1558- عن سعيد بن المسيب، أنه كان يقول: «تعاقل المرأة الرجل إلى ثلث الدية إصبعها كإصبعه، وسنها كسنه، وموضحتها كموضحته، ومنقلتها كمنقلته»(1) 2473- عن ابن شهاب، وبلغه عن عروة بن الزبير، أنهما كانا يقولان مثل قول سعيد بن المسيب في المرأة: «أنها تعاقل الرجل إلى ثلث دية الرجل، فإذا بلغت ثلث دية الرجل كانت إلى النصف من دية الرجل»(2) 2474- قال مالك: «وتفسير ذلك أنها تعاقله في الموضحة والمنقلة، وما دون المأمومة والجائفة، وأشباههما مما يكون فيه ثلث الدية فصاعدا، فإذا بلغت ذلك كان عقلها في ذلك النصف من عقل الرجل»(3)
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ تُعَاقِلُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ إِلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ أُصْبُعُهَا كَأُصْبُعِهِ يُرِيدُ أَنَّ مَا دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ عَقْلُهَا فِيهِ كَعَقْلِ الرَّجُلِ , وَهُوَ مَعْنَى مُعَاقِلَتِهَا لَهُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ فِي عَقْلِ مَا جَنَى عَلَيْهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ كَانَ عَقْلُهَا نِصْفَ عَقْلِ الرَّجُلِ , وَبِهَذَا قَالَ مَنْ ذَكَرَهُ مَالِكٌ مِنْ التَّابِعِينَ , وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ , وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ تُسَاوِيهِمَا فِي الْمُوضِحَةِ , وَاخْتُلِفَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا فَرُوِيَ عَنْهُمَا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ أَنَّهَا عَلَى دِيَةِ الرَّجُلِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ , وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ , وَرَوَى عَنْهُمَا مِثْلَ قَوْلِنَا , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا إتْلَافَ مُوجِبِهِ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ فَسَاوَتْ فِيهِ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ , أَصْلُ ذَلِكَ عَقْلُ الْجَنِينِ , وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي ذَلِكَ الثُّلُثُ ; لِأَنَّهُ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ , وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ جَمَعْت هَذَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ , وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْجَهْمِ وَالْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ.
.
( فَصْلٌ ) , وَقَوْلُهُ أُصْبَعُهَا كَأُصْبُعِهِ , وَسِنُّهَا كَسِنِّهِ , وَمُوضِحَتُهَا كَمُوضِحَتِهِ , وَمُنَقِّلَتُهَا كَمُنَقِّلَتِهَا يُرِيدُ أَنَّ عَقْلَ هَذِهِ كُلَّهَا دُونَ الثُّلُثِ فَلِذَلِكَ سَاوَتْ فِيهِ الرَّجُلَ , وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ , وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهَا تُعَاقِلُهُ فِي الْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ , وَمَا دُونَ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ , وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِمَّا يَكُونُ فِيهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ فَأَكْثَرُ فَإِذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ كَانَ عَقْلُهَا نِصْفَ عَقْلِ الرَّجُلِ يُرِيدُ أَنَّ لَهَا فِي الْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ.
( مَسْأَلَةٌ ) فَلَوْ قُطِعَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ مِنْ كَفٍّ فَفِيهَا ثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ ; لِأَنَّ فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشْرًا كَالرَّجُلِ قَالَهُ مَالِكٌ , وَلَوْ قُطِعَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ , وَنِصْفُ أُنْمُلَةٍ لَكَانَ فِيهِ أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ بَعِيرًا , وَثُلُثُ بَعِيرٍ كَالرَّجُلِ , وَلَوْ قُطِعَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ وَأُنْمُلَةٌ عَادَتْ إِلَى دِيَتِهَا فَكَانَ لَهَا سِتَّةَ عَشَرَ بَعِيرًا , وَثُلُثُ بَعِيرٍ ثُلُثُ دِيَتِهَا , وَلَوْ قُطِعَ لَهَا أَرْبَعَةُ أَصَابِعَ لَكَانَ لَهَا عِشْرُونَ بَعِيرًا , وَفِي هَذَا قَالَ رَبِيعَةُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَكُلَّمَا عَظُمَتْ مُصِيبَتُهَا نَقَصَتْ مَنْفَعَتُهَا فَقَالَ أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ إنَّهَا السُّنَّةُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ مَدَنِيٌّ , وَهَذَا مِمَّا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ , وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ إنَّهَا السُّنَّةُ يُرِيدُ سُنَّةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ , وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ , وَنَسَبَ السُّنَّةَ إِلَيْهِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِذَا قُطِعَ لَهَا مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ أَرْبَعُ أَصَابِعَ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مَا هُوَ فِي حُكْمِهَا مِنْ التَّتَابُعِ وَالتَّقَارُبِ أَوْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلٍ بَعْدَ فِعْلٍ فَإِنْ كَانَ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مَا هُوَ فِي حُكْمِهَا فَفِيهَا عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ , وَإِنْ كَانَ قُطِعَ ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ فِي ضَرْبَةٍ أَوْ ضَرَبَاتٍ فَفِيهَا ثَلَاثُونَ فَإِنْ قُطِعَ بَعْدَ ذَلِكَ أُصْبُعًا مِنْ تِلْكَ الْكَفِّ أُضِيفَتْ إِلَى مَا تَقَدَّمَ , وَكَانَ فِيهَا خَمْسٌ ; لِأَنَّ الْكَفَّ الْوَاحِدَةَ يُضَافُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ , وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِيهَا عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ إِذَا أُفْرِدَتْ بِالْقَطْعِ , وَلَا يُضَافُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ كَالْأَسْنَانِ , وَوَجْهُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ أَنَّ مَحَلَّ الْجِنَايَةِ مَحَلٌّ وَاحِدٌ , وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْيَدَ فِيهَا خَمْسُ أَصَابِعَ , وَبِقَطْعِهَا يَكْمُلُ أَرْشُ الْيَدِ , وَإِذَا قُطِعَ مِنْهَا وَاحِدٌ لَمْ يَعُدْ , وَكَانَتْ الْيَدُ نَاقِصَةً بِنُقْصَانِهَا فَلِذَلِكَ يُضَافُ بَعْضُ أَصَابِعِ الْيَدِ إِلَى بَعْضٍ , وَأَمَّا الْمُنَقِّلَةِ فَإِنْ جَنَى عَلَيْهَا فَأَخَذَتْ أَرْشَهَا فَبَرِأَتْ , ثُمَّ جَنَى عَلَيْهَا مُنَقِّلَةً فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلَهَا مِثْلُ مَا لِلرَّجُلِ ; لِأَنَّ الْمُنَقِّلَةَ الْأُولَى غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فِي الثَّانِيَةِ , وَكَذَلِكَ الْأَسْنَانُ إِذَا زَالَتْ لَمْ يَنْقُصْ بِذَلِكَ أَرْشُ مَحَلِّهَا بِخِلَافِ الْيَدِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ قَطَعَ ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ مِنْ كَفٍّ , ثُمَّ قَطَعَ أُصْبُعًا أَوْ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً مِنْ الْكَفِّ الثَّانِيَةِ فَفِيهَا أَيْضًا ثَلَاثُونَ فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشَرَةٌ ; لِأَنَّهَا اخْتَلَفَتْ فِي الضَّرْبِ وَالْمَحَلِّ , وَلَوْ قُطِعَ فِي فَوْرِ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ مِنْ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ , وَأُصْبُعَانِ مِنْ الْيَدِ الْأُخْرَى فَكَانَ ذَلِكَ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ ضَرَبَاتٍ فِي حُكْمِ الضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ ضَارِبٍ وَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ فَفِي الْأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ.
( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ قُطِعَ لَهَا مِنْ كَفٍّ أَرْبَعَةُ أَصَابِعَ فَأَخَذَتْ فِيهَا عِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ , ثُمَّ قُطِعَ لَهَا مِنْ تِلْكَ الْكَفِّ أُصْبُعٌ خَاصَّةً فَذَهَبَ مَالِكٌ أَنَّ فِي الْخَامِسَةِ خَمْسَةً مِنْ الْإِبِلِ , وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيهَا عَشَرَةٌ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ هَذَا خِلَافُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ , وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اعْتِبَارِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ , وَوَجْهُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ اعْتِبَارُهُ بِانْفِرَادِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ
و حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ تُعَاقِلُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ إِلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ إِصْبَعُهَا كَإِصْبَعِهِ وَسِنُّهَا كَسِنِّهِ وَمُوضِحَتُهَا كَمُوضِحَتِهِ وَمُنَقِّلَتُهَا كَمُنَقِّلَتِهِ و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَبَلَغَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ مِثْلَ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي الْمَرْأَةِ أَنَّهَا تُعَاقِلُ الرَّجُلَ إِلَى ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ فَإِذَا بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ كَانَتْ إِلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ قَالَ مَالِك وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهَا تُعَاقِلُهُ فِي الْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَمَا دُونَ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَأَشْبَاهِهِمَا مِمَّا يَكُونُ فِيهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ فَصَاعِدًا فَإِذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ كَانَ عَقْلُهَا فِي ذَلِكَ النِّصْفَ مِنْ عَقْلِ الرَّجُلِ
عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: «مضت السنة أن الرجل إذا أصاب امرأته بجرح أن عليه عقل ذلك الجرح، ولا يقاد منه»
عن أبي هريرة، أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى، فطرحت جنينها، «فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة عبد أو وليدة»
عن سعيد بن المسيب، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو وليدة»، فقال الذي قضي عليه: كيف أغرم ما لا شرب، ولا أكل،...
عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، أنه كان يقول: «الغرة تقوم خمسين دينارا، أو ستمائة درهم، ودية المرأة الحرة المسلمة خمسمائة دينار، أو ستة آلاف درهم»
عن سعيد بن المسيب، " أنه كان يقول: «في الشفتين الدية كاملة، فإذا قطعت السفلى، ففيها ثلثا الدية»
عن مالك، أنه سأل ابن شهاب عن الرجل الأعور يفقأ عين الصحيح، فقال ابن شهاب: «إن أحب الصحيح أن يستقيد منه، فله القود، وإن أحب، فله الدية ألف دينار أو اثن...
عن سليمان بن يسار، أن زيد بن ثابت، كان يقول: «في العين القائمة إذا طفئت مائة دينار»
عن يحيى بن سعيد، أنه سمع سليمان بن يسار، يذكر أن الموضحة في الوجه مثل الموضحة في الرأس، إلا أن تعيب الوجه فيزاد في عقلها، ما بينها وبين عقل نصف الموضح...
قد قال ابن شهاب: «ليس في المأمومة قود».<br>