4665- عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر، قال: فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب نبي الله صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم، وانحسر الإزار عن فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم، وإني لأرى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما دخل القرية قال: " الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم {فساء صباح المنذرين} [الصافات: 177] " قالها ثلاث مرار، قال: وقد خرج القوم إلى أعمالهم، فقالوا: محمد، قال عبد العزيز: وقال بعض أصحابنا: والخميس، قال: وأصبناها عنوة
(صلاة الغداة) يريد بها صلاة الفجر.
والغداة والغدوة والغدية ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس.
(فأجرى نبي الله) في الكلام حذف.
تقديره فأجرى نبي الله ركوبته وأجرينا ركوبتنا معه، بقرينة، قوله: وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم.
(بساحة قوم) الساحة الفناء.
وأصلها الفضاء بين المنازل.
(والخميس) روي بالرفع عطفا على محمد.
وبالنصب على أنه مفعول معه.
والخميس الجيش.
وقيل: سمى به لأنه خمسة أقسام: ميمنة وميسرة ومقدمة وساقة وقلب.
(عنوة) هي بفتح العين.
أي قهرا لا صلحا.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( فَصَلَّيْنَا عِنْدهَا صَلَاة الْغَدَاة بِغَلَسٍ ) فِيهِ : اِسْتِحْبَاب التَّبْكِير بِالصَّلَاةِ أَوَّل الْوَقْت , وَأَنَّهُ لَا يُكْرَه تَسْمِيَة صَلَاة الصُّبْح غَدَاة , فَيَكُون رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابنَا : إِنَّهُ مَكْرُوه , وَقَدْ سَبَقَ شَرْح حَدِيث أَنَس هَذَا فِي كِتَاب الْمُسَاقَاة , وَذَكَرْنَا أَنَّ فِيهِ : جَوَاز الْإِرْدَاف عَلَى الدَّابَّة إِذَا كَانَتْ مُطِيقَة , وَأَنَّ إِجْرَاء الْفَرَس وَالْإِغَارَة لَيْسَ بِنَقْصٍ وَلَا هَادِم لِلْمُرُوءَةِ , بَلْ هُوَ سُنَّة وَفَضِيلَة , وَهُوَ مِنْ مَقَاصِد الْقِتَال.
قَوْله : ( وَانْحَسَرَ الْإِزَار عَنْ فَخِذ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي لَأَرَى بَيَاض فَخِذ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) هَذَا مِمَّا اِسْتَدَلَّ بِهِ أَصْحَاب مَالِك وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى أَنَّ الْفَخِذ لَيْسَتْ عَوْرَة مِنْ الرَّجُل , وَمَذْهَبنَا وَمَذْهَب آخَرِينَ أَنَّهَا عَوْرَة , وَقَدْ جَاءَتْ بِكَوْنِهَا عَوْرَة أَحَادِيث كَثِيرَة مَشْهُورَة , وَتَأَوَّلَ أَصْحَابنَا حَدِيث أَنَس - رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ - هَذَا عَلَى أَنَّهُ اِنْحَسَرَ بِغَيْرِ اِخْتِيَاره لِضَرُورَةِ الْإِغَارَة وَالْإِجْرَاء , وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ اِسْتَدَامَ كَشْف الْفَخِذ مَعَ إِمْكَان السَّتْر , وَأَمَّا قَوْل أَنَس : ( فَإِنِّي لَأَرَى بَيَاض فَخِذه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فَمَحْمُول عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ بَصَره عَلَيْهِ فَجْأَة , لَا أَنَّهُ تَعَمَّدَهُ , وَأَمَّا رِوَايَة الْبُخَارِيّ عَنْ أَنَس - رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسَرَ الْإِزَار , فَمَحْمُولَة عَلَى أَنَّهُ اِنْحَسَرَ كَمَا فِي رِوَايَة مُسْلِم , وَأَجَابَ بَعْض أَصْحَاب مَالِك عَنْ هَذَا فَقَالَ : هُوَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّه تَعَالَى مِنْ أَنْ يَبْتَلِيه بِانْكِشَافِ عَوْرَته , وَأَصْحَابنَا يُجِيبُونَ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ إِذَا كَانَ بِغَيْرِ اِخْتِيَار الْإِنْسَان فَلَا نَقْص عَلَيْهِ فِيهِ , وَلَا يَمْتَنِع مِثْله.
قَوْله : ( اللَّه أَكْبَر خَرِبَتْ خَيْبَر ) فِيهِ : اِسْتِحْبَاب التَّكْبِير عِنْد اللِّقَاء , قَالَ الْقَاضِي : قِيلَ : تَفَاءَلَ بِخَرَابِهَا بِمَا رَآهُ فِي أَيْدِيهمْ مِنْ آلَاتِ الْخَرَاب مِنْ الْفُؤُوس وَالْمَسَاحِيّ وَغَيْرهَا , وَقِيلَ : أَخَذَهُ مِنْ اِسْمهَا , وَالْأَصَحّ أَنَّهُ أَعْلَمَهُ اللَّه تَعَالَى بِذَلِكَ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْم فَسَاءَ صَبَاح الْمُنْذَرِينَ ) ( السَّاحَة ) : الْفِنَاء , وَأَصْلهَا : الْفَضَاء بَيْن الْمَنَازِل , فَفِيهِ : جَوَاز الِاسْتِشْهَاد فِي مِثْل هَذَا السِّيَاق بِالْقُرْآنِ فِي الْأُمُور الْمُحَقَّقَة , وَقَدْ جَاءَ لِهَذَا نَظَائِر كَثِيرَة , كَمَا سَبَقَ قَرِيبًا فِي فَتْح مَكَّة أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَل يَطْعُن فِي الْأَصْنَام وَيَقُول : " جَاءَ الْحَقّ وَمَا يُبْدِئ الْبَاطِل وَمَا يُعِيد , جَاءَ الْحَقّ وَزَهَقَ الْبَاطِل ".
قَالَ الْعُلَمَاء : يُكْرَه مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ عَلَى ضَرْب الْأَمْثَال فِي الْمُحَاوَرَات وَالْمَزْح وَلَغْو الْحَدِيث , فَيُكْرَه فِي كُلّ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لِكِتَابِ اللَّه تَعَالَى.
قَوْله : ( مُحَمَّد ) ( وَالْخَمِيس ) هُوَ الْجَيْش , وَقَدْ فَسَّرَهُ بِذَلِكَ فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ قَالُوا : سُمِّيَ خَمِيسًا لِأَنَّهُ خَمْسَة أَقْسَام : مَيْمَنَة وَمَيْسَرَة وَمُقَدِّمَة وَمُؤَخِّرَة وَقَلْب , قَالَ الْقَاضِي : وَرَوَيْنَاهُ بِرَفْعِ ( الْخَمِيس ) عَطْفًا عَلَى قَوْله ( مُحَمَّد ) وَبِنَصَبِهَا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُول مَعَهُ.
قَوْله : ( أَصَبْنَاهَا عَنْوَة ) هِيَ بِفَتْحِ الْعَيْن , أَيْ : قَهْرًا لَا صُلْحًا , قَالَ الْقَاضِي : قَالَ الْمَازِرِيُّ : ظَاهِر هَذَا أَنَّهَا كُلّهَا فُتِحَتْ عَنْوَة , وَقَدْ رَوَى مَالِك عَنْ اِبْن شِهَاب أَنَّ بَعْضهَا فُتِحَ عَنْوَة , وَبَعْضهَا صُلْحًا , قَالَ : وَقَدْ يُشْكِل مَا رُوِيَ فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ قَسَمَهَا نِصْفَيْنِ , نِصْفًا لِنَوَائِبِهِ وَحَاجَته , وَنِصْفًا لِلْمُسْلِمِينَ.
قَالَ : وَجَوَابه مَا قَالَ بَعْضهمْ أَنَّهُ كَانَ حَوْلهَا ضِيَاع وَقُرَى أَجْلَى عَنْهَا أَهْلهَا , فَكَانَتْ خَالِصَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا سِوَاهَا لِلْغَانِمِينَ , فَكَانَ قَدْر الَّذِي خَلَوْا عَنْهُ النِّصْف , فَلِهَذَا قُسِمَ نِصْفَيْنِ , قَالَ الْقَاضِي : فِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّ الْإِغَارَة عَلَى الْعَدُوّ يُسْتَحَبّ كَوْنهَا أَوَّل النَّهَار عِنْد الصُّبْح , لِأَنَّهُ وَقْت غِرَّتهمْ وَغَفْلَة أَكْثَرهمْ , ثُمَّ يُضِيء لَهُمْ النَّهَار لِمَا يُحْتَاج إِلَيْهِ , بِخِلَافِ مُلَاقَاة الْجُيُوش وَمُصَافَفَتِهِمْ وَمُنَاصَبَة الْحُصُون ; فَإِنَّ هَذَا يُسْتَحَبّ كَوْنه بَعْد الزَّوَال , لِيَدُومَ النَّشَاط بِبَرْدِ الْوَقْت بِخِلَافِ ضِدّه.
و حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا خَيْبَرَ قَالَ فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِغَلَسٍ فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ وَأَنَا رَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ فَأَجْرَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ وَإِنَّ رُكْبَتِي لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْحَسَرَ الْإِزَارُ عَنْ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنِّي لَأَرَى بَيَاضَ فَخِذَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا دَخَلَ الْقَرْيَةَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ { فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ } قَالَهَا ثَلَاثَ مِرَارٍ قَالَ وَقَدْ خَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ فَقَالُوا مُحَمَّدٌ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَالْخَمِيسَ قَالَ وَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً
عن أنس، قال: كنت ردف أبي طلحة يوم خيبر وقدمي تمس قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأتيناهم حين بزغت الشمس وقد أخرجوا مواشيهم، وخرجوا بفؤوسهم، وم...
عن أنس بن مالك، قال: لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، قال: " إنا إذا نزلنا بساحة قوم {فساء صباح المنذرين} [الصافات: 177] "
عن سلمة بن الأكوع، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، فتسيرنا ليلا، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع: ألا تسمعنا من هنيهاتك، وكان ع...
أن سلمة بن الأكوع، قال: لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالا شديدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتد عليه سيفه فقتله، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عل...
عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ينقل معنا التراب، ولقد وارى التراب بياض بطنه، وهو يقول: والله لولا أ...
عن سهل بن سعد، قال: جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نحفر الخندق، وننقل التراب على أكتافنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم، لا عيش إ...
عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اللهم لا عيش إلا عيش الآخره، فاغفر للأنصار والمهاجره»
حدثنا أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم إن العيش عيش الآخرة» - قال شعبة: أو قال: - «اللهم لا عيش إلا عيش الآخره، فأكرم الأ...
حدثنا أنس بن مالك، قال: كانوا يرتجزون ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم، وهم يقولون: اللهم لا خير إلا خير الآخره، فانصر الأنصار والمهاجره، وفي حديث ش...