5612- عن أنس بن مالك، قال: ذهبت بعبد الله بن أبي طلحة الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في عباءة يهنأ بعيرا له، فقال: «هل معك تمر؟» فقلت: نعم، فناولته تمرات، فألقاهن في فيه فلاكهن، ثم فغر فا الصبي فمجه في فيه، فجعل الصبي يتلمظه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حب الأنصار التمر» وسماه عبد الله
(تحنيك) اتفق العلماء على استحباب تحنيك المولود عند ولا دته بتمر.
فإن تعذر، فما في معناه أو قريب منه من الحلو.
فيمضغ المحنك التمرة حتى تصير مائعة بحيث تبتلع.
ثم يفتح فم المولود ويضعها فيه، ليدخل شيء منها جوفه.
ويستحب أن يكون المحنك من الصالحين وممن يتبرك به، رجلا كان أو امرأة.
فإن لم يكن حاضرا عند المولود حمل إليه.
(يهنأ) أي يطليه بالقطران، وهو الهناء.
يقال: هنأت البعير أهنؤه.
(فلاكهن) قال أهل اللغة: اللوك مختص بمضغ الشيء الصلب.
(فغر فاه) أي فتحه.
(فمجه) أي طرحه.
(يتلمظه) أي يحرك لسانه ليتتبع ما فيه من آثار التمر.
والتلمظ واللمظ فعل ذلك باللسان.
يقصد به فاعله تنقية الفم من بقايا الطعام.
وكذلك ما على الشفتين.
وأكثر ما يفعل ذلك في شيء يستطيبه.
ويقال: تلمظ يتلمظ تلمظا.
ولمظ يلمظ لمظا.
ويقال لذلك الشيء الباقي: لماظه.
(حب الأنصار التمر) روي بضم الحاء وكسرها.
فالكسر بمعنى المحبوب.
كالذبح بمعنى المذبوح.
وعلى هذا فالباء مرفوعة.
أي محبوب الأنصار التمر.
أما من ضم الحاء فهو مصدر.
وفي الباء على هذا وجهان: النصب، وهو الأشهر، والرفع.
فمن نصب فتقديره: انظروا حب الأنصار التمر.
فينصب التمر أيضا.
ومن رفع قال هو مبتدأ حذف خبره، أي حب الأنصار التمر لازم، أو هكذا، أو عادة من صغرهم.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( ذَهَبْت بِعَبْدِ اللَّه بْن أَبِي طَلْحَة حِين وَلَد وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَبَاءَة يَهْنَأ بَعِيرًا لَهُ فَقَالَ : هَلْ مَعَك تَمْر ؟ " فَقُلْت : نَعَمْ , فَنَاوَلْته تَمَرَات , فَأَلْقَاهُنَّ فِي فِيهِ فَلَاكَهُنَّ , ثُمَّ فَغَرَ فَاهُ الصَّبِيّ فَمَجَّهُ فِيهِ , فَجَعَلَ الصَّبِيّ يَتَلَمَّظهُ.
قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُبّ الْأَنْصَار التَّمْر وَسَمَّاهُ عَبْد اللَّه ).
أَمَّا الْعَبَاءَة فَمَعْرُوفَة , وَهِيَ مَمْدُودَة , يُقَال فِيهَا ( عَبَايَة ) بِالْيَاءِ , وَجَمْع الْعَبَاءَة الْعَبَاء.
وَأَمَّا قَوْله : ( يَهْنَأ ) فَبِهَمْزِ آخِره أَيْ يَطْلِيه بِالْقَطَرَانِ , وَهُوَ الْهِنَاء بِكَسْرِ الْهَاء وَالْمَدّ , يُقَال : هَنَّأْت الْبَعِير أَهْنَؤُهُ.
وَمَعْنَى ( لَاكَهُنَّ ) أَيْ مَضَغَهُنَّ.
قَالَ أَهْل اللُّغَة : اللَّوْك مُخْتَصّ بِمَضْغِ الشَّيْء الصُّلْب.
( وَفَغَرَ فَاهُ ) بِفَتْحِ الْفَاء وَالْغَيْن الْمُعْجَمَة أَيْ فَتْحه.
( وَمَجَّهُ فِيهِ ) أَيْ طَرَحَهُ فِيهِ.
( وَيَتَلَمَّظ ) أَيْ يُحَرِّك لِسَانه لِيَتَتَبَّع مَا فِي فِيهِ مِنْ آثَار التَّمْر , وَالتَّلَمُّظ وَاللَّمْظ فِعْل ذَلِكَ بِاللِّسَانِ يَقْصِد بِهِ فَاعِله تَنْقِيَة الْفَم مِنْ بَقَايَا الطَّعَام , وَكَذَلِكَ مَا عَلَى الشَّفَتَيْنِ , وَأَكْثَر مَا يُفْعَل ذَلِكَ فِي شَيْء يَسْتَطِيبهُ , وَيُقَال : تَلَمَّظَ يَتَلَمَّظ تَلَمُّظًا , وَلَمَظَ يَلْمُظ بِضَمِّ الْمِيم لَمْظًا بِإِسْكَانِهَا , وَيُقَال لِذَلِكَ الشَّيْء الْبَاقِي فِي الْفَم لُمَاظَة بِضَمِّ اللَّام.
وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حُبّ الْأَنْصَار التَّمْر ) رُوِيَ بِضَمِّ الْحَاء وَكَسْرهَا , فَالْكَسْر بِمَعْنَى الْمَحْبُوب كَالذِّبْحِ بِمَعْنَى الْمَذْبُوح , وَعَلَى هَذَا فَالْبَاء مَرْفُوعَة أَيْ مَحْبُوب الْأَنْصَار التَّمْر , وَأَمَّا مَنْ ضَمّ الْحَاء فَهُوَ مَصْدَر , وَفِي الْبَاء عَلَى هَذَا وَجْهَانِ النَّصْب وَهُوَ الْأَشْهَر , وَالرَّفْع , فَمَنْ نَصَبَ فَتَقْدِيره اُنْظُرُوا حُبّ الْأَنْصَار التَّمْر , فَيُنْصَب التَّمْر أَيْضًا , وَمَنْ رَفَعَ قَالَ : هُوَ مُبْتَدَأ حُذِفَ خَبَره أَيْ حُبّ الْأَنْصَار التَّمْر لَازِم , أَوْ هَكَذَا , أَوْ عَادَة مِنْ صِغَرهمْ.
وَاللَّه أَعْلَم.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَوَائِد مِنْهَا تَحْنِيك الْمَوْلُود عِنْد وِلَادَته , وَهُوَ سُنَّة بِالْإِجْمَاعِ كَمَا سَبَقَ.
وَمِنْهَا أَنْ يُحَنِّكهُ صَالِح مِنْ رَجُل أَوْ اِمْرَأَة.
وَمِنْهَا التَّبَرُّك بِآثَارِ الصَّالِحِينَ , وَرِيقهمْ , وَكُلّ شَيْء مِنْهُمْ.
وَمِنْهَا كَوْن التَّحْنِيك بِتَمْرٍ , وَهُوَ مُسْتَحَبّ , وَلَوْ حَنَّك بِغَيْرِهِ حَصَلَ التَّحْنِيك , وَلَكِنَّ التَّمْر أَفْضَل.
وَمِنْهَا جَوَاز لُبْس الْعَبَاءَة.
وَمِنْهَا التَّوَاضُع , وَتَعَاطِي الْكَبِير أَشْغَاله , وَأَنَّهُ لَا يُنْقِص ذَلِكَ مُرُوءَته وَمِنْهَا اِسْتِحْبَاب التَّسْمِيَة بِعَبْدِ اللَّه.
وَمِنْهَا اِسْتِحْبَاب تَفْوِيض تَسْمِيَته إِلَى صَالِح فَيَخْتَار لَهُ اِسْمًا يَرْتَضِيه وَمِنْهَا جَوَاز تَسْمِيَته يَوْم وِلَادَته.
وَاللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ ذَهَبْتُ بِعْبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وُلِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَبَاءَةٍ يَهْنَأُ بَعِيرًا لَهُ فَقَالَ هَلْ مَعَكَ تَمْرٌ فَقُلْتُ نَعَمْ فَنَاوَلْتُهُ تَمَرَاتٍ فَأَلْقَاهُنَّ فِي فِيهِ فَلَاكَهُنَّ ثُمَّ فَغَرَ فَا الصَّبِيِّ فَمَجَّهُ فِي فِيهِ فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ
عن أنس بن مالك، قال: كان ابن لأبي طلحة يشتكي، فخرج أبو طلحة، فقبض الصبي، فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابني؟ قالت أم سليم: هو أسكن مما كان، فقربت إليه...
عن أبي موسى، قال: «ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم وحنكه بتمرة»
عن عروة بن الزبير، وفاطمة بنت المنذر بن الزبير، أنهما قالا: خرجت أسماء بنت أبي بكر حين هاجرت وهي حبلى بعبد الله بن الزبير، فقدمت قباء، فنفست بعبد الله...
عن أسماء، أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة قالت: فخرجت وأنا متم، فأتيت المدينة فنزلت بقباء فولدته بقباء، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم «فوضع...
عن عائشة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم»
عن عائشة، قالت: «جئنا بعبد الله بن الزبير إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحنكه، فطلبنا تمرة، فعز علينا طلبها»
عن سهل بن سعد، قال: أتي بالمنذر بن أبي أسيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين ولد فوضعه النبي صلى الله عليه وسلم على فخذه، وأبو أسيد جالس، فلهي ال...
عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير، قال: أحسبه، قال: كان فطيما، قال: فكان إذا جاء رسو...
عن أنس بن مالك، قال: " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بني "