلَدِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ.
فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ : هُوَ مِنْ حُقُوقِ الْمَرْأَةِ فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْهُ , وَإِنْ شَاءَتْ تَرَكَتْهُ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ : فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْأُمِّ " فَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي " وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَلْحَقُهَا الضَّرَرُ بِالتَّفْرِقَةِ مِنْهَا مَعَ مَا جُبِلَ عَلَيْهِ النِّسَاءُ مِنْ الْإِشْفَاقِ مِنْ ذَلِكَ وَالتَّوَجُّعِ لَهُ.
قَالَ : وَإِذَا قُلْنَا : إنَّهُ حَقٌّ لِلْوَلَدِ ; فَلِأَنَّ الْغَرَضَ حِفْظُهُ وَمَصَالِحُهُ ; وَلِذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْهَا إِذَا تَزَوَّجَتْ , وَإِنْ لَحِقَهَا الضَّرَرُ بِأَخْذِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ فِيهِ حَقًّا لِكُلٍّ مِنْهُمَا.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ سَحْنُونٍ إِنْ رَضِيَ الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالْوَلَدُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ عِنْدَ أَبِيهِ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ أُمُّهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
فَاعْتَبَرَ رِضَا الْأُمِّ وَالْوَلَدِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَنِهَايَةُ هَذِهِ الْحَضَانَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْبُلُوغُ فِي الذُّكُورِ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الْكُتُبِ لِابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ حَدَّهَا فِي الذُّكُورِ الِاثِّغَارُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ فِي تَفْرِيعِهِ حَدَّ الْحَضَانَةِ الِاحْتِلَامُ وَقِيلَ حَتَّى يُثْغِرَ وَأَمَّا فِي الْإِنَاثِ فَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ بِأَنَّ لَهَا الْحَضَانَةَ إِلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ وَيَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ أَبِيهَا أَصْوَنَ لَهَا وَأَمْنَعَ إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَيُخْتَارُ لَهَا الْمَوْضِعُ الْأَصْوَنُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ أُنْثَى فَحَتَّى يَبْلُغَ , وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَحَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَمَّنْ يَحْضُنُهُ وَيَقُومَ بِنَفْسِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا بَلَغَ الْوَلَدُ سَبْعَ سِنِينَ , أَوْ ثَمَانِيًا خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ فَمَنْ اخْتَارَ مِنْهُمَا كَانَتْ الْحَضَانَةُ لَهُ.
وَقَدْ تَعَلَّقَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ " عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّهُ قَالَ أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي " وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ إسْنَادُهُ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ وَلَا فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِانْفِرَادِ بِنَفْسِهِ وَالْأُمُّ أَشْفَقُ عَلَيْهِ وَأَصْبَرُ عَلَى خِدْمَتِهِ وَمُرَاعَاةِ حَالِهِ وَالْأَبُ لَا يَسْتَطِيعُ تَعَاهُدَ ذَلِكَ فَكَانَتْ الْأُمُّ أَحَقَّ بِذَلِكَ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ بِذَلِكَ وَهُوَ الْحَدُّ الَّذِي يَقْوَى فِيهِ وَيُمْكِنُهُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ مَنْ يَخْدُمُهُ.
( فَرْعٌ ) فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الِابْنَ إِذَا قَارَبَ الِاحْتِلَامَ وَأَنْبَتَ وَاسْوَدَّ نَبَاتُهُ فَالْأَبُ يَضُمُّهُ إِلَى نَفْسِهِ وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤَقِّتُ فِي ذَلِكَ الِاحْتِلَامَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ : حَدُّهُ أَنْ يَحْتَلِمَ الذَّكَرُ صَحِيحَ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ.
وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ : أَنَّ الْإِنْبَاتَ هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَيُمْكِنُ أَنْ تَثْبُتَ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ وَأَمَّا الِاحْتِلَامُ فَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا بِقَوْلِ الصَّبِيِّ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكْتُمَهُ وَيَدَّعِيَهُ فَكَانَ الْإِنْبَاتُ أَوْلَى وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ كُلَّ أَمْرٍ رُوعِيَ فِيهِ بِنَاءُ الزَّوْجِ فِي حَقِّ الْإِنَاثِ فَإِنَّهُ يُرَاعَى فِيهِ الِاحْتِلَامُ فِي حَقِّ الذُّكُورِ كَوُجُوبِ الْفَرَائِضِ وَهَذَا إِنْ كَانَتْ الْأُمُّ مُسْلِمَةً حُرَّةً فَإِنْ كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً فَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَا حَقَّ لِلنَّصْرَانِيَّةِ فِي الْحَضَانَةِ ; لِأَنَّ الْمُسْلِمَةَ لَوْ أُثْنِيَ عَلَيْهَا ثَنَاءُ سُوءٍ لَنُزِعَ مِنْهَا ; فَهَذِهِ أَوْلَى.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ : الْحَضَانَةُ لَهَا وَاجِبَةٌ , وَكَذَلِكَ الْحُرَّةُ النَّصْرَانِيَّةُ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ لَهُنَّ الْحَضَانَةُ سَوَاءٌ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ , أَوْ مُسْلِمَاتٍ أَوْ مَجُوسِيَّاتٍ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا أُمٌّ حُرَّةٌ خِلْوٌ مِنْ زَوْجٍ لِلِابْنِ فِي حَضَانَتِهَا مِرْفَقٌ فَكَانَتْ لَهَا الْحَضَانَةُ كَالْمُسْلِمَةِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِذَا لَمْ تَكُنْ فِي حِرْزٍ , أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ , أَوْ تَضْعُفُ عَنْهُ , أَوْ سَفِيهَةً , أَوْ سَقِيمَةً , أَوْ ضَعِيفَةً , أَوْ مُسِنَّةً فَلَا حَضَانَةَ لَهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَضَانَةَ إنَّمَا هِيَ لِلرِّفْقِ بِالصَّغِيرِ فَإِذَا عَجَزَتْ عَنْ الْقِيَامِ بِهِ , عَدِمَ الرِّفْقَ وَكَانَ فِي مَقَامِهِ عِنْدَهَا تَضْيِيعٌ لَهُ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
( فَرْعٌ ) وَإِذَا كَانَ الِابْنُ فِي حَضَانَةِ أُمِّهِ لَمْ يُمْنَعْ الِاخْتِلَافَ إِلَى أَبِيهِ يُعَلِّمْهُ, وَيَأْوِي إِلَى الْأُمِّ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الِابْنَ مُحْتَاجٌ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَهُ أَبُوهُ وَيُؤَدِّبَهُ وَيُسَلِّمَهُ إِلَى مَنْ يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ وَالْكِتَابَةَ وَالصَّنَائِعَ وَالتَّصَرُّفَ وَتِلْكَ مَعَانٍ إنَّمَا تُسْتَفَادُ مِنْ الْأَبِ فَكَانَ الْأَبُ أَوْلَى بِالِابْنِ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى التَّعَلُّمِ , وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْحَضَانَةَ ; لِأَنَّ الْحَضَانَةَ تَخْتَصُّ بِالْمَبِيتِ وَمُبَاشَرَةِ عَمَلِ الطَّعَامِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ وَتَهْيِئَةِ الْمَضْجَعِ وَالْمَلْبَسِ وَالْعَوْنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَالْمُطَالَعَةِ لِمَنْ يُبَاشِرُهُ وَتَنْظِيفِ الْجِسْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي تَخْتَصُّ مُبَاشَرَتُهَا بِالنِّسَاءِ وَلَا يَسْتَغْنِي الصَّغِيرُ عَنْ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ لَهُ ; فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَحَقَّ مِمَّا إِلَيْهِ مَنَافِعُ الصَّبِيِّ وَالْقِيَامُ بِأَمْرِهِ.
( فَرْعٌ ) فَإِنْ شَكَا الْأَبُ ضَيَاعَ نَفَقَةِ ابْنِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَهُ فَقَدْ كَتَبَ سَحْنُونٌ إِلَى شَجَرَةٍ فِي الْخَالَةِ تَجِبُ لَهَا الْحَضَانَةُ فَيَقُولُ الْأَبُ يَكُونُ وَلَدِي عِنْدِي لِأُعَلِّمَهُ وَأُطْعِمَهُ فَإِنَّ الْخَالَةَ تَأْكُلُ مَا أَرْزُقُهُمْ وَهِيَ مُكَذِّبَةٌ أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يُطْعِمَهُ وَيُعَلِّمَهُ وَتَكُونُ الْحَضَانَةُ لِلْخَالَةِ فَجَعَلَ الْحَضَانَةَ أَنْ يَأْوِيَ إلَيْهَا وَتُبَاشِرَ سَائِرَ أَحْوَالِهِ مِمَّا يَغِيبُ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهِ.
( فَرْعٌ ) وَإِذَا كَانَتْ الصَّبِيَّةُ عِنْدَ جَدَّتِهَا لَمْ يُمْنَعْ رَسُولُ عَمَّتِهَا مِنْ زِيَارَتِهَا وَعِيَادَتِهَا وَلَا يَمْنَعُ عَمَّتَهَا أَنْ تَأْتِيهَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ لِلْعَمَّةِ حَقًّا فِي مُطَالَعَةِ حَالِهَا وَمَعْرِفَةِ مَجَارِي أُمُورِهَا وَصِحَّتِهَا وَسَقَمِهَا وَمَا تُبَاشِرُ مِنْ عَمَلِهَا لِلرَّحِمِ الَّتِي بَيْنَهُمَا فَلَهَا مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يَدْخُلُ بِهِ مَضَرَّةٌ مِنْ كَثْرَةِ مُلَازَمَتِهَا.
( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ الْأُمُّ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَالْحَضَانَةُ لَهَا مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا فَإِذَا دَخَلَ بِهَا بَطَلَتْ حَضَانَتُهَا , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ بِتَكَرُّهِ الزَّوْجِ لَهُ وَضَجَرِهِ بِهِ وَالْأُمُّ تَدْعُوهَا الضَّرُورَةُ إِلَى التَّقْصِيرِ فِي تَعَاهُدِهِ طَلَبًا لِمَرْضَاةِ الزَّوْجِ وَاشْتِغَالًا بِهِ , وَذَلِكَ كُلُّهُ مُضِرٌّ بِالصَّبِيِّ فَبَطَلَ حَقُّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ فَرَضِيَ الزَّوْجُ أَنْ يَتْرُكَ عِنْدَهَا الْوَلَدَ حَوْلَيْنِ , ثُمَّ يَأْخُذَهُ وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ فَطَلُقَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَحَبَسَتْهُ وَقَامَ الْأَبُ بِالْكِتَابِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ يَبْقَى عِنْدَهَا إِلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ ثَانِيَةً زَادَ فِي الْعُتْبِيَّةِ , ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَهُ أَخْذُ وَلَدِهِ.
( فَرْعٌ ) فَإِنْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ , أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَلَا يَخْلُوا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْتَزِعَ مِنْهَا الْوَلَدَ , أَوْ بَعْدَ أَنْ يَنْتَزِعَ مِنْهَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْتَزِعَ مِنْهَا فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ أَوْ الْجَدَّةُ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا الْوَلَدَ حَتَّى فَارَقَهَا الزَّوْجُ فَلَا يُنْزَعُ مِنْهَا بِخِلَافِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِانْتِزَاعِهِ مِنْهَا حَتَّى يَزُولَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلِانْتِزَاعِ وَعِلَّتُهُ كَالْعَيْبِ يُوجَدُ بِالْمَبِيعِ فَلَا يُحْكَمُ بِالرَّدِّ حَتَّى يَزُولَ الْعَيْبُ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ انْتَزَعَ مِنْهَا الْوَلَدَ قَبْلَ الْفُرْقَةِ بِمَوْتٍ , أَوْ طَلَاقٍ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُرَدُّ إلَيْهَا وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مَعُونَتِهِ لَهَا أَخْذُهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَضَانَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ أَسْبَابَهَا إِذَا زَالَتْ زَالَ حُكْمُهَا لِزَوَالِ سَبَبِهَا وَلَمْ يَعُدْ كَمَا لَوْ تَرَكَتْهُ ابْتِدَاءً ثُمَّ طَلَبَتْهُ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ سَبَبَ انْتِقَالِ الْحَضَانَةِ عَنْ الْأُمِّ دُخُولُ الزَّوْجِ بِهَا وَمَا يُحْذَرُ مِنْ اسْتِضْرَارِ الْوَلَدِ وَتَبَرُّمِهِ بِهِ وَشَغْلِ الْأُمِّ عَنْهُ وَإِذَا زَالَ الزَّوْجُ فَقَدْ أَمِنَ هَذَا فَعَادَتْ الْحَضَانَةُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مَعَ أَبِيهِ وَالْأُمُّ مُتَنَحِّيَةً عَنْهُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَيْسَ لَهَا أَخْذُهُ إِنْ مَاتَ الْأَبُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ بِتَرْكِهَا قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ وَالصَّبِيُّ قَدْ أَنِسَ بِغَيْرِهَا وَتَسَلَّى عَنْهَا وَصَلُحَتْ حَالُهُ دُونَهَا لَا سِيَّمَا مَعَ مَا ظَهَرَ مِنْ تَرْكِهَا لَهُ وَرِضَاهَا بِأَنْ يَلِي غَيْرُهَا أَمْرَهُ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إِذَا رَدَّتْهُ اسْتِثْقَالًا لَهُ , ثُمَّ طَلَبَتْهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهَا إِلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِعُذْرٍ لَهُ وَجْهُهُ قَالَ أَشْهَبُ مِثْلُ أَنْ تَكُونَ مَرِضَتْ , أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَضَانَةَ حَقٌّ لِلْأُمِّ خَاصَّةً.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ وَلِيَّانِ وَتَزَوَّجَتْ الْأُمُّ أَحَدَهُمَا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لَا يُنْزَعُ مِنْهَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ أَرْفَقَ بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ عِنْدَهَا جَفْوَةً أَوْ ضَيْعَةً , أَوْ تَخْلُوَ دُونَهُ وَتَدَعَهُ فَيَكُونُ الْوَلِيُّ الْآخَرُ أَحَقَّ بِهِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْجَدَّةِ الْمُتَزَوِّجَةِ لَا حَضَانَةَ لَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا جَدَّ الصَّبِيِّ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا حَضَانَةَ لَهَا وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا جَدَّ الصَّبِيِّ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْجَدَّ وَلِيٌّ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ فَلَا يُمْنَعُ الْحَضَانَةَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ الزَّوْجَ عَلَى كُلِّ حَالٍ يُشْغَلُ عَنْ الصَّبِيِّ وَهَذَا عِنْدِي غَيْرُ مُؤَثِّرٍ ; لِأَنَّ الْأَبَ يُشْغِلُ الْأُمَّ فِي بَعْضِ الْأَحَايِينِ وَلَا يَنْقُلُ ذَلِكَ الْحَضَانَةَ عَنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
.
( فَصْلٌ ) إِذَا ثَبَتَ أَنَّ حَضَانَةَ الْأُمِّ تَبْطُلُ بِدُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ بَعْدَهَا إِلَى أَقْرَبِ النِّسَاءِ بِالصَّبِيِّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ وَيَنْتَقِلُ ذَلِكَ بِتَزَوُّجِ الْأُمِّ وَعَدَمِ مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْ الْأَبِ بِالْحَضَانَةِ مِنْ النِّسَاءِ إِلَى الْأَبِ وَلَا يَخْلُوَا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إِلَى مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ مِنْ أُنْثَى , أَوْ ذَكَرٍ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الْوَصِيُّ وَمَوْلَى النِّعْمَةِ أَحَقُّ مِنْ الْأُمِّ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ فَالْأَوْلِيَاءُ أَحَقُّ بِالصِّبْيَانِ وَالْأَوْلِيَاءُ هُمْ الْعَصَبَةُ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ كُنَّ إنَاثًا فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِلْعَمِّ وَالْجَدِّ أَخْذُ الصَّبِيَّةِ إِذَا نَكَحَتْ أُمُّهَا وَأَمَّا الْوَصِيُّ إِذَا كَانَ ذَا مَحْرَمٍ فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ الْجَدِّ وَالْعَمِّ وَابْنِ الْعَمِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا مَحْرَمٍ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ كَوْنُهَا مَعَ زَوْجِ أُمِّهَا أَوْلَى ; لِأَنَّهُ ذُو مَحْرَمٍ وَقَالَ أَصْبَغُ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ فَالْوَصِيُّ أَحَقُّ بِالصِّبْيَانِ غِلْمَانًا كَانُوا , أَوْ جِوَارِي , وَإِنْ حَصُنَ الْأَبْكَارُ وَهُوَ أَحَقُّ مِنْ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَابْنِ الْعَمِّ , وَإِنْ كَانَ رِضًى قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ فَالْجَدَّةُ أَحَقُّ بِحَضَانَةِ الْوَلَدِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا أَقْرَبُ ; لِأَنَّهَا تُدْلِي بِالْأُمُومَةِ.
( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْجَدَّةَ لِلْأُمِّ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ بَعْدَ الْأُمِّ فَإِنْ كَانَ لَهَا مَنْزِلٌ تَنْفَرِدُ بِهِ فَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَتْ تَسْكُنُ مَعَ الْأُمِّ الْمُتَزَوِّجَةِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ لِلْجَدَّةِ أَنْ تَسْكُنَ بِهِمْ مَعَ أُمِّهِمْ الْمُتَزَوِّجَةِ فِي حُجْرَةٍ وَاحِدَةٍ , وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ الْأَبُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ مَعَ أُمِّهِمْ الْمُتَزَوِّجَةِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ بِمَنْزِلَةِ كَوْنِهِمْ فِي حَضَانَتِهَا وَهُوَ مِمَّا اُعْتِيدَ مِنْ الْأَزْوَاجِ فِيهِ الِاسْتِثْقَالُ وَالتَّكَرُّهُ وَالتَّبَرُّمُ , وَذَلِكَ مُضِرٌّ بِالْوَلَدِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْحَضَانَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْجَدَّةِ وَهِيَ الْمُنْفَرِدَةُ بِهِمْ فِي الْمَبِيتِ وَالْأَكْلِ وَلَا يَضُرُّ الْوَلَدُ كَوْنُهُمْ مَعَ أُمِّهِمْ فِي مَسْكَنٍ بَلْ رُبَّمَا نَالَهُمْ رِفْقُهَا بِهِمْ مَعَ اسْتِغْنَائِهِمْ بِالْجَدَّةِ عَنْهَا.
( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ أُمَّ الْأُمِّ كَالْأُمِّ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَدَّةً وَزَالَتْ الْحَضَانَةُ عَنْهَا بِنِكَاحٍ فَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ عَنْهَا إِلَى الْخَالَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأَبَ أَوْلَى مِنْ الْخَالَةِ قَالَ أَصْبَغُ , وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْمَعْرُوفُ أَنَّ الْخَالَةَ أَحَقُّ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا رُوِيَ " عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّهُ قَضَى بِالْحَضَانَةِ فِي ابْنَةِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلَبِ لِخَالَتِهَا وَهِيَ زَوْجُ جَعْفَرَ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم وَقَالَ الْخَالَةُ أُمٌّ " وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْخَالَةَ مَعَ لُطْفِ مَحَلِّهَا وَقُرْبِهَا مِنْ الصَّبِيِّ وَمَا عُهِدَ مِنْ حُنُوِّهَا أَقْدَرُ عَلَى مُبَاشَرَةِ حَضَانَتِهِ وَتَنَاوُلِ أَمْرِهِ مِنْ الْأَبِ لِتَعَذُّرِ هَذِهِ الْمَعَانِي عَلَى الرِّجَالِ فِي الْغَالِبِ.
( فَرْعٌ ) وَخَالَةُ الْأُمِّ كَالْخَالَةِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْخَالَةَ أَحَقُّ مِنْ الْجَدَّةِ لِلْأَبِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ جَنَبَةِ الْأُمِّ مُغَلَّبَةٌ فِي الْحَضَانَةِ عَلَى جنبة الْأَبِ كَمَا غُلِّبَتْ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ وَمِنْهَا تُسْتَفَادُ الْحَضَانَةُ فَلَا تَنْتَقِلُ إِلَى جنبة الْأَبِ حَتَّى يُعْدَمَ مُسْتَحِقُّهَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ لِبَنَاتِ الْخَالَةِ مِنْ الْحَضَانَةِ شَيْءٌ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَعَمَّاتُهُ أَوْلَى مِنْ بَنَاتِ خَالَاتِهِ بِالْحَضَانَةِ فَأَوْهَمَ أَنَّ لِبَنَاتِ الْخَالَةِ حَقًّا مِنْ الْحَضَانَةِ وَقَدَّمَ الْعَمَّاتِ عَلَيْهِنَّ فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ إنَّمَا قُدِّمَتْ عَلَيْهَا الْعَمَّةُ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ مِنْهَا وَإِنَّمَا تُؤَثِّرُ جَنْبَةُ الْأُمِّ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْعَدَدِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَعَلَيْهِ اطَّرَدَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ.
( فَرْعٌ ) وَالْجَدَّةُ لِلْأَبِ أَحَقُّ مِنْ الْأَبِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِيهَا الْأَبُ أَوْلَى بِالْحَضَانَةِ مِنْ الْأُخْتِ وَالْعَمَّةِ فَقَدَّمَ الْأَبَ عَلَى نِسَاءِ جَنَبَتِهِ إِلَّا الْجَدَّةَ خَاصَّةً.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِذَا عُدِمَ الْجَدَّاتُ فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ وَالْحَارِثُ تَنْتَقِلُ الْحَضَانَةُ إِلَى الْأَبِ , وَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْجَدَّةُ وَالْخَالَةُ أَوْلَى مِنْ الْأَبِ وَالْأَبُ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ وَالْعَمَّةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالنِّسَاءُ مِنْ قَرَابَةِ الْأَبِ أَوْلَى أُخْتُ الصَّبِيِّ , ثُمَّ عَمَّتُهُ , ثُمَّ بِنْتُ الْأَخِ قَالَ وَهَذَا مَطْرُوحٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْجَدَّةُ لِلْأَبِ , ثُمَّ الْأُخْتُ , ثُمَّ الْعَمَّةُ , ثُمَّ ابْنَةُ أَخِي الصَّبِيِّ , ثُمَّ الْأَبُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَاخْتُلِفَ إِذَا انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَيُّهُمَا أَوْلَى الْأَبُ أَوْ قَرَابَاتُهُ فَإِذَا قُلْنَا أَنَّ الْأَبَ أَوْلَى فُلَانُ بِهِ يَدُلُّونَ وَالْأَصْلُ أَوْلَى وَإِذَا قُلْنَا قَرَابَاتُهُ أَوْلَى ; فَلِأَنَّهُنَّ أَرْفَقُ وَالْأَبُ لَا يُمْكِنُهُ تَنَاوُلُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ أَصْلَ الْحَضَانَةِ لِلنِّسَاءِ ; لِأَنَّهُنَّ يُبَاشِرْنَ ذَلِكَ ; وَلِذَلِكَ قَدَّمْت الْأُمَّ عَلَى الْأَبِ فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهُنَّ إِلَّا بِعَدَمِ جَمِيعِهِنَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَأُمُّ أَبِي الْأَبِ كَأُمِّ الْأَبِ وَظَاهِرُ لَفْظِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ يُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ الْمُدْلِينَ بِهِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ يُقَدَّمُ جَمِيعُهُنَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّ الْعَمَّةَ وَبِنْتَ الْأَخِ وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُمَا مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ غَيْرَ الْأَبِ ; وَلِذَلِكَ قُدِّمَتْ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ فَلَا يُنْقَلُ عَنْهُنَّ إِلَّا بِعَدَمِ جَمِيعِهِنَّ.
( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا يُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَيْهِنَّ فَعُدِمَ الْأَبُ فَالْحَضَانَةُ بَعْدَهُ لِلْأُخْتِ , ثُمَّ الْعَمَّةُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ , ثُمَّ ابْنَةُ أَخِي الصَّبِيِّ , وَلَيْسَ لِبِنْتِ الْخَالَةِ وَلَا لِبِنْتِ الْعَمَّةِ وَلَا لِبِنْتِ الْأُخْتِ مِنْ الْحَضَانَةِ شَيْءٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي ذَلِكَ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِذَا عُدِمَ النِّسَاءُ وَالْأَبُ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالْأَخُ , ثُمَّ الْجَدُّ , ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ , ثُمَّ الْعَمُّ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْوَصِيُّ وَوَلِيُّ النِّعْمَةِ أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ إِذَا تَزَوَّجَتْ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَوْلَى النِّعْمَةِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ وَابْنُ الْعَمِّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ , وَكَذَلِكَ الْعَصَبَةُ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ قَرَابَةٌ وَتَعْصِيبٌ.
( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِافْتِرَاقِ الدَّارَيْنِ ).
.
( فَصْلٌ ) وَهَذَا إِذَا كَانَتْ الْحَاضِنَةُ مَعَ الْأَبِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ , أَوْ فِيمَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ وَأَمَّا مَعَ اخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ فَالْأَبُ وَمَنْ لَهُ حَقٌّ مِنْ الْعَصَبَةِ أَوْلَى بِذَلِكَ , وَفِي هَذَا بَابَانِ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِافْتِرَاقِ الدَّارَيْنِ وَالْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا حُكْمُ التَّفَرُّقِ.
( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِافْتِرَاقِ الدَّارَيْنِ ) فَإِذَا أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يَرْتَحِلَ إِلَى بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ سُكْنَى الْأُمِّ يُرِيدُ السُّكْنَى فَلَهُ أَنْ يَرْتَحِلَ بِوَلَدِهِ مَعَهُ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ , أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ , وَإِنْ كَانَ إنَّمَا هُوَ مُسَافِرٌ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُمْ عَنْ الْأُمِّ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ يَرْضَعُ ذَكَرًا كَانَ , أَوْ أُنْثَى , وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ كِبَارًا مَا دَامَ يُقِيمُ قَالَ , وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَ فَوُلِدَ لَهُ فَفَارَقَ الزَّوْجَةَ , ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنْتَقِلَ بِهِ إِلَى حَيْثُ شَاءَ مَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعُهَا قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ خَبَرُهُمْ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ كَوْنَهُ مَعَ أَبِيهِ أَحْوَطُ لَهُ وَأَثْبَتُ لِنَسَبِهِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَالْوَصِيُّ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ قَالَ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا انْتَقَلَ فَهُوَ أَحَقُّ بِالصِّبْيَانِ غِلْمَانًا كَانُوا , أَوْ جِوَارِي , وَلَيْسَ لِإِخْوَتِهِمْ وَلَا لِأَعْمَامِهِمْ وَجُدُودِهِمْ مَنْعُهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ النَّاظِرُ لَهُمْ دُونَهُمْ وَدُونَ الْحَاضِنَةِ وَمَا لَهُمْ عِنْدَهُ فَكَانَ كَالْأَبِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَالْأَوْلِيَاءُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي انْتِقَالِهِمْ مَعَهُ عَنْ مَكَانِ الْأُمِّ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ , أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ قَالَهُ مَالِكٌ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ عَصَبَةٌ كَالْأَبِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ أَرَادَتْ الْأُمُّ الِانْتِقَالَ عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ أَبُوهُمْ أَوْ أَوْلِيَاؤُهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ ; لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الطِّفْلِ عَصَبْته فِي الدَّارِ كَانْتِقَالِ الْعَصَبَةِ.
( الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا حُكْمُ التَّفَرُّقِ وَكَمْ قَدْرُ الْمَسَافَةِ الَّتِي لَا تَأْثِيرَ لَهَا وَتَمْيِيزُهَا مِنْ الْمَسَافَةِ الْمُؤَثِّرَةِ ) قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ لِلْأُمِّ أَنْ تَرْتَحِلَ بِهِمْ إِلَّا الْبَرِيدَ وَنَحْوَهُ حَيْثُ يَبْلُغُ الْأَبُ وَالْأَوْلِيَاءُ خَبَرَهُمْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْحَلَ بِهِمْ إِلَّا مِثْلَ الْمَرْحَلَةِ , أَوْ الْمَرْحَلَتَيْنِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ تُوُفِّيَ عَنْ بِنْتٍ سِنُّهَا ثَمَانِ سِنِينَ وَأَرَادَتْ أُمُّهَا أَنْ تَرْتَحِلَ بِهَا إِلَى خؤولتها عَلَى مَسِيرَةِ مَرْحَلَتَيْنِ وَأَبَى ذَلِكَ أَعْمَامُهَا أَنَّ ذَلِكَ لَهُمْ دُونَهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَقْرَبُ مَا لِلْأَبِ أَنْ يَرْتَحِلَ فِيهِ بِالْوَلَدِ سِتَّةُ بُرُدٍ وَلَمْ يَرَ أَشْهَبُ أَنْ تَنْتَقِلَ بِهِ الْأُمُّ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ بُرُدٍ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْبَرِيدَ وَنَحْوَهُ لَا يَشُقُّ عَلَى الْأَبِ مُطَالَعَةُ ابْنِهِ فِيهِ غَالِبًا وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَشُقُّ تَكَرُّرُهُ لِمُطَالَعَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْأُمِّ إحْدَاثُ هَذِهِ الْمَضَرَّةِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّ مَا دُونَ سِتَّةِ بُرُدٍ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ السَّفَرِ وَإِنَّمَا لَهُ حُكْمُ الْحَضَرِ كَالْبَرِيدِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا إِذَا كَانَ الْأَبُ حُرًّا فَإِنْ كَانَ عَبْدًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَظْعَنَ بِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ أُمُّهُ حُرَّةً , أَوْ أَمَةً قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ وَلِيٌّ فَتَظْعَنُ الْأُمُّ بِهِمْ حَيْثُ شَاءَتْ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْمُقَامُ عَلَيْهِ وَالِاسْتِيطَانُ مَعَهُ وَقَدْ يُخْرِجُهُ سَيِّدُهُ إِلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ وَيَتَكَرَّرُ ذَلِكَ مِنْ جِهَتِهِ فَيَنْفَرِدُ الْوَلَدُ وَلَا تَحْصُلُ لَهُ مُرَاعَاتُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا وَالْأُمُّ أَمَةً فَعَتَقَ الْوَلَدُ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ لِلْأُمِّ إِلَّا أَنْ يُبَاعَ , أَوْ يَنْكِحَ , أَوْ يَظْعَنَ الْأَبُ قَالَهُ مَالِكٌ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ السَّيِّدَ إبَاحَةُ مُرَاعَاةِ وَلَدِهَا ; لِأَنَّهُ كَانَ عَبْدَهُ فَإِذَا أَعْتَقَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ نَفَقَتَهُ وَسَائِرَ حُقُوقِهِ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لِحَقِّ الرِّقِّ فَإِنْ كَانَ لِحَقِّ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الرِّقِّ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُبْطِلُهَا , وَكَذَلِكَ إِذَا بِيعَتْ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي أَنْ يُؤْوِيَهُ مَعَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا حُكْمُ النِّكَاحِ فَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ الْمَوْطُوءَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَهَلْ لَهَا حَضَانَةٌ إِذَا أَعْتَقَتْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لَا حَضَانَةَ لَهَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْحُرَّةِ يُطَلِّقُهَا الزَّوْجُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَأُمُّ الْوَلَدِ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ كَالْحُرَّةِ وَقَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ عِنْدِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرِّقَّ يَمْنَعُ وِلَايَةَ الْحَضَانَةِ ; وَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْعَبْدِ حَضَانَةُ ابْنِهِ فِي الظَّعْنِ فَإِذَا كَانَ مَعَ الرِّقِّ يَمْنَعُ ذَلِكَ فَمَعَ الظَّعْنِ أَوْلَى.
( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ عَتَقَتْ أُمُّ الْوَلَدِ عَلَى أَنْ تَرَكَتْ حَضَانَةَ وَلَدِهَا فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُرَدُّ إلَيْهَا بِخِلَافِ الْحُرَّةِ تُصَالِحُ الزَّوْجَ عَلَى تَسْلِيمِ الْوَلَدِ إِلَيْهِ ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو زَيْدٍ أَنَّ الشَّرْطَ لَازِمٌ كَالْحُرَّةِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَأَخَذَ بِعَضُدِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الدَّابَّةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ حَمْلَهُ عَلَى وَجْهِ الزِّيَارَةِ , وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ لِقُرْبِ الْمَوْضِعِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ ضُيِّعَ تَضْيِيعًا يَخَافُ أَنْ يَضُرَّ بِهِ وَيَرَى أَنَّ ذَلِكَ يُبِيحُ لَهُ أَخْذَهُ وَيَجْعَلُهُ أَحَقَّ بِحَضَانَتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أُمُّهُ قَدْ كَانَتْ تَزَوَّجَتْ فَصَارَ الصَّبِيُّ إِلَى جَدَّتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ عُمَرُ أَنَّ الْجَدَّةَ تَبْتَغِي حَضَانَتَهُ , أَوْ لَعَلَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ مِنْ الْجَدَّةِ فَأَدْرَكَتْهُ جَدَّةُ الْغُلَامِ وَهِيَ السَّمْرَاءُ بِنْتُ أَبِي عَامِرٍ وَنَازَعَتْهُ إِيَّاهُ فَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ جَدَّتَهُ خَاصَمَتْ فِيهِ جَدَّهُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ , وَفِي هَذَا نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِسَنَتَيْنِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكْمُلَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ ثَمَانِ سِنِينَ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَأَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يُرِيدُ ; لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ الَّذِي يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ عُمَرُ ابْنِي وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ ابْنِي فَأَظْهَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُجَّتَهُ وَسَبَبَهُ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ يَقْتَضِي لَهُ أَخْذَهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ يُرِيدُ أَنَّهَا لَمَّا اسْتَوْعَبَتْ حُجَّتَهَا وَرَأَى أَنَّ الْمَرْأَةَ أَحَقَّ بِهِ قَضَى عَلَى عُمَرَ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ وَتَذْهَبَ بِهِ وَتَأْخُذَ بِحَقِّهَا مِنْ حَضَانَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَمَا رَاجَعَهُ عُمَرُ الْكَلَامُ يُرِيدُ أَنَّهُ سَلَّمَ حُكْمَهُ وَالْتَزَمَ مَا يَلْتَزِمُ مِنْ طَاعَتِهِ وَالرِّضَا بِمَا قَضَى بِهِ وَإِنْ كَانَ يَرَى هُوَ غَيْرَهُ ; وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا الْأَمْرُ الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ يُرِيدُ مَا أَوْرَدَهُ مِنْ حُكْمِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
و حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ ثُمَّ إِنَّهُ فَارَقَهَا فَجَاءَ عُمَرُ قُبَاءً فَوَجَدَ ابْنَهُ عَاصِمًا يَلْعَبُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَأَخَذَ بِعَضُدِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الدَّابَّةِ فَأَدْرَكَتْهُ جَدَّةُ الْغُلَامِ فَنَازَعَتْهُ إِيَّاهُ حَتَّى أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ فَقَالَ عُمَرُ ابْنِي وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ ابْنِي فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ قَالَ فَمَا رَاجَعَهُ عُمَرُ الْكَلَامَ قَالَ و سَمِعْت قَوْله تَعَالَى يَقُولُ وَهَذَا الْأَمْرُ الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ
عن يحيى بن سعيد أن أبا الدرداء، كتب إلى سلمان الفارسي، أن هلم إلى الأرض المقدسة فكتب إليه سلمان: «إن الأرض لا تقدس أحدا.<br> وإنما يقدس الإنسان عمله.<...
عن عمر بن عبد الرحمن بن دلاف المزني، عن أبيه، أن رجلا من جهينة كان يسبق الحاج فيشتري الرواحل.<br> فيغلي بها.<br> ثم يسرع السير فيسبق الحاج.<br> فأفلس...
عن سعيد بن المسيب، أن عثمان بن عفان، قال: «من نحل ولدا له صغيرا لم يبلغ أن يحوز نحله فأعلن ذلك له.<br> وأشهد عليها.<br> فهي جائزة.<br> وإن وليها أبوه»
عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أعتق شركا له في عبد.<br> فكان له مال يبلغ ثمن العبد، قوم عليه قيمة العدل.<br> فأعطى شركاء...
عن الحسن بن أبي الحسن البصري، وعن محمد بن سيرين، أن رجلا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق عبيدا له ستة عند موته فأسهم رسول الله صلى الله عليه...
عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، أن رجلا في إمارة أبان بن عثمان، أعتق رقيقا له كلهم جميعا ولم يكن له مال غيرهم.<br> «فأمر أبان بن عثمان، بتلك الرقيق فقسمت...
عن ابن شهاب، أنه سمعه يقول: مضت السنة أن العبد إذا أعتق تبعه ماله
عن عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب، قال: «أيما وليدة ولدت من سيدها.<br> فإنه لا يبيعها ولا يهبها ولا يورثها.<br> وهو يستمتع بها.<br> فإذا مات فهي حر...
عن عمر بن الحكم، أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن جارية لي كانت ترعى غنما لي.<br> فجئتها.<br> وقد فقدت شاة من الغنم.<b...