5087- عن أنس، قال: «ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما»
(أملحين) قال ابن الأعرابي وغيره: الأملح هو الأبيض الخالص البياض.
وقال الأصمعي: هو الأبيض ويشوبه شيء من السواد.
(أقرنين) أي لكل واحد منهما قرنان حسنان.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( ضَحَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ وَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْله عَلَى صِفَاحهمَا ) قَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ وَغَيْره : الْأَمْلَح هُوَ الْأَبْيَض الْخَالِص الْبَيَاض , وَقَالَ الْأَصْمَعِيّ : هُوَ الْأَبْيَض وَيَشُوبهُ شَيْء مِنْ السَّوَاد , وَقَالَ أَبُو حَاتِم : هُوَ الَّذِي يُخَالِط بَيَاضه حُمْرَة , وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الْأَسْوَد يَعْلُوهُ حُمْرَة , وَقَالَ الْكِسَائِيّ : هُوَ الَّذِي فِيهِ بَيَاض وَسَوَاد وَالْبَيَاض أَكْثَر , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : هُوَ الْأَبْيَض الَّذِي فِي خَلَل صُوفه طَبَقَات سُود , وَقَالَ الدُّؤَادِيّ : هُوَ الْمُتَغَيِّر الشَّعْر بِسَوَادٍ وَبَيَاض.
وَقَوْله : ( أَقْرَنَيْنِ ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا قَرْنَانِ حَسَنَانِ , قَالَ الْعُلَمَاء : فَيُسْتَحَبّ الْأَقْرَن.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز تَضْحِيَة الْإِنْسَان بِعَدَدٍ مِنْ الْحَيَوَان , وَاسْتِحْبَاب الْأَقْرَن , وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى جَوَاز التَّضْحِيَة بِالْأَجْمِ الَّذِي لَمْ يُخْلَق لَهُ قَرْنَانِ , وَاخْتَلَفُوا فِي مَكْسُور الْقَرْن فَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَالْجُمْهُور , سَوَاء كَانَ يُدْمِي أَمْ لَا , وَكَرِهَهُ مَالِك إِذَا كَانَ يُدْمِي , وَجَعَلَهُ عَيْبًا.
وَأَجْمَعُوا عَلَى اِسْتِحْبَاب اِسْتِحْسَانهَا وَاخْتِيَار أَكْمَلهَا , وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْعُيُوب الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث الْبَرَاء , وَهُوَ : الْمَرَض , وَالْعَجَف وَالْعَوْرَة وَالْعَرَج الْبَيِّن , لَا تُجْزِي التَّضْحِيَة بِهَا , وَكَذَا مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا , أَوْ أَقْبَح كَالْعَمَى , وَقَطْع الرَّجُل , وَشَبَهه.
وَحَدِيث الْبَرَاء هَذَا لَمْ يُخَرِّجهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم فِي صَحِيحَيْهِمَا , وَلَكِنَّهُ صَحِيح رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرهمْ مِنْ أَصْحَاب السُّنَن بِأَسَانِيد صَحِيحَة وَحَسَنَة , قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل : مَا أَحْسَنه مِنْ حَدِيث , وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : حَدِيث حَسَن صَحِيح.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَأَمَّا قَوْله : ( أَمْلَحَيْنِ ) فَفِيهِ : اِسْتِحْبَاب اِسْتِحْسَان لَوْن الْأُضْحِيَّة , وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَيْهِ , قَالَ أَصْحَابنَا : أَفْضَلهَا الْبَيْضَاء ثُمَّ الصَّفْرَاء ثُمَّ الْغَبْرَاء , وَهِيَ الَّتِي لَا يَصْفُو بَيَاضهَا , ثُمَّ الْبَلْقَاء وَهِيَ الَّتِي بَعْضهَا أَبْيَض وَبَعْضهَا أَسْوَد , ثُمَّ السَّوْدَاء.
قَوْله : ( ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ ) فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبّ أَنْ يَتَوَلَّى الْإِنْسَان ذَبْح أُضْحِيَّته بِنَفْسِهِ , وَلَا يُوَكِّل فِي ذَبْحهَا إِلَّا لِعُذْرٍ , وَحِينَئِذٍ يُسْتَحَبّ أَنْ يَشْهَد ذَبْحهَا , وَإِنْ اِسْتَنَابَ فِيهَا مُسْلِمًا جَازَ بِلَا خِلَاف , وَإِنْ اِسْتَنَابَ كِتَابِيًّا كُرِهَ كَرَاهِيَة تَنْزِيه وَأَجْزَأَهُ وَوَقَعَتْ التَّضْحِيَة عَنْ الْمُوَكِّل , هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة إِلَّا مَالِكًا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ , فَإِنَّهُ لَمْ يُجَوِّزهَا , وَيَجُوز أَنْ يَسْتَنِيب صَبِيًّا أَوْ اِمْرَأَة حَائِضًا , لَكِنْ يُكْرَه تَوْكِيل الصَّبِيّ , وَفِي كَرَاهَة تَوْكِيل الْحَائِض وَجْهَانِ قَالَ أَصْحَابنَا : الْحَائِض أَوْلَى بِالِاسْتِنَابَةِ مِنْ الصَّبِيّ , وَالصَّبِيّ أَوْلَى مِنْ الْكِتَابِيّ , قَالَ أَصْحَابنَا : وَالْأَفْضَل لِمَنْ وَكَّلَ أَنْ يُوَكِّل مُسْلِمًا فَقِيهًا بِبَابِ الذَّبَائِح وَالضَّحَايَا ; لِأَنَّهُ أَعْرَف بِشُرُوطِهَا وَسُنَنهَا.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله : ( وَسَمَّى ) فِيهِ إِثْبَات التَّسْمِيَة عَلَى الضَّحِيَّة وَسَائِر الذَّبَائِح , وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ لَكِنْ هَلْ هُوَ شَرْط أَمْ مُسْتَحَبّ ؟ فِيهِ خِلَاف سَبَقَ إِيضَاحه فِي كِتَاب الصَّيْد.
قَوْله : ( وَكَبَّرَ ) فِيهِ اِسْتِحْبَاب التَّكْبِير مَعَ التَّسْمِيَة فَيَقُول بِسْمِ اللَّه وَاللَّهُ أَكْبَر.
قَوْله : ( وَوَضَعَ رِجْله عَلَى صِفَاحهمَا ) أَيْ صَفْحَة الْعُنُق وَهِيَ جَانِبه , وَإِنَّمَا فَعَلَ هَذَا لِيَكُونَ أَثْبَت لَهُ وَأَمْكَنَ لِئَلَّا تَضْطَرِب الذَّبِيحَة بِرَأْسِهَا فَتَمْنَعهُ مِنْ إِكْمَال الذَّبْح أَوْ تُؤْذِيه , وَهَذَا أَصَحّ مِنْ الْحَدِيث الَّذِي جَاءَ بِالنَّهْيِ عَنْ هَذَا.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا
عن أنس، قال: «ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين»، قال: «ورأيته يذبحهما بيده، ورأيته واضعا قدمه على صفاحهما»، قال: «وسمى وكبر»، خب...
عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد، فأتي به ليضحي به، فقال لها: «يا عائشة، هلمي المدية»...
عن رافع بن خديج، قلت: يا رسول الله، إنا لاقو العدو غدا، وليست معنا مدى، قال صلى الله عليه وسلم: «أعجل - أو أرني - ما أنهر الدم، وذكر اسم الله، فكل، لي...
عن أبي عبيد، قال: شهدت العيد مع علي بن أبي طالب، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، وقال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نأكل من لحوم نسكنا بعد ثلاث»...
عن ابن شهاب، حدثني أبو عبيد، مولى ابن أزهر، أنه شهد العيد مع عمر بن الخطاب، قال: ثم صليت مع علي بن أبي طالب، قال: فصلى لنا قبل الخطبة، ثم خطب الناس، ف...
عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «لا يأكل أحد من لحم أضحيته فوق ثلاثة أيام»، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثل حديث اللي...
عن ابن عمر، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث»، قال سالم: فكان ابن عمر، لا يأكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث، وقال ابن أبي ع...
عن عبد الله بن واقد، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث»، قال عبد الله بن أبي بكر: فذكرت ذلك لعمرة، فقالت: صدق، سمعت...
عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، ثم قال بعد: «كلوا، وتزودوا، وادخروا»