4622- عن أبي هريرة، قال: وفدت وفود إلى معاوية وذلك في رمضان، فكان يصنع بعضنا لبعض الطعام، فكان أبو هريرة مما يكثر أن يدعونا إلى رحله، فقلت: ألا أصنع طعاما فأدعوهم إلى رحلي؟ فأمرت بطعام يصنع، ثم لقيت أبا هريرة من العشي، فقلت: الدعوة عندي الليلة، فقال: سبقتني، قلت: نعم، فدعوتهم، فقال أبو هريرة: ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معشر الأنصار، ثم ذكر فتح مكة، فقال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم مكة، فبعث الزبير على إحدى المجنبتين، وبعث خالدا على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسر، فأخذوا بطن الوادي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة، قال: فنظر فرآني، فقال أبو هريرة: قلت: لبيك يا رسول الله، فقال: «لا يأتيني إلا أنصاري» - زاد غير شيبان -، فقال: «اهتف لي بالأنصار»، قال: فأطافوا به، ووبشت قريش أوباشا لها، وأتباعا، فقالوا: نقدم هؤلاء، فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ترون إلى أوباش قريش، وأتباعهم»، ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى، ثم قال: «حتى توافوني بالصفا»، قال: فانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل أحدا إلا قتله، وما أحد منهم يوجه إلينا شيئا، قال: فجاء أبو سفيان، فقال: يا رسول الله، أبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، ثم قال: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن»، فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته، ورأفة بعشيرته، قال أبو هريرة: وجاء الوحي وكان إذا جاء الوحي لا يخفى علينا، فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينقضي الوحي، فلما انقضى الوحي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الأنصار» قالوا: لبيك يا رسول الله، قال: " قلتم: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته؟ " قالوا: قد كان ذاك، قال: «كلا، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، والمحيا محياكم والممات مماتكم»، فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله، ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله وبرسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ورسوله يصدقانكم، ويعذرانكم»، قال: فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان، وأغلق الناس أبوابهم، قال: وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل إلى الحجر، فاستلمه ثم طاف بالبيت، قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه، قال: وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوس وهو آخذ بسية القوس، فلما أتى على الصنم جعل يطعنه في عينه، ويقول: {جاء الحق وزهق الباطل} [الإسراء: 81]، فلما فرغ من طوافه أتى الصفا، فعلا عليه حتى نظر إلى البيت، ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو، حدثنا سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد وزاد في الحديث، ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى «احصدوهم حصدا»، وقال في الحديث: قالوا: قلنا ذاك يا رسول الله، قال: " فما اسمي إذا؟ كلا إني عبد الله ورسوله
(المجنبتين) هما الميمنة والميسرة، ويكون القلب بينهما.
(الحسر) أي الذين لا دروع لهم.
(فأخذوا بطن الوداي) أي جعلوا طريقهم في بطن الوادي.
(في كتيبة) الكتيبة القطعة العظيمة من الجيش.
(اهتف لي بالأنصار) أي صح بهم وادعهم لي.
(فأطافوا به) أي فجاءوا وأحاطوا به.
وإنما خصهم لثقته بهم، ورفعا لمراتبهم، وإظهارا لجلالتهم وخصوصيتهم.
(ووبشت قريش أوباشا لها) أي جمعت جموعا من قبائل شتى.
(ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى) فيه إطلاق القول على الفعل.
أي أشار إلى هيئتهم المجتمعة.
(فما شاء أحد منا .
الخ) أي لا يدفع أحد منهم عن نفسه.
(أبيحت خضراء قريش) كذا في هذه الرواية: أبيحت.
وفي التي بعدها: أبيت.
وهما متقاربتان.
أي استؤصلت قريش بالقتل وأفنيت.
وخضراؤهم بمعنى جماعتهم.
ويعبر عن الجماعة المجتمعة بالسواد والخضرة.
ومنه السواد الأعظم.
(فقالت الأنصار بعضهم لبعض) معنى هذا أنهم رأوا رأفة النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مكة وكف القتل عنهم، فظنوا أنه يرجع إلى سكنى مكة والمقام فيها دائما، ويرحل عنهم ويهجر المدينة.
فشق ذلك عليهم.
فأوحى الله تعالى إليه صلى الله عليه وسلم فأعلمهم بذلك.
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: قلتم كذا وكذا.
قالوا: نعم.
قد قلنا هذا.
(كلا) معنى كلا، هنا، حقا.
ولها معنيان أحدهما حقا والآخر النفي.
(هاجرت إلى الله وإليكم .
الخ) معناه أني هاجرت إلى الله تعالى وإلى دياركم لاستيطانها.
فلا أتركها ولا أرجع عن هجرتي الواقعة لله تعالى.
بل أنا ملازم لكم.
المحيا محياكم والممات مماتكم.
أي لا أحيا إلا عندكم ولا أموت إلا عندكم.
فلما قال لهم هذا بكوا واعتذروا.
وقالوا: والله! ما قلنا كلامنا السابق إلا حرصا عليك وعلى مصاحبتك ودوامك عندنا.
لنستفيد منك ونتبرك بك وتهدينا الصراط المستقيم.
(إلا الضن) هو الشح.
(بسية القوس) أي بطرفها المنحني.
قال في المصباح: هي خفيفة الياء ولا مها محذوفة.
وترد في النسبة فيقال: سيوي.
والهاء عوض عنها.
ويقال لسيتها العليا يدها، ولسيتها السفلى رجلها.
(فما اسمي إذا .
الخ) قال القاضي: يحتمل هذا وجهين: أحدهما أنه أراد صلى الله عليه وسلم أنه نبي لإعلامي إياكم بما تحدثتم به سرا.
والثاني لو فعلت هذا الذي خفتم منه، وفارقتكم، ورجعت إلى استيطان مكة لكنت ناقضا لعهدكم في ملازمتكم، ولكان هذا غير مطابق لما اشتق منه اسمي وهو الحمد.
فإني كنت أوصف حينئذ بغير الحمد.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( فَبَعَثَ الزُّبَيْر عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ ) هِيَ بِضَمِّ الْمِيم وَفَتْح الْجِيم وَكَسْر النُّون وَهُمَا الْمَيْمَنَة وَالْمَيْسَرَة , وَيَكُون الْقَلْب بَيْنهمَا , ( وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَة عَلَى الْحُسَّر ) وَهُوَ بِضَمِّ الْحَاء وَتَشْدِيد السِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ : أَيْ الَّذِينَ لَا دُرُوع عَلَيْهِمْ.
قَوْله : ( فَأَخَذُوا بَطْن الْوَادِي ) أَيْ جَعَلُوا طَرِيقهمْ فِي بَطْن الْوَادِي.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اِهْتِفْ لِي بِالْأَنْصَارِ ) أَيْ اُدْعُهُمْ لِي.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَأْتِينِي إِلَّا أَنْصَارِيّ , ثُمَّ قَالَ : فَأَطَافُوا ) إِنَّمَا خَصَّهُمْ لِثِقَتِهِ بِهِمْ , وَرَفْعًا لِمَرَاتِبِهِمْ , وَإِظْهَارًا لِجَلَالَتِهِمْ وَخُصُوصِيَّتهمْ.
قَوْله : ( وَوَبَّشَتْ قُرَيْش أَوْبَاشًا لَهَا ) أَيْ جَمَعَتْ جُمُوعًا مِنْ قَبَائِل شَتَّى , وَهُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة الْمُشَدَّدَة وَالشِّين الْمُعْجَمَة.
قَوْله : ( فَمَا شَاءَ أَحَد مِنَّا أَنْ يَقْتُل أَحَدًا إِلَّا قَتَلَهُ وَمَا أَحَد مِنْهُمْ يُوَجِّه إِلَيْنَا شَيْئًا ) أَيْ لَا يَدْفَع أَحَد عَنْ نَفْسه.
قَوْله : ( قَالَ أَبُو سُفْيَان : أُبِيحَتْ خَضْرَاء قُرَيْش , لَا قُرَيْش بَعْد الْيَوْم ) كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة ( أُبِيحَتْ ) وَفِي الَّتِي بَعْدهَا ( أُبِيدَتْ ) وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ أَيْ اُسْتُؤْصِلَتْ قُرَيْش بِالْقَتْلِ وَأُفْنِيَتْ , وَخَضْرَاؤُهُمْ بِمَعْنَى : جَمَاعَتهمْ , وَيُعَبَّر عَنْ الْجَمَاعَة الْمُجْتَمِعَة بِالسَّوَادِ وَالْخُضْرَة وَمِنْهُ السَّوَاد الْأَعْظَم.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ دَخَلَ دَار أَبِي سُفْيَان فَهُوَ آمِن ) , اِسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقُوهُ عَلَى أَنَّ دُور مَكَّة مَمْلُوكَة يَصِحّ بَيْعهَا وَإِجَارَتهَا ; لِأَنَّ أَصْل الْإِضَافَة إِلَى الْآدَمِيِّينَ تَقْتَضِي الْمِلْك , وَمَا سِوَى ذَلِكَ مَجَاز , وَفِيهِ تَأْلِيف لِأَبِي سُفْيَان , وَإِظْهَار لِشَرَفِهِ.
قَوْله : ( فَقَالَتْ الْأَنْصَار بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : أَمَّا الرَّجُل فَأَدْرَكْته رَغْبَة فِي قَرْيَته , وَرَأْفَة بِعَشِيرَتِهِ وَذَكَرَ نُزُول الْوَحْي فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مَعْشَر الْأَنْصَار , قَالُوا : لَبَّيْكَ يَا رَسُول اللَّه , قَالَ : قُلْتُمْ : أَمَّا الرَّجُل فَأَدْرَكْته رَغْبَة فِي قَرْيَته وَرَأْفَة بِعَشِيرَتِهِ , قَالُوا : قَدْ كَانَ ذَلِكَ , قَالَ : كَلَّا إِنِّي عَبْد اللَّه وَرَسُوله هَاجَرْت إِلَى اللَّه وَإِلَيْكُمْ , الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ , وَالْمَمَات مَمَاتكُمْ , فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ : وَاَللَّه مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلَّا الضِّنّ بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّه وَرَسُوله يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذُرَانِكُمْ ) , مَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَة : أَنَّهُمْ رَأَوْا رَأْفَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَهْلِ مَكَّة وَكَفّ الْقَتْل عَنْهُمْ , فَظَنُّوا أَنَّهُ يَرْجِع إِلَى سُكْنَى مَكَّة وَالْمُقَام فِيهَا دَائِمًا , وَيَرْحَل عَنْهُمْ وَيَهْجُر الْمَدِينَة , فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , فَأَوْحَى اللَّه تَعَالَى إِلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ , فَقَالَ لَهُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ قَالُوا : نَعَمْ قَدْ قُلْنَا هَذَا , فَهَذِهِ مُعْجِزَة مِنْ مُعْجِزَات النُّبُوَّة , فَقَالَ : كَلَّا إِنِّي عَبْد اللَّه وَرَسُوله , مَعْنَى ( كَلَّا ) هُنَا حَقًّا , وَلَهَا مَعْنَيَانِ : أَحَدهمَا : حَقًّا , وَالْآخَر : النَّفْي.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي عَبْد اللَّه وَرَسُوله ) فَيَحْتَمِل وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنِّي رَسُول اللَّه حَقًّا فَيَأْتِينِي الْوَحَى وَأُخْبِر بِالْمَغِيبَاتِ كَهَذِهِ الْقَضِيَّة وَشَبَههَا , فَثِقُوا بِمَا أَقُول لَكُمْ وَأُخْبِركُمْ بِهِ فِي جَمِيع الْأَحْوَال , وَالْآخَر لَا تُفْتَنُوا بِإِخْبَارِي إِيَّاكُمْ بِالْمَغِيبَاتِ وَتُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ , فَإِنِّي عَبْد اللَّه وَرَسُوله.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَاجَرْت إِلَى اللَّه وَإِلَيْكُمْ الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَات مَمَاتكُمْ ) فَمَعْنَاهُ : أَنِّي هَاجَرْت إِلَى اللَّه وَإِلَى دِيَاركُمْ لِاسْتِيطَانِهَا فَلَا أَتْرُكهَا , وَلَا أَرْجِع عَنْ هِجْرَتِي الْوَاقِعَة لِلَّهِ تَعَالَى , بَلْ أَنَا مُلَازِم لَكُمْ ( الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَات مَمَاتكُمْ ) أَيْ : لَا أَحْيَا إِلَّا عِنْدكُمْ وَلَا أَمُوت إِلَّا عِنْدكُمْ , وَهَذَا أَيْضًا مِنْ الْمُعْجِزَات , فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ هَذَا بَكَوْا وَاعْتَذَرُوا , قَالُوا : وَاَللَّه مَا قُلْنَا كَلَامنَا السَّابِق إِلَّا حِرْصًا عَلَيْك وَعَلَى مُصَاحَبَتك وَدَوَامك عِنْدنَا لِنَسْتَفِيدَ مِنْك , وَنَتَبَرَّك بِك , وَتَهْدِينَا الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم , كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَإِنَّك لَتَهْدِي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } , وَهَذَا مَعْنَى قَوْلهمْ : مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلَّا الضِّنّ بِك , هُوَ بِكَسْرِ الضَّاد , أَيْ : شُحًّا بِك أَنْ تُفَارِقنَا , وَيَخْتَصّ بِك غَيْرنَا , وَكَانَ بُكَاؤُهُمْ فَرَحًا بِمَا قَالَ لَهُمْ , وَحَيَاء مِمَّا خَافُوا أَنْ يَكُون بَلَغَهُ عَنْهُمْ مِمَّا يَسْتَحْيِي مِنْهُ.
قَوْله : ( فَأَقْبَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ إِلَى الْحَجَر فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ ) فِيهِ : الِابْتِدَاء بِالطَّوَافِ فِي أَوَّل دُخُول مَكَّة , سَوَاء كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَة أَوْ غَيْر مُحْرِم , وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَهَا فِي هَذَا الْيَوْم , وَهُوَ يَوْم الْفَتْح غَيْر مُحْرِم بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ , وَكَانَ عَلَى رَأْسه الْمِغْفَر , وَالْأَحَادِيث مُتَظَاهِرَة عَلَى ذَلِكَ , وَالْإِجْمَاع مُنْعَقِد عَلَيْهِ.
وَأَمَّا قَوْل الْقَاضِي عِيَاض - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - : أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى تَخْصِيص النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ , وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ مَنْ دَخَلَهَا بَعْده لِحَرْبٍ أَوْ بَغْي أَنَّهُ لَا يَحِلّ لَهُ دُخُولهَا حَلَالًا فَلَيْسَ كَمَا نُقِلَ , بَلْ مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه وَآخَرِينَ أَنَّهُ يَجُوز دُخُولهَا حَلَالًا لِلْمُحَارِبِ بِلَا خِلَاف , وَكَذَا لِمَنْ يَخَاف مِنْ ظَالِم لَوْ ظَهَرَ لِلطَّوَافِ وَغَيْره , وَأَمَّا مَنْ لَا عُذْر لَهُ أَصْلًا فَلِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ أَصَحّهمَا : أَنَّهُ يَجُوز لَهُ دُخُولهَا بِغَيْرِ إِحْرَام لَكِنْ يُسْتَحَبّ لَهُ الْإِحْرَام , وَالثَّانِي : لَا يَجُوز , وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَة فِي أَوَّل كِتَاب الْحَجّ.
قَوْله : ( فَأَتَى عَلَى صَنَم إِلَى جَنْب الْبَيْت كَانُوا يَعْبُدُونَهُ فَجَعَلَ يَطْعَنهُ بِسِيَةِ قَوْسه ) , ( السِّيَة ) بِكَسْرِ السِّين وَتَخْفِيف الْيَاء الْمَفْتُوحَة , الْمُنْعَطِف مِنْ طَرَفَيْ الْقَوْس , وَقَوْله : ( يَطْعُن ) بِضَمِّ الْعَيْن عَلَى الْمَشْهُور , وَيَجُوز فَتْحهَا فِي لُغَة , وَهَذَا الْفِعْل إِذْلَال لِلْأَصْنَامِ وَلِعَابِدِيهَا , وَإِظْهَار لِكَوْنِهَا لَا تَضُرّ وَلَا تَنْفَع وَلَا تَدْفَع عَنْ نَفْسهَا كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَإِنْ يَسْلُبهُمْ الذُّبَاب شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ }.
قَوْله : ( جَعَلَ يَطْعُن فِي عَيْنه وَيَقُول : جَاءَ الْحَقّ وَزَهَقَ الْبَاطِل ) وَقَالَ فِي الرِّوَايَة الَّتِي بَعْد هَذِهِ : وَحَوْل الْكَعْبَة ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا , فَجَعَلَ يَطْعُنهَا بِعُودٍ كَانَ فِي يَده وَيَقُول : جَاءَ الْحَقّ وَزَهَقَ الْبَاطِل إِنَّ الْبَاطِل كَانَ زَهُوقًا , جَاءَ الْحَقّ وَمَا يُبْدِئ الْبَاطِل وَمَا يُعِيد ) , النُّصُب : الصَّنَم.
وَفِي هَذَا : اِسْتِحْبَاب قِرَاءَة هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ عِنْد إِزَالَة الْمُنْكَر.
قَوْله : ( ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى : اُحْصُدُوهُمْ حَصْدًا ) هُوَ بِضَمِّ الصَّاد وَكَسْرهَا , وَقَدْ اِسْتَدَلَّ بِهَذَا مَنْ يَقُول : إِنَّ مَكَّة فُتِحَتْ عَنْوَة , وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِيهَا فَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَأَحْمَد وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء وَأَهْل السِّيَر : فُتِحَتْ عَنْوَة , وَقَالَ الشَّافِعِيّ صُلْحًا , وَادَّعَى الْمَازِرِيُّ أَنَّ الشَّافِعِيّ اِنْفَرَدَ بِهَذَا الْقَوْل , وَاحْتَجَّ الْجُمْهُور بِهَذَا الْحَدِيث , وَبِقَوْلِهِ : أُبِيدَتْ خَضْرَاء قُرَيْش , قَالُوا : وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ أَلْقَى سِلَاحه فَهُوَ آمِن , وَمَنْ دَخَلَ دَار أَبِي سُفْيَان فَهُوَ آمِن ".
فَلَوْ كَانُوا كُلّهمْ آمِنِينَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى هَذَا , وَبِحَدِيثِ ( أُمّ هَانِئ - رَضِيَ اللَّه عَنْهَا - حِين أَجَارَتْ رَجُلَيْنِ أَرَادَ عَلِيّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - قَتْلهمَا , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْت " , فَكَيْف يَدْخُلهَا صُلْحًا وَيَخْفَى ذَلِكَ عَلَى عَلِيّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - حَتَّى يُرِيد قَتْل رَجُلَيْنِ دَخَلَا فِي الْأَمَان ؟ وَكَيْف يَحْتَاج إِلَى أَمَان أُمّ هَانِئ بَعْد الصُّلْح ؟ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيّ بِالْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَة أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالِحهمْ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ قَبْل دُخُول مَكَّة.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اُحْصُدُوهُمْ ) , قَتَلَ خَالِد مَنْ قَتَلَ , فَهُوَ مَحْمُول عَلَى مَنْ أَظْهَرَ مِنْ كُفَّار مَكَّة قِتَالًا , وَأَمَّا أَمَان مَنْ دَخَلَ دَار أَبِي سُفْيَان وَمَنْ أَلْقَى سِلَاحه , وَأَمَان أُمّ هَانِئ فَكُلّه مَحْمُول عَلَى زِيَادَة الِاحْتِيَاط لَهُمْ بِالْأَمَانِ , وَأَمَّا هَمّ عَلِيّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - بِقَتْلِ الرَّجُلَيْنِ , فَلَعَلَّهُ تَأَوَّلَ مِنْهُمَا شَيْئًا , أَوْ جَرَى مِنْهُمَا قِتَال أَوْ نَحْو ذَلِكَ.
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَفَدَتْ وُفُودٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ فَكَانَ يَصْنَعُ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ الطَّعَامَ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَدْعُوَنَا إِلَى رَحْلِهِ فَقُلْتُ أَلَا أَصْنَعُ طَعَامًا فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى رَحْلِي فَأَمَرْتُ بِطَعَامٍ يُصْنَعُ ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ مِنْ الْعَشِيِّ فَقُلْتُ الدَّعْوَةُ عِنْدِي اللَّيْلَةَ فَقَالَ سَبَقْتَنِي قُلْتُ نَعَمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَلَا أُعْلِمُكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ ذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ فَقَالَ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ وَبَعَثَ خَالِدًا عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْأُخْرَى وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ فَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِي وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَتِيبَةٍ قَالَ فَنَظَرَ فَرَآنِي فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَا يَأْتِينِي إِلَّا أَنْصَارِيٌّ زَادَ غَيْرُ شَيْبَانَ فَقَالَ اهْتِفْ لِي بِالْأَنْصَارِ قَالَ فَأَطَافُوا بِهِ وَوَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشًا لَهَا وَأَتْبَاعًا فَقَالُوا نُقَدِّمُ هَؤُلَاءِ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ كُنَّا مَعَهُمْ وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا الَّذِي سُئِلْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى ثُمَّ قَالَ حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَمَا شَاءَ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا إِلَّا قَتَلَهُ وَمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ يُوَجِّهُ إِلَيْنَا شَيْئًا قَالَ فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ ثُمَّ قَالَ مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَجَاءَ الْوَحْيُ وَكَانَ إِذَا جَاءَ الْوَحْيُ لَا يَخْفَى عَلَيْنَا فَإِذَا جَاءَ فَلَيْسَ أَحَدٌ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْوَحْيُ فَلَمَّا انْقَضَى الْوَحْيُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ قَالُوا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُلْتُمْ أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ قَالُوا قَدْ كَانَ ذَاكَ قَالَ كَلَّا إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ هَاجَرْتُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ وَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ وَاللَّهِ مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلَّا الضِّنَّ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ قَالَ فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى دَارِ أَبِي سُفْيَانَ وَأَغْلَقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ قَالَ وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ إِلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ قَالَ فَأَتَى عَلَى صَنَمٍ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ قَالَ وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ فَلَمَّا أَتَى عَلَى الصَّنَمِ جَعَلَ يَطْعُنُهُ فِي عَيْنِهِ وَيَقُولُ { جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ } فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا فَعَلَا عَلَيْهِ حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ و حَدَّثَنِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ حَدَّثَنَا بَهْزٌ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى احْصُدُوهُمْ حَصْدًا وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ قَالُوا قُلْنَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَمَا اسْمِي إِذًا كَلَّا إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ
عن عبد الله بن رباح، قال: وفدنا إلى معاوية بن أبي سفيان، وفينا أبو هريرة، فكان كل رجل منا يصنع طعاما يوما لأصحابه، فكانت نوبتي، فقلت: يا أبا هريرة، ال...
عن عبد الله، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة، وحول الكعبة ثلاث مائة وستون نصبا، فجعل يطعنها بعود كان بيده، ويقول: {جاء الحق وزهق الباطل إن الباط...
عن الشعبي، قال: أخبرني عبد الله بن مطيع، عن أبيه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول يوم فتح مكة: «لا يقتل قرشي صبرا بعد هذا اليوم إلى يوم القيا...
عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء بن عازب، يقول: كتب علي بن أبي طالب الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين يوم الحديبية، فكتب: «هذا ما كاتب عل...
عن البراء، قال: لما أحصر النبي صلى الله عليه وسلم عند البيت، صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيقيم بها ثلاثا، ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح، السيف وقرابه،...
عن أنس، أن قريشا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم فيهم سهيل بن عمرو، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: «اكتب، بسم الله الرحمن الرحيم»، قال سهيل: أما...
عن أبي وائل، قال: قام سهل بن حنيف يوم صفين، فقال: أيها الناس، اتهموا أنفسكم، لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلن...
عن شقيق، قال: سمعت سهل بن حنيف، يقول بصفين: «أيها الناس، اتهموا رأيكم، والله، لقد رأيتني يوم أبي جندل، ولو أني أستطيع أن أرد أمر رسول الله صلى الله عل...
عن أبي وائل، قال: سمعت سهل بن حنيف بصفين، يقول: «اتهموا رأيكم على دينكم، فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم م...