2061-
عن عائشة، قالت: دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار، تغنيان بما تقاولت به الأنصار، يوم بعاث، قالت: وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا».
وحدثناه يحيى بن يحيى، وأبو كريب، جميعا عن أبي معاوية، عن هشام، بهذا الإسناد، وفيه: جاريتان تلعبان بدف
(جاريتان) الجارية هي فتية النساء.
أي شابتهن.
سميت بها لخفتها.
ثم توسعوا حتى سمعوا كل أمة جارية، وإن كانت غير شابة والمراد هنا معناها الأصلي.
(تقاولت به الأنصار يوم بعاث) وتقاولت معناها بما خاطب بعضهم بعضا في الحرب من الأشعار.
وبعاث اسم حصن للأوس، يصرف ولا يصرف، وترك صرفه هو الأشهر.
ويوم بعاث يوم جرت فيه بين قبيلتي الأنصار: الأوس والخزرج في الجاهلية، حرب.
وكان الظهور فيه للأوس.
ويطلق اليوم ويراد به الوقعة.
(وليستا بمغنيتين) معناه ليس الغناء عادة لهما.
ولا هما معروفتان به.
قال القاضي: إنما كان غناؤهما بما هو من أشعار الحرب والمفاخرة بالشجاعة والظهور والغلبة.
وهذا لا يهيج الجواري على شر.
ولا إنشادهما لذلك، من الغناء المختلف فيه.
وإنما هو رفع الصوت بالإنشاد.
ولهذا قالت: وليستا بمغنيتين.
أي ليستا ممن يغني بعادة المغنيات.
من التشويق والهوى، والتعريض بالفواحش، والتشبيب بأهل الجمال، وما يحرك النفوس ويبعث الهوى والغزل.
كما قيل: الغنا رقية الزنا.
وليستا أيضا ممن اشتهر وعرف بإحسان الغناء الذي فيه تمطيط وتكسير وعمل يحرك الساكن ويبعث الكامن.
ولا ممن اتخذ ذلك صنعة وكسبا.
والعرب تسمي الإنشاد غناء.
وليس هو من الغناء المختلف فيه.
بل هو مباح.
وقد استجازت الصحابة غناء العرب الذي هو مجرد الإنشاد والترنم.
وأجازوا الحداء.
وفعلوه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا كله إباحة مثل هذا وما في معناه.
وهذا ومثله ليس بحرام.
ولا يجرح الشاهد.
(أبمزموره الشيطان) هو بضم الميم الأولى وفتحها.
والضم أشهر.
ولم يذكر القاضي غيره.
ويقال أيضا: مزمار.
وأصله صوت بصفير.
والزمير الصوت الحسن، ويطلق على الغناء أيضا.
(بدف) هو بضم الدال وفتحها.
والضم أفصح وأشهر.
قال في المنجد: الدف آلة طرب.
وجمعه دفوف.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْلهَا : ( وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَار يَوْم بُعَاث قَالَتْ : وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ ) أَمَّا بُعَاث فَبِضَمِّ الْبَاء الْمُوَحَّدَة وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة وَيَجُوز صَرْفه وَتَرْك صَرْفه وَهُوَ الْأَشْهَر , وَهُوَ يَوْم جَرَتْ فِيهِ بَيْن قَبِيلَتَيْ الْأَنْصَار : الْأَوْس وَالْخَزْرَج فِي الْجَاهِلِيَّة حَرْب , وَكَانَ الظُّهُور فِيهِ لِلْأَوْسِ.
قَالَ الْقَاضِي : قَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنْ أَهْل اللُّغَة وَغَيْرهمْ : هُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة , وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة : بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَة , وَالْمَشْهُور الْمُهْمَلَة كَمَا قَدَّمْنَاهُ.
وَقَوْلهَا : وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ مَعْنَاهُ : لَيْسَ الْغِنَاء عَادَة لَهُمَا , وَلَا هُمَا مَعْرُوفَتَانِ بِهِ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْغِنَاء فَأَبَاحَهُ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْحِجَاز وَهِيَ رِوَايَة عَنْ مَالِك , وَحَرَّمَهُ أَبُو حَنِيفَة وَأَهْل الْعِرَاق , وَمَذْهَب الشَّافِعِيّ كَرَاهَته وَهُوَ الْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب مَالِك , وَاحْتَجَّ الْمُجَوِّزُونَ بِهَذَا الْحَدِيث وَأَجَابَ الْآخَرُونَ بِأَنَّ هَذَا الْغِنَاء إِنَّمَا كَانَ فِي الشَّجَاعَة وَالْقَتْل وَالْحِذْق فِي الْقِتَال وَنَحْو ذَلِكَ , مِمَّا لَا مَفْسَدَة فِيهِ , بِخِلَافِ الْغِنَاء الْمُشْتَمِل عَلَى مَا يَهِيج النُّفُوس عَلَى الشَّرّ , وَيَحْمِلهَا عَلَى الْبَطَالَة وَالْقَبِيح قَالَ الْقَاضِي : إِنَّمَا كَانَ غِنَاؤُهُمَا بِمَا هُوَ مِنْ أَشْعَار الْحَرْب وَالْمُفَاخَرَة بِالشَّجَاعَةِ وَالظُّهُور وَالْغَلَبَة , وَهَذَا لَا يُهَيِّج الْجَوَارِي عَلَى شَرٍّ وَلَا إِنْشَادهمَا لِذَلِكَ مِنْ الْغِنَاء الْمُخْتَلِف فِيهِ , وَإِنَّمَا هُوَ رَفْع الصَّوْت بِالْإِنْشَادِ , وَلِهَذَا قَالَتْ : وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ أَيْ لَيْسَتَا مِمَّنْ يَتَغَنَّى بِعَادَةِ الْمُغَنِّيَات مِنْ التَّشْوِيق وَالْهَوَى وَالتَّعْرِيض بِالْفَوَاحِشِ وَالتَّشْبِيب بِأَهْلِ الْجَمَال وَمَا يُحَرِّك النُّفُوس وَيَبْعَث الْهَوَى وَالْغَزْل كَمَا قِيلَ : ( الْغِنَاء فِيهِ الزِّنَا ) وَلَيْسَتَا أَيْضًا مِمَّنْ اِشْتُهِرَ وَعُرِفَ بِإِحْسَانِ الْغِنَاء الَّذِي فِيهِ تَمْطِيط وَتَكْسِير وَعَمَل يُحَرِّك السَّاكِن وَيَبْعَث الْكَامِن , وَلَا مِمَّنْ اِتَّخَذَ ذَلِكَ صَنْعَة وَكَسْبًا , وَالْعَرَب تُسَمِّي الْإِنْشَاد غِنَاء , وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْغِنَاء الْمُخْتَلَف فِيهِ بَلْ هُوَ مُبَاح , وَقَدْ اِسْتَجَازَتْ الصَّحَابَة غِنَاء الْعَرَب الَّذِي هُوَ مُجَرَّد الْإِنْشَاد وَالتَّرَنُّم , وَأَجَازُوا الْحُدَاء وَفَعَلُوهُ بِحَضْرَةِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي هَذَا كُلّه إِبَاحَة مِثْل هَذَا وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَهَذَا وَمِثْله لَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَا يَخْرُج الشَّاهِد.
قَوْله : ( أَبِمُزْمُورِ الشَّيْطَان ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيم الْأُولَى وَفَتْحهَا , وَالضَّمّ أَشْهَر , وَلَمْ يَذْكُر الْقَاضِي غَيْره.
وَيُقَال أَيْضًا : مِزْمَار بِكَسْرِ الْمِيم , وَأَصْله صَوْت بِصَفِيرٍ , وَالزِّمِّير الصَّوْت الْحَسَن , وَيُطْلَق عَلَى الْغِنَاء أَيْضًا.
قَوْله : ( أَبِمُزْمُورِ الشَّيْطَان فِي بَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِيهِ أَنَّ مَوَاضِع الصَّالِحِينَ وَأَهْل الْفَضْل تُنَزَّه عَنْ الْهَوَى وَاللَّغْو وَنَحْوه وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِثْم.
وَفِيهِ أَنَّ التَّابِع لِلْكَبِيرِ إِذَا رَأَى بِحَضْرَتِهِ مَا يَسْتَنْكِر أَوْ لَا يَلِيق بِمَجْلِسِ الْكَبِير يُنْكِرهُ وَلَا يَكُون بِهَذَا اِفْتِيَاتًا عَلَى الْكَبِير , بَلْ هُوَ أَدَب وَرِعَايَة حُرْمَة وَإِجْلَال لِلْكَبِيرِ مِنْ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَصِيَانَة لِمَجْلِسِهِ , وَإِنَّمَا سَكَتَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُنَّ لِأَنَّهُ مُبَاح لَهُنَّ وَتَسَجَّى بِثَوْبِهِ وَحَوَّلَ وَجْهه إِعْرَاضًا عَنْ اللَّهْو , وَلِئَلَّا يَسْتَحْيِينَ فَيَقْطَعْنَ مَا هُوَ مُبَاح لَهُنَّ , وَكَانَ هَذَا مِنْ رَأْفَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحِلْمه وَحُسْن خُلُقه.
قَوْله : ( جَارِيَتَانِ تَلْعَبَانِ بِدُفٍّ ) هُوَ بِضَمِّ الدَّال وَفَتْحهَا وَالضَّمّ أَفْصَح وَأَشْهَر فَفِيهِ مَعَ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَذَا عِيدنَا ) أَنَّ ضَرْب دُفّ الْعَرَب مُبَاح فِي يَوْم السُّرُور الظَّاهِر , وَهُوَ الْعِيد وَالْعُرْس وَالْخِتَان.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ قَالَتْ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَبِمَزْمُورِ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا و حَدَّثَنَاه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو كُرَيْبٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَفِيهِ جَارِيَتَانِ تَلْعَبَانِ بِدُفٍّ
عن عروة، عن عائشة، أن أبا بكر، دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى، تغنيان وتضربان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى بثوبه، فانتهرهما أبو بكر، فكش...
عن عروة بن الزبير، قال: قالت عائشة: «والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بحرابهم، في مسجد رسول الله صلى الل...
عن عائشة، قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان، تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش، وحول وجهه، فدخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمار ال...
عن عائشة، قالت: «جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد، فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم، فوضعت رأسي على منكبه، فجعلت أنظر إلى لعبهم، حتى كنت أنا التي أن...
عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، أخبرني عبيد بن عمير، أخبرتني عائشة، أنها قالت، للعابين: وددت أني أراهم، قالت: «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقمت...
عن أبي هريرة، قال: بينما الحبشة يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرابهم، إذ دخل عمر بن الخطاب، فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها، فقال له رسول الله...
عن عبد الله بن أبي بكر، أنه سمع عباد بن تميم، يقول: سمعت عبد الله بن زيد المازني، يقول: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى، فاستسقى، وحول رد...
عن عباد بن تميم، عن عمه، قال: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى، فاستسقى واستقبل القبلة، وقلب رداءه، وصلى ركعتين»
عن عبد الله بن زيد الأنصاري، قال «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم §خرج إلى المصلى يستسقي، وأنه لما أراد أن يدعو، استقبل القبلة، وحول رداءه»