3240- عن عائشة، قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت الكعبة، ولجعلتها على أساس إبراهيم، فإن قريشا حين بنت البيت استقصرت، ولجعلت لها خلفا»،وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب، قالا: حدثنا ابن نمير، عن هشام، بهذا الإسناد
(استقصرت) أي قصرت عن تمام بنائها واقتصرت على هذا القدر، لقصور النفقة بهم عن تمامها.
(خلفا) هذا هو الصحيح المشهور.
والمراد به باب من خلفها.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَوْلَا حَدَاثَة عَهْد قَوْمك بِالْكُفْرِ لَنَقَضْت الْكَعْبَة وَلَجَعَلْتهَا عَلَى أَسَاس إِبْرَاهِيم فَإِنَّ قُرَيْشًا حِين بَنَتْ الْبَيْت اِسْتَقْصَرَتْ وَلَجَعَلْتُ لَهَا خَلْفًا ) وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى اِقْتَصَرُوا عَلَى قَوَاعِد إِبْرَاهِيم , وَفِي الْأُخْرَى ( فَإِنَّ قُرَيْشًا اِقْتَصَرَتْهَا ) وَفِي الْأُخْرَى ( اسْتَقْصَرُوا مِنْ بُنْيَان الْبَيْت ) وَفِي الْأُخْرَى ( قَصَّرُوا فِي الْبِنَاء ) وَفِي الْأُخْرَى ( قَصُرَتْ بِهِمْ النَّفَقَة ).
قَالَ الْعُلَمَاء : هَذِهِ الرِّوَايَات كُلّهَا بِمَعْنًى وَاحِد , وَمَعْنَى اِسْتَقْصَرَتْ : قَصَّرَتْ عَنْ تَمَام بِنَائِهَا , وَاقْتَصَرَتْ عَلَى هَذَا الْقَدْر لِقُصُورِ النَّفَقَة بِهِمْ عَنْ تَمَامهَا.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِقَوَاعِد مِنْ الْأَحْكَام مِنْهَا : إِذَا تَعَارَضَتْ الْمَصَالِح أَوْ تَعَارَضَتْ مَصْلَحَة وَمَفْسَدَة وَتَعَذَّرَ الْجَمْع بَيْن فِعْل الْمَصْلَحَة وَتَرْك الْمَفْسَدَة بُدِئَ بِالْأَهَمِّ ; لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّ نَقْضَ الْكَعْبَة وَرَدَّهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَوَاعِد إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَصْلَحَة , وَلَكِنْ تُعَارِضهُ مَفْسَدَة أَعْظَم مِنْهُ , وَهِيَ خَوْف فِتْنَة بَعْض مَنْ أَسْلَمَ قَرِيبًا , وَذَلِكَ لِمَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ فَضْل الْكَعْبَة , فَيَرَوْنَ تَغْيِيرهَا عَظِيمًا , فَتَرَكَهَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمِنْهَا فِكْر وَلِي الْأَمْر فِي مَصَالِح رَعِيَّته , وَاجْتِنَابه مَا يَخَاف مِنْهُ تَوَلُّد ضَرَر عَلَيْهِمْ فِي دِينَ أَوْ دُنْيَا إِلَّا الْأُمُور الشَّرْعِيَّة كَأَخْذِ الزَّكَاة وَإِقَامَة الْحُدُود وَنَحْو ذَلِكَ.
وَمِنْهَا : تَأَلُّف قُلُوب الرَّعِيَّة وَحُسْن حِيَاطَتهمْ وَأَلَّا يَنْفِرُوا وَلَا يَتَعَرَّض لِمَا يَخَاف تَنْفِيرهمْ بِسَبَبِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَرْك أَمْر شَرْعِيّ كَمَا سَبَقَ , قَالَ الْعُلَمَاء : بُنِيَ الْبَيْت خَمْس مَرَّات بَنَتْهُ الْمَلَائِكَة , ثُمَّ إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة , وَحَضَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْبِنَاء , وَلَهُ خَمْس وَثَلَاثُونَ سَنَة , وَقِيلَ : خَمْس وَعِشْرُونَ , وَفِيهِ سَقَطَ عَلَى الْأَرْض حِين وَقَعَ إِزَاره , ثُمَّ بَنَاهُ اِبْن الزُّبَيْر , ثُمَّ الْحَجَّاج بْن يُوسُف , وَاسْتَمَرَّ إِلَى الْآن عَلَى بِنَاء الْحَجَّاج , وَقِيلَ : بُنِيَ مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا , وَقَدْ أَوْضَحْته فِي كِتَاب إِيضَاح الْمَنَاسِك الْكَبِير.
قَالَ الْعُلَمَاء : وَلَا يُغَيَّر عَنْ هَذَا الْبِنَاء , وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ هَارُون الرَّشِيد سَأَلَ مَالِك بْن أَنَس عَنْ هَدْمهَا وَرَدّهَا إِلَى بِنَاء اِبْن الزُّبَيْر ; لِلْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَة فِي الْبَاب , فَقَالَ مَالِك : نَاشَدْتُك اللَّه يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ أَلَّا تَجْعَل هَذَا الْبَيْت لُعْبَة لِلْمُلُوكِ لَا يَشَاء أَحَد إِلَّا نَقَضَهُ وَبَنَاهُ فَتَذْهَب هَيْبَته مِنْ صُدُور النَّاس.
وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَجَعَلْت لَهَا خَلْفًا ) هُوَ بِفَتْحِ الْخَاء الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان اللَّام وَبِالْفَاءِ , هَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور , وَالْمُرَاد بِهِ بَاب مِنْ خَلْفهَا , وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى ( وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا ) وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ قَالَ هِشَام : ( خَلْفًا ) يَعْنِي بَابًا.
وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى لِمُسْلِمٍ ( بَابَيْنِ أَحَدهمَا يُدْخَل مِنْهُ وَالْآخَر يُخْرَج مِنْهُ ) وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ ( وَلَجَعَلْت لَهَا خِلْفَيْنِ ) قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ ذَكَرَ الْحَرْبِيّ هَذَا الْحَدِيث هَكَذَا , وَضَبَطَهُ ( خِلْفَيْنِ ) بِكَسْرِ الْخَاء , وَقَالَ : الْخَالِفَة عَمُود فِي مُؤَخَّر الْبَيْت.
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ : خَلْفَيْنِ بِفَتْحِ الْخَاء , قَالَ الْقَاضِي : وَكَذَا ضَبَطْنَاهُ عَلَى شَيْخنَا أَبِي الْحُسَيْن , قَالَ : وَذَكَرَ الْهَرَوِيُّ عَنْ اِبْن الْأَعْرَابِيّ أَنَّ الْخَلْف الظَّهْر , وَهَذَا يُفَسِّر أَنَّ الْمُرَاد الْبَاب كَمَا فَسَّرَتْهُ الْأَحَادِيث الْبَاقِيَة.
وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ وَلَجَعَلْتُهَا عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّ قُرَيْشًا حِينَ بَنَتْ الْبَيْتَ اسْتَقْصَرَتْ وَلَجَعَلْتُ لَهَا خَلْفًا و حَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ
عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق، أخبر عبد الله بن عمر، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وس...
عن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية - أو قال: بكفر - لأنفقت كن...
عن سعيد يعني ابن ميناء، قال: سمعت عبد الله بن الزبير، يقول: حدثتني خالتي، يعني عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عائشة، لولا أن قومك...
عن عطاء، قال: لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية، حين غزاها أهل الشام، فكان من أمره ما كان، تركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم يريد أن يجرئهم - أو...
قال عبد الله ابن عبيد: وفد الحارث بن عبد الله على عبد الملك بن مروان في خلافته.<br> فقال عبد الملك: ما أظن أبا خبيب (يعني ابن الزبير) سمع من عائشة ما...
عن أبي قزعة، أن عبد الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت إذ قال: قاتل الله ابن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين، يقول: سمعتها تقول: قال رسول الله صلى ال...
عن عائشة، قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجدر أمن البيت هو؟ قال: «نعم»، قلت: فلم لم يدخلوه في البيت؟ قال: «إن قومك قصرت بهم النفقة»، قلت:...
عن عبد الله بن عباس، أنه قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجع...
عن ابن عباس، عن الفضل، أن امرأة من خثعم، قالت: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير، عليه فريضة الله في الحج، وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، فقال النب...