66- عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه»
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَانَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُت , وَمَنْ كَانَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر فَلْيُكْرِمْ جَاره , وَمَنْ كَانَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر فَلْيُكْرِمْ ضَيْفه ) وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى ( فَلَا يُؤْذِي جَاره ) قَالَ أَهْل اللُّغَة : يُقَال : صَمَتَ يَصْمُت بِضَمِّ الْمِيم صَمْتًا وَصُمُوتًا وَصُمَاتًا أَيْ سَكَتَ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : وَيُقَال أَصْمُتُ بِمَعْنَى صَمَتّ وَالتَّصْمِيت السُّكُوت.
وَالتَّصْمِيت أَيْضًا التَّسْكِيت.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه : مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ مَنْ اِلْتَزَمَ شَرَائِع الْإِسْلَام لَزِمَهُ إِكْرَام جَاره وَضَيْفه , وَبِرِّهِمَا.
وَكُلّ ذَلِكَ تَعْرِيف بِحَقِّ الْجَار , وَحَثّ عَلَى حِفْظه.
وَقَدْ أَوْصَى اللَّه تَعَالَى بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ فِي كِتَابه الْعَزِيز.
وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا زَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْت أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ ".
وَالضِّيَافَة مِنْ آدَاب الْإِسْلَام ,وَخُلُق النَّبِيِّينَ وَالصَّالِحِينَ.
وَقَدْ أَوْجَبَهَا اللَّيْث لَيْلَة وَاحِدَة.
وَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ : " لَيْلَة الضَّيْف حَقٌّ وَاجِب عَلَى كُلّ مُسْلِم " وَبِحَدِيثِ عُقْبَة : " إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِحَقِّ الضَّيْف فَاقْبَلُوا , وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقّ الضَّيْف الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ " وَعَامَّة الْفُقَهَاء عَلَى أَنَّهَا مِنْ مَكَارِم الْأَخْلَاق.
وَحُجَّتهمْ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " جَائِزَته يَوْم وَلَيْلَة " وَالْجَائِزَة الْعَطِيَّة وَالْمِنْحَة وَالصِّلَة وَذَلِكَ لَا يَكُون إِلَّا مَعَ الِاخْتِيَار.
وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلْيُكْرِمْ وَلْيُحْسِنْ ) يَدُلّ عَلَى هَذَا أَيْضًا إِذْ لَيْسَ يُسْتَعْمَل مِثْله فِي الْوَاجِب مَعَ أَنَّهُ مَضْمُوم إِلَى الْإِكْرَام لِلْجَارِ وَالْإِحْسَان إِلَيْهِ , وَذَلِكَ غَيْر وَاجِب.
وَتَأَوَّلُوا الْأَحَادِيث أَنَّهَا كَانَتْ فِي أَوَّل الْإِسْلَام إِذْ كَانَتْ الْمُوَاسَاة وَاجِبَة.
وَاخْتَلَفُوا هَلْ الضِّيَافَة عَلَى الْحَاضِر وَالْبَادِي أَمْ عَلَى الْبَادِي خَاصَّة ؟ فَذَهَبَ الشَّافِعِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , وَمُحَمَّد بْن الْحَكَم إِلَى أَنَّهَا عَلَيْهِمَا.
وَقَالَ مَالِك وَسُحْنُونٌ : إِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى أَهْل الْبَوَادِي لِأَنَّ الْمُسَافِر يَجِد فِي الْحَضَر الْمَنَازِل فِي الْفَنَادِق وَمَوَاضِع النُّزُول , وَمَا يَشْتَرِي مِنْ الْمَأْكَل فِي الْأَسْوَاق.
وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيث " الضِّيَافَة عَلَى أَهْل الْوَبَر وَلَيْسَتْ عَلَى أَهْل الْمَدَر " وَلَكِنَّ هَذَا الْحَدِيث عِنْد أَهْل الْمَعْرِفَة مَوْضُوع.
وَقَدْ تَتَعَيَّن الضِّيَافَة لِمَنْ اِجْتَازَ مُحْتَاجًا وَخِيفَ عَلَيْهِ , وَعَلَى أَهْل الذِّمَّة إِذَا اُشْتُرِطَتْ عَلَيْهِمْ.
هَذَا كَلَام الْقَاضِي.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُت ) فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّم فَإِنْ كَانَ مَا يَتَكَلَّم بِهِ خَيْرًا مُحَقَّقًا يُثَاب عَلَيْهِ , وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا فَلْيَتَكَلَّمْ.
وَإِنْ لَمْ يَظْهَر لَهُ أَنَّهُ خَيْر يُثَاب عَلَيْهِ , فَلْيُمْسِك عَنْ الْكَلَام سَوَاء ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ حَرَام أَوْ مَكْرُوه أَوْ مُبَاح مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ.
فَعَلَى هَذَا يَكُون الْكَلَام الْمُبَاح مَأْمُورًا بِتَرْكِهِ مَنْدُوبًا إِلَى الْإِمْسَاك عَنْهُ مَخَافَةً مِنْ اِنْجِرَاره إِلَى الْمُحَرَّم أَوْ الْمَكْرُوه.
وَهَذَا يَقَع فِي الْعَادَة كَثِيرًا أَوْ غَالِبًا.
وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى : { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } وَاخْتَلَفَ السَّلَف وَالْعُلَمَاء فِي أَنَّهُ هَلْ يُكْتَب جَمِيع مَا يَلْفِظ بِهِ الْعَبْد وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لَا ثَوَاب فِيهِ وَلَا عِقَاب لِعُمُومِ الْآيَة أَمْ لَا يُكْتَب إِلَّا مَا فِيهِ جَزَاء مِنْ ثَوَاب أَوْ عِقَاب ؟ وَإِلَى الثَّانِي ذَهَبَ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا , وَغَيْره مِنْ الْعُلَمَاء.
وَعَلَى هَذَا تَكُون الْآيَة مَخْصُوصَة , أَيْ مَا يَلْفِظ مِنْ قَوْل يَتَرَتَّب عَلَيْهِ جَزَاء.
وَقَدْ نَدَبَ الشَّرْع إِلَى الْإِمْسَاك عَنْ كَثِير مِنْ الْمُبَاحَات لِئَلَّا يَنْجَرَّ صَاحِبهَا إِلَى الْمُحَرَّمَات أَوْ الْمَكْرُوهَات.
وَقَدْ أَخَذَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَعْنَى الْحَدِيث فَقَالَ : إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّم فَلْيُفَكِّرْ ; فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ لَا ضَرَر عَلَيْهِ تَكَلَّمَ , إِنْ ظَهَرَ لَهُ فِيهِ ضَرَر , أَوْ شَكَّ فِيهِ أَمْسَكَ.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَام الْجَلِيل أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أَبِي زَيْد إِمَام الْمَالِكِيَّة بِالْمَغْرِبِ فِي زَمَنه : جِمَاع آدَاب الْخَيْر يَتَفَرَّع مِنْ أَرْبَعَة أَحَادِيث : قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَانَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُت " , وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مِنْ حُسْن إِسْلَام الْمَرْء تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيه " وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي اِخْتَصَرَ لَهُ الْوَصِيَّة : " لَا تَغْضَب " , وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يُؤْمِن أَحَدكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ".
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَرَوَيْنَا عَنْ الْأُسْتَاذ أَبِي الْقَاسِم الْقُشَيْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّه قَالَ : الصَّمْت بِسَلَامَةٍ وَهُوَ الْأَصْل وَالسُّكُوت فِي وَقْته صِفَة الرِّجَال كَمَا أَنَّ النُّطْق فِي مَوْضِعه مِنْ أَشْرَفَ الْخِصَال قَالَ : وَسَمِعْت أَبَا عَلِيّ الدَّقَّاقَ يَقُول : مَنْ سَكَتَ عَنْ الْحَقّ فَهُوَ شَيْطَان أَخْرَس.
قَالَ : فَأَمَّا إِيثَار أَصْحَاب الْمُجَاهَدَة السُّكُوت فَلِمَا عَلِمُوا مَا فِي الْكَلَام مِنْ الْآفَات , ثُمَّ مَا فِيهِ مِنْ حَظِّ النَّفْس , وَإِظْهَار صِفَات الْمَدْح , وَالْمَيْل إِلَى أَنْ يَتَمَيَّز مِنْ بَيْن أَشْكَاله بِحُسْنِ النُّطْق , وَغَيْر هَذَا مِنْ الْآفَات وَذَلِكَ نَعْتُ أَرْبَاب الرِّيَاضَة , وَهُوَ أَحَد أَرْكَانهمْ فِي حُكْم الْمُنَازَلَة وَتَهْذِيب الْخُلُق.
وَرَوَيْنَا عَنْ الْفُضَيْلِ بْن عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه قَالَ : مَنْ عَدَّ كَلَامه مِنْ عَمَله قَلَّ كَلَامُهُ فِيمَا لَا يَعْنِيه.
وَعَنْ ذِي النُّون رَحِمَهُ اللَّه : أَصْوَنُ النَّاس لِنَفْسِهِ أَمْسَكُهُمْ لِلِسَانِهِ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ
عن ابن عباس، قال: «رآه بقلبه»
عن الحسن، قال: عاد عبيد الله بن زياد معقل بن يسار المزني في مرضه الذي مات فيه، فقال معقل: إني محدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو عل...
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن عائشة، لما توفي سعد بن أبي وقاص، قالت: ادخلوا به المسجد حتى أصلي عليه، فأنكر ذلك عليها، فقالت: «والله، لقد صلى رسول الله...
عن عائشة أم المؤمنين، قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: «هل عندكم شيء؟» فقلنا: لا، قال: «فإني إذن صائم» ثم أتانا يوما آخر فقلنا: يا...
عن بشير بن يسار، أن عبد الله بن سهل بن زيد، ومحيصة بن مسعود بن زيد الأنصاريين، ثم من بني حارثة خرجا إلى خيبر في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي...
عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سمع سمع الله به، ومن راءى راءى الله به»
عن ابن عمر، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار، والشغار: أن يزوج الرجل ابنته، على أن يزوجه ابنته، وليس بينهما صداق "،حدثنا يحيى، عن عبيد...
حدثنا أبو هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أحاديث منها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام.<br> فقال ل...
عن عائشة، قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي صلاته من الليل كلها وأنا معترضة بينه وبين القبلة، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت»