1626- عن طاوس اليماني، أنه قال: " أدركت ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: كل شيء بقدر " قال طاوس: وسمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس، أو الكيس والعجز»
أخرجه مسلم
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُ طَاوُسٍ أَدْرَكْت نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَقُولُونَ عَلَى وَجْهِ التَّصْحِيحِ لِمَا حَكَاهُ لِفَضْلِ الْقَابِلِينَ لَهُ وَعِلْمِهِمْ وَدِينِهِمْ , وَأَنَّهُمْ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَعَلِمُوا مَا جَاءَ بِهِ , وَتَكَرَّرَ أَخْذُهُمْ وَسَمَاعُهُمْ لِمَا قَالَهُ وَفَهَّمَهُمْ الْمُرَادَ وَسُؤَالِهِمْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ , وَاتِّفَاقِهِمْ عَلَى صِحَّةِ النَّقْلِ عَنْهُ فَسَمِعَهُمْ يَقُولُونَ كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ وَيُحْتَمَلُ مِنْ جِهَةِ مُقْتَضَى لِسَانِ الْعَرَبِ مَعَانِيَ أَحَدِهَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ خَلَقْنَا مِنْهُ شَيْئًا مُقَدَّرًا لَا يُزَادُ عَلَيْهِ , وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ , الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ خَلَقْنَاهُ عَلَى قَدَرِ مَا لَا يُزَادُ فِيهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ , قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدَرًا , وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ نُقَدِّرُهُ عَلَيْهِ قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ الرَّابِعُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ بِقَدَرٍ أَنْ نَخْلُقَهُ فِي وَقْتِهِ فَقَدَّرَ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقْتًا يَخْلُقُهُ فِيهِ , وَقَالَ الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ أَمْلَى عَلَيَّ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ سَأَلْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ عَنْ الْقَدَرِ فَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ بِالْقَدَرِ وَالطَّاعَةُ وَالْمَعْصِيَةُ بِقَدَرٍ , وَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمَعَاصِيَ لَيْسَتْ بِقَدَرٍ , وَقَالَ وَالْعِلْمُ وَالْقَدَرُ وَالْكِتَابُ سَوَاءٌ , وَعَرَضْت كَلَامَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَقَالَ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ هَذَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِي الْجُمْلَةِ هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ , وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَعْنَى الْحَدِيثِ غَيْرَ أَنَّ الْعِلْمَ وَالْقَدَرَ وَالْكِتَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا رَاجِعٌ إِلَى مَعْنًى مُخْتَصٍّ بِهِ غَيْرَ أَنَّهَا مَعَانٍ مُتَقَارِبَةٌ , وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ مِنْ طَرِيقِ تَقَارُبِهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
قَالَ مَالِكٌ : وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ إِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَعِلْمًا بَيِّنًا عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ , وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إنَّك إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَك وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا , وَأَخْبَرَ نُوحٌ عَمَّنْ لَمْ يَكُنْ بِأَنَّهُ فَاجِرٌ كَفَّارٌ بِمَا سَبَقَ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقُدْرَتِهِ عَلَيْهِمْ قَالَ مَالِكٌ وَمَا رَأَيْت أَهْلَهُ مِنْ النَّاسِ إِلَّا أَهْلَ سَخَافَةِ عُقُولٍ وَخِفَّةٍ وَطَيْشٍ , وَقَدْ اعْتَمَدْت فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى إيرَادِ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ وَالْحَدِيثِ لِمَا فِي أَقْوَالِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْغُمُوضِ , وَمَا فِي احْتِجَاجِهِمْ مَعَ الْمُخَالِفِ مِنْ التَّطْوِيلِ , وَقَدْ بَلَغَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ الْمَالِكِيُّ فِي كُتُبِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ بِالطَّالِبِ إِلَّا الْيَسِيرُ مِنْهُ , وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو ذَرٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَرَوِيُّ مَالِكِيًّا , وَكَانَ عَلَى مَذْهَبِهِ , وَمِمَّنْ أَخَذَ عَنْهُ , وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ حَاجٍّ الْفَاسِيُّ قَدْ رَحَلَ إِلَيْهِ وَأَخَذَ عَنْهُ وَتَبِعَهُ , وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ وَالشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَابِسِيُّ يَتْبَعَانِ مَذْهَبَهُ , وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَصْرٍ , وَهُوَ مِمَّنْ أَخَذَ عَنْهُ وَاتَّبَعَهُ وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْت عُلَمَاءَ شُيُوخِنَا بِالْمَشْرِقِ وَأَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ هُمْ الَّذِينَ يُشَارُ إِلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ : سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَقُولُ كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزِ وَالْكَيْسِ أَوْ الْكَيْسِ وَالْعَجْزِ عَلَى وَجْهِ الشَّكِّ مِنْ الرَّاوِي , وَمَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ , وَأَنَّ الْعَاجِزَ قَدْ قُدِّرَ عَجْزُهُ وَالْكَيِّسُ قَدْ قُدِّرَ كَيْسُهُ , وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْعَجْزَ عَنْ الطَّاعَةِ وَالْكَيْسَ فِيهَا , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ فِي أَمْرِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
و حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ الْيَمَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ قَالَ طَاوُسٌ وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزِ وَالْكَيْسِ أَوْ الْكَيْسِ وَالْعَجْزِ
عن عمرو بن دينار، أنه قال: سمعت عبد الله بن الزبير يقول في خطبته: «إن الله هو الهادي والفاتن»
و حدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك أنه قال كنت أسير مع عمر بن عبد العزيز فقال ما رأيك في هؤلاء القدرية فقلت رأيي أن تستتيبهم فإن تابوا وإلا عرضت...
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها، ولتنكح فإنما لها ما قدر لها»
عن محمد بن كعب القرظي قال: قال معاوية بن أبي سفيان وهو على المنبر: «أيها الناس، إنه لا مانع لما أعطى الله، ولا معطي لما منع الله، ولا ينفع ذا الجد منه...
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: «ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين قط إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أب...
عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»
عن مالك، عن عمه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه، عن كعب الأحبار، أنه قال: «إذا أحببتم أن تعلموا ما للعبد عند ربه، فانظروا ماذا يتبعه من حسن الثناء»
عن يحيى بن سعيد، أنه قال: بلغني: «أن المرء ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل الظامي بالهواجر»
عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: «ألا أخبركم بخير من كثير من الصلاة والصدقة؟» قالوا: بلى، قال: «إصلاح ذات البين وإياكم والبغضة، فإنه...