1521- عن عبد الله بن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم»
أخرجه الشيخان
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ يُرِيدُ قَطَعَ مَنْ سَرَقَ مِجَنًّا ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ , وَالْأَصْلُ فِي الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنْ اللَّهِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ يَتَضَمَّنُ الْقَطْعَ فِي الْعُرُوضِ وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهَا , فَقَالَ مَالِكٌ : يُقْطَعُ فِي جَمِيعِ الْمَنْقُولَاتِ الَّتِي يَجُوزُ بَيْعُهَا وَأَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهَا كَانَ أَصْلُهَا مُبَاحًا كَالْمَاءِ وَالصَّيْدِ وَالتُّرَابِ وَالْحَشِيشِ , أَوْ مَحْظُورًا كَالثِّيَابِ وَالْعَقَارِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَا كَانَ أَصْلُهُ مُبَاحًا فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنْ اللَّهِ , وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ نَوْعُ مَالٍ يُتَمَوَّلُ مُعْتَادًا كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ , وَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ الْمُصْحَفَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا وَوَجْهُهُ مَا تَقَدَّمَ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ سَرَقَ زَيْتًا وَقَعَ فِيهِ فَأْرَةٌ فَمَاتَتْ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ يُقْطَعُ إِذَا كَانَ يُسَاوِي لَوْ بِيعَ عَلَى هَذَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَمَنْ سَرَقَ جِلْدَ مَيْتَةٍ غَيْرَ مَدْبُوغٍ لَمْ يُقْطَعْ , وَأَمَّا الْمَدْبُوغُ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُ وَقِيلَ إِذَا كَانَ قِيمَةُ مَا فِيهِ مِنْ الصَّنْعَةِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ , وَإِلَّا لَمْ يُقْطَعْ وَقَالَ مَالِكٌ لَا قَطْعَ فِي الْمَيْتَةِ , وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَنْ الِانْتِفَاعِ بِعَظْمِهَا.
( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ سَرَقَ صَلِيبًا مِنْ خَشَبَةٍ أَوْ تِمْثَالًا مِنْ كَنِيسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ صَلِيبٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ سَرَقَهُ مُسْلِمٌ مِنْ ذِمِّيٍّ أَوْ ذِمِّيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ سَرَقَ كَلْبًا نُهِيَ عَنْ اتِّخَاذِهِ لَمْ يُقْطَعْ , وَاخْتُلِفَ فِيهِ إِذَا كَانَ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُ , وَإِنْ كُنْت أَنْهَى عَنْ بَيْعِهِ , وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا قَطْعَ فِي كَلْبٍ لِصَيْدٍ وَلَا لِغَيْرِهِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ سَرَقَ لَحْمَ أُضْحِيَّةٍ أَوْ جِلْدَهَا فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُ إِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ , وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ إِنْ سَرَقَهَا قَبْلَ الذَّبْحِ قُطِعَ وَإِنْ سَرَقَهَا بَعْدَ الذَّبْحِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي فَلَسٍ وَلَا تُورَثُ مَالًا , إنَّمَا تُورَثُ لِتُؤْكَلَ , وَإِنْ سَرَقَهَا مِمَّنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ قُطِعَ ; لِأَنَّ الْمُعْطِيَ قَدْ مَلَكَهَا , وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَهُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ سَرَقَ مِزْمَارًا أَوْ عُودًا أَوْ دُفًّا أَوْ كَبَرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمَلَاهِي فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ الْكَسْرِ رُبْعَ دِينَارٍ , وَكَانَ فِيهَا فِضَّةٌ زِنَةُ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَلِمَ بِهَا السَّارِقُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ قُطِعَ سَرَقَهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ ; لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ كَسْرَهَا عَلَيْهِمْ إِذَا أَظْهَرُوهَا , وَأَمَّا الدُّفُّ وَالْكَبَرُ فَإِنَّهُ يُرَاعَى قِيمَتُهُمَا صَحِيحَيْنِ ; لِأَنَّهُ أَرْخَصَ فِي اللَّعِبِ بِهِمَا.
( مَسْأَلَةٌ ) وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَيُقْطَعُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْمَاءُ إِذَا أُحْرِزَ لِوُضُوءٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ , وَكَذَلِكَ الْحَطَبُ وَالْعَلَفُ وَالتِّبْنُ وَالْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ وَالرُّمَّانُ وَالرَّمَادُ إِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَسُرِقَ مِنْ حِرْزِهِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ يُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ قِيمَتُهُ , وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِيعَ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ , وَأَنَّ ذَلِكَ الْعَدَدَ قِيمَتُهُ وَنِسْبَتُهُ لَقِيمَتِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَطْعَ مُتَعَلِّقٌ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ , وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ النِّصَابَ مِنْ الْوَرِقِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَمِنْ الذَّهَبِ رُبْعُ دِينَارٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ , وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ الْحَدِيثُ الْمَنْصُوصُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا طَالَ عَلَيَّ وَمَا نَسِيت الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ لِلْوَرِقِ مَدْخَلًا فِي نِصَابِ الْقَطْعِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ لَا تَعَلُّقَ لِلنِّصَابِ بِالْوَرِقِ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ , وَهَذَا يُفِيدُ الِاعْتِبَارَ بِالْوَرِقِ , وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّهُ أَصْلُ مَالٍ مِنْ جِنْسِ أُصُولِ الْأَثْمَانِ وَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ فَاعْتُبِرَ بِهَا فِي نِصَابِ الْقَطْعِ كَالذَّهَبِ.
( فَرْعٌ ) وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعُرُوضَ تُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ دُونَ الذَّهَبِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا سُرِقَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ سَارِقُهُ , وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهُ مِنْ الذَّهَبِ رُبْعَ دِينَارٍ , وَإِذَا قَصُرَ عَنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعْ , وَإِنْ بَلَغَ رُبْعَ دِينَارٍ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ حَيْثُ يَجْرِي الذَّهَبُ أَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ , وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ هَذَا إِذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ الْوَرِقُ , وَإِذَا كَانَ تَعَامُلُهُمْ بِالذَّهَبِ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ بِالذَّهَبِ , وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ هِيَ الَّتِي جَرَى الْعُرْفُ بِالتَّعَامُلِ بِهَا فِي هَذَا الْقَدْرِ فَكَانَ الِاعْتِبَارُ بِهَا فِي قِيمَتِهِ , وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَإِنَّ نِصَابَهَا مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُتَعَامَلَ بِهَا بِالدَّنَانِيرِ فِي بَلَدِ الذَّهَبِ , وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي قِيمَةِ الْعُرُوضِ بِمَا تُبَاعُ بِهِ غَالِبًا فِي بَلَدِ التَّقْوِيمِ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ.
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَا اُعْتُبِرَ بِهِ النِّصَابُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ : إنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى وَزْنِهِمَا كَانَ ذَلِكَ دَنِيئًا أَوْ جَيِّدًا نَقْرَةً كَانَ أَوْ تِبْرًا قَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَرُجْ بِرَوَاجِ الْعَيْنِ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ أَوْ حُلِيًّا وَلَا يُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهِ يُرِيدُ إِلَى مَا تَزِيدُ صِنَاعَةً ; لِأَنَّ أَحْكَامَ الشَّرْعِ إِذَا تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ تَتَعَلَّقُ بِوَزْنِهِ دُونَ قِيمَتِهِ وَدُونَ صِنَاعَتِهِ , وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِصِنَاعَةٍ دُونَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ تَجْرِي عَدَدًا فَكَانَتْ قَائِمَةَ الْوَزْنِ تَعَلَّقَ الْقَطْعُ مِنْهَا بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَإِنْ نَقَصَ كُلُّ دِرْهَمٍ خَرُّوبَةً أَوْ ثَلَاثَ حَبَّاتٍ , وَهِيَ تَجُوزُ فَلَا قَطْعَ فِيهَا حَتَّى تَكُونَ قَائِمَةَ الْوَزْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ عَنْ أَصْبَغَ فَأَمَّا مِثْلُ حَبَّتَيْنِ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا جَرَتْ مَجْرَى الْوَازِنَةِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ فِي الْعِوَضِ فَبِهَا يَتَعَلَّقُ الْقَطْعُ , وَمَا جَرَتْ بَيْنَ النَّاسِ , وَلَكِنَّهُ يَنْقُصُ عِوَضُهَا لِنَقْصِهَا فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأَنْصَافِ وَالْأَرْبَاعِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مَقْطُوعَةً لَمْ يُقْطَعْ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ مِنْهَا , وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُرِيدُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا نَقْصُهَا , وَأَمَّا الذَّهَبُ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ بَلَغَ الذَّهَبُ فِي وَزْنِهَا سِتَّةَ قَرَارِيطَ , وَذَلِكَ رُبْعُ دِينَارٍ حِسَابُ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ قِيرَاطًا فِي الدِّينَارِ قُطِعَ سَارِقُهَا , وَإِنْ سَرَقَ قِيرَاطَيْنِ أَوْ مَا دُونَ سِتَّةِ قَرَارِيطَ مِنْ الذَّهَبِ لَمْ يُقْطَعْ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ سَرَقَ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ فَلَمْ يُعْلَمْ بِهِ حَتَّى سَرَقَ مَا يَكُونُ فِيهِ مَعَ الْأَوَّلِ الْقَطْعُ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْرِقَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ مَا فِيهِ الْقَطْعُ قَالَ : وَلَوْ سَرَقَ قَمْحًا مِنْ بَيْتٍ فَكَانَ يَنْقُلُ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى اجْتَمَعَ مَا فِيهِ الْقَطْعُ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ , وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي السَّارِقِ يَدْخُلُ الْبَيْتَ عَشْرَ مَرَّاتٍ مِنْ لَيْلِهِ يَخْرُجُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِنْهُ بِقِيمَةِ دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُخْرِجَ فِي مَرَّةٍ مَا فِيهِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ , قَالَ سَحْنُونٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَإِذَا كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ قُطِعَ , وَهَذَا كُلُّهُ وَجْهُ التَّحْيِيلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا وَهَذَا عَامٌّ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى إذْ الْقَطْعُ شُرِعَ لِلرَّدْعِ عَنْ أَمْوَالِ النَّاسِ , وَلَوْ عَرَا هَذَا عَنْ الْقَطْعِ لَتَسَبَّبَ إِلَى أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِهَذَا الْوَجْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ وَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِإِخْرَاجِ رُبْعِ دِينَارٍ مِنْ الْحِرْزِ , وَهَذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ سَرَقَ عَصًا وَشِبْهَهَا مِمَّا لَا يُفَضَّضْ وَالْفِضَّةُ فِيهَا ظَاهِرَةٌ وَهُوَ لَا يَرَى الْفِضَّةَ فَإِنْ رَأَى أَنَّهُ لَمْ يُبْصِرْ الْفِضَّةَ فَوُجِدَ فِيهَا مِنْ الْفِضَّةِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ الْفِضَّةَ , وَإِنَّمَا أَرَادَ الْعَصَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْعَصَا دُونَ الْفِضَّةِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَيُقْطَعُ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْفِضَّةُ دَاخِلَهَا فَسَرَقَ الْعَصَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ الصَّرْفُ حِينَ قَطَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فِي الْمِجَنِّ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ فَلَا يُنْظَرُ إِلَى مَا زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ نَقَصَ , يُرِيدُ أَنَّهُ يُقَرَّرُ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فَصَارَ نِصَابًا لِلْوَرِقِ لِلْمُقَوَّمَاتِ فِي الْقَطْعِ , وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ الْجِنَايَاتِ فَدِينَارُهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا كَالدِّيَةِ وَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ , وَمَا كَانَ مِنْ بَابِ الزَّكَاةِ فَدِينَارُهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ , وَذَلِكَ أَنَّ نِصَابَ الْوَرِقِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَنِصَابَ الذَّهَبِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَكَانَ كُلُّ دِينَارٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَالِاعْتِبَارُ بِقِيمَةِ السَّرِقَةِ حِينَ إخْرَاجِهَا مِنْ الْحِرْزِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ إِنَّ الِاعْتِبَارَ يَوْمَ الْقَطْعِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا نَقْصٌ حَادِثٌ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي إسْقَاطِ الْقَطْعِ كَنَقْصِ الْعَيْنِ.
حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ
عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا قطع في ثمر معلق.<br> ولا في حريسة جبل فإذا آواه المراح أو الجرين...
عن عمرة بنت عبد الرحمن، أن سارقا سرق في زمان عثمان أترجة فأمر بها عثمان بن عفان أن تقوم.<br> فقومت بثلاثة دراهم.<br> من صرف اثني عشر درهما بدينار.<br>...
عن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم.<br> أنها قالت: «ما طال علي.<br> وما نسيت القطع في ربع دينار فصاعدا»
عن عمرة بنت عبد الرحمن، أنها قالت: خرجت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة ومعها مولاتان لها.<br> ومعها غلام لبني عبد الله بن أبي بكر الصديق ف...
عن نافع، أن عبدا لعبد الله بن عمر، سرق وهو آبق فأرسل به عبد الله بن عمر إلى سعيد بن العاص - وهو أمير المدينة - ليقطع يده فأبى سعيد أن يقطع يده.<br> وق...
عن رزيق بن حكيم أنه أخبره، أنه أخذ عبدا آبقا.<br> قد سرق قال: فأشكل علي أمره.<br> قال: فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن ذلك وهو الوالي يومئذ.<...
عن صفوان بن عبد الله بن صفوان، أن صفوان بن أمية قيل له: إنه من لم يهاجر هلك فقدم صفوان بن أمية المدينة فنام في المسجد.<br> وتوسد رداءه.<br> فجاء سارق...
عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، أن الزبير بن العوام، لقي رجلا قد أخذ سارقا.<br> وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان.<br> فشفع له الزبير ليرسله.<br> فقال: لا ح...
عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، أن رجلا من أهل اليمن أقطع اليد والرجل قدم فنزل على أبي بكر الصديق فشكا إليه أن عامل اليمن قد ظلمه.<br> فكان يصلي من...