3059- عن ابن عباس، قال: " قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة، وقد وهنتهم حمى يثرب، قال المشركون: إنه يقدم عليكم غدا قوم قد وهنتهم الحمى، ولقوا منها شدة، فجلسوا مما يلي الحجر، وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط، ويمشوا ما بين الركنين، ليرى المشركون جلدهم، فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم، هؤلاء أجلد من كذا وكذا " قال ابن عباس: «ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها، إلا الإبقاء عليهم»
(وهنتم حمى يثرب) أي أضعفتهم.
قال الفراء وغيره: يقال وهنته الحمى وغيرها وأوهنته، لغتان.
وأما يثرب، فهو الاسم الذي كان للمدينة في الجاهلية، وسميت في الإسلام: المدينة، فطيبة، فطابة.
(الحجر) هو داخل الحطيم.
وهو الحائط المستدير إلى جانب الكعبة من جهة الميزاب.
(ويمشوا ما بين الركنين) أي حيث لا تقع عليهم أعين المشركين.
فإنهم ما كانوا في تلك الجهة.
(جلدهم) الجلد: القوة والصبر.
(إلا الإبقاء عليم) أي الرفق بهم.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِب ) هُوَ بِتَخْفِيفِ الْهَاء أَيْ أَضْعَفَتْهُمْ.
قَالَ الْفَرَّاء وَغَيْره : يُقَال : وَهَنَتْهُ الْحُمَّى وَغَيْرهَا وَأَوْهَنَتْهُ لُغَتَانِ.
وَأَمَّا ( يَثْرِب ) فَهُوَ الِاسْم الَّذِي كَانَ لِلْمَدِينَةِ فِي الْجَاهِلِيَّة , وَسُمِّيَتْ فِي الْإِسْلَام ( الْمَدِينَة ) ( فَطِيبَة ) ( فَطَابَة ) قَالَ اللَّه تَعَالَى : { مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَة }.
{ وَمِنْ أَهْل الْمَدِينَة } { يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة } وَسَيَأْتِي بَسْط ذَلِكَ فِي آخِر كِتَاب الْحَجّ , حَيْثُ ذَكَرَ مُسْلِم أَحَادِيث الْمَدِينَة وَتَسْمِيَتهَا إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
قَوْله : ( وَأَمَرَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَة أَشْوَاط ) هَذَا تَصْرِيح بِجَوَازِ تَسْمِيَة الرَّمَل شَوْطًا , وَقَدْ نَقَلَ أَصْحَابنَا أَنَّ مُجَاهِد وَالشَّافِعِيّ كَرِهَا تَسْمِيَته شَوْطًا أَوْ دَوْرًا , بَلْ يُسَمَّى طَوْفَة , وَهَذَا الْحَدِيث ظَاهِر فِي أَنَّهُ لَا كَرَاهَة فِي تَسْمِيَته شَوْطًا , فَالصَّحِيح أَنَّهُ لَا كَرَاهَة فِيهِ.
قَوْله : ( وَلَمْ يَمْنَعهُ أَنْ يَأْمُرهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاط كُلّهَا إِلَّا الْإِبْقَاء عَلَيْهِمْ ) ( الْإِبْقَاء ) بِكَسْرِ الْهَمْزَة وَبِالْبَاءِ وَالْمُوَحَّدَة وَالْمَدّ أَيْ الرِّفْق بِهِمْ.
و حَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ قَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمْ الْحُمَّى وَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً فَجَلَسُوا مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ وَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَيَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ
عن ابن عباس، قال: «إنما سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورمل بالبيت، ليري المشركين قوته»
عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر، أنه قال: «لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح من البيت، إلا الركنين اليمانيين»
عن سالم، عن أبيه، قال: «لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم من أركان البيت إلا الركن الأسود، والذي يليه، من نحو دور الجمحيين»
عن عبد الله، «ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني»
عن ابن عمر، قال: «ما تركت استلام هذين الركنين اليماني، والحجر، مذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما، في شدة ولا رخاء»
عن نافع، قال: " رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده، ثم قبل يده، وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله "
عن ابن عباس، قال: «لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستلم غير الركنين اليمانيين»
عن ابن شهاب، عن سالم، أن أباه، حدثه قال: قبل عمر بن الخطاب الحجر، ثم قال: «أم والله، لقد علمت أنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقب...
عن ابن عمر، أن عمر، قبل الحجر، وقال: «إني لأقبلك وإني لأعلم أنك حجر، ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك»