1562-
عن أبي قتادة؛ قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
"إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم.
وتأتون الماء، إن شاء الله، غدا".
فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد.
قال أبو قتادة: فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير حتى ابهار الليل وأنا إلى جنبه.
قال: فنعس رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فمال عن راحلته.
فأتيته فدعمته.
من غير أن أوقظه.
حتى اعتدل على راحلته.
قال ثم سار حتى تهور الليل مال عن راحلته.
قال فدعمته من غير أن أوقظه.
حتى اعتدل على راحلته.
قال ثم سار حتى إذا كان من آخر السحر مال ميلة.
هي أشد من الميلتين الأوليين.
حتى كاد ينجفل.
فأتيته فدعمته.
فرفع رأسه فقال "من هذا" قلت: أبو قتادة.
قال "متى كان هذا مسيرك مني؟ " قلت: ما زال هذا مسيري منذ الليلة.
قال "حفظك الله بما حفظت به نبيه" ثم قال "هل ترانا نخفى على الناس؟ " ثم قال "هل ترى من أحد؟ " قلت: هذا راكب.
ثم قلت: هذا راكب آخر.
حتى اجتمعنا فكنا سبعة ركب.
قال فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريق.
فوضع رأسه.
ثم قال "احفظوا علينا صلاتنا".
فكان أول من استيقظ رسول الله صلى اله عليه وسلم والشمس في ظهره.
قال فقمنا فزعين.
ثم قال "اركبوا" فركبنا.
فسرنا.
حتى إذا ارتفعت الشمس نزل.
ثم دعا بميضأة كانت معي فيها شئ
من ماء.
قال فتوضأنا منها وضوءا دون وضوء.
قال وبقي فيها شئ من ماء.
ثم قال لأبي قتادة "احفظ علينا ميضأتك.
فسيكون لها نبأ" ثم أذن بلال بالصلاة.
فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين.
ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم.
قال وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبنا معه.
قال فجعل بعضنا يهمس إلى بعض: ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا في صلاتنا؟ ثم قال "أما لكم في أسوة؟ "ثم قال ليس في النوم تفريط.
إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى.
فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها.
فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها" ثم قال "ما ترون الناس صنعوا؟ " قال: ثم قال "أصبح الناس فقدوا نبيهم.
فقال أبو بكر وعمر: رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدكم.
لم يكن ليخلفكم.
وقال الناس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيديكم.
فإن يطبعوا أبا بكر وعمر يرشدوا".
قال فانتهينا إلى الناس حين امتد النهار وحمي كل شئ.
وهم يقولون: يا رسول الله! هلكنا.
عطشنا.
فقال "لا هلك عليكم" ثم قال "أطلقوا لي غمري" قال ودعا بالميضأة.
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب وأبو قتادة يسقيهم.
فلم يعد أن رأى الناس ماء في الميضأة تكابوا عليها.
فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم "أحسنوا الملأ.
كلكم سيروى" قال ففعلوا.
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب وأسقيهم.
حتى ما بقي غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ثم صب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي "اشرب" فقلت: لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله! قال "إن ساقي القوم آخرهم شربا" قال فشربت.
وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال فأتى الناس الماء جامين رواء.
قال فقال عبد الله بن رباح: إني لأحدث هذا الحديث في مسجد الجامع.
إذا قال عمران بن حصين: انظر أيها الفتى كيف تحدث.
فإني أحد الركب تلك الليلة.
قال قلت: فأنت أعلم بالحديث.
فقال: ممن أنت؟ قلت: من الأنصار.
قال: حدث فأنتم أعلم بحديثكم.
قال فحدثت القوم.
فقال عمران: لقد شهدت تلك الليلة وما شعرت أن أحدا حفظه كما حفظته.
(لا يلوي على أحد) أي لا يعطف.
(إبهار الليل) أي انتصف.
(فنعس) النعاس مقدمة النوم.
(فدعمته) أي أقمت ميله من النوم، وصرت تحته.
كالدعامة للبناء فوقها.
(تهور الليل) أي ذهب أكثره.
مأخوذ من تهور البناء، وهو انهداده.
(ينجفل) أي يسقط.
(بما حفظت به نبيه) أي بسبب حفظك نبيه.
(سبعة ركب) هو جمع راكب.
كصاحب وصحب، ونظائره.
(بميضأة) هي الإناء الذي يتوضأ به، كالركوة.
(وضوءا دون وضوء) أي وضوءا خفيفا.
(يهمس إلى بعض) أي يكلمه بصوت خفي.
(أسوة) الأسوة كالقدوة والقدوة، هي الحالة التي يكون الإنسان عليها في اتباع غيره.
إن حسنا وإن قبيحا.
وإن سارا وإن ضارا.
ولهذا قال تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.
فوصفها بالحسنة.
كذا قال الراغب.
(ليس في النوم تفريط) أي تقصير في فوت الصلاة.
لانعدام الاختيار من النائم.
(ما ترون الناس صنعوا قال ثم قال .
الخ) قال النووي: معنى هذا الكلام أنه صلى الله عليه وسلم لما صلى بهم الصبح، بعد ارتفاع الشمس، وقد سبقهم الناس.
وانقطع النبي صلى الله عليه وسلم وهؤلاء الطائفة اليسيرة عنهم.
قال: ما تظنون الناس يقولون فينا؟ فسكت القوم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما أبو بكر وعمر فيقولان للناس: إن النبي صلى الله عليه وسلم وراءكم.
ولا تطيب نفسه أن يخلفكم وراءه ويتقدم بين أيديكم.
فينبغي لكم أن تنتظروه حتى يلحقكم.
وقال باقي الناس: إنه سبقكم فالحقوه.
فإن أطاعوا أبا بكر وعمر رشدوا، فإنهما على الصواب.
(لا هلك عليكم) أي لا هلاك.
(أطلقوا لي غمري) أي إيتوني به.
والغمر القدح الصغير.
(فلم يعد أن رأى الناس ماء في الميضأة تكابوا عليها) أي لم يتجاوز رؤيتهم الماء في الميضأة تكابهم، أي تزاحمهم عليها، مكبا بعضهم على بعض.
(أحسنوا الملأ) الملأ الخلق والعشرة.
يقال: ما أحسن ملأ فلان أي خلقه وعشرته.
وما أحسن ملأ بني فلان أي عشرتهم وأخلاقهم.
ذكره الجوهري وغيره.
وأنشد الجوهري:
تنادوا يال بهثة إذ رأونا فقلنا: أحسنى ملأ جهينا
(جامين رواء) أي مستريحين قد رووا من الماء.
والرواء ضد العطاش جمع ريان وريا، مثل عطشان وعطشى.
(في مسجد الجامع) هو من باب إضافة الموصوف إلى صفته.
فعند الكوفيين يجوز ذلك بغير تقدير.
وعند البصريين لا يجوز إلا بتقدير.
ويتأولون ما جاء بهذا بحسب مواطنه.
والتقدير هنا: مسجد المكان الجامع.
وفي قول الله تعالى: وما كنت بجانب الغربي، أي المكان الغربي.
وقوله تعالى: ولدار الآخرة، أي الحياة الآخرة.
(حفظته) ضبطناه، حفظته بضم التاء وفتحها.
وكلاهما حسن.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَبَاح عَنْ أَبِي قَتَادَةَ ) رَبَاح هَذَا بِفَتْحِ الرَّاء وَبِالْمُوَحَّدَةِ.
وَأَبُو قَتَادَةَ الْحَارِث بْنُ رِبْعِيّ الْأَنْصَارِيّ.
قَوْله : ( خَطَبَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّكُمْ تَسِيرُونَ ) فِيهِ : أَنَّهُ يُسْتَحَبّ لِأَمِيرِ الْجَيْش إِذَا رَأَى مَصْلَحَة لِقَوْمِهِ فِي إِعْلَامهمْ بِأَمْرٍ أَنْ يَجْمَعهُمْ كُلّهمْ وَيُشِيع ذَلِكَ فِيهِمْ لِيُبَلِّغهُمْ كُلّهمْ وَيَتَأَهَّبُوا لَهُ , وَلَا يَخُصّ بِهِ بَعْضهمْ وَكِبَارهمْ ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا خَفِيَ عَلَى بَعْضهمْ فَيَلْحَقهُ الضَّرَر.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَتَأْتُونَ الْمَاء إِنْ شَاءَ اللَّه غَدًا ) فِيهِ اِسْتِحْبَاب قَوْل : إِنْ شَاءَ اللَّه فِي الْأُمُور الْمُسْتَقْبَلَة , وَهُوَ مُوَافِق لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْقُرْآن.
قَوْله ( لَا يَلْوِي أَحَد عَلَى أَحَد ) أَيْ لَا يَعْطِف.
قَوْله : ( اِبْهَارَّ اللَّيْل ) هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة وَتَشْدِيد الرَّاء أَيْ اِنْتَصَفَ.
قَوْله : ( فَنَعَسَ ) هُوَ بِفَتْحِ الْعَيْن , وَالنُّعَاس مُقَدِّمَة النَّوْم , وَهُوَ رِيح لَطِيفَة تَأْتِي مِنْ قِبَل الدِّمَاغ تُغَطِّي عَلَى الْعَيْن وَلَا تَصِل إِلَى الْقَلْب , فَإِذَا وَصَلَتْ إِلَى الْقَلْب كَانَ نَوْمًا , وَلَا يُنْتَقَض الْوُضُوء بِالنُّعَاسِ مِنْ الْمُضْطَجِع , وَيُنْتَقَض بِنَوْمِهِ , وَقَدْ بَسَطْت الْفَرْق بَيْن حَقِيقَتهمَا فِي شَرْح الْمُهَذَّب.
قَوْله : ( فَدَعَمْته ) أَيْ أَقَمْت مَيْله مِنْ النَّوْم وَصِرْت تَحْته كَالدِّعَامَةِ لِلْبِنَاءِ فَوْقهَا.
قَوْله : ( تَهَوَّرَ اللَّيْل ) أَيْ ذَهَبَ أَكْثَره , مَأْخُوذ مِنْ تَهَوَّرَ الْبِنَاء وَهُوَ اِنْهِدَامه , يُقَال : تَهَوَّرَ اللَّيْل وَتَوَهَّرَ.
قَوْله ( يَنْجَفِل ) أَيْ يَسْقُط.
قَوْله : ( قَالَ مَنْ هَذَا ؟ قُلْت : أَبُو قَتَادَةَ ) فِيهِ : أَنَّهُ إِذَا قِيلَ لِلْمُسْتَأْذِنِ وَنَحْوه : مَنْ هَذَا ؟ يَقُول : فُلَان بِاسْمِهِ , وَأَنَّهُ لَا بَأْس أَنْ يَقُول : أَبُو فُلَان إِذَا كَانَ مَشْهُورًا بِكُنْيَتِهِ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حَفِظَك اللَّه بِمَا حَفِظْت بِهِ نَبِيّه ) أَيْ بِسَبَبِ حِفْظك نَبِيّه.
وَفِيهِ : أَنَّهُ يُسْتَحَبّ لِمَنْ صَنَعَ إِلَيْهِ مَعْرُوف أَنْ يَدْعُو لِفَاعِلِهِ.
وَفِيهِ حَدِيث آخَر صَحِيح مَشْهُور.
قَوْله : ( سَبْعَة رَكْب ) هُوَ جَمْع رَاكِب , كَصَاحِبِ وَصَحْب وَنَظَائِره.
قَوْله : ( ثُمَّ دَعَا بِمِيضَأَةِ ) هِيَ بِكَسْرِ الْمِيم وَبِهَمْزَةٍ بَعْد الضَّاد , وَهِيَ الْإِنَاء الَّذِي يَتَوَضَّأ بِهِ كَالرَّكْوَةِ.
قَوْله : ( فَتَوَضَّأ مِنْهَا وُضُوءًا دُون وُضُوء ) مَعْنَاهُ : وُضُوءًا خَفِيفًا مَعَ أَنَّهُ أَسْبَغَ الْأَعْضَاء.
وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ بَعْض شُيُوخه أَنَّ الْمُرَاد تَوَضَّأَ وَلَمْ يَسْتَنْجِ بِمَاءٍ بَلْ اِسْتَجْمَرَ بِالْأَحْجَارِ , وَهَذَا الَّذِي زَعَمَهُ هَذَا الْقَائِل غَلَط ظَاهِر , وَالصَّوَاب مَا سَبَقَ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأ ) هَذَا مِنْ مُعْجِزَات النُّبُوَّة.
قَوْله : ( ثُمَّ أَذَّنَ بِلَال بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاة , فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَع كُلّ يَوْم ) فِيهِ : اِسْتِحْبَاب الْأَذَان لِلصَّلَاةِ الْفَائِتَة.
وَفِيهِ : قَضَاء السُّنَّة الرَّاتِبَة ; لِأَنَّ الظَّاهِر أَنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْل الْغَدَاة هُمَا سُنَّة الصُّبْح.
وَقَوْله : ( كَمَا كَانَ يَصْنَع كُلّ يَوْم ) فِيهِ : إِشَارَة إِلَى أَنَّ صِفَة قَضَاء الْفَائِتَة كَصِفَةِ أَدَائِهَا , فَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ فَائِتَة الصُّبْح يُقْنَت فِيهَا.
وَهَذَا لَا خِلَاف فِيهِ عِنْدنَا , وَقَدْ يَحْتَجّ بِهِ مَنْ يَقُول : يَجْهَر فِي الصُّبْح الَّتِي يَقْضِيهَا بَعْد طُلُوع الشَّمْس.
وَهَذَا أَحَد الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا , وَأَصَحّهمَا : أَنَّهُ يُسِرُّ بِهَا , وَيُحْمَل قَوْله : كَمَا كَانَ يَصْنَع , أَيْ فِي الْأَفْعَال.
وَفِيهِ : إِبَاحَة تَسْمِيَة الصُّبْح غَدَاة , وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْأَحَادِيث.
قَوْله : ( فَجَعَلَ بَعْضنَا يَهْمِس إِلَى بَعْض ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاء وَكَسْر الْمِيم , وَهُوَ الْكَلَام الْخَفِيّ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْم تَفْرِيط ) فِيهِ دَلِيل لِمَا أَجْمَع عَلَيْهِ الْعُلَمَاء أَنَّ النَّائِم لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ , وَإِنَّمَا يَجِب عَلَيْهِ قَضَاء الصَّلَاة وَنَحْوهَا بِأَمْرٍ جَدِيد.
هَذَا هُوَ الْمَذْهَب الصَّحِيح الْمُخْتَار عِنْد أَصْحَاب الْفِقْه وَالْأُصُول.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يَجِب الْقَضَاء بِالْخِطَابِ السَّابِق , وَهَذَا الْقَائِل يُوَافِق عَلَى أَنَّهُ فِي حَال النَّوْم غَيْر مُكَلَّف.
وَأَمَّا إِذَا أَتْلَفَ النَّائِم بِيَدِهِ أَوْ غَيْرهَا مِنْ أَعْضَائِهِ شَيْئًا فِي حَال نَوْمه فَيَجِب ضَمَانه بِالِاتِّفَاقِ , وَلَيْسَ ذَلِكَ تَكْلِيفًا لِلنَّائِمِ ; لِأَنَّ غَرَامَة الْمُتْلَفَات لَا يُشْتَرَط لَهَا التَّكْلِيف بِالْإِجْمَاعِ , بَلْ لَوْ أَتْلَفَ الصَّبِيّ أَوْ الْمَجْنُون أَوْ الْغَافِل وَغَيْرهمْ مِمَّنْ لَا تَكْلِيف عَلَيْهِ شَيْئًا وَجَبَ ضَمَانه بِالِاتِّفَاقِ , وَدَلِيله مِنْ الْقُرْآن قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤْمِنَة وَدِيَة مُسَلَّمَة إِلَى أَهْله } فَرَتَّبَ سُبْحَانه وَتَعَالَى عَلَى الْقَتْل خَطَأ الدِّيَة وَالْكَفَّارَة مَعَ أَنَّهُ غَيْر آثِم بِالْإِجْمَاعِ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا التَّفْرِيط عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاة حَتَّى يَجِيء وَقْت الصَّلَاة الْأُخْرَى فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِين يَنْتَبِه لَهَا , فَإِذَا كَانَ مِنْ الْغَد فَلْيُصَلِّهَا عِنْد وَقْتهَا ) فِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى اِمْتِدَاد وَقْت كُلّ صَلَاة مِنْ الْخَمْس حَتَّى يَدْخُل وَقْت الْأُخْرَى , وَهَذَا مُسْتَمِرّ عَلَى عُمُومه فِي الصَّلَوَات إِلَّا الصُّبْح فَإِنَّهَا لَا تَمْتَدّ إِلَى الظُّهْر , بَلْ يَخْرُج وَقْتهَا بِطُلُوعِ الشَّمْس ; لِمَفْهُومِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَة مِنْ الصُّبْح قَبْل أَنْ تَطْلُع الشَّمْس فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْح ) وَأَمَّا الْمَغْرِب فَفِيهَا خِلَاف سَبَقَ بَيَانه فِي بَابه , وَالصَّحِيح الْمُخْتَار اِمْتِدَاد وَقْتهَا إِلَى دُخُول وَقْت الْعِشَاء ; لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة السَّابِقَة فِي صَحِيح مُسْلِم , وَقَدْ ذَكَرْنَا الْجَوَاب عَنْ حَدِيث إِمَامَة جِبْرِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَوْمَيْنِ فِي الْمَغْرِب فِي وَقْت وَاحِد , وَقَالَ أَبُو سَعِيد الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ أَصْحَابنَا : تَفُوت الْعَصْر بِمَصِيرِ ظِلّ الشَّيْء مِثْلَيْهِ , وَتَفُوت الْعِشَاء بِذَهَابِ ثُلُث اللَّيْل أَوْ نِصْفه , وَتَفُوت الصُّبْح بِالْإِسْفَارِ.
وَهَذَا الْقَوْل ضَعِيف , وَالصَّحِيح الْمَشْهُور مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الِامْتِدَاد إِلَى دُخُول الصَّلَاة الثَّانِيَة.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِذَا كَانَ مِنْ الْغَد فَلْيُصَلِّهَا عِنْد وَقْتهَا ) , فَمَعْنَاهُ : أَنَّهُ إِذَا فَاتَتْهُ صَلَاة فَقَضَاهَا لَا يَتَغَيَّر وَقْتهَا , وَيَتَحَوَّل فِي الْمُسْتَقْبَل , بَلْ يَبْقَى كَمَا كَانَ.
فَإِذَا كَانَ الْغَد صَلَّى صَلَاة الْغَد فِي وَقْتهَا الْمُعْتَاد وَيَتَحَوَّل , وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقْضِي الْفَائِتَة مَرَّتَيْنِ مَرَّة فِي الْحَال , وَمَرَّة فِي الْغَد , وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ مَا قَدَّمْنَاهُ , فَهَذَا هُوَ الصَّوَاب فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث , وَقَدْ اِضْطَرَبَتْ أَقْوَال الْعُلَمَاء فِيهِ , وَاخْتَارَ الْمُحَقِّقُونَ مَا ذَكَرْته.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( ثُمَّ قَالَ : مَا تَرَوْنَ النَّاس صَنَعُوا ؟ ) .
قَالَ ثُمَّ قَالَ : أَصْبَحَ النَّاس فَقَدُوا نَبِيّهمْ.
فَقَالَ أَبُو بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَكُمْ لَمْ يَكُنْ لِيُخَلِّفَكُمْ , وَقَالَ النَّاس : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن أَيْدِيكُمْ فَإِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْر وَعُمَر يَرْشُدُوا ) مَعْنَى هَذَا الْكَلَام أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صَلَّى بِهِمْ الصُّبْح بَعْد اِرْتِفَاع الشَّمْس , وَقَدْ سَبَقَهُمْ النَّاس , وَانْقَطَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَؤُلَاءِ الطَّائِفَة الْيَسِيرَة عَنْهُمْ , قَالَ : مَا تَظُنُّونَ النَّاس يَقُولُونَ فِينَا ؟ فَسَكَتَ الْقَوْم , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَّا أَبُو بَكْر وَعُمَر فَيَقُولَانِ لِلنَّاسِ : إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَاءَكُمْ , وَلَا تَطِيب نَفْسه أَنْ يُخَلِّفكُمْ وَرَاءَهُ وَيَتَقَدَّم بَيْن أَيْدِيكُمْ , فَيَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَنْتَظِرُوهُ حَتَّى يَلْحَقكُمْ , وَقَالَ بَاقِي النَّاس : إِنَّهُ سَبَقَكُمْ فَالْحَقُوهُ , فَإِنْ أَطَاعُوا أَبَا بَكْر وَعُمَر رَشَدُوا ; فَإِنَّهُمَا عَلَى الصَّوَاب.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا هُلْك عَلَيْكُمْ ) هُوَ بِضَمِّ الْهَاء وَهُوَ مِنْ الْهَلَاك , وَهَذَا مِنْ الْمُعْجِزَات.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَطْلِقُوا لِي غُمَرِي ) هُوَ بِضَمِّ الْعَيْن الْمُعْجَمَة وَفَتْح الْمِيم وَبِالرَّاءِ , هُوَ الْقَدْح الصَّغِير.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلَمْ يَعُدْ أَنْ رَأَى النَّاس مَا فِي الْمِيضَأَة تَكَابُّوا عَلَيْهَا ) ضَبْطنَا قَوْله : ( مَا ) هُنَا بِالْمَدِّ وَالْقَصْر وَكِلَاهُمَا صَحِيح.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَحْسِنُوا الْمَلَأ كُلّكُمْ سَيَرْوَى ) الْمَلَأ بِفَتْحِ الْمِيم وَاللَّام وَآخِره هَمْزَة وَهُوَ مَنْصُوب مَفْعُول أَحْسِنُوا.
وَالْمَلَأ : الْخُلُق وَالْعِشْرَة , يُقَال : مَا أَحْسَن مَلَأ فُلَان أَيْ خُلُقه وَعِشْرَته , وَمَا أَحْسَن مَلَأ بَنِي فُلَان أَيْ عِشْرَتهمْ وَأَخْلَاقهمْ.
ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيّ وَغَيْره , وَأَنْشَدَ الْجَوْهَرِيّ : تَنَادَوْا يَالَ بُهْثَةَ إِذْ رَأَوْنَا فَقُلْنَا أَحْسَنِي مَلَأً جُهَيْنَا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ سَاقِي الْقَوْم آخِرهمْ ) فِيهِ لِهَذَا الْأَدَب مِنْ آدَاب شَارِبِي الْمَاء وَاللَّبَن وَنَحْوهمَا.
وَفِي مَعْنَاهُ مَا يُفَرَّق عَلَى الْجَمَاعَة مِنْ الْمَأْكُول كَلَحْمِ وَفَاكِهَة وَمَشْمُوم وَغَيْر ذَلِكَ , وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله : ( فَأَتَى النَّاسُ الْمَاء جَامِّينَ رُوَاء ) أَيْ نِشَاطًا مُسْتَرِيحِينَ.
قَوْله : ( فِي مَسْجِد الْجَامِع ) هُوَ مِنْ بَاب إِضَافَة الْمَوْصُوف إِلَى صِفَته , فَعِنْد الْكُوفِيِّينَ يَجُوز ذَلِكَ بِغَيْرِ تَقْدِير , وَعِنْد الْبَصْرِيِّينَ لَا يَجُوز إِلَّا بِتَقْدِيرٍ , وَيَتَأَوَّلُونَ مَا جَاءَ فِي هَذَا بِحَسْب مَوَاطِنه , وَالتَّقْدِير هُنَا مَسْجِد الْمَكَان الْجَامِع , وَفِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيّ } أَيْ الْمَكَان الْغَرْبِيّ وَقَوْله تَعَالَى : { وَلَدَارُ الْآخِرَةِ } أَيْ الْحَيَاة الْآخِرَة : وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَة فِي مَوَاضِع.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَا شَعَرْت أَنَّ أَحَدًا حَفِظَهُ كَمَا حَفِظْته ) ضَبَطْنَاهُ ( حَفِظْته ) بِضَمِّ التَّاء وَفَتْحهَا , وَكِلَاهُمَا حَسَن.
وَفِي حَدِيث أَبِي قَتَادَةَ هَذِهِ : مُعْجِزَات ظَاهِرَات لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَاهَا : إِخْبَاره بِأَنَّ الْمِيضَأَة سَيَكُونُ لَهَا نَبَأ وَكَانَ كَذَلِكَ.
الثَّانِيَة : تَكْثِير الْمَاء الْقَلِيل , الثَّالِثَة : قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلّكُمْ سَيَرْوَى , وَكَانَ كَذَلِكَ.
الرَّابِعَة : قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ أَبُو بَكْر وَعُمَر كَذَا , وَقَالَ النَّاس كَذَا.
الْخَامِسَة : قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتكُمْ وَلَيْلَتكُمْ وَتَأْتُونَ الْمَاء ) , وَكَانَ كَذَلِكَ.
وَلَمْ يَكُنْ أَحَد مِنْ الْقَوْم يَعْلَم ذَلِكَ , وَلِهَذَا قَالَ : فَانْطَلَقَ النَّاس لَا يَلْوِي أَحَد عَلَى أَحَد إِذْ لَوْ كَانَ أَحَد مِنْهُمْ يَعْلَم ذَلِكَ لَفَعَلُوا ذَلِكَ قَبْل قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
و حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ وَتَأْتُونَ الْمَاءَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا فَانْطَلَقَ النَّاسُ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ قَالَ فَنَعَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَأَتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ حَتَّى اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ قَالَ ثُمَّ سَارَ حَتَّى تَهَوَّرَ اللَّيْلُ مَالَ عَنْ رَاحِلَتِهِ قَالَ فَدَعَمْتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ حَتَّى اعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ قَالَ ثُمَّ سَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ مَالَ مَيْلَةً هِيَ أَشَدُّ مِنْ الْمَيْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ حَتَّى كَادَ يَنْجَفِلُ فَأَتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ مَنْ هَذَا قُلْتُ أَبُو قَتَادَةَ قَالَ مَتَى كَانَ هَذَا مَسِيرَكَ مِنِّي قُلْتُ مَا زَالَ هَذَا مَسِيرِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ قَالَ حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَرَانَا نَخْفَى عَلَى النَّاسِ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَرَى مِنْ أَحَدٍ قُلْتُ هَذَا رَاكِبٌ ثُمَّ قُلْتُ هَذَا رَاكِبٌ آخَرُ حَتَّى اجْتَمَعْنَا فَكُنَّا سَبْعَةَ رَكْبٍ قَالَ فَمَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الطَّرِيقِ فَوَضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشَّمْسُ فِي ظَهْرِهِ قَالَ فَقُمْنَا فَزِعِينَ ثُمَّ قَالَ ارْكَبُوا فَرَكِبْنَا فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ نَزَلَ ثُمَّ دَعَا بِمِيضَأَةٍ كَانَتْ مَعِي فِيهَا شَيْءٌ مَنْ مَاءٍ قَالَ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا وُضُوءًا دُونَ وُضُوءٍ قَالَ وَبَقِيَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ ثُمَّ قَالَ لِأَبِي قَتَادَةَ احْفَظْ عَلَيْنَا مِيضَأَتَكَ فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ قَالَ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكِبْنَا مَعَهُ قَالَ فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَهْمِسُ إِلَى بَعْضٍ مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْنَا بِتَفْرِيطِنَا فِي صَلَاتِنَا ثُمَّ قَالَ أَمَا لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ ثُمَّ قَالَ أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا ثُمَّ قَالَ مَا تَرَوْنَ النَّاسَ صَنَعُوا قَالَ ثُمَّ قَالَ أَصْبَحَ النَّاسُ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَكُمْ لَمْ يَكُنْ لِيُخَلِّفَكُمْ وَقَالَ النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَإِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا قَالَ فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّاسِ حِينَ امْتَدَّ النَّهَارُ وَحَمِيَ كُلُّ شَيْءٍ وَهُمْ يَقُولُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْنَا عَطِشْنَا فَقَالَ لَا هُلْكَ عَلَيْكُمْ ثُمَّ قَالَ أَطْلِقُوا لِي غُمَرِي قَالَ وَدَعَا بِالْمِيضَأَةِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُبُّ وَأَبُو قَتَادَةَ يَسْقِيهِمْ فَلَمْ يَعْدُ أَنْ رَأَى النَّاسُ مَاءً فِي الْمِيضَأَةِ تَكَابُّوا عَلَيْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحْسِنُوا الْمَلَأَ كُلُّكُمْ سَيَرْوَى قَالَ فَفَعَلُوا فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُبُّ وَأَسْقِيهِمْ حَتَّى مَا بَقِيَ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثُمَّ صَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي اشْرَبْ فَقُلْتُ لَا أَشْرَبُ حَتَّى تَشْرَبَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا قَالَ فَشَرِبْتُ وَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَأَتَى النَّاسُ الْمَاءَ جَامِّينَ رِوَاءً قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ إِنِّي لَأُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ إِذْ قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ انْظُرْ أَيُّهَا الْفَتَى كَيْفَ تُحَدِّثُ فَإِنِّي أَحَدُ الرَّكْبِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ قَالَ قُلْتُ فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ حَدِّثْ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِحَدِيثِكُمْ قَالَ فَحَدَّثْتُ الْقَوْمَ فَقَالَ عِمْرَانُ لَقَدْ شَهِدْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَمَا شَعَرْتُ أَنَّ أَحَدًا حَفِظَهُ كَمَا حَفِظْتُهُ
عن عمران بن حصين.<br> قال: كنت مع نبي الله صلى الله عليه وسلم في مسير له.<br> فأدلجنا ليلتنا.<br> حتى إذا كان في وجه الصبح عرسنا.<br> فغلبتنا أعيننا...
عن أبي قتادة؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر، فعرس بليل، اضطجع على يمينه.<br> وإذا عرس قبيل الصبح، نصب ذراعه، ووضع رأسه على كفه...
عن أنس بن مالك؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها.<br> لا كفارة لها إلا ذلك".<br> قال قتادة: وأقم الصلاة لذكري.<b...
عن أنس بن مالك؛ قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم "من نسي صلاة أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها".<br>
عن أنس بن مالك؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها، فليصلها إذا ذكرها.<br> فإن الله يقول: أقم الصلاة لذكري"...
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنها قالت: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، في الحضر والسفر.<br> فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر.<br>
عن عروة بن الزبير؛ أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فرض الله الصلاة، حين فرضها، ركعتين.<br> ثم أتمها في الحضر.<br> فأقرت صلاة السفر على ال...
عن عائشة؛ أن الصلاة أول ما فرضت ركعتين.<br> فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر.<br> قال الزهري: فقلت لعروة: ما بال عائشة تتم في السفر؟ قال: إنها تأولت...
عن يعلى بن أمية؛ قال: قلت لعمر بن الخطاب: {ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} [٤/النساء/ الآية-١٠١] فقد أمن الناس! فقا...