1571- عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، أنه قال: سألت سعيد بن المسيب: كم في إصبع المرأة؟ فقال: «عشر من الإبل» فقلت: كم في إصبعين؟ قال: عشرون من الإبل، فقلت: كم في ثلاث؟ فقال: «ثلاثون من الإبل» فقلت: كم في أربع؟ قال: «عشرون من الإبل» فقلت: حين عظم جرحها، واشتدت مصيبتها، نقص عقلها؟ فقال سعيد: «أعراقي أنت؟» فقلت: بل عالم متثبت، أو جاهل متعلم، فقال سعيد: «هي السنة يا ابن أخي»
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ فِي ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ مِنْ يَدِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ , وَفِي أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ عِشْرُونَ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تُسَاوِي الرَّجُلَ فِي أَرْشِ الْجِنَايَاتِ حَتَّى تَبْلُغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَتَكُونَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ فِيمَا قَلَّ وَكَثُرَ مِنْ الْجِنَايَاتِ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ ; لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُم , وَلَا تَجِبُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُمْ , وَمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ مِمَّا يُخَالِفُ مَا قُلْنَاهُ فَطُرُقُهُ ضَعِيفَةٌ لَا تَثْبُتُ قَالَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْجَهْمِ , وَإِنَّمَا تَثْبُتُ عَنْ زَيْدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ مُسَاوَاتُهَا الرَّجُلَ فِي الْمُوضِحَةِ فَأَلْحَقَ الْفُقَهَاءُ مَا دُونَ الثُّلُثِ بِذَلِكَ ; لِأَنَّ الثُّلُثَ حَدٌّ فِي الشَّرِيعَةِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْجَهْمِ , وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ بِالْمَدِينَةِ قَالَ ابْنُ هُرْمُزَ , وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ , وَإِنَّمَا أَخَذْنَا ذَلِكَ عَنْ الْفُقَهَاءِ , وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى إِنَّ هَذَا أَرْشٌ نَقَصَ عَنْ الدِّيَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَتَسَاوَى فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى كَالْجَنِينِ فِيهِ غُرَّةٌ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى.
( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا فِيمَا دُونَ الثُّلُثِ فَإِذَا بَلَغَ الثُّلُثَ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْجَهْمِ إِنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ وَقَعَ فِي الثُّلُثِ أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى حِسَابِ دِيَتِهَا بِنِصْفِ مَا فِي جُرْحِ الرَّجُلِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْجِرَاحُ الَّتِي تَبْلُغُ الثُّلُثَ مِنْ ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْجُرْحِ الْوَاحِدِ , وَإِنْ كَانَتْ فِي ضَرَبَاتٍ فَإِنْ كَانَتْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَهِيَ كَضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ , وَاحْتَجَّ أَشْهَبُ لِقَوْلِ مَالِكٍ بِالسَّارِقِ يَنْقُلُ الْمَتَاعَ مِنْ الْبَيْتِ قَلِيلًا قَلِيلًا يَدْخُلُ , وَيَخْرُجُ فَإِنَّ حُكْمَهُ حكما يَخْرُجُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا , ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَخَذَ غَيْرَهُ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ حُكْمُهُ , وَكَذَلِكَ لَوْ جَرَحَهَا جُرْحًا لَا يَبْلُغُ ثُلُثَ الدِّيَةِ , ثُمَّ بَدَا لَهُ فَجَرَحَهَا جُرْحًا آخَرَ لَكَانَ لِكُلِّ جُرْحٍ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ بَاعَدَ مَا بَيْنَهُمَا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ رَبِيعَةَ حِينَ عَظُمَ جُرْحُهَا , وَاشْتَدَّتْ مُصِيبَتُهَا نَقَصَ عَقْلُهَا اعْتِرَاضٌ عَلَى فَتْوَى ابْنِ الْمُسَيِّبِ إِلَّا أَنْ يَتَقَصَّى بِأَرْشِ الْمُوضِحَةِ أُوضِحَ فِي جَانِبِ رَأْسِهِ مُوضِحَةً صَغِيرَةً , وَفِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مِثْلُهَا لَهُ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ , وَإِذَا أُوضِحَ مِثْلَ تَيْنِكَ الْمُوضِحَتَيْنِ , وَوَصَلَ مِنْهُمَا بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُمَا لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ فَكَمَا عَظُمَتْ مُصِيبَتُهُ نَقَصَ مَا يَأْخُذُ , وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ هَذَا , وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ : أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ ; بِمَعْنَى التَّنْبِيهِ عَلَى ضَعْفِ حُجَّتِهِ قَالَ : أَهْلُ الْعِرَاقِ كَانُوا عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَوْصُوفِينَ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ دَرَجَتِهِمْ وَالْبَحْثِ عَنْ الْمَسَائِلِ وَالتَّنْقِيرِ عَنْهَا وَالِاعْتِرَاضِ عَلَيْهَا بِالْحُجَجِ الضَّعِيفَةِ حِينَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مِنْ الْأُصُولِ مَا كَانَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَكَانَ تَفْرِيعُهُمْ وَاعْتِرَاضُهُمْ مُتَعَلِّقًا بِرَأْيٍ لَا يَسْتَنِدُ إِلَى أُصُولٍ , وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ تَقْصِيرُهُمْ فِيهِ عَنْ دَرَجَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا تَعَرِّيهِمْ مِنْهُ وَخُلُوِّهِمْ مِنْ نَيْلِ دَرَجَةِ الْإِمَامَةِ فِيهِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ رَبِيعَةَ بَلْ عَالِمٌ مُتَثَبِّتٌ أَوْ جَاهِلٌ مُتَعَلِّمٌ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَعْتَرِضَ فِي هَذَا الِاعْتِرَاضِ الَّذِي ظَنَّهُ بِهِ , وَإِنَّمَا يَعْتَرِضُ اعْتِرَاضَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ عَلِمَ الْمَسْأَلَةَ إِلَّا أَنَّهُ يَعْتَرِضُهُ فِيهَا شُبْهَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يُثَبِّتَ مَا عَلِمَ بِإِزَالَةِ تِلْكَ الشُّبْهَةِ أَوْ سُؤَالُ جَاهِلٍ يُرِيدُ التَّعَلُّمَ فَسَأَلَ عَنْهَا فَلَمَّا عَلِمَ مَا لَمْ يَعْلَمْ اعْتَرَضَتْهُ الشُّبْهَةُ الَّتِي أَوْرَدَهَا فَأَرَادَ إزَالَةَ مَا فِي نَفْسِهِ , وَقَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ إنَّهَا السُّنَّةُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فَقَدْ رَوَى ذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ قَرَّرَتْ فِي الشَّرْعِ أَنْ تَعْظُمَ الْمُصِيبَةُ , وَيَقِلَّ الْأَرْشُ فَلَا تُنْكِرُهُ , وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لَهُ أَوْ أَمْثَالُهُ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
و حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَمْ فِي إِصْبَعِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ فَقُلْتُ كَمْ فِي إِصْبَعَيْنِ قَالَ عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَقُلْتُ كَمْ فِي ثَلَاثٍ فَقَالَ ثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَقُلْتُ كَمْ فِي أَرْبَعٍ قَالَ عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَقُلْتُ حِينَ عَظُمَ جُرْحُهَا وَاشْتَدَّتْ مُصِيبَتُهَا نَقَصَ عَقْلُهَا فَقَالَ سَعِيدٌ أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ فَقُلْتُ بَلْ عَالِمٌ مُتَثَبِّتٌ أَوْ جَاهِلٌ مُتَعَلِّمٌ فَقَالَ سَعِيدٌ هِيَ السُّنَّةُ يَا ابْنَ أَخِي
عن أسلم مولى عمر بن الخطاب، أن عمر بن الخطاب، «قضى في الضرس بجمل، وفي الترقوة بجمل، وفي الضلع بجمل»
و حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول قضى عمر بن الخطاب في الأضراس ببعير بعير وقضى معاوية بن أبي سفيان في الأضراس بخمسة أب...
عن سعيد بن المسيب، أنه كان يقول: «إذا أصيبت السن فاسودت ففيها عقلها تاما، فإن طرحت بعد أن تسود ففيها عقلها أيضا تاما»
عن أبي غطفان بن طريف المري، أنه أخبره، أن مروان بن الحكم بعثه إلى عبد الله بن عباس يسأله: ماذا في الضرس، فقال عبد الله بن عباس: «فيه خمس من الإبل».<br...
عن هشام بن عروة، عن أبيه، «أنه كان يسوي بين الأسنان في العقل، ولا يفضل بعضها على بعض»
عن يحيى بن سعيد، أن سليمان بن يسار، كان يقول: «دية المجوسي ثماني مائة درهم»
عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنه كان يقول: «ليس على العاقلة عقل في قتل العمد، إنما عليهم عقل قتل الخطإ»
عن ابن شهاب، أنه قال: «مضت السنة أن العاقلة لا تحمل شيئا من دية العمد، إلا أن يشاءوا ذلك»(1) 2528- عن يحيى بن سعيد مثل ذلك.<br>(2)
عن ابن شهاب، أن عمر بن الخطاب، نشد الناس بمنى: من كان عنده علم من الدية أن يخبرني، فقام الضحاك بن سفيان الكلابي فقال: «كتب إلي رسول الله صلى الله عليه...