حديث الرسول ﷺ الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

حديث في حد الخمر - صحيح مسلم

صحيح مسلم | كتاب الحدود باب حد الخمر (حديث رقم: 4457 )


4457- حدثنا حضين بن المنذر أبو ساسان، قال: شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين، ثم قال: أزيدكم، فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد آخر أنه رآه يتقيأ، فقال عثمان: إنه لم يتقيأ حتى شربها، فقال: يا علي، قم فاجلده، فقال علي: قم يا حسن فاجلده، فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها، فكأنه وجد عليه، فقال: يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده، فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين، فقال: أمسك، ثم قال: «جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين»، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، " وكل سنة، وهذا أحب إلي.
زاد علي بن حجر في روايته، قال إسماعيل: وقد سمعت حديث الداناج منه فلم أحفظه


(شهدت عثمان بن عفان وأتى بالوليد) أي حضرت عنده بالمدينة وهو خليفة.
والوليد هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط الذي أنزل فيه: إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا.
أتى به من الكوفة.
كان واليا عليها.
وكان شاربا سيء السيرة.
صلى بالناس الصبح أربعا وهو سكران.
ثم التفت إليهم فقال: أزيدكم؟ فقال أهل الصف الأول: ما زلنا في زيادة منذ وليتنا؟ لا زادك الله من الخير! وحصب الناس الوليد بحصباء المسجد.
فشاع ذلك في الكوفة، وجرى من الأحوال ما اضطر سيدنا عثمان إلى استحضاره.
(ول حارها من تولى قارها) الحار الشديد المكروه.
والقار البارد الهنيء الطيب.
وهذا مثل من أمثال العرب.
قال الأصمعي وغيره: معناه ول شدتها وأوساخها من تولى هنئتها ولذاتها.
والضمير عائد إلى الخلافة والولاية.
أي كما أن عثمان وأقاربه يتولون هنئ الخلافة ويختصون به - يتولون نكدها وقاذوراتها.
ومعناه ليتول هذا الجلد عثمان بنفسه أو بعض خاصة أقاربه الأدنين.
(وجد عليه) أي غضب عليه.

شرح حديث (حديث في حد الخمر)

شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)

‏ ‏قَوْله : ( وَكُلٌّ سُنَّةٌ ) ‏ ‏مَعْنَاهُ أَنَّ فِعْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْر سُنَّة يُعْمَل بِهَا , وَكَذَا فِعْل عُمَر , وَلَكِنَّ فِعْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْر أَحَبّ إِلَيَّ.
‏ ‏وَقَوْله : ( وَهَذَا أَحَبّ إِلَيَّ ) ‏ ‏إِشَارَة إِلَى الْأَرْبَعِينَ الَّتِي كَانَ جَلَدَهَا , وَقَالَ لِلْجَلَّادِ : أَمْسِكْ , وَمَعْنَاهُ هَذَا الَّذِي قَدْ جَلَدْته , وَهُوَ الْأَرْبَعُونَ أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ الثَّمَانِينَ.
وَفِيهِ : أَنَّ فِعْل الصَّحَابِيّ سُنَّة يُعْمَل بِهَا , وَهُوَ مُوَافِق لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّة الْخُلَفَاء الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ " وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏وَأَمَّا الْخَمْر فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيم شُرْب الْخَمْر , وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوب الْحَدّ عَلَى شَارِبهَا , سَوَاء شَرِبَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا , وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَل بِشُرْبِهَا , وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ هَكَذَا حَكَى الْإِجْمَاع فِيهِ التِّرْمِذِيّ وَخَلَائِق , وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - عَنْ طَائِفَة شَاذَّة أَنَّهُمْ قَالُوا : يُقْتَل بَعْد جَلْده أَرْبَع مَرَّات , لِلْحَدِيثِ الْوَارِد فِي ذَلِكَ , وَهَذَا الْقَوْل بَاطِل مُخَالِف لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَة فَمَنْ بَعْدهمْ , عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَل وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ أَكْثَر مِنْ أَرْبَع مَرَّات , وَهَذَا الْحَدِيث مَنْسُوخ , قَالَ جَمَاعَة : دَلَّ الْإِجْمَاع عَلَى نَسْخه , وَقَالَ بَعْضهمْ : نَسَخَهُ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَحِلّ دَم اِمْرِئٍ مُسْلِم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث : النَّفْس بِالنَّفْسِ , وَالثَّيِّب الزَّانِي , وَالتَّارِك لِدِينِهِ الْمُفَارِق لِلْجَمَاعَةِ ".
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي قَدْر حَدّ الْخَمْر , فَقَالَ الشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر وَدَاوُد وَأَهْل الظَّاهِر وَآخَرُونَ : حَدّه أَرْبَعُونَ , قَالَ الشَّافِعِيّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - : وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَبْلُغ بِهِ ثَمَانِينَ , وَتَكُون الزِّيَادَة عَلَى الْأَرْبَعِينَ تَعْزِيرَات عَلَى تَسَبُّبه فِي إِزَالَة عَقْله , وَفِي تَعَرُّضه لِلْقَذْفِ وَالْقَتْل , وَأَنْوَاع الْإِيذَاء , وَتَرْك الصَّلَاة , وَغَيْر ذَلِكَ , وَنَقَلَ الْقَاضِي عَنْ الْجُمْهُور مِنْ السَّلَف وَالْفُقَهَاء مِنْهُمْ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق - رَحِمَهُمْ اللَّه تَعَالَى - أَنَّهُمْ قَالُوا : حَدّه ثَمَانُونَ.
وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ الَّذِي اِسْتَقَرَّ عَلَيْهِ إِجْمَاع الصَّحَابَة , وَأَنَّ فِعْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِلتَّحْدِيدِ , وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَة الْأُولَى : نَحْو أَرْبَعِينَ , وَحُجَّة الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِ : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جَلَدَ أَرْبَعِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة , وَأَمَّا زِيَادَة عُمَر تَعْزِيرَات , وَالتَّعْزِير إِلَى رَأْي الْإِمَام إِنْ شَاءَ فَعَلَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَة فِي فِعْله وَتَرْكه , فَرَآهُ عُمَر فَفَعَلَهُ , وَلَمْ يَرَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَبُو بَكْر وَلَا عَلِيّ فَتَرَكُوهُ , وَهَكَذَا يَقُول الشَّافِعِيّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - : أَنَّ الزِّيَادَة إِلَى رَأْي الْإِمَام , وَأَمَّا الْأَرْبَعُونَ فَهِيَ الْحَدّ الْمُقَدَّر الَّذِي لَا بُدّ مِنْهُ , وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَة حَدًّا لَمْ يَتْرُكهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْر - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - وَلَمْ يَتْرُكهَا عَلِيّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - بَعْد فِعْل عُمَر , وَلِهَذَا قَالَ عَلِيّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - ( وَكُلٌّ سُنَّةٌ ) مَعْنَاهُ : الِاقْتِصَار عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَبُلُوغ الثَّمَانِينَ , فَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - هُوَ الظَّاهِر الَّذِي تَقْتَضِيه هَذِهِ الْأَحَادِيث , وَلَا يُشْكِل شَيْء مِنْهَا , ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ حَدّ الْحُرّ , فَأَمَّا الْعَبْد فَعَلَى النِّصْف مِنْ الْحُرّ كَمَا فِي الزِّنَا وَالْقَذْف.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
‏ ‏وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى أَنَّ الشَّارِب يُحَدّ , سَوَاء سَكِرَ أَمْ لَا.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَنْ شَرِبَ النَّبِيذ , وَهُوَ مَا سِوَى عَصِير الْعِنَب مِنْ الْأَنْبِذَة الْمُسْكِرَة , فَقَالَ الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَأَحْمَد - رَحِمَهُمْ اللَّه تَعَالَى - وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف : هُوَ حَرَام يُجْلَد فِيهِ كَجَلْدِ شَارِب الْخَمْر الَّذِي هُوَ عَصِير الْعِنَب , سَوَاء كَانَ يَعْتَقِد إِبَاحَته أَوْ تَحْرِيمه.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَالْكُوفِيُّونَ - رَحِمَهُمْ اللَّه تَعَالَى - : لَا يَحْرُم , وَلَا يُحَدّ شَارِبه , وَقَالَ أَبُو ثَوْر : هُوَ حَرَام يُجْلَد بِشُرْبِهِ مَنْ يَعْتَقِد تَحْرِيمه , دُون مَنْ يَعْتَقِد إِبَاحَته.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
‏ ‏قَوْله : ( عَنْ عَبْد اللَّه الدَّانَاج ) ‏ ‏هُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَة وَالنُّون وَالْجِيم , وَيُقَال أَيْضًا : ( الدَّانَا ) بِحَذْفِ الْجِيم و ( الدَّانَاه ) بِالْهَاءِ , وَمَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ : الْعَالِم.
‏ ‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا حُضَيْن بْن الْمُنْذِر ) ‏ ‏هُوَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَة , وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ حُضَيْن بِالْمُعْجَمَةِ غَيْره.
‏ ‏قَوْله : ( فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ أَحَدهمَا : حُمْرَان , أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْر , وَشَهِدَ آخَر أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأ , فَقَالَ عُثْمَان - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - : إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأ حَتَّى شَرِبَهَا ثُمَّ جَلَدَهُ ) ‏ ‏هَذَا دَلِيل لِمَالِكٍ وَمُوَافِقِيهِ فِي أَنَّ مَنْ تَقَيَّأَ الْخَمْر يُحَدّ حَدَّ الشَّارِب , وَمَذْهَبنَا أَنَّهُ لَا يُحَدّ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ ; لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ شَرِبَهَا جَاهِلًا كَوْنهَا خَمْرًا أَوْ مُكْرَهًا عَلَيْهَا أَوْ غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَعْذَار الْمُسْقِطَة لِلْحُدُودِ , وَدَلِيل مَالِك هُنَا قَوِيّ ; لِأَنَّ الصَّحَابَة اِتَّفَقُوا عَلَى جَلْد الْوَلِيد بْن عُقْبَة الْمَذْكُور فِي هَذَا الْحَدِيث , وَقَدْ يُجِيب أَصْحَابنَا عَنْ هَذَا بِأَنَّ عُثْمَان - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - عَلِمَ شُرْب الْوَلِيد فَقَضَى بِعِلْمِهِ فِي الْحُدُود , وَهَذَا تَأْوِيل ضَعِيف , وَظَاهِر كَلَام عُثْمَان يَرُدّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيل.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
‏ ‏قَوْله : ( إِنَّ عُثْمَان - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - قَالَ : يَا عَلِيّ قُمْ فَاجْلِدْهُ , فَقَالَ عَلِيّ : قُمْ يَا حَسَن فَاجْلِدْهُ , فَقَالَ حَسَن : وَلِّ حَارّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارّهَا , فَكَأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهِ , فَقَالَ : يَا عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر قُمْ فَاجْلِدْهُ , فَجَلَدَهُ وَعَلِيّ يَعُدّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ فَقَالَ : أَمْسَكَ ) ‏ ‏مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ الْحَدّ عَلَى الْوَلِيد بْن عُقْبَة , قَالَ عُثْمَان - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - وَهُوَ الْإِمَام لِعَلِيٍّ عَلَى سَبِيل التَّكْرِيم لَهُ وَتَفْوِيض الْأَمْر إِلَيْهِ فِي اِسْتِيفَاء الْحَدّ : قُمْ فَاجْلِدْهُ , أَيْ أَقِمْ عَلَيْهِ الْحَدّ بِأَنْ تَأْمُر مَنْ تَرَى بِذَلِكَ.
فَقَبِلَ عَلِيّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - ذَلِكَ , فَقَالَ لِلْحَسَنِ : قُمْ فَاجْلِدْهُ , فَامْتَنَعَ الْحَسَن , فَقَالَ لِابْنِ جَعْفَر , فَقَبِلَ فَجَلَدَهُ , وَكَانَ عَلِيّ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّفْوِيض إِلَى مَنْ رَأَى كَمَا ذَكَرْنَاهُ.
وَقَوْله : ( وَجَدَ ) عَلَيْهِ أَيْ غَضِبَ عَلَيْهِ.
‏ ‏وَقَوْله : ( وَلِّ حَارّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارّهَا ) الْحَارّ الشَّدِيد الْمَكْرُوه , وَالْقَارّ : الْبَارِد الْهَنِيء الطَّيِّب , وَهَذَا مَثَل مِنْ أَمْثَال الْعَرَب , قَالَ الْأَصْمَعِيّ وَغَيْره مَعْنَاهُ : وَلِّ شِدَّتهَا وَأَوْسَاخهَا مَنْ تَوَلَّى هَنِيئَهَا وَلَذَّاتهَا.
الضَّمِير عَائِد إِلَى الْخِلَافَة وَالْوِلَايَة , أَيْ كَمَا أَنَّ عُثْمَان وَأَقَارِبه يَتَوَلَّوْنَ هَنِيء الْخِلَافَة وَيَخْتَصُّونَ بِهِ , يَتَوَلَّوْنَ نَكِدهَا وَقَاذُورَاتهَا.
وَمَعْنَاهُ : لِيَتَوَلَّ هَذَا الْجَلْد عُثْمَان بِنَفْسِهِ أَوْ بَعْض خَاصَّة أَقَارِبه الْأَدْنِينَ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
‏ ‏قَوْله : ( قَالَ : أَمْسِكْ , ثُمَّ قَالَ : وَكُلٌّ سُنَّةٌ ) هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - كَانَ مُعَظِّمًا لِآثَارِ عُمَر , وَأَنَّ حُكْمه وَقَوْله سُنَّة , وَأَمْره حَقّ , وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْر - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - خِلَاف مَا يُكَذِّبهُ الشِّيعَة عَلَيْهِ.
‏ ‏وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا فِي مُسْلِم مَا ظَاهِره أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ الْوَلِيد بْن عُقْبَة أَرْبَعِينَ , وَوَقَعَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ مِنْ رِوَايَة عَبْد اللَّه بْن عَدِيّ بْن الْخِيَار أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ ثَمَانِينَ , وَهِيَ قَضِيَّة وَاحِدَة.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : الْمَعْرُوف مِنْ مَذْهَب عَلِيّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - الْجَلْد فِي الْخَمْر ثَمَانِينَ , وَمِنْهُ قَوْله : ( فِي قَلِيل الْخَمْر وَكَثِيرهَا ثَمَانُونَ جَلْدَة ) وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ جَلَدَ الْمَعْرُوف بِالنَّجَاشِيِّ ثَمَانِينَ , قَالَ : وَالْمَشْهُور أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى عُمَر بِإِقَامَةِ الْحَدّ ثَمَانِينَ كَمَا سَبَقَ عَنْ رِوَايَة الْمُوَطَّأ وَغَيْره , قَالَ : وَهَذَا كُلّه يُرَجِّح رِوَايَة مَنْ رَوَى أَنَّهُ جَلَدَ الْوَلِيد ثَمَانِينَ , قَالَ : وَيُجْمَع بَيْنه وَبَيْن مَا ذَكَرَهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَة الْأَرْبَعِينَ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ جَلَدَهُ بِسَوْطٍ لَهُ رَأْسَانِ فَضَرَبَهُ بِرَأْسِهِ أَرْبَعِينَ , فَتَكُون جُمْلَتهَا ثَمَانِينَ , قَالَ : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون قَوْله : ( وَهَذَا أَحَبّ إِلَيَّ ) عَائِد إِلَى الثَّمَانِينَ الَّتِي فَعَلَهَا عُمَر - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - , فَهَذَا كَلَام الْقَاضِي , وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا يُخَالِف بَعْض مَا قَالَهُ , وَذَكَرْنَا تَأْوِيله , وَاللَّهُ أَعْلَم.


حديث جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين وجلد أبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏و حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ‏ ‏وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ‏ ‏وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ‏ ‏قَالُوا حَدَّثَنَا ‏ ‏إِسْمَعِيلُ وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ الدَّانَاجِ ‏ ‏ح ‏ ‏و حَدَّثَنَا ‏ ‏إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ‏ ‏وَاللَّفْظُ لَهُ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَيْرُوزَ ‏ ‏مَوْلَى ‏ ‏ابْنِ عَامِرٍ الدَّانَاجِ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏حُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَبُو سَاسَانَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏شَهِدْتُ ‏ ‏عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ‏ ‏وَأُتِيَ ‏ ‏بِالْوَلِيدِ ‏ ‏قَدْ صَلَّى الصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ أَزِيدُكُمْ فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا حُمْرَانُ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ فَقَالَ ‏ ‏عُثْمَانُ ‏ ‏إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْ حَتَّى شَرِبَهَا فَقَالَ يَا ‏ ‏عَلِيُّ ‏ ‏قُمْ فَاجْلِدْهُ فَقَالَ ‏ ‏عَلِيٌّ ‏ ‏قُمْ يَا ‏ ‏حَسَنُ ‏ ‏فَاجْلِدْهُ فَقَالَ ‏ ‏الْحَسَنُ ‏ ‏وَلِّ ‏ ‏حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا فَكَأَنَّهُ ‏ ‏وَجَدَ عَلَيْهِ ‏ ‏فَقَالَ يَا ‏ ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ ‏ ‏قُمْ فَاجْلِدْهُ فَجَلَدَهُ ‏ ‏وَعَلِيٌّ ‏ ‏يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ فَقَالَ أَمْسِكْ ‏ ‏ثُمَّ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏جَلَدَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَرْبَعِينَ ‏ ‏وَجَلَدَ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏أَرْبَعِينَ ‏ ‏وَعُمَرُ ‏ ‏ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ ‏ ‏زَادَ ‏ ‏عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ‏ ‏فِي رِوَايَتِهِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏إِسْمَعِيلُ ‏ ‏وَقَدْ سَمِعْتُ حَدِيثَ ‏ ‏الدَّانَاجِ ‏ ‏مِنْهُ فَلَمْ أَحْفَظْهُ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

أحاديث أخرى من صحيح مسلم

حديث في التعوذ من شر الفتن

عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يدعو بهؤلاء الدعوات: «اللهم فإني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، ومن شر فتن...

سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية ينكح...

عن ابن جريج، قال: سمعت ابن أبي مليكة، يقول: قال ذكوان، مولى عائشة، سمعت عائشة تقول: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية ينكحها أهلها، أتستأمر...

إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به فإني لن أكذب على...

عن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال: مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم على رءوس النخل، فقال: «ما يصنع هؤلاء؟» فقالوا: يلقحونه، يجعلون الذكر في الأنث...

(سبخة) قال النووي هي بفتح السين والباء، وهي الأرض...

عن أنس بن مالك، قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: لو أتيت عبد الله بن أبي، قال: «فانطلق إليه وركب حمارا وانطلق المسلمون وهي أرض سبخة»، فلما أتاه النب...

لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه إلا دخلت ال...

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لنسوة من الأنصار: «لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه، إلا دخلت الجنة» فقالت امرأة منهن: أو اث...

لقيه رجل فسلم عليه فلم يرد رسول الله ﷺ عليه

عن عمير، مولى ابن عباس، أنه سمعه يقول: أقبلت أنا وعبد الرحمن بن يسار، مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.<br> حتى دخلنا على أبي الجهم بن الحارث...

إي الصلاة أفضل قال طول القنوت

عن جابر، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الصلاة أفضل؟ قال: «طول القنوت».<br> قال أبو بكر: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش

ماشعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون

عن عائشة رضي الله عنها؛ أنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربع مضين من ذي الحجة، أو خمس.<br> فدخل علي وهو غضبان.<br> فقلت: من أغضبك، يا رسو...

عن النبي ﷺ قال الله عز وجل سبقت رحمتي غضبي

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: «سبقت رحمتي غضبي»