4353- عن أنس بن مالك، أن ناسا من عرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فاجتووها، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة، فتشربوا من ألبانها وأبوالها»، ففعلوا، فصحوا، ثم مالوا على الرعاء، فقتلوهم وارتدوا عن الإسلام، وساقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث في أثرهم فأتي بهم، فقطع أيديهم، وأرجلهم، وسمل أعينهم، وتركهم في الحرة، حتى ماتوا
هذا الحديث أصل في عقوبة المحاربين.
وهو موافق لقوله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض.
قال القاضي عياض رضي الله عنه: واختلف العلماء في معنى حديث العرنيين هذا.
فقال بعض السلف: كان هذا قبل نزول الحدود وآية المحاربة والنهي عن المثلة.
فهو منسوخ.
وقيل: ليس منسوخا، وفيهم نزلت آية المحاربة.
(عرينة) قال في الفتح: عرينة حي من قضاعة وحي من بجيلة من قحطان.
والمراد هنا الثاني.
كذا ذكره موسى بن عقبة في المغازي.
(فاجتووها) معناه: استوخموها.
أي لم توافقهم وكرهوها لسقم أصابهم.
قالوا: وهو مشتق من الجوى، وهو داء في الجوف.
(ثم مالوا على الرعاة) وفي بعض الأصول المعتمدة: الرعاء.
وهما لغتان.
يقال: راع ورعاة كقاض وقضاة.
وراع ورعاء كصاحب وصحاب.
(وساقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي أخذوا إبله وقدموها أمامهم سائقين لها، طاردين.
(سمل أعينهم) هكذا هو في معظم النسخ: سمل.
وفي بعضها: سمر.
ومعنى سمل فقأها وأذهب ما فيها.
ومعنى سمر حلها بمسامير محمية.
وقيل: هما بمعنى.
(وتركهم في الحرة) هي أرض ذات حجارة سود معروفة بالمدينة.
وإنما ألقوا فيها لأنها قرب المكان الذي فعلوا فيه ما فعلوا.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَة ) هِيَ بِضَمِّ الْعَيْن الْمُهْمَلَة وَفَتْح الرَّاء وَآخِرهَا نُون ثُمَّ هَاء وَهِيَ قَبِيلَة مَعْرُوفَة.
قَوْله : ( قَدِمُوا الْمَدِينَة فَاجْتَوَوْهَا ) هِيَ بِالْجِيمِ وَالْمُثَنَّاة فَوْق , وَمَعْنَاهُ : اِسْتَوْخَمُوهَا كَمَا فَسَّرَهُ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى أَيْ : لَمْ تُوَافِقهُمْ , وَكَرِهُوهَا لِسَقَمٍ أَصَابَهُمْ , قَالُوا : وَهُوَ مُشْتَقّ مِنْ الْجَوَى , وَهُوَ دَاء فِي الْجَوْف.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى إِبِل الصَّدَقَة فَتَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانهَا وَأَبْوَالهَا فَافْعَلُوا فَصَحُّوا ) فِي هَذَا الْحَدِيث : أَنَّهَا إِبِل الصَّدَقَة , وَفِي غَيْر مُسْلِم : أَنَّهَا لِقَاح النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكِلَاهُمَا صَحِيح , فَكَانَ بَعْض الْإِبِل لِلصَّدَقَةِ , وَبَعْضهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَاسْتَدَلَّ أَصْحَاب مَالِك وَأَحْمَد بِهَذَا الْحَدِيث أَنَّ بَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه وَرَوْثه طَاهِرَانِ , وَأَجَابَ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ مِنْ الْقَائِلِينَ بِنَجَاسَتِهِمَا بِأَنَّ شُرْبهمْ الْأَبْوَال كَانَ لِلتَّدَاوِي , وَهُوَ جَائِز بِكُلِّ النَّجَاسَات سِوَى الْخَمْر وَالْمُسْكِرَات , فَإِنْ قِيلَ : كَيْف أَذِنَ لَهُمْ فِي شُرْب لَبَن الصَّدَقَة ؟ فَالْجَوَاب : أَنَّ أَلْبَانهَا لِلْمُحْتَاجِينَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَهَؤُلَاءِ إِذْ ذَاكَ مِنْهُمْ.
قَوْله : ( ثُمَّ مَالُوا عَلَى الرُّعَاة فَقَتَلُوهُمْ ) وَفِي بَعْض الْأُصُول الْمُعْتَمَدَة ( الرِّعَاء ) وَهُمَا لُغَتَانِ , يُقَال رَاعٍ وَرُعَاة كَقَاضٍ وَقُضَاة , وَرَاعٍ وَرِعَاء بِكَسْرِ الرَّاء وَبِالْمَدِّ , مِثْل : صَاحِب وَصِحَاب.
قَوْله : ( وَسَمَلَ أَعْيُنهمْ ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم النُّسَخ ( سَمَلَ ) بِاللَّامِ , وَفِي بَعْضهَا ( سَمَرَ ) بِالرَّاءِ وَالْمِيم مُخَفَّفَة , وَضَبَطْنَاهُ فِي بَعْض الْمَوَاضِع فِي الْبُخَارِيّ ( سَمَّرَ ) بِتَشْدِيدِ الْمِيم , وَمَعْنَى سَمَلَ بِاللَّامِ نَقَّاهَا وَأَذْهَب مَا فِيهَا , وَمَعْنَى سَمَّرَ بِالرَّاءِ : كَحَّلَهَا بِمَسَامِير مَحْمِيَّة , وَقِيلَ : هُمَا بِمَعْنًى.
و حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ كِلَاهُمَا عَنْ هُشَيْمٍ وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ وَحُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَاجْتَوَوْهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَتَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَفَعَلُوا فَصَحُّوا ثُمَّ مَالُوا عَلَى الرُّعَاةِ فَقَتَلُوهُمْ وَارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ وَسَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ فِي أَثَرِهِمْ فَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ وَتَرَكَهُمْ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا
عن أبي قلابة، حدثني أنس، أن نفرا من عكل ثمانية، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعوه على الإسلام، فاستوخموا الأرض، وسقمت أجسامهم، فشكوا ذلك...
عن أنس، قال: «إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك، لأنهم سملوا أعين الرعاء»
عن أنس بن مالك، أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها، فقتلها بحجر، قال: فجيء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبها رمق، فقال لها: «أقتلك فلان؟» فأشارت ب...
عن أنس، «أن رجلا من اليهود قتل جارية من الأنصار على حلي لها، ثم ألقاها في القليب، ورضخ رأسها بالحجارة، فأخذ، فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأم...
عن أنس بن مالك، «أن جارية وجد رأسها قد رض بين حجرين، فسألوها من صنع هذا بك؟ فلان؟ فلان؟ حتى ذكروا يهوديا، فأومت برأسها، فأخذ اليهودي فأقر، فأمر به رسو...
عن عمران بن حصين، قال: قاتل يعلى بن منية أو ابن أمية رجلا، فعض أحدهما صاحبه، فانتزع يده من فمه، فنزع ثنيته - وقال ابن المثنى: ثنيتيه - فاختصما إلى ال...
عن عمران بن حصين، أن رجلا عض ذراع رجل فجذبه، فسقطت ثنيته، فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأبطله، وقال: «أردت أن تأكل لحمه؟»
عن صفوان بن يعلى، أن أجيرا ليعلى بن منية عض رجل ذراعه، فجذبها فسقطت ثنيته، فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأبطلها، وقال: «أردت أن تقضمها كما يقضم...
عن عمران بن حصين، أن رجلا عض يد رجل، فانتزع يده، فسقطت ثنيته - أو ثناياه -، فاستعدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «...