1459-
عن هشام بن عروة عن أبيه، أن مخنثا كان عند أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال لعبد الله بن أبي أمية ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع: يا عبد الله إن فتح الله عليكم الطائف غدا فأنا أدلك على ابنة غيلان فإنها تقبل بأربع.
وتدبر بثمان.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخلن هؤلاء عليكم»
هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جُمْهُورُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ مُرْسَلًا
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ مُخَنَّثًا كَانَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْمُخَنَّثُ هُوَ الْمُؤَنَّثُ مِنْ الرِّجَالِ , وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فِيهِ الْفَاحِشَةُ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَثَنِّي الشَّيْءِ وَتَكَسُّرِهِ وَالْمُخَنَّثُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ اسْمُهُ هيْت وَكَانَ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَلَا أَرَى ذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ إِلَى أُولِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ قَالَ عِكْرِمَةُ هُوَ الْمُخَنَّثُ الَّذِي لَا يَقُومُ لَهُ يُرِيدُ الْعِنِّينَ وَقِيلَ هُوَ الشَّيْخُ الْهَرِمُ وَالْخُنْثَى وَالْمَعْتُوهُ وَالطِّفْلُ وَالْعِنِّينُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الْأَحْمَقُ الَّذِي لَا حَاجَةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ هُوَ الَّذِي يَتْبَعُك لِيُصِيبَ مِنْ طَعَامِك وَلَا يُرِيدُ النِّسَاءَ وَلَا يَهُمُّهُ إِلَّا بَطْنُهُ فَلَا يُخَافُ مِنْهُ عَلَى النِّسَاءِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ " كَانَ رَجُلٌ يَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَوْمًا وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ وَهُوَ يَنْعَتُ امْرَأَةً فَقَالَ : إنَّهَا إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَلَا أَرَى هَذَا يَعْلَمُ مَا هَاهُنَا لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُمْ " فَحَجَبُوهُ وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ " إِنَّ هِيتًا قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ وَهُوَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ إِنْ افْتَتَحْتُمْ الطَّائِفَ فَعَلَيْك بِبَادِنَةَ بِنْتِ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ الثَّقَفِيِّ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ مَعَ ثَغْرٍ كَالْأُقْحُوَانِ إِنْ قَعَدَتْ ثَبَتَتْ , وَإِنْ تَكَلَّمَتْ تَغَنَّتْ بَيْنَ رِجْلَيْهَا كَالْإِنَاءِ الْمَكْفُوفِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَسْمَعُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لَقَدْ غَلْغَلْت النَّظَرَ إلَيْهَا يَا عَدُوَّ اللَّهِ , ثُمَّ أَجْلَاهُ عَنْ الْمَدِينَةِ إِلَى الْحِمَى " فَلَمَّا فُتِحَ الطَّائِفُ تَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَوَلَدَتْ لَهُ بُرَيْهَةَ وَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَوُلِّيَ أَبُو بَكْرٍ كَلَّمَهُ فِيهِ أَنْ يَرُدَّهُ فَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُ فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ قِيلَ إنَّهُ قَدْ ضَعُفَ وَكَبِرَ وَاحْتَاجَ فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ كُلَّ جُمْعَةٍ فَيَسْأَلَ النَّاسَ , ثُمَّ يَرْجِعَ إِلَى مَكَانِهِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ أَعْكَانَهَا وَهِيَ تَرَاكِيبُ اللَّحْمِ فِي الْبَطْنِ حَتَّى يَنْعَطِفَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَهِيَ فِي بَطْنِهَا أَرْبَعُ طَرَائِقَ وَتَبْلُغُ أَطْرَافُهَا إِلَى خَاصِرَتَيْهَا فِي كُلِّ جَانِبٍ أَرْبَعٌ فَهِيَ عَلَى هَذَا ثَمَانٍ وَأَرَادَ الْعُكَنَ وَاحِدَتُهَا عُكْنَةٌ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ فَلِذَلِكَ أَتَى بِلَفْظِ الْعَدَدِ عَلَى التَّأْنِيثِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ : وَلَا يَدْخُلَنَّ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُمْ , مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْمَنْعُ مِنْ دُخُولِ مَنْ يَفْطِنُ لِمَحَاسِنِ النِّسَاءِ مِنْ الْمُخَنَّثِينَ وَمَنْ يُحْسِنُ وَصْفَهُنَّ وَيَهْتَبِلُ بِذَلِكَ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مَنْ لَا يَتَفَطَّنُ لِذَلِكَ وَلَا يَهْتَبِلُ بِهِ وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ الْحَسْنَاءِ مِنْهُنَّ وَالْقَبِيحَةِ فَهُوَ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ هُوَ الَّذِي لَا يَنْتَشِرُ ذَكَرُهُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا أُولُو الْإِرْبَةِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ ذَوُو مَحَارِمَ وَأَجْنَبِيُّونَ فَأَمَّا ذَوُو الْمَحَارِمِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ الدُّخُولُ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمِهِمْ وَيَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَنْظُرُوا مِنْهَا إِلَى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِكَشْفِهِ كَالْوَجْهِ وَالشَّعْرِ وَالْمِعْصَمَيْنِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا بَأْسَ أَنْ يَرَى الرَّجُلُ شَعْرَ امْرَأَتِهِ وَامْرَأَةِ أَبِيهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَبِّلَ خَدَّ ابْنَتِهِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ هَذَا مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِانْكِشَافِهِ مِنْهَا وَأَمَّا أَنْ يَرَاهَا مُتَجَرِّدَةً فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ , وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لِيَسْتَأْذِنِ الرَّجُلُ عَلَى أُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرَى أُمَّهُ عُرْيَانَةً , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مِمَّا تَسْتُرُهُ غَالِبًا كَالْعَوْرَةِ الْمُخَفَّفَةِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ الْآيَةَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرِيدُ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ ; لِأَنَّ الْمَرْأَةَ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتُرَ مِنْهَا فِي الصَّلَاةِ كُلَّ مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرَاهُ الْقُرَبَاءُ , وَلَيْسَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُظْهِرَ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا , وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقُرْبَى أَنْ يَرَوْا مِنْهَا ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ فَاقْتَضَى قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي إسْحَاقِ أَنَّهُ مَنَعَ رُؤْيَةَ ذَوِي الْمَحَارِمِ لِشَعْرِ الْمَرْأَةِ وَأَبَاحَ لَهُ رُؤْيَةَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا أُمُّ الزَّوْجَةِ فَجَوَّزَ مَالِكٌ النَّظَرَ إِلَى شَعْرِهَا وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَى التَّأْبِيدِ كَالْأُمِّ وَالْأُخْتِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ بِذِي مَحْرَمٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ مُبَاحًا لَهُ , أَوْ غَيْرَ مُبَاحٍ فَإِنْ كَانَ مُبَاحًا وَهُوَ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا وَتَنْظُرُ هِيَ مِنْهُ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مَنْ لَا يَحِلُّ لَك فَرْجُهَا فَلَا تَطَّلِعْ عَلَى عَوْرَتِك فِي صِحَّةٍ وَلَا مَرَضٍ وَحَالِ ضَرُورَةٍ , وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا مُحَرَّمَةُ الْوَطْءِ كَالْأَجْنَبِيَّةِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ لَا يُبَاحُ لَهُ الْوَطْءُ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ صَغِيرٌ وَكَبِيرٌ فَأَمَّا الصَّغِيرُ فَيَجُوزُ نَظَرُهُ لَهَا.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْكَبِيرُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ خَصِيٌّ وَفَحْلٌ فَأَمَّا الْخَصِيُّ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ عَبْدًا , أَوْ حُرًّا فَإِنْ كَانَ عَبْدًا لَهَا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى الْمَرْأَةِ خَصِيُّهَا ; لِأَنَّ فِي نَظَرِهِ إِلَى وَجْهِهَا أَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهِ كَوْنُهُ مِلْكًا لَهَا وَكَوْنُهُ خَصِيًّا ; لِأَنَّ فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّأْنِيثِ فَأَمَّا رُؤْيَةُ شَعْرِهَا فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ يَرَى شَعْرَ سَيِّدَتِهِ إِنْ كَانَ وَغْدًا وَكُرِهَ ذَلِكَ لِذِي الْمَنْظَرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّ مَا تَمْلِكُهُ مِنْ الْخِصْيَانِ بِخِلَافِ مَنْ لَا تَمْلِكُهُ وَلَا يَرَى شَعْرَهَا وَزِينَتَهَا مَنْ لَا تَمْلِكُهُ , وَإِنْ كَانَ لِزَوْجِهَا.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْخَصِيُّ الْعَبْدُ لِزَوْجِهَا وَلِغَيْرِ زَوْجِهَا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا إِذَا بَلَغَ الْحُلُمَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ أَنْ يَرَى وَجْهَهَا , وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا لَا بَأْسَ أَنْ يَرَى شَعْرَهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْظَرٌ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْحُرُّ مِنْ الْخِصْيَانِ فَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى النِّسَاءِ قَالَ عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ كَانَ وَغْدًا , أَوْ غَيْرَ وَغْدٍ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْفَحْلُ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ عَبْدٌ وَحُرٌّ فَأَمَّا الْعَبْدُ لَهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سَيِّدَتِهِ وَيَرَى شَعْرَهَا إِنْ كَانَ لَا مَنْظَرَ لَهُ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ , وَكَذَلِكَ مُكَاتَبُهَا وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَقَالَ لَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الْآيَةُ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إنَّمَا عَنَى بِهَا الْإِمَاءَ وَلَمْ يَعْنِ بِهَا الْعَبِيدَ وَقَالَ طَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ لَا يَرَى شَعْرَهَا وَمَعْنَى , أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ نَبْهَانُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَهِدَ إلَيْنَا إِذَا كَانَ عِنْدَ مُكَاتَبِ إحْدَاكُنَّ وَفَاءٌ بِمَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ فَاضْرِبْنَ دُونَهُ الْحِجَابَ " قَالَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ الْعَبْدَ يَجُوزُ أَنْ يَرَى مِنْ سَيِّدَتِهِ مَا يَرَاهُ ذَوُو الْمَحَارِمِ كَالْأَبِ وَالْأَخِ ; لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا , وَلَيْسَ مِنْ ذَوِي الْمَحَارِمِ الَّذِي يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ مَعَهُ ; لِأَنَّ حُرْمَتَهُ مِنْهَا لَا تَدُومُ إذْ يُمْكِنُ أَنْ تُعْتِقَهُ فِي سَفَرِهَا فَيَحِلُّ لَهُ تَزْوِيجُهَا وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْدِي غَيْرَ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ مَذْهَبُ الْقَاضِي أَبِي إِسْحَاقَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَاَلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأُجْرُوا مَجْرَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ وَأُمِرُوا بِالِاسْتِئْذَانِ فِي الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ خَاصَّةً ; لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَسْتُرُونَ فِيهَا كَمَا يَسْتُرُونَ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَأَمَّا عَبْدُ غَيْرِهَا فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا كَالْحُرِّ الْأَجْنَبِيِّ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَلَا يَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ أَجْنَبِيٌّ وَأَمَّا الضَّرُورَةُ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ الْغَرِيبَةِ تَلْجَأُ إِلَى الرَّجُلِ يَقُومُ بِحَوَائِجِهَا وَيُنَاوِلُهَا الْحَاجَةَ لَا بَأْسَ بِهِ وَلْيُدْخِلْ مَعَهُ غَيْرَهُ أَحَبُّ إلَيَّ , وَوَجْهُ ذَلِكَ : أَنَّهَا حَالُ ضَرُورَةٍ كَحَالَةِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا.
( مَسْأَلَةٌ ) وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى الْمَرْأَةِ يُرِيدُ نِكَاحَهَا يَنْظُرُ إلَيْهَا قِيلَ : فَيَغْتَفِلُهَا مِنْ كُوَّةٍ وَنَحْوِهَا فَكَرِهَ ذَلِكَ , وَوَجْهُ إبَاحَةِ الدُّخُولِ عَلَيْهَا وَالنَّظَرِ إلَيْهَا الضَّرُورَةُ.
وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى النَّظَرِ إلَيْهَا لِيَعْلَمَ هَلْ تُوَافِقُهُ صُورَتُهَا وَمَحَاسِنُهَا , وَإِنَّمَا كُرِهَ اِغْتِفَالُهَا لِئَلَّا يَنْظُرَ مِنْهَا إِلَى عَوْرَةٍ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهَا ; لِأَنَّهُ مَجْمَعُ الْمَحَاسِنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الرَّجُلُ يُرِيدُ شِرَاءَ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَجْهِهَا وَيَدَيْهَا وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى بَدَنِهَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى سَاقَيْهَا وَعَجُزِهَا وَبَطْنِهَا وَقَالَ لَا حُرْمَةَ لَهَا وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ يَنْظُرُ إِلَى جَمِيعِهَا إِلَّا الْفَرْجَ , وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مُخَنَّثًا كَانَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الطَّائِفَ غَدًا فَأَنَا أَدُلُّكَ عَلَى ابْنَةِ غَيْلَانَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَدْخُلَنَّ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُمْ
عن يحيى بن سعيد، أنه قال: سمعت القاسم بن محمد، يقول: كانت عند عمر بن الخطاب امرأة من الأنصار فولدت له عاصم بن عمر، ثم إنه فارقها، فجاء عمر قباء فوجد ا...
عن يحيى بن سعيد أن أبا الدرداء، كتب إلى سلمان الفارسي، أن هلم إلى الأرض المقدسة فكتب إليه سلمان: «إن الأرض لا تقدس أحدا.<br> وإنما يقدس الإنسان عمله.<...
عن عمر بن عبد الرحمن بن دلاف المزني، عن أبيه، أن رجلا من جهينة كان يسبق الحاج فيشتري الرواحل.<br> فيغلي بها.<br> ثم يسرع السير فيسبق الحاج.<br> فأفلس...
عن سعيد بن المسيب، أن عثمان بن عفان، قال: «من نحل ولدا له صغيرا لم يبلغ أن يحوز نحله فأعلن ذلك له.<br> وأشهد عليها.<br> فهي جائزة.<br> وإن وليها أبوه»
عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أعتق شركا له في عبد.<br> فكان له مال يبلغ ثمن العبد، قوم عليه قيمة العدل.<br> فأعطى شركاء...
عن الحسن بن أبي الحسن البصري، وعن محمد بن سيرين، أن رجلا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق عبيدا له ستة عند موته فأسهم رسول الله صلى الله عليه...
عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، أن رجلا في إمارة أبان بن عثمان، أعتق رقيقا له كلهم جميعا ولم يكن له مال غيرهم.<br> «فأمر أبان بن عثمان، بتلك الرقيق فقسمت...
عن ابن شهاب، أنه سمعه يقول: مضت السنة أن العبد إذا أعتق تبعه ماله
عن عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب، قال: «أيما وليدة ولدت من سيدها.<br> فإنه لا يبيعها ولا يهبها ولا يورثها.<br> وهو يستمتع بها.<br> فإذا مات فهي حر...