3308- عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه مغفر، فلما نزعه جاءه رجل، فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال: «اقتلوه»، فقال مالك: نعم
(مغفر) المغفر هو ما يلبس على الرأس من درع الحديد.
(اقتلوه) قال العلماء: إنما قتله لأنه كان ارتد عن الإسلام وقتل مسلما كان يخدمه.
وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ويسبه.
وكانت له قينتان تغنيان بهجاء النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّة عَام الْفَتْح وَعَلَى رَأْسه مِغْفَر ) , وَفِي رِوَايَة : ( وَعَلَيْهِ عِمَامَة سَوْدَاء بِغَيْرِ إِحْرَام ) وَفِي رِوَايَة : خَطَبَ النَّاس وَعَلَيْهِ عِمَامَة سَوْدَاء ) قَالَ الْقَاضِي : وَجْه الْجَمْع بَيْنهمَا أَنَّ أَوَّل دُخُوله كَانَ عَلَى رَأْسه الْمِغْفَر , ثُمَّ بَعْد ذَلِكَ كَانَ عَلَى رَأْسه الْعِمَامَة بَعْد إِزَالَة الْمِغْفَر , بِدَلِيلِ قَوْله : ( خَطَبَ النَّاس وَعَلَيْهِ عِمَامَة سَوْدَاء ) ; لِأَنَّ الْخُطْبَة إِنَّمَا كَانَتْ عِنْد بَاب الْكَعْبَة بَعْد تَمَام فَتْح مَكَّة , وَقَوْله : ( دَخَلَ مَكَّة بِغَيْرِ إِحْرَام ) هَذَا دَلِيل لِمَنْ يَقُول بِجَوَازِ دُخُول مَكَّة بِغَيْرِ إِحْرَام لِمَنْ لَمْ يُرِدْ نُسُكًا , سَوَاء كَانَ دُخُوله لِحَاجَةِ تُكَرَّر كَالْحَطَّابِ وَالْحَشَّاش وَالسَّقَّاء وَالصَّيَّاد وَغَيْرهمْ , أَمْ لَمْ تَتَكَرَّر كَالتَّاجِرِ وَالزَّائِر وَغَيْرهمَا , سَوَاء كَانَ آمِنًا أَوْ خَائِفًا , وَهَذَا أَصَحّ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ , وَبِهِ يُفْتِي أَصْحَابه , وَالْقَوْل الثَّانِي : لَا يَجُوز دُخُولهَا بِغَيْرِ إِحْرَام إِنْ كَانَتْ حَاجَته لَا تُكَرَّر إِلَّا أَنْ يَكُون مُقَاتِلًا أَوْ خَائِفًا مِنْ قِتَال , أَوْ خَائِفًا مِنْ ظَالِم لَوْ ظَهَرَ , وَنَقَلَ الْقَاضِي نَحْو هَذَا عَنْ أَكْثَر الْعُلَمَاء.
قَوْله : ( جَاءَهُ رَجُل فَقَالَ : اِبْن خَطَل مُتَعَلِّق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة فَقَالَ : اُقْتُلُوهُ ) قَالَ الْعُلَمَاء : إِنَّمَا قَتَلَهُ ; لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ اِرْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَام وَقَتَلَ مُسْلِمًا كَانَ يَخْدُمهُ , وَكَانَ يَهْجُو النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسُبّهُ , وَكَانَتْ لَهُ قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِهِجَاءِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ , فَإِنْ قِيلَ : فَفِي الْحَدِيث الْآخَر مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِد فَهُوَ آمِن , فَكَيْف قَتَلَهُ وَهُوَ مُتَعَلِّق بِالْأَسْتَارِ ؟ فَالْجَوَاب أَنَّهُ لَمْ يَدْخُل فِي الْأَمَان , بَلْ اِسْتَثْنَاهُ هُوَ وَابْن أَبِي سَرَح وَالْقَيْنَتَيْنِ وَأَمَرَ بِقَتْلِهِ , وَإِنْ وُجِدَ مُتَعَلِّقًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة , كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي أَحَادِيث أُخَر , وَقِيلَ : لِأَنَّهُ مِمَّنْ لَمْ يَفِ بِالشَّرْطِ , بَلْ قَاتَلَ بَعْد ذَلِكَ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث حُجَّة لِمَالِك وَالشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِمَا فِي جَوَاز إِقَامَة الْحُدُود وَالْقِصَاص فِي حَرَم مَكَّة , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة : لَا يَجُوز , وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ قَتَلَهُ فِي السَّاعَة الَّتِي أُبِيحَتْ لَهُ , وَأَجَابَ أَصْحَابنَا بِأَنَّهَا إِنَّمَا أُبِيحَتْ سَاعَة الدُّخُول حَتَّى اِسْتَوْلَى عَلَيْهَا , وَأَذْعَنَ لَهُ أَهْلهَا , وَإِنَّمَا قَتَلَ اِبْن خَطَل بَعْد ذَلِكَ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَاسْم اِبْن خَطَل : ( عَبْد الْعُزَّى ) , وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق : اِسْمه : ( عَبْد اللَّه ) وَقَالَ الْكَلْبِيّ : اِسْمه : ( غَالِب بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد مَنَافِ بْن أَسْعَد بْن جَابِر بْن كَثِير بْن تَيْم بْن غَالِب ) وَخَطَل : بِخَاءِ مُعْجَمَة وَطَاء مُهْمَلَة مَفْتُوحَتَيْنِ , قَالَ أَهْل السِّيَر : وَقِيلَ : سَعْد بْن حُرَيْث.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( قَرَأَتْ عَلَى مَالِك بْن أَنَس ) , وَفِي رِوَايَة : ( قُلْت لِمَالِكٍ : حَدَّثَك اِبْن شِهَاب عَنْ أَنَس ) ثُمَّ قَالَ فِي آخِر الْحَدِيث ( فَقَالَ : نَعَمْ ) , يَعْنِي فَقَالَ مَالِك , وَمَعْنَاهُ : أَحَدَّثَك اِبْن شِهَاب عَنْ أَنَس بِكَذَا ؟ فَقَالَ مَالِك : نَعَمْ حَدَّثَنِي بِهِ.
وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي مَوَاضِع كَثِيرَة مِثْل هَذِهِ الْعِبَارَة , وَلَا يَقُول فِي آخِره ( قَالَ : نَعَمْ ) وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي اِشْتِرَاط قَوْله : ( نَعَمْ ) فِي آخِر مِثْل هَذِهِ الصُّورَة , وَهِيَ إِذَا قَرَأَ عَلَى الشَّيْخ قَائِلًا : أَخْبَرَك فُلَان أَوْ نَحْوه , وَالشَّيْخ مُصْغٍ لَهُ فَاهِم لِمَا يَقْرَأ غَيْر مُنْكِر , فَقَالَ بَعْض الشَّافِعِيِّينَ وَبَعْض أَهْل الظَّاهِر : لَا يَصِحّ السَّمَاع إِلَّا بِهَا , فَإِنْ لَمْ يَنْطِق بِهَا لَمْ يَصِحّ السَّمَاع , وَقَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاء وَأَصْحَاب الْأُصُول : يُسْتَحَبّ قَوْله : ( نَعَمْ ) , وَلَا يُشْتَرَط نُطْقه بِشَيْءٍ , بَلْ يَصِحّ السَّمَاع مَعَ سُكُوته , وَالْحَالَة هَذِهِ اِكْتِفَاء بِظَاهِرِ الْحَال , فَإِنَّهُ لَا يَجُوز لِمُكَلَّفٍ أَنْ يُقِرّ عَلَى الْخَطَأ فِي مِثْل هَذِهِ الْحَالَة , قَالَ الْقَاضِي : هَذَا مَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة وَمَنْ قَالَ مِنْ السَّلَف : ( نَعَمْ ) إِنَّمَا قَالَهُ تَوْكِيدًا وَاحْتِيَاطًا لَا اِشْتِرَاطًا.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَمَّا الْقَعْنَبِيُّ فَقَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَمَّا قُتَيْبَةُ فَقَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ و قَالَ يَحْيَى وَاللَّفْظُ لَهُ قُلْتُ لِمَالِكٍ أَحَدَّثَكَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ اقْتُلُوهُ فَقَالَ مَالِكٌ نَعَمْ
عن جابر بن عبد الله الأنصاري، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة - وقال قتيبة: دخل يوم فتح مكة - وعليه عمامة سوداء بغير إحرام "، وفي رواية قتيب...
عن جابر بن عبد الله، «أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة، وعليه عمامة سوداء»
عن جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء»
عن جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه، قال: «كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وعليه عمامة سوداء، قد أرخى طرفيها بين كتفيه»، ولم يقل...
عن عباد بن تميم، عن عمه عبد الله بن زيد بن عاصم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراه...
عن رافع بن خديج، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن إبراهيم حرم مكة، وإني أحرم ما بين لابتيها» يريد المدينة
عن نافع بن جبير، أن مروان بن الحكم، خطب الناس، فذكر مكة وأهلها وحرمتها، ولم يذكر المدينة وأهلها وحرمتها، فناداه رافع بن خديج، فقال: «ما لي أسمعك ذكرت...
عن جابر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها، لا يقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها»
عن عامر بن سعد عن أبيه.<br> قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أحرم ما بين لابتي المدينة.<br> أن يقطع عضاهها.<br> أو يقتل صيدها".<br> وقال...