459- عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم - أو قال بخطاياهم - فأماتهم إماتة حتى إذا كانوا فحما، أذن بالشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر، فبثوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة، أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل "، فقال: رجل من القوم، كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان بالبادية،عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله إلى قوله: " في حميل السيل، ولم يذكر ما بعده
(ضبائر ضبائر) منصوب على الحال.
وهو جمع ضبارة بفتح الضاد وكسرها، أشهرها الكسر.
ويقال فيها أيضا: إضبارة.
قال أهل اللغة: الضبائر جماعات في تفرقة.
(فبثوا) معناه فرقوا.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَهْل النَّار الَّذِينَ هُمْ أَهْلهَا فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا , وَلَا يَحْيَوْنَ , وَلَكِنْ نَاس أَصَابَتْهُمْ النَّار بِذُنُوبِهِمْ أَوْ قَالَ بِخَطَايَاهُمْ فَأَمَاتَهُمْ إِمَاته حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا أَذِنَ بِالشَّفَاعَةِ فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِر ضَبَائِر فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَار الْجَنَّة , ثُمَّ قِيلَ : يَا أَهْل الْحِنَة أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ فَيَنْبُتُونَ نَبَات الْحَبَّة تَكُون فِي حَمِيل السَّيْل ) هَكَذَا وَقَعَ فِي مُعْظَم النُّسَخ ( أَهْل النَّار ) , وَفِي بَعْضهَا أَمَّا ( أَهْل النَّار ) بِزِيَادَةِ ( أَمَّا ) وَهَذَا أَوْضَح وَالْأَوَّل صَحِيح , وَتَكُون الْفَاء فِي ( فَإِنَّهُمْ ) زَائِدَة وَهُوَ جَائِز.
وَقَوْله : ( فَأَمَاتَهُمْ ) أَيْ : أَمَاتَهُمْ إِمَاتَة , وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ وَفِي بَعْض النُّسَخ : ( فَأَمَاتَتْهُمْ ) بِتَاءَيْنِ أَيْ : أَمَاتَتْهُمْ النَّار.
وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيث فَالظَّاهِر وَاَللَّه أَعْلَم مِنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث : أَنَّ الْكُفَّار الَّذِينَ هُمْ أَهْل النَّار وَالْمُسْتَحِقُّونَ لِلْخُلُودِ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ حَيَاة يَنْتَفِعُونَ بِهَا وَيَسْتَرِيحُونَ مَعَهَا كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى : { لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّف عَنْهُمْ مِنْ عَذَابهَا } وَكَمَا قَالَ تَعَالَى : { ثُمَّ لَا يَمُوت فِيهَا وَلَا يَحْيَى } وَهَذَا جَارٍ عَلَى مَذْهَب أَهْل الْحَقّ أَنَّ نَعِيم أَهْل الْجَنَّة دَائِم , وَأَنَّ عَذَاب أَهْل الْخُلُود فِي النَّار دَائِم.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَكِنْ نَاس أَصَابَتْهُمْ النَّار ) إِلَى آخِره.
فَمَعْنَاهُ : أَنَّ الْمُذْنِبِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ يُمِيتهُمْ اللَّه تَعَالَى إِمَاتَة بَعْد أَنْ يُعَذَّبُوا الْمُدَّة الَّتِي أَرَادَهَا اللَّه تَعَالَى , وَهَذِهِ الْإِمَاتَة إِمَاتَة حَقِيقِيَّة يَذْهَب مَعَهَا الْإِحْسَاس وَيَكُون عَذَابهمْ عَلَى قَدْر ذُنُوبهمْ , ثُمَّ يُمِيتهُمْ , ثُمَّ يَكُونُونَ مَحْبُوسِينَ فِي النَّار مِنْ غَيْر إِحْسَاس الْمُدَّة الَّتِي قَدَّرَهَا اللَّه تَعَالَى , ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنْ النَّار مَوْتَى قَدْ صَارُوا فَحْمًا , فَيُحْمَلُونَ ضَبَائِر كَمَا تُحْمَل الْأَمْتِعَة وَيُلْقَوْنَ عَلَى أَنْهَار الْجَنَّة فَيُصَبّ عَلَيْهِمْ مَاء الْحَيَاة وَيَنْبُتُونَ نَبَات الْحَبَّة فِي حَمِيل السَّيْل فِي سُرْعَة نَبَاتهَا وَضَعْفهَا , فَتَخْرُج لِضَعْفِهَا صَفْرَاء مُلْتَوِيَة ثُمَّ تَشْتَدّ قُوَّتهمْ بَعْد ذَلِكَ وَيَصِيرُونَ إِلَى مَنَازِلهمْ وَتَكْمُل أَحْوَالهمْ , فَهَذَا هُوَ الظَّاهِر مِنْ لَفْظ الْحَدِيث وَمَعْنَاهُ.
وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُ اللَّه - فِيهِ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنَّهَا إِمَاتَة حَقِيقِيَّة , وَالثَّانِي : لَيْسَ بِمَوْتٍ حَقِيقِيّ , وَلَكِنْ تَغَيَّبَ عَنْهُمْ إِحْسَاسهمْ بِالْآلَامِ , قَالَ : وَيَجُوز أَنْ تَكُون آلَامهمْ أَخَفّ فَهَذَا كَلَام الْقَاضِي وَالْمُخْتَار مَا قَدَّمْنَاهُ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ضَبَائِر ضَبَائِر ) فَكَذَا هُوَ فِي الرِّوَايَات وَالْأُصُول ( ضَبَائِر ضَبَائِر ) مُكَرَّر مَرَّتَيْنِ وَهُوَ مَنْصُوب عَلَى الْحَال وَهُوَ بِفَتْحِ الضَّاد الْمُعْجَمَة , وَهُوَ جَمْع ( ضُبَارَة ) بِفَتْحِ الضَّاد وَكَسْرهَا لُغَتَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي عِيَاض وَصَاحِب الْمَطَالِع وَغَيْرهمَا , أَشْهَرهمَا الْكَسْر , وَلَمْ يَذْكُر الْهَرَوِيُّ وَغَيْره إِلَّا الْكَسْر , وَيُقَال فِيهَا أَيْضًا : إِضْبَارَة بِكَسْرِ الْهَمْزَة قَالَ أَهْل اللُّغَة : الضَّبَائِر : جَمَاعَات فِي تَفْرِقَة.
وَرَوَى ( ضُبَارَات ضُبَارَات ).
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَبُثُّوا ) فَهُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة الْمَضْمُومَة بَعْدهَا ثَاء مُثَلَّثَة وَمَعْنَاهُ : فُرِّقُوا.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله ( عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ قَالَ : سَمِعْت أَبَا نَضْرَة عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ ) أَمَّا ( أَبُو سَعِيد ) فَاسْمه سَعْد بْن مَالِك بْن سِنَان , وَأَمَّا ( أَبُو نَضْرَة ) فَاسْمه : الْمُنْذِر بْن مَالِك بْن قِطْعَة بِكَسْرِ الْقَاف.
وَأَمَّا ( أَبُو مَسْلَمَةَ ) فَبِفَتْحِ الْمِيم وَإِسْكَان السِّين وَاسْمه : سَعِيد بْن يَزِيد الْأَزْدِيُّ الْبَصْرِيّ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
و حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمْ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ أَوْ قَالَ بِخَطَايَاهُمْ فَأَمَاتَهُمْ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا أُذِنَ بِالشَّفَاعَةِ فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ ثُمَّ قِيلَ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ كَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ بِالْبَادِيَةِ و حَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ إِلَى قَوْلِهِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ
عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها، وآخر أهل الجنة دخولا الجنة، رجل يخرج من النار حبوا،...
عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار، رجل يخرج منها زحفا، فيقال له: انطلق فادخل الجنة "، قال:...
عن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " آخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرة، ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها التفت إليها، فقا...
عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أدنى أهل الجنة منزلة، رجل صرف الله وجهه عن النار قبل الجنة، ومثل له شجرة ذات ظل، فقال: أ...
عن المغيرة بن شعبة، قال: سمعته على المنبر يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وحدثني بشر بن الحكم - واللفظ له - حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا مط...
عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة، وآخر أهل النار خروجا منها، رجل يؤتى به يوم القيامة، فيقال: اع...
حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، يسأل عن الورود، فقال: نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا، انظر أي ذلك فوق الناس؟ قال:...
عن عمرو، سمع جابرا، يقول: سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم بأذنه، يقول: «إن الله يخرج ناسا من النار فيدخلهم الجنة»
حدثنا حماد بن زيد، قال: قلت لعمرو بن دينار: أسمعت جابر بن عبد الله، يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يخرج قوما من النار بالشفاعة؟» قال:...