6163-
عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى عليه السلام، صاحب بني إسرائيل ليس هو موسى صاحب الخضر، عليه السلام، فقال: كذب عدو الله، سمعت أبي بن كعب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قام موسى عليه السلام خطيبا في بني إسرائيل فسئل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا أعلم، قال فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه: أن عبدا من عبادي بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال موسى: أي رب كيف لي به؟ فقيل له: احمل حوتا في مكتل، فحيث تفقد الحوت فهو ثم، فانطلق وانطلق معه فتاه، وهو يوشع بن نون، فحمل موسى عليه السلام، حوتا في مكتل وانطلق هو وفتاه يمشيان حتى أتيا الصخرة، فرقد موسى عليه السلام وفتاه، فاضطرب الحوت في المكتل، حتى خرج من المكتل، فسقط في البحر، قال وأمسك الله عنه جرية الماء حتى كان مثل الطاق، فكان للحوت سربا، وكان لموسى وفتاه عجبا، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، ونسي صاحب موسى أن يخبره، فلما أصبح موسى عليه السلام، قال لفتاه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، قال ولم ينصب حتى جاوز المكان الذي أمر به، قال: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة، فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا، قال موسى: {ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا}، قال يقصان آثارهما، حتى أتيا الصخرة، فرأى رجلا مسجى عليه بثوب، فسلم عليه موسى، فقال له الخضر: أنى بأرضك السلام؟ قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟قال: نعم، قال: إنك على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه، وأنا على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه، قال له موسى عليه السلام: (هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا.
قال: إنك لن تستطيع معي صبرا.
وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا.
قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا) قال له الخضر {فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا}، قال: نعم، فانطلق الخضر وموسى يمشيان على ساحل البحر، فمرت بهما سفينة، فكلماهم أن يحملوهما، فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نول، فعمد الخضر إلى لوح من ألواح السفينة فنزعه، فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها {لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا}، ثم خرجا من السفينة، فبينما هما يمشيان على الساحل إذا غلام يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر برأسه، فاقتلعه بيده، فقتله، فقال موسى: (أقتلت نفسا زاكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا.
قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا) قال: وهذه أشد من الأولى، {قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني، قد بلغت من لدني عذرا، فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما، فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه}، يقول مائل، قال الخضر بيده هكذا فأقامه، قال له موسى: قوم أتيناهم فلم يضيفونا ولم يطعمونا، لو شئت لتخذت عليه أجرا، قال: هذا فراق بيني وبينك، سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله موسى، لوددت أنه كان صبر حتى يقص علينا من أخبارهما»، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كانت الأولى من موسى نسيانا»، قال: " وجاء عصفور حتى وقع على حرف السفينة، ثم نقر في البحر، فقال له الخضر: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من البحر " قال سعيد بن جبير: وكان يقرأ: «وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا» وكان يقرأ: «وأما الغلام فكان كافرا»
(كذب عدو الله) قال العلماء: هو على وجه الإغلاظ والزجر عن مثل قوله.
لا أنه يعتقد أنه عدو الله حقيقة.
إنما قاله مبالغة في إنكار قوله، لمخالفته قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان ذلك في حال غضب ابن عباس.
لشدة إنكاره.
وحال الغضب تطلق الألفاظ ولا تراد بها حقائقها.
(بمجمع البحرين) قال القسطلاني: أي ملتقى بحري فارس والروم من جهة الشرق.
أو بإفريقية أو طنجة.
(حوتا) الحوت السمكة.
وكانت سمكة مالحة، كما صرح به في الرواية الثانية.
(مكتل) هو القفة والزنبيل.
(تفقد) أي يذهب منك.
يقال فقده وافتقده.
(فهو ثم) أي هناك.
(فتاه) أي صاحبه.
(الطاق) عقد البناء.
وجمعه طيقان وأطواق.
وهو الأزج وما عقد أعلاه من البناء، وبقي ما تحته خاليا.
(وليلتهما) ضبطوه بنصب ليلتهما وجرها.
(نصبا) النصب التعب.
(واتخذ سبيله في البحر عجبا) قيل: إن لفظة عجبا يجوز أن تكون من تمام كلام يوشع وقيل: من كلام موسى.
أي قال موسى: عجبت من هذا عجبا.
وقيل: من كلام الله تعالى.
ومعناه اتخذ موسى سبيل الحوت في البحر عجبا.
(نبغي) أي نطلب.
معناه أن الذي جئنا نطلبه هو الموضع الذي نفقد فيه الحوت.
(مسجى) أي مغطى.
(أنى بأرضك السلام) أي من أين السلام في هذه الأرض التي لا يعرف فيها السلام.
قال العلماء: أنى تأتي بمعنى أين ومتى وحيث وكيف.
(بغير نول) أي بغير أجر.
والنول والنوال العطاء.
(إمرا) أي عظيما.
(ولا ترهقني من أمري عسرا) قال الإمام الزمخشري: يقال رهقه إذا غشيه وأرهقه إياه.
أي ولا تغشني عسرا من أمري.
وهو اتباعه إياه.
يعني ولا تعسر علي متابعتك ويسرها علي بالإغضاء وترك المناقشة.
(زاكية) قرئ في السبع زاكية وزكية.
قالوا: ومعناه طاهرة من الذنوب.
(بغير نفس) أي بغير قصاص لك عليها.
(نكرا) النكر هو المنكر.
(لقد بلغت من لدني عذرا) معناه قد بلغت إلى الغاية التي تعذر بسببها في فراقي.
(فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض) هذا من المجاز.
لأن الجدار لا يكون له حقيقة إرادة.
ومعناه قرب من الانقضاض، وهو السقوط.
(قال الخضر بيده هكذا) أي أشار بيده فأقامه.
وهذا تعبير عن الفعل بالقول.
وهو شايع.
(ما نقص علمي وعلمك) قال العلماء: لفظ النقص هنا ليس على ظاهره.
وإنما معناه أن علمي وعلمك بالنسبة إلى علم الله تعالى كنسبة ما نقره هذا العصفور إلى ماء البحر.
وهذا على التقريب إلى الأفهام.
وإلا فنسبة علمهما أقل وأحقر.
شرح النووي على مسلم(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج): أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
قَوْله : ( إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيّ ) هَكَذَا ضَبَطَهُ الْجُمْهُور بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَة وَتَخْفِيف الْكَاف , وَرَوَاهُ بَعْضهمْ بِفَتْحِهَا وَتَشْدِيد الْكَاف.
قَالَ الْقَاضِي : هَذَا الثَّانِي هُوَ ضَبْط أَكْثَر الشُّيُوخ وَأَصْحَاب الْحَدِيث.
قَالَ : وَالصَّوَاب الْأَوَّل , وَهُوَ قَوْل الْمُحَقِّقِينَ , وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى بَنِي بِكَالٍ بَطْن مِنْ حِمْيَر , وَقِيلَ : مِنْ هَمْدَانَ.
وَنَوْف هَذَا هُوَ اِبْن فَضَالَة , كَذَا قَالَهُ اِبْن دُرَيْد وَغَيْره , وَهُوَ اِبْن اِمْرَأَة كَعْب الْأَحْبَار , وَقِيلَ : اِبْن أَخِيهِ , وَالْمَشْهُور الْأَوَّل , قَالَهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَغَيْره.
قَالُوا : وَكُنْيَته أَبُو يَزِيد , وَقِيلَ : أَوْ رُشْد , وَكَانَ عَالِمًا حَكِيمًا قَاضِيًا وَإِمَامًا لِأَهْلِ دِمَشْق.
قَوْله : ( كَذَبَ عَدُوّ اللَّه ) قَالَ الْعُلَمَاء : هُوَ عَلَى وَجْه الْإِغْلَاظ وَالزَّجْر عَنْ مِثْل قَوْله , لَا أَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ عَدُوّ اللَّه حَقِيقَة , إِنَّمَا قَالَهُ مُبَالَغَة فِي إِنْكَار قَوْله لِمُخَالَفَتِهِ قَوْل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَال غَضَب اِبْن عَبَّاس لِشِدَّةِ إِنْكَاره , وَحَال الْغَضَب تُطْلَق الْأَلْفَاظ وَلَا تُرَادُ بِهَا حَقَائِقهَا.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْله : ( أَنَا أَعْلَم ) أَيْ فِي اِعْتِقَاده , وَإِلَّا فَكَانَ الْخَضِر أَعْلَم مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيث قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَعَتَبَ اللَّه عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْم إِلَيْهِ ) أَيْ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ : اللَّه أَعْلَم , فَإِنَّ مَخْلُوقَاتِ اللَّه تَعَالَى لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ.
قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّك إِلَّا هُوَ } وَاسْتَدَلَّ الْعُلَمَاء بِسُؤَالِ مُوسَى السَّبِيل إِلَى لِقَاء الْخَضِر صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اِسْتِحْبَاب الرِّحْلَة فِي طَلَب الْعِلْم , وَاسْتِحْبَاب الِاسْتِكْثَار مِنْهُ , وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعِلْم بِمَحَلٍّ عَظِيم أَنْ يَأْخُذَهُ مِمَّنْ هُوَ أَعْلَم مِنْهُ , وَيَسْعَى إِلَيْهِ فِي تَحْصِيلِهِ , وَفِيهِ فَضِيلَةُ طَلَب الْعِلْم وَفِي تَزَوُّدِهِ الْحُوت وَغَيْره جَوَاز التَّزَوُّد فِي السَّفَر.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث الْأَدَب مَعَ الْعَالِم , وَحُرْمَة الْمَشَايِخ , وَتَرْك الِاعْتِرَاض عَلَيْهِمْ , وَتَأْوِيل مَا لَا يُفْهَم ظَاهِره مِنْ أَفْعَالهمْ وَحَرَكَاتهمْ وَأَقْوَالهمْ , وَالْوَفَاء بِعُهُودِهِمْ , وَالِاعْتِذَار عِنْد مُخَالَفَة عَهْدهمْ.
وَفِيهِ إِثْبَات كَرَامَات الْأَوْلِيَاء عَلَى قَوْل مَنْ يَقُول : الْخَضِر وَلِيّ.
وَفِيهِ جَوَاز سُؤَال الطَّعَام عِنْد الْحَاجَة , وَجَوَاز إِجَارَة السَّفِينَة , وَجَوَاز رُكُوب السَّفِينَة وَالدَّابَّة وَسُكْنَى الدَّار وَلُبْس الثَّوْب وَنَحْو ذَلِكَ بِغَيْرِ أُجْرَة بِرِضَى صَاحِبه وَقَوْله : ( حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْل ).
وَفِيهِ الْحُكْمُ بِالظَّاهِرِ حَتَّى يَتَبَيَّن خِلَافه لِإِنْكَارِ مُوسَى.
قَالَ الْقَاضِي : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي قَوْل مُوسَى : " لَقَدْ جِئْت شَيْئًا إِمْرًا " وَ " شَيْئًا نُكْرًا " أَيُّهُمَا أَشَدُّ ؟ فَقِيلَ : إِمْرًا لِأَنَّهُ الْعَظِيم , وَلِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَة خَرْق السَّفِينَة الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي الْعَادَة هَلَاك الَّذِي فِيهَا وَأَمْوَالهمْ , وَهُوَ أَعْظَم مِنْ قَتْل الْغُلَام , فَإِنَّهَا نَفْسُ وَاحِدٍ.
وَقِيلَ : نُكْرًا أَشَدّ لِأَنَّهُ مَا قَالَهُ عِنْد مُبَاشَرَة الْقَتْل حَقِيقَة , وَأَمَّا الْقَتْل فِي خَرْق السَّفِينَة فَمَظْنُون , وَقَدْ يَسْلَمُونَ فِي الْعَادَة , وَقَدْ سَلِمُوا فِي هَذِهِ الْقَضِيَّة , وَلَيْسَ فِيهِ مَا هُوَ مُحَقَّق إِلَّا مُجَرَّد الْخَرْق وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْله تَعَالَى : ( إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَم مِنْك ) قَالَ قَتَادَةُ : هُوَ مَجْمَع بَحْرَيْ فَارِس وَالرُّوم مِمَّا يَلِي الْمَشْرِق , وَحَكَى الثَّعْلَبِيّ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب أَنَّهُ بَأَفْرِيقِيَّة.
قَوْله : ( اِحْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَل فَحَيْثُ تَفْقِد الْحُوت فَهُوَ ثَمَّ ) الْحُوت السَّمَكَة , وَكَانَتْ سَمَكَة مَالِحَة كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة , وَالْمِكْتَل بِكَسْرِ الْمِيم وَفَتْح الْمُثَنَّاة فَوْقُ , وَهُوَ الْقُفَّة وَالزَّبِيل , وَسَبَقَ بَيَانه مَرَّات.
وَتَفْقِدُهُ بِكَسْرِ الْقَاف أَيْ يَذْهَبُ مِنْك , يُقَالُ : فَقَدَهُ وَافْتَقَدَهُ.
وَثَمَّ بِفَتْحِ الثَّاء أَيْ هُنَاكَ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَانْطَلَقَ مَعَهُ فَتَاهُ ) وَهُوَ يُوشَع بْن نُون مَعْنَى فَتَاهُ صَاحِبه , وَنُون مَصْرُوف كَنُوحٍ , وَهَذَا الْحَدِيث يَرُدُّ قَوْل مَنْ قَالَ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّ فَتَاهُ عَبْدٌ لَهُ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَقْوَال الْبَاطِلَة.
قَالُوا.
وَهُوَ يُوشَع بْن نُون بْن إفراثيم بْن يُوسُف صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَأَمْسَكَ اللَّه عَنْهُ جِرْيَة الْمَاء حَتَّى كَانَ مِثْل الطَّاق ) أَمَّا ( الْجِرْيَة ) فَبِكَسْرِ الْجِيم.
وَالطَّاق عَقْد الْبِنَاء , وَجَمْعه طِيقَان وَأَطْوَاق , وَهُوَ الْأَزَجِ , وَمَا عُقِدَ أَعْلَاهُ مِنْ الْبِنَاء وَبَقِيَ مَا تَحْته خَالِيًا.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَانْطَلَقَا بَقِيَّة يَوْمهمَا وَلَيْلَتهمَا ) ضَبَطُوهُ بِنَصْبِ لَيْلَتهمَا وَجَرِّهَا.
وَالنَّصَب التَّعَب.
قَالُوا : لَحِقَهُ النَّصَب وَالْجُوع لِيَطْلُبَ الْغِذَاء , فَيَتَذَكَّر بِهِ نِسْيَان الْحُوت , وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَمْ يَنْصَبْ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَان الَّذِي أُمِرَ بِهِ ".
قَوْله : ( وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ) قِيلَ : إِنَّ لَفْظَة عَجَبًا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ تَمَامِ كَلَام يُوشَع , وَقِيلَ : مِنْ كَلَام مُوسَى , أَيْ قَالَ مُوسَى : عَجِبْت مِنْ هَذَا عَجَبًا , وَقِيلَ : مِنْ كَلَام اللَّه تَعَالَى , وَمَعْنَاهُ اتَّخَذَ مُوسَى سَبِيل الْحُوت فِي الْبَحْر عَجَبًا.
قَوْله ( مَا كُنَّا نَبْغِي ) أَيْ نَطْلُبُ , مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي جِئْنَا نَطْلُبُهُ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي نَفْقِدُ فِيهِ الْحُوت.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَرَأَى رَجُلًا مُسَجًّى عَلَيْهِ بِثَوْبٍ , فَسَلَّمَ عَلَيْهِ , فَقَالَ لَهُ الْخَضِر : أَنَّى بِأَرْضِك السَّلَام ؟ ) الْمُسَجَّى الْمُغَطَّى.
وَأَنَّى أَيْ مِنْ أَيْنَ السَّلَام فِي هَذِهِ الْأَرْض الَّتِي لَا يُعْرَف فِيهَا السَّلَام ؟ قَالَ الْعُلَمَاء : ( أَنَّى ) تَأْتِي بِمَعْنَى أَيْنَ , وَمَتَى , وَحَيْثُ , وَكَيْف.
( وَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْل ) بِفَتْحِ النُّون وَإِسْكَان الْوَاو أَيْ بِغَيْرِ أَجْر وَالنَّوْل , وَالنَّوَال الْعَطَاء.
قَوْله : ( لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا ) قُرِئَ فِي السَّبْع بِضَمِّ التَّاء الْمُثَنَّاة فَوْقُ وَنَصْب أَهْلهَا , وَبِفَتْحِ الْمُثَنَّاة تَحْتُ وَرَفْع أَهْلهَا ( لَقَدْ جِئْت شَيْئًا إِمْرًا ) أَيْ عَظِيمًا كَثِير الشِّدَّة ( وَلَا تُرْهِقْنِي ) أَيْ تَغْشَنِي وَتُحَمِّلنِي.
قَوْله : ( أَقَتَلْت نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْت شَيْئًا نُكْرًا ) قُرِئَ فِي السَّبْع ( زَاكِيَة ) وَ ( زَكِيَّة ) قَالُوا : وَمَعْنَاهُ طَاهِرَة مِنْ الذُّنُوب.
وَقَوْله : ( بِغَيْرِ نَفْسٍ ) أَيْ بِغَيْرِ قِصَاصٍ لَك عَلَيْهَا.
وَالنُّكْر الْمُنْكَر.
وَقُرِئَ فِي السَّبْع بِإِسْكَانِ الْكَاف وَضَمّهَا , وَالْأَكْثَرُونَ بِالْإِسْكَانِ.
قَالَ الْعُلَمَاء : وَقَوْله : إِذَا غُلَام يَلْعَب فَقَتَلَهُ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَبِيًّا لَيْسَ بِبَالِغٍ ; لِأَنَّهُ حَقِيقَة الْغُلَام , وَهَذَا قَوْل الْجُمْهُور أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا.
وَزَعَمَتْ طَائِفَة أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا يَعْمَل بِالْفَسَادِ , وَاحْتَجَّتْ بِقَوْلِهِ : ( أَقَتَلْت نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ ؟ ) فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاص , وَالصَّبِيّ لَا قِصَاص عَلَيْهِ , وَبِقَوْلِهِ : ( كَانَ كَافِرًا ) فِي قِرَاءَة اِبْن عَبَّاس كَمَا ذَكَرَ فِي آخِر الْحَدِيث , وَالْجَوَاب عَنْ الْأَوَّل مِنْ وَجْهَيْنِ.
أَحَدهمَا أَنَّ الْمُرَاد التَّنَبُّه عَلَى أَنَّهُ قَتَلَ بِغَيْرِ حَقّ , وَالثَّانِي أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ شَرْعهمْ كَانَ إِيجَاب الْقِصَاص عَلَى الصَّبِيّ , كَمَا أَنَّهُ فِي شَرْعِنَا يُؤَاخَذُ بِغَرَامَةِ الْمُتْلَفَات.
وَالْجَوَاب عَنْ الثَّانِي مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا أَنَّهُ شَاذّ لَا حُجَّة فِيهِ , وَالثَّانِي أَنَّهُ سَمَّاهُ بِمَا يَؤُول إِلَيْهِ لَوْ عَاشَ كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة.
قَوْله ( قَدْ بَلَغْت مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا ) فِيهِ ثَلَاث قَرَاآت فِي السَّبْع : الْأَكْثَرُونَ بِضَمِّ الدَّال وَتَشْدِيد النُّون , وَالثَّانِيَة بِالضَّمِّ وَتَخْفِيف النُّون , وَالثَّالِثَة بِإِسْكَانِ الدَّال وَإِشْمَامهَا الضَّمّ وَتَخْفِيف النُّون , وَمَعْنَاهُ قَدْ بَلَغْت إِلَى الْغَايَة الَّتِي تُعْذَر بِسَبَبِهَا فِي فِرَاقِي.
قَوْله تَعَالَى : ( فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ ) قَالَ الثَّعْلَبِيّ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : هِيَ أَنْطَاكِيَّة , وَقَالَ اِبْن سِيرِينَ : الْأَيْلَة , وَهِيَ أَبْعَد الْأَرْض مِنْ السَّمَاء.
قَوْله تَعَالَى : ( فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ ) هَذَا مِنْ الْمَجَاز لِأَنَّ الْجِدَار لَا يَكُونُ لَهُ حَقِيقَة إِرَادَة , وَمَعْنَاهُ قَرُبَ مِنْ الِانْقِضَاض , وَهُوَ السُّقُوط.
وَاسْتَدَلَّ الْأُصُولِيُّونَ بِهَذَا عَلَى وُجُود الْمَجَاز فِي الْقُرْآن , وَلَهُ نَظَائِر مَعْرُوفَة.
قَالَ وَهْب بْن مَنْبَه : كَانَ طُول هَذَا الْجِدَار إِلَى السَّمَاء مِائَة ذِرَاع.
قَوْله : ( لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ) قُرِئَ بِالسَّبْعِ ( لَتَخِذْت ) بِتَخْفِيفِ التَّاء وَكَسْر الْخَاء , ( وَلَاتَّخَذْت ) بِالتَّشْدِيدِ وَفَتْح الْخَاء أَيْ لَأَخَذْت عَلَيْهِ أُجْرَة تَأْكُلُ بِهَا.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَجَاءَ عُصْفُور حَتَّى وَقَعَ عَلَى حَرْف السَّفِينَة ثُمَّ نَقَرَ فِي الْبَحْر فَقَالَ لَهُ الْخَضِر : مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمك مِنْ عِلْم اللَّه تَعَالَى إِلَّا مِثْل مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُور مِنْ الْبَحْر ) قَالَ الْعُلَمَاء : لَفْظ ( النَّقْص ) هُنَا لَيْسَ عَلَى ظَاهِره , وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ عِلْمِي وَعِلْمك بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْم اللَّه تَعَالَى كَنِسْبَةِ مَا نَقَرَهُ هَذَا الْعُصْفُور إِلَى مَاء الْبَحْر , هَذَا عَلَى التَّقْرِيب إِلَى الْأَفْهَام , وَإِلَّا فَنِسْبَة عِلْمهمَا أَقَلّ وَأَحْقَر.
وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ " مَا عِلْمِي وَعِلْمك فِي جَنْب عِلْم اللَّه إِلَّا كَمَا أَخَذَ هَذَا الْعُصْفُور بِمِنْقَارِهِ " أَيْ فِي جَنْب مَعْلُوم اللَّه.
وَقَدْ يُطْلَق الْعِلْم بِمَعْنَى الْمَعْلُوم , وَهُوَ مِنْ إِطْلَاق الْمَصْدَر لِإِرَادَةِ الْمَفْعُول كَقَوْلِهِمْ : رَغْم ضَرْب السُّلْطَان أَيْ مَضْرُوبه.
قَالَ الْقَاضِي : وَقَالَ بَعْض مَنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيث : ( إِلَّا ) هُنَا بِمَعْنَى ( وَلَا ) أَيْ وَلَا نَقَصَ عِلْمِي.
وَعِلْمك مِنْ عِلْم اللَّه وَلَا مِثْل مَا أَخْذ هَذَا الْعُصْفُور , لِأَنَّ عِلْم اللَّه تَعَالَى لَا يَدْخُلُهُ نَقْص.
قَالَ الْقَاضِي : وَلَا حَاجَة إِلَى هَذَا التَّكَلُّف , بَلْ هُوَ صَحِيح كَمَا بَيَّنَّا.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ كُلُّهُمْ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام صَاحِبَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَيْسَ هُوَ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ سَمِعْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَامَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ أَنَا أَعْلَمُ قَالَ فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ قَالَ مُوسَى أَيْ رَبِّ كَيْفَ لِي بِهِ فَقِيلَ لَهُ احْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ فَحَيْثُ تَفْقِدُ الْحُوتَ فَهُوَ ثَمَّ فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ مَعَهُ فَتَاهُ وَهُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ فَحَمَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حُوتًا فِي مِكْتَلٍ وَانْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ يَمْشِيَانِ حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَةَ فَرَقَدَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَفَتَاهُ فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمِكْتَلِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمِكْتَلِ فَسَقَطَ فِي الْبَحْرِ قَالَ وَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جِرْيَةَ الْمَاءِ حَتَّى كَانَ مِثْلَ الطَّاقِ فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا وَكَانَ لِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَبًا فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتِهِمَا وَنَسِيَ صَاحِبُ مُوسَى أَنْ يُخْبِرَهُ فَلَمَّا أَصْبَحَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِفَتَاهُ { آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا } قَالَ وَلَمْ يَنْصَبْ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ { قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا } قَالَ مُوسَى { ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا } قَالَ يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَةَ فَرَأَى رَجُلًا مُسَجًّى عَلَيْهِ بِثَوْبٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ أَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ قَالَ أَنَا مُوسَى قَالَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ قَالَ إِنَّكَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لَا أَعْلَمُهُ وَأَنَا عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام { هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا } قَالَ لَهُ الْخَضِرُ { فَإِنْ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا } قَالَ نَعَمْ فَانْطَلَقَ الْخَضِرُ وَمُوسَى يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ فَكَلَّمَاهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا فَعَرَفُوا الْخَضِرَ فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ فَعَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ فَقَالَ لَهُ مُوسَى قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا { لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا } ثُمَّ خَرَجَا مِنْ السَّفِينَةِ فَبَيْنَمَا هُمَا يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ إِذَا غُلَامٌ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَاقْتَلَعَهُ بِيَدِهِ فَقَتَلَهُ فَقَالَ مُوسَى { أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا } قَالَ وَهَذِهِ أَشَدُّ مِنْ الْأُولَى { قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ } يَقُولُ مَائِلٌ قَالَ الْخَضِرُ بِيَدِهِ هَكَذَا فَأَقَامَهُ قَالَ لَهُ مُوسَى قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُضَيِّفُونَا وَلَمْ يُطْعِمُونَا { لَوْ شِئْتَ لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا } قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَوَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَخْبَارِهِمَا قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَتْ الْأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا قَالَ وَجَاءَ عُصْفُورٌ حَتَّى وَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ ثُمَّ نَقَرَ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنْ الْبَحْرِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَكَانَ يَقْرَأُ وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وَكَانَ يَقْرَأُ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا
عن سعيد بن جبير، قال: قيل لابن عباس: إن نوفا يزعم أن موسى الذي ذهب يلتمس العلم ليس بموسى بني إسرائيل، قال: أسمعته يا سعيد؟ قلت: نعم، قال: كذب نوف.<br>...
عن أبي بن كعب، أن النبي صلى الله عليه وسلم " قرأ: (لتخذت عليه أجرا) "
عن عبد الله بن عباس، أنه تمارى، هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى عليه السلام، فقال ابن عباس: هو الخضر، فمر بهما أبي بن كعب الأنصاري، فدعاه...
حدثنا أنس بن مالك، أن أبا بكر الصديق، حدثه قال: نظرت إلى أقدام المشركين على رءوسنا ونحن في الغار، فقلت: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا...
عن أبي سعيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جلس على المنبر فقال: «عبد خيره الله بين أن يؤتيه زهرة الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده» فبكى أبو بكر...
عن عبد الله بن مسعود، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكنه أخي وصاحبي، وقد اتخذ الله عز وجل صاحب...
عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «لو كنت متخذا من أمتي أحدا خليلا، لاتخذت أبا بكر»
عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذا خليلا، لاتخذت ابن أبي قحافة خليلا»
عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا، لاتخذت ابن أبي قحافة خليلا، ولكن صاحبكم خليل الله»