1611-
عن عائشة أم المؤمنين، أنها قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت، كيف تجدك؟ ويا بلال، كيف تجدك؟ قالت: فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
كل امرئ مصبح في أهله .
والموت أدنى من شراك نعله،
وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقيرته فيقول:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة .
بواد وحولي إذخر وجليل؟
وهل أردن يوما مياه مجنة .
وهل يبدون لي شامة وطفيل؟
قالت عائشة: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: " اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة، أو أشد، وصححها، وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حماها فاجعلها بالجحفة.
(1) 2604- قال مالك: وحدثني يحيى بن سعيد، أن عائشة قالت: وكان عامر بن فهيرة يقول:
قد رأيت الموت قبل ذوقه .
إن الجبان حتفه من فوقه "(2)
(1) أخرجه الشيخان
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهَا رَضِي اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ الْوَعْكُ إزْعَاجُ الْحُمَّى الْمَرِيضَ وَتَحْرِيكُهَا إِيَّاهُ , يُقَالُ وَعَكَتْهُ وَعْكًا وَدُخُولُ عَائِشَةِ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا عَلَى أَبِيهَا وَبِلَالٍ عَلَى وَجْهِ الْعِيَادَةِ لَهُمَا وَهِيَ مِنْ الْقُرَبِ , وَقَدْ رَوَى الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنْ نَتْبَعَ الْجَنَائِزَ وَنَعُودَ الْمَرْضَى وَنُفْشِيَ السَّلَامَ , وَلِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ وَقَوْلُهَا : وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ يُرِيدُ تَذْهَبُ عَنْهُ الْحُمَّى فَأَفَاقَ , وَقَوْلُهَا رَضِي اللَّهُ عَنْهَا يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَعِيسَى بْنُ دِينَارٍ تُرِيدُ صَوْتَهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْأَعْشَى وَالْإِذْخِرُ وَالْجَلِيلُ شَجَرَتَانِ طَيِّبَتَانِ تَكُونَانِ بِأَوْدِيَةِ مَكَّةَ , وَأَرَاهُ يُرِيدُ الْعُنَّابَ فَإِنَّ الْإِذْخِرَ وَالْجَلِيلَ إنَّمَا هُمَا نَبْتٌ وَلَيْسَا بِشَجَرٍ , قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَشَامَةٌ وَطَفِيلٌ جَبَلَانِ مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ.
.
( فَصْلٌ ) وَمَعْنَى إنْشَادِ بِلَالٍ الْبَيْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى مَعْنَى التَّمَنِّي لِمَكَّةَ وَنَوَاحِيهَا , وَالتَّأَسُّفِ لِمَا فَاتَهُ مِمَّا أَلِفَ مِنْهَا , وَالتَّوَجُّعِ بِالْمُقَامِ بِالْمَدِينَةِ الَّتِي لَمْ يَعْهَدْ حَالَهَا وَلَا أَلِفَ هَوَاهَا , وَقَدْ رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ إنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ , وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ وَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِذَوْدٍ وَبِرَاعٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا فَجِئْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فَأَخْبَرْته بِذَلِكَ تُرِيدُ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَبِلَالٍ فَقَالَ : اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ , دُعَاءٌ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنْ يُذْهِبَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ الْإِشْفَاقَ عَنْ مُفَارَقَةِ مَكَّةَ وَسُكْنَى الْمَدِينَةِ , وَالدُّعَاءُ فِي أَنْ يُحَبِّبَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ الْمَدِينَةَ كَحُبِّهِمْ مَكَّةَ فَيَكْرَهُونَ الِانْتِقَالَ عَنْهَا كَمَا كَرِهُوا الِانْتِقَالَ مِنْ مَكَّةَ.
.
( فَصْلٌ ) وَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إنْشَادَ الشِّعْرِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَبِلَالٍ , وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ , وَقَدْ أَنْشَدَهُ حَسَّانُ وَكَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ وَمَدَحَهُ الْأَعْشَى وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ , وَإِنَّمَا الشِّعْرُ كَلَامٌ فَحَسَنُهُ كَحَسَنِ الْكَلَامِ وَقَبِيحُهُ كَقَبِيحِ الْكَلَامِ , وَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّهُ قَالَ لِأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا , فَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مَعْنَاهُ مِنْ الشِّعْرِ الَّذِي هُجِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ أَنْ يُحْفَظُ بَيْتٌ وَاحِدٌ مِنْهُ وَلَا إنْشَادُهُ وَلَا إصْغَاءٌ إِلَيْهِ إِلَّا لِمَنْ يُرِيدُ الرَّدَّ عَلَى قَائِلِهِ وَالِانْتِصَارَ مِنْهُ , وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ , وَمَنَعَهُ مِنْ التَّحَفُّظِ عَلَى الشَّرِيعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ إنْشَادِ الشِّعْرِ فَقَالَ : مَا يَخِفُّ مِنْهُ وَلَا يَكْثُرُ وَمِنْ عَيْبِهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ قَالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنْ اجْمَعْ الشُّعَرَاءَ وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الشِّعْرِ وَهَلْ بَقِيَتْ مَعَهُمْ مَعْرِفَتُهُ وَأَحْضِرْ لَبِيدًا ذَلِكَ قَالَ فَجَمَعَهُمْ وَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا : إنَّا لَنَعْرِفُهُ وَنَقُولُهُ , وَقَالَ لَبِيدٌ مَا قُلْت بَيْتَ شِعْرٍ مُنْذُ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَقْرَأُ قَوْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَصَحِّحْهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ يُرِيدُ أَنْ يُذْهِبَ عَنْهَا الْوَخَامَةَ الَّتِي أَضَرَّتْ بِهِمْ , وَالْحُمَّى الَّتِي وُعِكُوا بِهَا , وَيَنْقُلَ ذَلِكَ إِلَى الْجُحْفَةِ , وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : إِنَّ الْجُحْفَةَ وَهِيَ مَهْيَعَةٌ كَانُوا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ فَدَعَا عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم صَارَتْ الْجُحْفَةُ وَبِئَةً , قَلَّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ عَيْنِهَا , وَيُقَالُ لَهُ حُمَّ الْأَحَمُّ.
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ قَالَتْ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فَقُلْتُ يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ وَيَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَتْ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ فَيَقُولُ أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجِنَّةٍ وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ قَالَ مَالِك و حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ وَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَقُولُ قَدْ رَأَيْتُ الْمَوْتَ قَبْلَ ذَوْقِهِ إِنَّ الْجَبَانَ حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِهِ
عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون، ولا الدجال»
عن إسماعيل بن أبي حكيم، أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول: كان من آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال: «قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا ق...
عن ابن شهاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» قال مالك: قال ابن شهاب: ففحص عن ذلك عمر بن الخطاب حتى أتاه الثلج وال...
عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع له أحد فقال: «هذا جبل يحبنا ونحبه»
عن عبد الرحمن بن القاسم، أن أسلم مولى عمر بن الخطاب أخبره، أنه زار عبد الله بن عياش المخزومي فرأى عنده نبيذا، وهو بطريق مكة، فقال له أسلم: إن هذا الشر...
عن عبد الله بن عباس، أن عمر بن الخطاب، خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوبأ قد وقع بأرض الش...
عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون؟ فقال أسامة قال رسول الله صلى الله...
عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام، فلما جاء سرغ بلغه أن الوبأ قد وقع بالشام، فأخبره عبد الرحمن بن عوف، أن رسول الله صلى الل...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تحاج آدم وموسى، فحج آدم موسى قال له موسى: أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة، فقال له آدم...