1837- عن عائشة أم المؤمنين، أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر الصديق فيسألنه ميراثهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت لهن عائشة: أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث ما تركنا فهو صدقة»
أخرجه الشيخان
المنتقى شرح الموطإ: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (المتوفى: 474هـ)
( ش ) : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا نَصٌّ عَلَى الدِّينَارِ لِقِلَّتِهِ وَنَبَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِمَا زَادَ عَلَى الدِّينَارِ كَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إلَيْك وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ عَلَى مَعْنَى التَّنْبِيهِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - , وَقَدْ رَوَى هَذَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَامِّ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَغَيْرُهُمْ رَضِي اللَّهُ عَنْهُم وَاَلَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ أَنَّ هَذَا حُكْمُ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ عليهم الصلاة والسلام وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ إنَّمَا ذَلِكَ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم خَاصَّةً , وَقَالَتْ الْإِمَامِيَّةُ إِنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ يُورَثُونَ وَتَعَلَّقُوا فِي ذَلِكَ بِأَنْوَاعٍ مِنْ التَّخْلِيطِ لَا شُبْهَةَ فِيهَا مَعَ وُرُودِ هَذَا النَّصِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَلَى وَجْهِهِ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ , وَقَدْ أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ السمناني شَيْخُنَا رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أَبَا عَلِيِّ بْنَ شَاذَانَ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الشَّأْنِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ عَرَبِيَّةً فَنَاظَرَ يَوْمًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُعَلِّمِ وَكَانَ إمَامَ الْإِمَامِيَّةِ وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْعَرَبِيَّةِ فَاسْتَدَلَّ أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ عليهم الصلاة والسلام لَا يُورَثُونَ بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّهُ قَالَ إنَّا مُعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةً نُصِبَ عَلَى الْحَالِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْمُعَلِّمِ مَا ذَكَرْت أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ إنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إنَّمَا هُوَ " صَدَقَةً " نُصِبَ عَلَى الْحَالِ فَيَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّ مَا تَرَكَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ لَا يُورَثُ عَنْهُ وَنَحْنُ لَا نَمْنَعُ هَذَا وَإِنَّمَا نَمْنَعُ ذَلِكَ فِيمَا تَرَكَهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَاعْتُمِدَ عَلَى هَذِهِ النُّكْتَةِ الْعَرَبِيَّةِ لَمَّا عُلِمَ أَنَّ أَبَا عَلِيِّ بْنَ شَاذَانَ لَا يَعْرِفُ هَذَا الشَّأْنَ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَالِ وَغَيْرِهَا فَلَمَّا عَادَ الْكَلَامُ إِلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ قَالَ لَهُ وَمَا زَعَمْت مِنْ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إنَّمَا هُوَ " صَدَقَةً " مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ وَأَنْتَ لَا تَمْنَعُ هَذَا الْحُكْمَ فِيمَا تَرَكَهُ الْأَنْبِيَاءُ صلوات الله عليهم عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَأَنَا لَا أَعْلَمُ فَرْقًا بَيْنَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مَا تَرَكْنَا صَدَقَةً بِالنَّصْبِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ بِالرَّفْعِ.
وَلَا أَحْتَاجُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا شَكَّ عِنْدِي وَعِنْدَك أَنَّ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا مِنْ أَفْصَحِ الْعَرَبِ وَمِنْ أَعْلَمِهِمْ بِالْفَرْقِ بَيْنَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مَا تَرَكْنَا صَدَقَةً بِالنَّصْبِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ بِالرَّفْعِ , وَكَذَلِكَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ مِمَّنْ كَانَ يَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ لَوْ كَانَ مَوْرُوثًا وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَفْصَحِ قُرَيْشٍ وَأَعْلَمِهِمْ بِذَلِكَ , وَقَدْ طَلَبَتْ فَاطِمَةُ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا مِيرَاثَهَا مِنْ أَبِيهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فَجَاوَبَهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بِهَذَا اللَّفْظِ عَلَى وَجْهٍ فَهِمَتْ مِنْهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا فَانْصَرَفَتْ عَنْ الطَّلَبِ وَفَهِمَ ذَلِكَ الْعَبَّاسُ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ وَكَذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُم وَلَمْ يَعْتَرِضْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ الْمُحْتَجُّ بِهِ وَالْمُتَعَلَّقُ بِهِ لَا خِلَافَ أَنَّهُ مِنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ الْعَالِمِينَ بِذَلِكَ لَمْ يُورِدْ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ إِلَّا بِمَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَلَوْ كَانَ اللَّفْظُ لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ لِمَا أَوْرَدَهُ وَلَا تَعَلَّقَ بِهِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِالنَّصْبِ يَقْتَضِي مَا يَقُولُهُ فَادِّعَاؤُك فِيمَا قُلْت بَاطِلٌ , وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الرَّفْعُ هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ فَهُوَ الْمَرْوِيُّ وَادِّعَاءُ النَّصْبِ فِيهِ بَاطِلٌ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَأَحْكَمُ.
.
( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مَا تَرَكْت بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ نَفَقَةَ نِسَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ثَابِتَةٌ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ إمَّا لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَوْ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ أَزْوَاجِهِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُن ; لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ عَلَيْهِ عَنْ النِّكَاحِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا لَازِمٌ لَهُنَّ عَلَى حَسْبِ مَا يَجِبُ لِغَيْرِهِنَّ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَى وَجْهِ التَّفْضِيلِ لَهُنَّ لِعَدَمِ إيمَانِهِنَّ وَهِجْرَتِهِنَّ وَأَمَّا مُؤْنَةُ عَامِلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فَهُوَ كُلُّ عَامِلٍ يَعْمَلُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ خَلِيفَةٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَامِلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ; لِأَنَّهُ عَامِلٌ لِأُمَّتِهِ وَقَائِمٌ بِشَرْعِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكْفِيَ مُؤْنَتَهُ وَلَوْ ضَيَّعَ ذَلِكَ لِضَيَاعِ عِيَالِهِ , وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَدْ عَلِمَ قَوْمِي أَنَّ حِرْفَتِي لَمْ تَكُنْ تَعْجِزُ عَنْ مُؤْنَتِي وَمُؤْنَةِ عِيَالِي فَسَيَأْكُلُ آلُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَيُعْمَلُ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَأَحْكَمُ وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّ أَمْوَالَهُ الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ بِهَا يُخْرِجُ مِنْهَا نَفَقَةَ عِيَالِهِ وَمُؤْنَةَ الْعَامِلِ ثُمَّ يَكُونُ مَا بَقِيَ صَدَقَةً.
حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَيَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ لَهُنَّ عَائِشَةُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقتسم ورثتي دنانير، ما تركت بعد نفقة نسائي، ومئونة عاملي، فهو صدقة»
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم» فقالوا: يا رسول الله، إن كانت لكافية قال: «...
عن أبي سهيل بن مالك، عن أبيه، عن أبي هريرة أنه قال: «أترونها حمراء كناركم هذه، لهي أسود من القار والقار الزفت»
عن أبي الحباب سعيد بن يسار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من تصدق بصدقة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا طيبا، كان إنما يضعها في كف الرحمن، يربيه...
عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنه سمع أنس بن مالك يقول: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة...
عن زيد بن أسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أعطوا السائل، وإن جاء على فرس»
عن عمرو بن معاذ الأشهلي الأنصاري، عن جدته، أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا نساء المؤمنات، لا تحقرن إحداكن أن تهدي لجارتها، ولو كراع ش...
عن أبي سعيد الخدري، أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، ثم قال: «ما يكون عندي من خير فلن...
عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر: وهو يذكر الصدقة والتعفف عن المسألة - «اليد العليا خير من اليد السفلى»، «واليد...