143- عن معاذ بن جبل، قال: كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل، فقال: «يا معاذ بن جبل»، قلت: لبيك رسول الله، وسعديك، ثم سار ساعة، ثم قال: «يا معاذ بن جبل» قلت: لبيك رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة، ثم قال: «يا معاذ بن جبل» قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال: «هل تدري ما حق الله على العباد؟» قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «فإن حق الله على العباد أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئا»، ثم سار ساعة، ثم قال: «يا معاذ بن جبل» قلت: لبيك رسول الله، وسعديك، قال: «هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟» قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «أن لا يعذبهم»
(كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم) الردف والرديف هو الراكب خلف الراكب.
(مؤخرة الرحل) هو العود الذي يكون خلف الراكب.
(لبيك رسول الله وسعديك) الأظهر أمن معنى لبيك إجابة لك بعد إجابة للتأكيد.
وقيل: معناه قربا منك وطاعة لك.
ومعنى سعديك أي ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( هَدَّاب بْن خَالِد ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَاء وَتَشْدِيد الدَّال الْمُهْمَلَة وَآخِره بَاءٌ مُوَحَّدَة.
وَيُقَال ( هُدْبَة ) بِضَمِّ الْهَاء وَإِسْكَان الدَّال.
وَقَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِم رَحِمَهُ اللَّه فِي مَوَاضِع مِنْ الْكِتَاب.
يَقُول فِي بَعْضهَا هُدْبَة , وَفِي بَعْضهَا ( هَدَّاب ) , وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَحَدهمَا اِسْم وَالْآخَر لَقَب.
ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِي الِاسْم مِنْهُمَا فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ , وَأَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن الطَّبَسِيُّ , وَصَاحِب الْمَطَالِع , وَالْحَافِظ عَبْد الْغَنِيّ الْمَقْدِسِيُّ الْمُتَأَخِّر : هُدْبَة هُوَ الِاسْم وَهَدَّاب لَقَب.
وَقَالَ غَيْرهمْ : هَدَّاب اِسْم وَهُدْبَة لَقَب.
وَاخْتَارَ الشَّيْخ أَبُو عَمْرو هَذَا , وَأَنْكَرَ الْأَوَّل.
وَقَالَ أَبُو الْفَضْل الْفَلَكِيُّ الْحَافِظ : إِنَّهُ كَانَ يَغْضَب إِذَا قِيلَ لَهُ هُدْبَة.
وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخه , فَقَالَ : هُدْبَة بْن خَالِد , وَلَمْ يَذْكُرهُ هَدَّابًا.
فَظَاهِره أَنَّهُ اِخْتَارَ أَنَّ هُدْبَة هُوَ الِاسْم وَالْبُخَارِيُّ أَعْرَف مِنْ غَيْره فَإِنَّهُ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِم رَحِمَهُمْ اللَّه أَجْمَعِينَ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( كُنْت رِدْف رَسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنه إِلَّا مُؤْخِرَة الرَّحْل فَقَالَ : يَا مُعَاذ بْن جَبَل قُلْت : لَبَّيْكَ يَا رَسُول اللَّه وَسَعْدَيْكَ.
ثُمَّ سَارَ سَاعَة ثُمَّ قَالَ : يَا مُعَاذ بْن جَبَل قُلْت : لَبَّيْكَ يَا رَسُول اللَّه وَسَعْدَيْكَ.
ثُمَّ سَارَ سَاعَة ثُمَّ قَالَ : يَا مُعَاذ بْن جَبَل.
قُلْت : لَبَّيْكَ يَا رَسُول اللَّه وَسَعْدَيْكَ إِلَى آخِر الْحَدِيث ) أَمَّا قَوْله : ( رِدْف ) فَهُوَ بِكَسْرِ الرَّاء وَإِسْكَان الدَّال هَذِهِ الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة الَّتِي ضَبَطَهَا مُعْظَم الرُّوَاة.
وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الطَّبَرِيَّ الْفَقِيه الشَّافِعِيَّ أَحَد رُوَاة الْكِتَاب ضَبَطَهُ بِفَتْحِ الرَّاء وَكَسْر الدَّال.
وَالرِّدْف وَالرَّدِيف هُوَ الرَّاكِب خَلْف الرَّاكِب.
يُقَال مِنْهُ رَدِفْته أَرْدَفَهُ بِكَسْرِ الدَّال فِي الْمَاضِي وَفَتْحهَا فِي الْمُضَارِع إِذَا رَكِبْت خَلْفه وَأَرْدَفْته أَنَا وَأَصْله مِنْ رُكُوبه عَلَى الرِّدْف وَهُوَ الْعَجُز قَالَ الْقَاضِي : وَلَا وَجْه لِرِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ إِلَّا أَنْ يَكُون فَعِلَ هُنَا اِسْم فَاعِل مِثْل عَجِل وَزَمِنَ إِنْ صَحَّت رِوَايَة الطَّبَرِيِّ وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم.
قَوْله : ( لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنه إِلَّا مُؤْخِرَة الرَّحْل ) أَرَادَ الْمُبَالَغَة فِي شِدَّة قُرْبه لِيَكُونَ أَوْقَع فِي نَفْس سَامِعه لِكَوْنِهِ أَضْبَط.
وَأَمَّا ( مُؤْخِرَة الرَّحْل ) فَبِضَمِّ الْمِيم بَعْده هَمْزَة سَاكِنَة ثُمَّ خَاءٌ مَكْسُورَة هَذَا هُوَ الصَّحِيح وَفِيهِ لُغَة أُخْرَى ( مُؤَخَّرَة ) فَتْح الْهَمْزَة وَالْخَاء الْمُشَدَّدَة.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه أَنْكَرَ اِبْن قُتَيْبَة فَتْح الْخَاء.
وَقَالَ ثَابِت : مُؤَخَّرَة الرَّحْل وَمُقَدَّمَته بِفَتْحِهِمَا , وَيُقَال آخِرَة الرَّحْل بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ وَهَذِهِ أَفْصَح وَأَشْهَر.
وَقَدْ جَمَعَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحه فِيهَا سِتّ لُغَات فَقَالَ : فِي قَادِمَتَيْ الرَّحْل سِتّ لُغَات : مُقْدِم وَمُقْدِمَة بِكَسْرِ الدَّال مُخَفَّفَة وَمُقَدَّم وَمُقَدَّمَة بِفَتْحِ الدَّال مُشَدَّدَة وَقَادِم وَقَادِمَة.
قَالَ : وَكَذَلِكَ هَذِهِ اللُّغَات كُلُّهَا فِي آخِرَة الرَّحْل.
وَهِيَ الْعُود الَّذِي يَكُون خَلْف الرَّاكِب.
وَيَجُوز فِي ( يَا مُعَاذ بْن جَبَل ) وَجْهَانِ لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّة أَشْهُرهمَا وَأَرْجَحهمَا فَتْح مُعَاذ وَالثَّانِي ضَمُّهُ.
وَلَا خِلَاف فِي نَصْب اِبْن.
وَقَوْله ( لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ) فِي مَعْنَى لَبَّيْكَ أَقْوَالٌ نُشِير هُنَا إِلَى بَعْضهَا , وَسَيَأْتِي إِيضَاحُهَا فِي كِتَاب الْحَجّ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَالْأَظْهَر أَنَّ مَعْنَاهَا إِجَابَة لَك بَعْد إِجَابَة لِلتَّأْكِيدِ.
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ قُرْبًا مِنْك وَطَاعَة لَك.
وَقِيلَ : أَنَا مُقِيم عَلَى طَاعَتك , وَقِيلَ : مَحَبَّتِي لَك.
وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ.
وَمَعْنَى سَعْدَيْكَ أَيْ سَاعَدْت طَاعَتك مُسَاعَدَة بَعْد مُسَاعَدَة.
وَأَمَّا تَكْرِيره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِدَاء مُعَاذ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَلِتَأْكِيدِ الِاهْتِمَام بِمَا يُخْبِرهُ , وَلِيَكْمُلَ تَنَبُّهُ مُعَاذ فِيمَا يَسْمَعُهُ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيح أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا لِهَذَا الْمَعْنَى.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَلْ تَدْرِي مَا حَقّ اللَّه عَلَى الْعِبَاد ؟ وَهَلْ تَدْرِي مَا حَقّ الْعِبَاد عَلَى اللَّه تَعَالَى ) قَالَ صَاحِب التَّحْرِير اِعْلَمْ أَنَّ الْحَقّ كُلّ مَوْجُود مُتَحَقِّق أَوْ مَا سَيُوجَدُ لَا مَحَالَة وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى هُوَ الْحَقّ الْمَوْجُود الْأَزَلِيّ الْبَاقِي الْأَبَدِيُّ وَالْمَوْت وَالسَّاعَة وَالْجَنَّة وَالنَّار حَقّ لِأَنَّهَا وَاقِعَة لَا مَحَالَة وَإِذَا قِيلَ لِلْكَلَامِ الصِّدْق حَقّ فَمَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْء الْمُخْبَر عَنْهُ بِذَلِكَ الْخَبَر وَاقِع مُتَحَقِّق لَا تَرَدُّد فِيهِ , وَكَذَلِكَ الْحَقّ الْمُسْتَحَقّ عَلَى الْعَبْد مِنْ غَيْر أَنْ يَكُون فِيهِ تَرَدُّد وَتَحَيُّر.
فَحَقّ اللَّه تَعَالَى عَلَى الْعِبَاد مَعْنَاهُ مَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِمْ مُتَحَتِّمًا عَلَيْهِمْ وَحَقّ الْعِبَاد عَلَى اللَّه تَعَالَى مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُتَحَقِّق لَا مَحَالَة.
هَذَا كَلَام صَاحِب التَّحْرِير وَقَالَ غَيْره : إِنَّمَا قَالَ حَقّهمْ عَلَى اللَّه تَعَالَى عَلَى جِهَة الْمُقَابَلَة لِحَقِّهِ عَلَيْهِمْ , وَيَجُوز أَنْ يَكُون مِنْ نَحْو قَوْل الرَّجُل لِصَاحِبِهِ حَقّك وَاجِب عَلَيّ أَيْ مُتَأَكِّد قِيَامِي بِهِ.
وَمِنْهُ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " حَقّ عَلَى كُلّ مُسْلِم أَنْ يَغْتَسِل فِي كُلّ سَبْعَة أَيَّام ".
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ) فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِر الْبَاب الْأَوَّل مِنْ كِتَاب الْإِيمَان بَيَانه , وَوَجْه الْجَمْع بَيْن هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا مُؤْخِرَةُ الرَّحْلِ فَقَالَ يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ثُمَّ سَارَ سَاعَةً قَالَ يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ
عن معاذ بن جبل، قال: كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار، يقال له: عفير، قال: فقال: «يا معاذ، تدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على...
عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟» قال: الله ورسوله أعلم، قال: «أن يعبد الله ولا يشرك به ش...
عن أبي هريرة هريرة؛ قال: كنا قعودا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم.<br> معنا أبو بكر وعمر، في نفر.<br> فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهر...
عن قتادة قال: حدثنا أنس بن مالك؛ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم، ومعاذ بن جبل رديفه على الرحل، قال" يا معاذ! " قال لبيك رسول الله وسعديك.<br> قال: "ي...
عن عتبان بن مالك؛ قال: قدمت المدينة.<br> فلقيت عتبان.<br> فقلت: حديث بلغني عنك.<br> قال: أصابني في بصري بعض الشيء.<br> فبعثت إلى رسول الله صلى الله ع...
عن العباس بن عبد المطلب، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا»
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان»
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون - أو بضع وستون - شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن ا...
عن سالم، عن أبيه، سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يعظ أخاه في الحياء، فقال: «الحياء من الإيمان»حدثنا عبد بن حميد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن...