4009- عن أبي مسعود الأنصاري، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن»، حدثنا سفيان بن عيينة، كلاهما عن الزهري، بهذا الإسناد مثله، وفي حديث الليث، من رواية ابن رمح، أنه سمع أبا مسعود
(ومهر البغي) فهو ما تأخذه الزانية على الزنا.
وسماه مهرا لكونه على صورته.
وهو حرام بإجماع المسلمين.
(وحلوان الكاهن) هو ما يعطاه على كهانته.
يقال منه: حلوته حلوانا إذا أعطيته.
قال الهروي وغيره: أصله من الحلاوة.
شبه بالشيء الحلو من حيث إنه يأخذه سهلا بلا كلفة ولا مقابلة مشقة.
يقال: حلوته إذا أطعمته الحلو، كما يقال: عسلته إذا أطعمته العسل.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
أَمَّا ( مَهْر الْبَغِيّ ) فَهُوَ مَا تَأْخُذهُ الزَّانِيَة عَلَى الزِّنَا , وَسَمَّاهُ مَهْرًا لِكَوْنِهِ عَلَى صُورَته , وَهُوَ حَرَام بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَمَّا ( حُلْوَانِ الْكَاهِن ) فَهُوَ مَا يُعْطَاهُ عَلَى كِهَانَته.
يُقَال مِنْهُ : حَلَوْته حُلْوَانًا إِذَا أَعْطَيْته.
قَالَ الْهَرَوِيُّ وَغَيْره : أَصْله مِنْ الْحَلَاوَة شُبِّهَ بِالشَّيْءِ الْحُلْو مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَأْخُذهُ سَهْلًا بِلَا كُلْفَة , وَلَا فِي مُقَابَلَة مَشَقَّة.
يُقَال : حَلَوْته إِذَا أَطْعَمْته الْحُلْو , كَمَا يُقَال : عَسَلْته إِذَا أَطْعَمْته الْعَسَل.
قَالَ أَبُو عُبَيْد : وَيُطْلَق الْحُلْوَان أَيْضًا عَلَى غَيْر هَذَا.
وَهُوَ أَنْ يَأْخُذ الرَّجُل مَهْر اِبْنَته لِنَفْسِهِ , وَذَلِكَ عَيْب عِنْد النِّسَاء.
قَالَتْ اِمْرَأَة تَمْدَح زَوْجهَا : لَا يَأْخُذ الْحُلْوَان عَنْ بَنَاتنَا.
قَالَ الْبَغَوِيُّ مِنْ أَصْحَابنَا , وَالْقَاضِي عِيَاض : أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيم حُلْوَانِ الْكَاهِن ; لِأَنَّهُ عِوَض عَنْ مُحَرَّم , وَلِأَنَّهُ أَكَلَ الْمَال بِالْبَاطِلِ , وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيم أُجْرَة الْمُغَنِّيَة لِلْغِنَاءِ , وَالنَّائِحَة لِلنَّوْحِ.
وَأَمَّا الَّذِي جَاءَ فِي غَيْر صَحِيح مُسْلِم مِنْ النَّهْي عَنْ كَسْب الْإِمَاء فَالْمُرَاد بِهِ كَسْبهنَّ بِالزِّنَا وَشِبْهِهِ لَا بِالْغَزْلِ وَالْخِيَاطَة وَنَحْوهمَا.
وَقَالَ الْخَطَّابِيّ : قَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ : وَيُقَال حُلْوَانِ الْكَاهِن الشنع والصهميم.
قَالَ الْخَطَّابِيّ : وَحُلْوَان الْعَرَّاف أَيْضًا حَرَام.
قَالَ : وَالْفَرْق بَيْن الْكَاهِن وَالْعَرَّاف أَنَّ الْكَاهِن إِنَّمَا يَتَعَاطَى الْأَخْبَار عَنْ الْكَائِنَات فِي مُسْتَقْبَل الزَّمَان , وَيَدَّعِي مَعْرِفَة الْأَسْرَار , وَالْعَرَّاف هُوَ الَّذِي يَدَّعِي مَعْرِفَة الشَّيْء الْمَسْرُوق وَمَكَان الضَّالَّة وَنَحْوهمَا مِنْ الْأُمُور.
هَكَذَا ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيّ فِي مَعَالِم السُّنَن فِي كِتَاب الْبُيُوع , ثُمَّ ذَكَرَهُ فِي آخِر الْكِتَاب أَبْسَط مِنْ هَذَا فَقَالَ : إِنَّ الْكَاهِن هُوَ الَّذِي يَدَّعِي مُطَالَعَة عِلْم الْغَيْب , وَيُخْبِر النَّاس عَنْ الْكَوَائِن.
قَالَ : وَكَانَ فِي الْعَرَب كَهَنَة يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ كَثِيرًا مِنْ الْأُمُور ; فَمِنْهُمْ مَنْ يَزْعُم أَنَّ لَهُ رُفَقَاء مِنْ الْجِنّ وَتَابِعَة تُلْقِي إِلَيْهِ الْأَخْبَار , وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ يَسْتَدِرْك الْأُمُور بِفَهْمٍ أُعْطِيَهُ , وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يُسَمَّى عَرَّافًا وَهُوَ الَّذِي يَزْعُم أَنَّهُ يَعْرِف الْأُمُور بِمُقَدِّمَاتِ أَسْبَاب يُسْتَدَلّ بِهَا عَلَى مَوَاقِعهَا كَالشَّيْءِ يُسْرَق فَيَعْرِف الْمَظْنُون بِهِ السَّرِقَة , وَتَتَّهِم الْمَرْأَة بِالرِّيبَةِ فَيُعْرَف مِنْ صَاحِبهَا وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ الْأُمُور , وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُسَمِّي الْمُنَجِّم كَاهِنًا قَالَ : وَحَدِيث النَّهْي عَنْ إِتْيَان الْكُهَّان يَشْتَمِل عَلَى النَّهْي عَنْ هَؤُلَاءِ كُلّهمْ , وَعَلَى النَّهْي عَنْ تَصْدِيقهمْ وَالرُّجُوع إِلَى قَوْلهمْ , وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَدْعُو الطَّبِيب كَاهِنًا , وَرُبَّمَا سَمُّوهُ عَرَّافًا ; فَهَذَا غَيْر دَاخِل فِي النَّهْي.
هَذَا آخِر كَلَام الْخَطَّابِيّ.
قَالَ الْإِمَام أَبُو الْحَسَن الْمَاوَرْدِيّ مِنْ أَصْحَابنَا فِي آخِر كِتَابه الْأَحْكَام السُّلْطَانِيَّة : وَيَمْنَع الْمُحْتَسَب مَنْ يَكْتَسِب بِالْكِهَانَةِ وَاللَّهْو , وَيُؤَدِّب عَلَيْهِ الْآخِذ وَالْمُعْطِي.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا النَّهْي عَنْ ثَمَن الْكَلْب وَكَوْنه مِنْ شَرّ الْكَسْب وَكَوْنه خَبِيثًا فَيَدُلّ عَلَى تَحْرِيم بَيْعه , وَأَنَّهُ لَا يَصِحّ بَيْعه , وَلَا يَحِلّ ثَمَنه , وَلَا قِيمَة عَلَى مُتْلِفه سَوَاء كَانَ مُعَلَّمًا أَمْ لَا , وَسَوَاء كَانَ مِمَّا يَجُوز اِقْتِنَاؤُهُ أَمْ لَا , وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَرَبِيعَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحَكَم وَحَمَّاد وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَدَاوُد وَابْن الْمُنْذِر وَغَيْرهمْ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة : يَصِحّ بَيْع الْكِلَاب الَّتِي فِيهَا مَنْفَعَة , وَتَجِب الْقِيمَة عَلَى مُتْلِفهَا.
وَحَكَى اِبْن الْمُنْذِر عَنْ جَابِر وَعَطَاء وَالنَّخَعِيّ جَوَاز بَيْع كَلْب الصَّيْد دُون غَيْره.
وَعَنْ مَالِك رِوَايَات إِحْدَاهَا لَا يَجُوز بَيْعه , وَلَكِنْ تَجِب الْقِيمَة عَلَى مُتْلِفه.
وَالثَّانِيَة يَصِحّ بَيْعه , وَتَجِب الْقِيمَة.
وَالثَّالِثَة لَا يَصِحّ , وَلَا تَجِب الْقِيمَة عَلَى مُتْلِفه.
دَلِيل الْجُمْهُور هَذِهِ الْأَحَادِيث.
وَأَمَّا الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي النَّهْي عَنْ ثَمَن الْكَلْب إِلَّا كَلْب صَيْد وَفِي رِوَايَة ( إِلَّا كَلْبًا ضَارِيًا ) , وَأَنَّ عُثْمَان غَرَّمَ إِنْسَانًا ثَمَن كَلْب قَتَلَهُ عِشْرِينَ بَعِيرًا , وَعَنْ اِبْن عَمْرو بْن الْعَاصِ التَّغْرِيم فِي إِتْلَافه فَكُلّهَا ضَعِيفَة بِاتِّفَاقِ أَئِمَّة الْحَدِيث , وَقَدْ أَوْضَحْتهَا فِي شَرْح الْمُهَذَّب فِي بَاب مَا يَجُوز بَيْعه.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ و حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ح و حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَفِي حَدِيثِ اللَّيْثِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ رُمْحٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَسْعُودٍ
عن رافع بن خديج، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «شر الكسب مهر البغي، وثمن الكلب، وكسب الحجام»
عن رافع بن خديج، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وكسب الحجام خبيث»، عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد مثله، عن...
عن أبي الزبير، قال: سألت جابرا، عن ثمن الكلب والسنور؟ قال: «زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك»
عن ابن عمر، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب»
عن ابن عمر، قال: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، فأرسل في أقطار المدينة أن تقتل»
عن عبد الله، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بقتل الكلاب، فننبعث في المدينة وأطرافها فلا ندع كلبا إلا قتلناه، حتى إنا لنقتل كلب المرية من...
عن ابن عمر، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب، إلا كلب صيد، أو كلب غنم، أو ماشية»، فقيل لابن عمر: إن أبا هريرة يقول: «أو كلب زرع»، فقا...
عن جابر بن عبد الله، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله، ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم...
عن ابن المغفل، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، ثم قال: «ما بالهم وبال الكلاب؟»، ثم رخص في كلب الصيد، وكلب الغنم،حدثنا وهب بن جرير،...