2803- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة، ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد، قرن المنازل، ولأهل اليمن، يلملم، قال: «فهن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمن أهله، وكذا فكذلك، حتى أهل مكة يهلون منها»
(وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأهل المدينة، ذا الحليفة) أي جعل لهم ذلك الموضع ميقات الإحرام.
وذو الحليفة أبعد المواقيت من مكة.
بينهما نحو عشر مراحل أو تسع.
وهي قريبة من المدينة على نحو ستة أميال منها.
(ولأهل الشام والجحفة) هي ميقات لهم ولأهل مصر.
قيل: سميت بذلك لأن السيل أجحفها في وقت أي ذهب بأهلها.
ويقال لها: مهيعة.
وهي على ثلاث مراحل من مكة على طريق المدينة.
(ولأهل نجد قرن المنازل) وهو على نحو مرحلتين من مكة.
قالوا: وهو أقرب المواقيت إلى مكة.
(ولأهل اليمن يلملم) هو جبل من جبال تهامة، على مرحلتين من مكة.
(فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن) أي فهذه المواقيت لهذه الأقطار.
والمراد لأهلها ولمن مر عليها من غير أهلها.
وهن ضمير جماعة المؤنث.
وأصله لمن يعقل.
وقد استعمل فيما لا يعقل، كما في قوله تعالى: منها أربعة حرم فلا تظلموا فيهن أنفسكم.
أي في هذه الأربعة.
(فمن كان دونهن فمن أهله) هذا صريح في أن من كان مسكنه بين مكة والميقات فميقاته مسكنه.
ولا يلزمه الذهاب إلى الميقات، ولا يجوز له مجاوزة مسكنه بغير إحرام.
(وكذا فكذلك.
حتى أهل مكة يهلون منها) هكذا هو في جميع النسخ.
وهو صحيح.
ومعناه: وهكذا فهكذا.
من جاوز مسكنه الميقات حتى أهل مكة يهلون منها.
وقوله: حتى أهل مكة، برفع أهل على أن حتى ابتدائية.
فهو مبتدأ خبره يهلون.
ومعناه يحرمون.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( وَقَّتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَهْلِ الْمَدِينَة ذَا الْحُلَيْفَة وَلِأَهْلِ الشَّام الْجُحْفَة وَلِأَهْلِ نَجْد قَرْن ) هَكَذَا وَقَعَ فِي أَكْثَر النُّسَخ ( قَرْن ) مِنْ غَيْر أَلِف بَعْد النُّون , وَفِي بَعْضهَا ( قَرْنًا ) بِالْأَلِفِ , وَهُوَ الْأَجْوَد ; لِأَنَّهُ مَوْضِع , وَاسْم لِجَبَلٍ , فَوَجَبَ صَرْفه , وَاَلَّذِي وَقَعَ بِغَيْرِ أَلِف يُقْرَأ مُنَوَّنًا , وَإِنَّمَا حَذَفُوا الْأَلِف كَمَا جَرَتْ عَادَة بَعْض الْمُحَدِّثِينَ يَكْتُبُونَ يَقُول : سَمِعْت أَنَس بِغَيْرِ أَلِف , وَيُقْرَأ بِالتَّنْوِينِ , وَيَحْتَمِل عَلَى بُعْد أَنْ نَقْرَأ ( قَرْن ) مَنْصُوبًا بِغَيْرِ تَنْوِين وَيَكُون أَرَادَ بِهِ الْبُقْعَة , فَيُتْرَك صَرْفه.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْر أَهْلهنَّ ) قَالَ الْقَاضِي : كَذَا جَاءَتْ الرِّوَايَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرهمَا عِنْد أَكْثَر الرُّوَاة , قَالَ : وَوَقَعَ عِنْد بَعْض رُوَاة الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم : ( فَهُنَّ لَهُمْ ) وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْره , وَكَذَا ذَكَرَهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَة اِبْن أَبِي شَيْبَة , وَهُوَ الْوَجْه ; لِأَنَّهُ ضَمِير أَهْل هَذِهِ الْمَوَاضِع , قَالَ : وَوَجْه الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة أَنَّ الضَّمِير فِي ( لَهُنَّ ) عَائِد عَلَى الْمَوَاضِع وَالْأَقْطَار الْمَذْكُورَة , وَهِيَ الْمَدِينَة وَالشَّام وَالْيَمَن وَنَجْد , أَيْ : هَذِهِ الْمَوَاقِيت لِهَذِهِ الْأَقْطَار , وَالْمُرَاد لِأَهْلِهَا فَحَذَفَ الْمُضَاف وَأَقَامَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مَقَامه.
وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْر أَهْلهنَّ ) مَعْنَاهُ : أَنَّ الشَّامِيّ مَثَلًا إِذَا مَرَّ بِمِيقَاتِ الْمَدِينَة فِي ذَهَابه , لَزِمَهُ أَنْ يُحْرِم مِنْ مِيقَات الْمَدِينَة وَلَا يَجُوز لَهُ تَأْخِيره إِلَى مِيقَات الشَّام الَّذِي هُوَ الْجُحْفَة , وَكَذَا الْبَاقِي مِنْ الْمَوَاقِيت , وَهَذَا لَا خِلَاف فِيهِ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْر أَهْلهنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجّ وَالْعُمْرَة ) فِيهِ دَلَالَة لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيح فِيمَنْ مَرَّ بِالْمِيقَاتِ لَا يُرِيد حَجًّا وَلَا عُمْرَة أَنَّهُ لَا يَلْزَمهُ الْإِحْرَام لِدُخُولِ مَكَّة , وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَة وَاضِحَة , قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : وَفِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّ الْحَجّ عَلَى التَّرَاخِي لَا عَلَى الْفَوْر , وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَة وَاضِحَة فِي أَوَّل كِتَاب الْحَجّ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَمَنْ كَانَ دُونهنَّ فَمِنْ أَهْله ) هَذَا صَرِيح فِي أَنَّ مَنْ كَانَ مَسْكَنه بَيْن مَكَّة وَالْمِيقَات فَمِيقَاته مَسْكَنه , وَلَا يَلْزَمهُ الذَّهَاب إِلَى الْمِيقَات , وَلَا يَجُوز لَهُ مُجَاوَزَة مَسْكَنه بِغَيْرِ إِحْرَام.
هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة إِلَّا مُجَاهِدًا , فَقَالَ : مِيقَاته مَكَّة بِنَفْسِهَا.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَمَنْ كَانَ دُونهنَّ فَمِنْ أَهْله وَكَذَا فَكَذَلِكَ حَتَّى أَهْل مَكَّة يُهِلُّونَ مِنْهَا ) هَكَذَا فِي جَمِيع النُّسَخ وَهُوَ صَحِيح , وَمَعْنَاهُ : وَهَكَذَا فَهَكَذَا مَنْ جَاوَزَ مَسْكَنه الْمِيقَات حَتَّى أَهْل مَكَّة يُهِلُّونَ مِنْهَا , وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى هَذَا كُلّه , فَمَنْ كَانَ فِي مَكَّة مِنْ أَهْلهَا أَوْ وَارِدًا إِلَيْهَا وَأَرَادَ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ , فَمِيقَاته نَفْس مَكَّة وَلَا يَجُوز لَهُ تَرْك مَكَّة وَالْإِحْرَام بِالْحَجِّ مِنْ خَارِجهَا , سَوَاء الْحَرَم وَالْحِلّ هَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا , وَقَالَ بَعْض أَصْحَابنَا : يَجُوز لَهُ أَنْ يُحْرِم بِهِ مِنْ الْحَرَم , كَمَا يَجُوز مِنْ مَكَّة ; لِأَنَّ حُكْم الْحَرَم حُكْم مَكَّة , وَالصَّحِيح الْأَوَّل ; لِهَذَا الْحَدِيث , قَالَ أَصْحَابنَا : وَيَجُوز أَنْ يُحْرِم مِنْ جَمِيع نَوَاحِي مَكَّة بِحَيْثُ لَا يَخْرُج عَنْ نَفْس الْمَدِينَة وَسُورهَا , وَفِي الْأَفْضَل قَوْلَانِ : أَصَحّهمَا : مِنْ بَاب دَاره.
وَالثَّانِي : مِنْ الْمَسْجِد الْحَرَام تَحْت الْمِيزَاب.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَهَذَا كُلّه فِي إِحْرَام الْمَكِّيّ بِالْحَجِّ , وَالْحَدِيث إِنَّمَا هُوَ فِي إِحْرَامه بِالْحَجِّ , وَأَمَّا مِيقَات الْمَكِّيّ لِلْعُمْرَةِ فَأَدْنَى الْحِلّ ; لِحَدِيثِ عَائِشَة الْآتِي : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا فِي الْعُمْرَة أَنْ تَخْرُج إِلَى التَّنْعِيم , وَتُحْرِم بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ , وَ ( التَّنْعِيم ) فِي طَرَف الْحِلّ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو الرَّبِيعِ وَقُتَيْبَةُ جَمِيعًا عَنْ حَمَّادٍ قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ قَالَ فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمِنْ أَهْلِهِ وَكَذَا فَكَذَلِكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم،...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «§يهل أهل المدينة، من ذي الحليفة، وأهل الشام، من الجحفة، وأهل نجد، من قرن» قال عبد الل...
عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل الشام من الجحفة، ويهل أهل نجد من قرن» قا...
عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مهل أهل المدينة ذو الحليفة، ومهل أهل الشام م...
عن عبد الله بن دينار، أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المدينة أن يهلوا من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة،...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يسأل عن المهل؟ فقال: سمعت (ثم انتهى فقال: أراه يعني) النبي صلى الله عليه وسلم.<
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لبيك اللهم، لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان، إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة، أهل فقال: «لبيك اللهم، لبيك...
عن ابن شهاب، قال: فإن سالم بن عبد الله بن عمر، أخبرني عن أبيه رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل ملبدا، يقول: «لبيك اللهم، لبيك،...